الرجال يستبعدون مينا
عاد فان هيلسنج في زيارة سريعة إلى منزله بأمستردام للرجوع إلى بعض كتبه، وغادر جوناثان ليتفقد الشحنة التي نُقلت من ديميتر؛ المركب الذي كان قد وصل ويتبي في ظروف غريبة. في الوقت نفسه، ذهبت مينا إلى المصحة لتزور السيد سيوارد. كانت تريد أن تسمع آخر تفاصيل وفاة صديقتها القديمة لوسي. كانت القصة وحشية وغامضة. لو أن مينا لم تقرأ أحداثًا مشابهة في دفتر مذكرات جوناثان عن ترانسلفانيا، لظنت أن الدكتور سيوارد قد فقد عقله.
تعجب كلاهما من المصادفة التي حدثت؛ فقد علما مما جاء في مذكرات جوناثان أن كارفاكس — المنزل الذي اشتراه الكونت مؤخرًا — كان بجوار المصحة مباشرةً. والآن فهم الدكتور سيوارد سبب التصرفات الغريبة التي كانت تصدر من رينفيلد؛ مريضه الذي كان يشتهي دماء الحيوانات.
بالإضافة إلى ذلك، اتضح أن بعض التوابيت — على الأقل — التي كانت ممتلئة بالتراب قد وُضِعَت في عقار كارفاكس. كان أحد الموظفين المقيمين قد أخبرهم أنه رأى طردًا ضخمًا يُسلم في يوم سابق.
سرعان ما أصبح الجميع حاضرين ومتأهبين للبدء في التخلص من الوحش الشرير. كان بينهم بالطبع فان هيلسنج، القائد غير الرسمي للفريق. وجوناثان هاركر، الرجل الوحيد بينهم الذي التقى الكونت بالفعل وجهًا لوجه. وكوينسي موريس، الذي كان يبدو مرحًا لكن يمكن الاعتماد عليه. ودكتور جون سيوارد، الذكي صاحب التفكير العلمي. واللورد جودالمينج، الذي كان رجلًا صاحب أخلاق رفيعة وأموال كثيرة، سيحتاج الفريق إليهما بالتأكيد.
سألت مينا: «وماذا عني؟»
أجاب فان هيلسنج: «إنك لا تقلين فطنةً عن أي رجل، لكن مطاردة مصاصي الدماء عمل لا يصلح للسيدات.»
وأمسكت مينا لسانها وصمتت.
بينما خرج موريس ليجمع الأسلحة، أخبر فان هيلسنج المجموعة ببعض التفاصيل الأساسية عن مصاصي الدماء. فأوضح لهم أنه في كل مرة يعض مصاص الدماء، يزداد قوة. ومصاص الدماء لديه القدرة على توجيه الطقس وإرسال العواصف والضباب والرعد. يستطيع أن يأمر الفئران والبوم والخفافيش والذئاب. ولا يمكن رؤيته في المرايا. يمتلك مصاص الدماء الواحد قوة عدة رجال، ويمكنه أن يصبح ضخمًا أو أن يختفي تمامًا.
قال فان هيلسنج مؤكدًا: «ولكن يجب ألا ننسى، أننا — نحن البشر العاديين — أقوياء أيضًا، فالعلم سلاحنا. ولدينا حرية الفكر وحرية التصرف. ومصاص الدماء لديه بضع نقاط ضعف كبيرة. تتبدد قوته مع شروق شمس كل صباح. ولا يستطيع أن يتحول إلا عند شروق الشمس أو غروبها بالضبط. وهو يخشى الصلبان والثوم.»
سأل آرثر: «ما الخطة؟»
قال فان هيلسنج: «يجب أن نجد كل تابوت من التوابيت الخمسة عشر ونطهر التراب الذي بداخلها باستخدام الخبز المبارك؛ حتى لا يتمكن الكونت من العودة إليها. وبعدها، لا بد أن نجد ذلك الوحش، بين الفجر وغروب الشمس عندما يكون في أضعف حالاته، ونغرس وتدًا في قلبه.»
قاطعهم صوت تهشم زجاج. لقد كان صوت تهشم النافذة المجاورة لهم. شخص ما أطلق الرصاص عليها. انحنى كل منهم متفاديًا الهجوم ظنًّا منهم أنه الكونت، لكن كل ما في الأمر أن الرصاصة أطلقها كوينسي موريس من أسفل وهو مضطرب. أوضح لهم كوينسي أنه رأى خفاشًا ضخمًا يقف على عتبة النافذة يختلس النظر إليهم، فأطلق عليه النار بمسدسه.
قال اللورد جودالمينج ممازحًا: «رمية موفقة.»
سألت مينا: «متى نبدأ؟»
ذكرها فان هيلسنج قائلًا: «بل متى نبدأ نحن، وليس أنت.»
بدأت مينا تعترض، ولكن حتى جوناثان بدا موافقًا. لقد كان الرجال عازمين على عدم إقحامها في الأمر.
حينها طرق أحد الموظفين المقيمين الباب ومعه رسالة للدكتور سيوارد. كان رينفيلد يطلب لقاءه.
قال فان هيلسنج: «أود أن أقابل هذا المدعو رينفيلد.» قرر الآخرون أن يذهبوا أيضًا.
عندما دخل الرجال غرفته، وجَّه رينفيلد خطابه إلى دكتور سيوارد قائلًا بهدوء: «دكتور سيوارد، يجب أن أغادر المشفى على الفور. من أجل الآخرين، يجب أن تتركني أذهب.»
حدَّق فان هيلسنج في رينفيلد بنظرة حادة تنم عن شك، وقال: «ما السبب الحقيقي الذي تريد أن تتحرر من أجله الليلة؟»
قال رينفيلد: «لا أستطيع أن أخبرك.»
رفض الدكتور سيوارد. فخرج رينفيلد عن شعوره، وألقى بنفسه على الأرض وتوسل في هستيريا. قال منتحبًا: «أرجوك، دعني أخرج من هذا المنزل! إنك لا تعلم ما تفعله بإبقائي هنا. لا أستطيع أن أخبرك من الذي سيتأذى، لكن أرجوك، أتوسل إليك، لست مجنونًا. أنا رجل عاقل يحارب لينجو بروحه. أرجوك!»
انفطر قلب دكتور سيوارد. لقد كان رينفيلد بالفعل أفضل حالًا، على الأقل قبل ذلك الانهيار. لكنه كان مشوشًا بشأن الكونت. كان ينادي دراكولا «مولاي» و«سيدي». خشي دكتور سيوارد من فعل أي شيء يساعد الكونت. وكان جوابه النهائي: «لا».
تمتم رينفيلد: «لاحقًا، تذكَّر فقط مغبة ما فعلته.»
قال دكتور سيوارد عندما كانت المجموعة تسير عائدة إلى المكتب: «أتمنى أن أكون قد فعلت الصواب.»
أجاب الأستاذ فان هيلسنج: «لا يسعنا إلا أن نفعل ما نظنه الأفضل في هذا الحين.»