صديق في الطريق!
صرع «أحمد» الرجل الأول … ولكن القارب اختلَّ توازنه، وشدَّه التيارُ سريعًا إلى الشلال … واستطاع «أحمد» أن يرى الجمجمة ملقاةً في قاع القارب فقفز وأخذها والقارب يهوي في الماء، والتيار يشدُّ الجميع إلى الشلال.
وجد «أحمد» نفسَه يتخبَّط في مياه الشلال … لم يكن في استطاعته السيطرة على حركته … وحاول أن يظلَّ رأسُه طافيًا باستمرار وخُيِّل إليه أحيانًا أنه يرى قارب الشياطين يدور في مياه الشلال …
وجد جذعًا طافيًا فتعلَّق به، ودُهش عندما شاهد الجمجمة ما زالت في يده … وظل الجذع يدور به في المياه الهائجة وهو يحاول توجيهَه حتى استطاع في النهاية أن يصلَ إلى الشاطئ …
قفز «أحمد» إلى البرِّ، واستلقى على الأرض وهو ينظر حوله … استطاع أن يرى القارب الصغير، وهو يحمل «عثمان» و«رشيد» و«موانزا» …
وقف على الشاطئ وأخذ يُشير لهم … ولمحَه «عثمان» فأدار القارب في اتجاهه … واستطاع بمهارةٍ أن يجتازَ الشلَّال ثم يرسوَ على الشاطئ عند مكان «أحمد» …
صاحَت «موانزا» عندما رأَت الجمجمة في يد «أحمد»: كيف عثرتَ عليها؟
أحمد: وجدتُها في القارب!
وفجأةً ظهر «نجريتو» القزم … وتقدَّم إليهم وتحدَّث إلى «موانزا» التي استمعَت إليه، ثم قالت: إن «نجريتو» يعتذر لأنه هرب … إنه يقول إن شرًّا كبيرًا سيحدث في الغابة بعد قتْل الساحر …
أحمد: المهم الآن أن نعود سريعًا إلى المدينة، إننا نريد مقارنة الفكَّين عند طبيب الأسنان!
تحدَّثت «موانزا» إلى «نجريتو» الذي ابتسم لأول مرة، وقالت «موانزا»: إن «نجريتو» يعرف طريقًا مختصرًا عبر الغابة، وسنكون على مشارف «نيروبي» في المساء!
سار «نجريتو» كأنه سهمٌ يخترق الغابة … وكان الشياطين و«موانزا» سعداء؛ لأنهم حصلوا على الجمجمة في ظروف صعبة … ولكن هذه السعادة لم تَدُم طويلًا …
فجأةً شاهدوا «نجريتو» يسقط على الأرض وهو يتلوَّى … ثم خمدت أنفاسه في دقائق.
استلقى الجميع على الأرض … فقد عرفوا أن سهامًا مسمومة تُطلَق عليهم. كان الصمتُ عجيبًا في الغابة، ما عدا صوت الحيوانات التي كانت تفرُّ هنا وهناك.
وشاهد «أحمد» فيلًا وحيدًا يحاول الخروج من شباكٍ نصبَها صياد، فأخرج خنجرًا من حزامه، ثم تقدَّم بحذرٍ شديد، وأخذ يقطع الحبال التي تُقيِّد الفيل، ثم قفز على ظهر الفيل وانطلق به، وصاح بالأصدقاء: احتموا بالفيل من السهام!
كان الفيل هادئًا … كأنه يعترف بجميل «أحمد» في إنقاذه … فسار وعلى ظهره «أحمد» وخلفه الأصدقاء … بينما كانت صيحات الحرب والقتال تنطلق في أنحاء الغابة.
فجأةً شاهد «عثمان» بجوار إحدى الأشجار عملاقًا أسودَ يسدِّد ناحيتهم سهمًا، وبحركة بارعة قفز في الهواء، وتعلَّق بغصن الشجرة، ثم ضرب العملاق بقدمِه ضربةً قوية أطاحَت به على الأرض.
