لوسي تتغير مرة أخرى
لم يكن متبقيًا على منتصف الليل سوى خمس عشرة دقيقة عندما تسلقت المجموعة التي تألفت من فان هيلسنج وكوينسي موريس وسيوارد وآرثر سورًا منخفضًا ووصلت إلى المقبرة. فتح الأستاذ فان هيلسنج الباب وأضاء مصباحًا وأشار إلى تابوت لوسي. لقد كان فارغًا.
انتفض آرثر وكأنه يشعر بألم. لكن الأستاذ انطلق في أرجاء المكان؛ فأولًا أغلق التابوت، وأخذ قطعة من خبز القربان بين يديه، ثم فتتها وبللها وصنع ما يشبه العجين. ووضع هذا العجين في سدادات التابوت.
سأله موريس: «ماذا تفعل؟»
أجاب: «أسد المقبرة بخبز القربان؛ ذلك الخبز المقدس. فهو يطرد الشر. والآن لننتظر بالخارج.»
أمَّن الرجال أماكنهم بين الشجيرات. حذرهم فان هيلسنج قائلًا: «صه! أحدهم قادم.»
جثم الرجال وظلوا يراقبون، كان جسم أبيض يتحرك تجاههم. وعلى الفور، أدركوا جميعًا أنها كانت لوسي، لكنهم صدموا جميعًا للتغير الذي أصابها. لقد تحولت عذوبتها بطريقة ما إلى قسوة، وتحول نقاؤها القديم إلى شر جديد. تسارعت أنفاس آرثر.
رفع فان هيلسنج مصباحه وسلَّط الضوء على لوسي. وفي ضوء المصباح، رأى الرجال أن شفتيها كانتا قرمزيتين بفعل آثار دماء حديثة.
وعندما رأت لوسي الرجال، زمجرت واستهجنت في غضب، كالقطة التي باغتها أحدهم. كان الشر يتطاير من عينيها. ولكن حينئذ غيرت مسارها. نادت: «آرثر» ومدت ذراعيها نحوه في رقة مردفة: «اقترب مني.» تحرك آرثر نحوها كالمسحور، واندفعت هي نحوه. لكن فان هيلسنج كان مستعدًّا لمواجهتها، فقفز بين الاثنين، ممسكًا بيده صليبًا ذهبيًّا. قفزت لوسي إلى الوراء وقد تحولت ملامح وجهها وأسرعت فيما يبدو عائدةً إلى قبرها.
لكن عندما أصبحت على بُعد قدم أو اثنين منه، توقفت، حيث شعرت بخبز القربان الذي وضعه فان هيلسنج بداخله. فعادت مرتبكة وغاضبة. وكأن الشرر كان يتطاير من عينيها؛ لو كانت النظرات تقتل لكانت نظراتها قاتلة. لقد كانت وحشًا.
سأل فان هيلسنج آرثر: «هل أستمر؟»
سقط آرثر على ركبتيه وقال في وهن: «افعل اللازم.» أغمض عينيه ظانًّا أن فان هيلسنج سيقتل لوسي حينها. ولكن بدلًا من ذلك، سار فان هيلسنج نحو لوسي، وأزال الخبز من تجاويف النعش، وفتح التابوت وتراجع. انسلَّت لوسي بداخله بشعور لا يوصف إلا بالراحة، وأغلق الأستاذ الغطاء.
قال: «الليلة ليست الوقت المناسب.»
وفي اليوم التالي، عادوا ووجدوا لوسي نائمة في نعشها. ألقى الرجال نظرة أخيرة على فم المرأة الجميلة الذي كان لا يزال ملطَّخًا بالدماء. كانت الابتسامة التي ارتسمت على شفتيها أثناء نومها تقليدًا شيطانيًّا لعذوبتها التي تميزت بها أثناء حياتها.
أخرج فان هيلسنج أدواته من حقيبته الطبية سريعًا، ومن بينها وتد خشبي مستدير مسنن الطرف.
شرح لهم فان هيلسنج الأمر قائلًا: «عندما يصبح ضحايا العض أشباحًا بصورة قاطعة، يواصلون افتراس ضحايا جدد وينشرون شرهم. وإذا لم نوقفهم تتسع الدائرة دون توقف، كالموجات التي تتكون عند إلقاء حجر في الماء.» تحدث بلطف إلى صديقه قائلًا: «آرثر، لو كنت تركت لوسي تقبِّلك ذلك اليوم عندما منعتها أول مرة أو الليلة الماضية عندما أردت أن تحتضنها ثانيةً، لأصبحت مصاص دماء أيضًا.»
وأضاف: «أما إذا قتلناها الآن، فستشفى على الفور جراح كل البشر الذين عضتهم حتى الآن، حيث لن يعود لها سلطان عليهم. وسنحرر لوسي هي الأخرى.
بدلًا من أن تزداد شرًّا يومًا بعد يوم، ستكون ملاكنا في المكان الذي تستحقه، في المكان الذي تنتمي إليه، مع الملائكة الآخرين. ستجد أننا نسديها معروفًا، إذا فكرت من هذا المنظور.»
قال آرثر في ثبات: «إذن اترك لي هذه المهمة، فقط أخبرني بما عليَّ فعله.»
أوضح له فان هيلسنج أن عليه طعنها بوتد مباشرةً في قلبها. وقال: «يجب ألا تتردد.»
ولم يتردد آرثر. ففي لحظة انتهت المهمة المريعة، ولم يكن في النعش وحش شرير، وإنما كانت لوسي التي عهدوها، بجسدها الطبيعي. الهدوء الذي كان يعلو وجهها بعث الطمأنينة في قلوب الرجال الثلاثة عندما نظروا إليه. وأخيرًا رقدت لوسي في سلام.
قال فان هيلسنج: «الآن يمكنك تقبيلها.»
انحنى آرثر نحوها وطبع على جبينها قبلة.
أعلن فان هيلسنج قائلًا: «لقد بدأ عملنا للتوِّ، علينا بعد ذلك أن نجد الذي تسبب في كل هذه المأساة ونسحقه. فهل ستساعدونني جميعًا؟ هل سنعمل كفريق؟»
اتفق الرجال على أن يلتقوا بعد ذلك بليلتين في المصحة التي كان يعمل بها ويعيش بها الدكتور سيوارد. كان فان هيلسنج سيحضر رجلين آخرين، وقال إن جوناثان هاركر قد احتفظ بمذكرات دقيقة تروي لقاءه بالوحش، وهذا سيفيدهم في سعيهم.
تصافح الرجال وتعاهدوا على أن يستمروا في الكفاح حتى يقضوا على الشر.