… ثم انطلق يلحق بالفيل الذي كان يشقُّ الغابة وهو يحمل الأصدقاء … واستطاعوا بعد نصف ساعة أن يَصِلوا إلى نهاية الغابة. وأطلُّوا على سهل منبسط …
وكانت مفاجأةً لهم أن يجدوا مصنعًا لتعليب الفاكهة وفي ساحته عددٌ من السيارات … ولم يكن أمامهم إلا القفز إلى إحدى الشاحنات والانطلاق بها …
كانت شاحنة ضخمة أثارَت ضجيجًا عاليًا لفَت انتباهَ الحرَّاس، وسرعان ما انطلقت خلفهم سيارة صغيرة استطاعت أن تلحق بهم.
… كان «رشيد» يقود الشاحنة ببراعةٍ على الطريق …
وأخذت سيارة الحراس الانطلاقَ وراءهم، بينما أخذ مَن فيها يُشيرون لهم بالوقوف حتى لا يُطلقوا النارَ عليهم …
قال «أحمد»: من الأفضل أن نتوقف!
وتوقَّفت الشاحنة، ونزل الأربعة … وكم كان شيئًا مدهشًا أن يتقدَّم أحدُ الحراس من «موانزا» ويصيح: «موانزا» … ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟ ماذا حدث؟ …
وصافحَت «موانزا» الحارس في حرارة، ثم أخذَت تتحدَّث معه وتُشير إلى الأصدقاء … ثم التفتَت إليهم، وقالت: إنه «ماجاويلي» … وهو صديق عزيز لأبي!
صافح الشياطين «ماجاويلي» الذي أشار إلى بقية الحراس ليعودوا بالشاحنة إلى المصنع، ثم اصطحب الشياطين و«موانزا» في سيارته، وانطلق بهم إلى المدينة التي كان المساء يهبط عليها سريعًا …
قال «ماجاويلي»: سنذهب إلى الدكتور «موستاكي» … إنه طبيب الأسنان الذي كان يُعالج عنده «موانجا» وهو صديقي أيضًا!
وصلوا إلى عيادة الدكتور «موستاكي» الذي طلب منهم الانتظار لحظات، ثم دخل «أحمد» و«موانزا» و«ماجاويلي» واستقبلهم الطبيب استقبالًا طيبًا …
وجاءت اللحظة الحاسمة؛ فقد فتح الطبيب أحدَ الدواليب وأخذ يقرأ أسماء مرضاه، حتى وصل إلى اسم «موانجا»، فأخرج نموذجًا للفكَّين … ثم لبس نظارتَه وأخذ يُقارن بين الأسنان في الجمجمة والنموذج، وقال: هذه الجمجمة ليست ﻟ «موانجا»!
وما كاد يقول هذه الجملة حتى أطلقَت «موانزا» صيحةَ فرح، وقالت: إذن أبي حيٌّ!
كان «ماجاويلي» صامتًا، ولكنه قال ﻟ «أحمد»: لي معك حديث … متى أستطيع أن أراك!
أحمد: في أيِّ وقتٍ!
ماجاويلي: سأعود إلى المصنع لأنني مرتبطٌ هناك بموعدٍ هامٍّ، وسأعود في العاشرة!
أحمد: إننا ننزل في فندق «القرد الضاحك» وسأكون في انتظارك!
ماجاويلي: خذوا معكم «موانزا» … لا تتركوها وحدها وقد حذَّرتُها كثيرًا من قبل!
أحمد: اطمئن!
خرجوا جميعًا، وعلم «رشيد» و«عثمان» بما قال الدكتور «موستاكي» … وقال «رشيد»: لا بد أن رقم «صفر» سيكون أسعدَ إنسان عندما يسمع أن صديقَه «موانجا» حيٌّ ولم يَمُت!
أحمد: ولكن المهم هو العثور عليه!