أكثر مرضى الدكتور سيوارد إثارةً للفضول
بصفته طبيبًا، كان جون سيوارد يعلم أن أفضل علاج للقلب المنفطر هو العمل. نعم، كان هذا ما يجب عليه فعله: أن ينهمك في العمل بالمصحَّة النفسية. وكان أحد المرضى مثيرًا للاهتمام بصفة خاصة تجعله الحالة المثالية التي تُلهي الطبيب.
كان اسم المريض آر إم رينفيلد، وكان أغرب المجانين حالًا. كان يتمتع بقوة بدنية كبيرة وتقلبات مزاجية حادة، تتراوح بين نوبات من الاكتئاب التام والإثارة الهائلة. كان أنانيًّا وكتومًا، وكان يبدو أنه يخفي هدفًا غريبًا عزم الدكتور سيوارد على اكتشافه.
كانت السمة الصالحة الوحيدة في رينفيلد — على ما بدا — حبه للحيوانات بما فيها المخلوقات الحقيرة مثل الذباب والعناكب. استدرج رينفيلد الكثير منها إلى غرفته عن طريق النافذة، حتى اضطر دكتور سيوارد إلى وضع حد لهذا.
قال الطبيب بلطف: «لا بد أن تتخلص من هذه الحشرات.»
وما يثير الدهشة أن رينفيلد وافق. في الواقع، عندما طارت ذبابة سمينة جدًّا حولهم في تلك اللحظة، قرر رينفيلد أن يتخلص منها في التَّوِّ واللحظة. فأمسك بها بين إصبعيه، وقبل أن يتمكن دكتور سيوارد من منعه، أكل الحشرة.
شعر دكتور سيوارد بالاشمئزاز، فنهر رينفيلد على ما فعل. لكن رينفيلد أجاب بأن الحشرات كائنات حية، وعندما يأكلها تمنحه تلك الحياة. وبعد مرور أيام، رأى دكتور سيوارد أن رينفيلد أوى حيوانًا جديدًا؛ عصفورًا ممتلئ الجسم، فأشفق الدكتور عليه. ربما كانت الحشرات القليلة المتبقية هي ما اجتذب ذلك العصفور. وبالطبع أكله رينفيلد هو الآخر. وجزم الدكتور بأن رينفيلد قد تعدى كل الحدود عندما طلب قطة بعد ذلك.
أجاب دكتور سيوارد قائلًا: «هذا مرفوض بالطبع.»
•••
ذات ليلة، ذهب دكتور سيوارد لإجراء محادثة مع رينفيلد، لكنه لم يكن في حالة مزاجية تسمح له بالحديث. كانت تغمره الإثارة وكان مشتتًا؛ فلم يقل سوى: «أجل، أخيرًا، اقترب السيد، اقترب السيد.»
وفي وقت لاحق من تلك الليلة، جاء الموظف المقيم لإيقاظ الدكتور سيوارد. لقد هرب رينفيلد من نافذته بالمشفى. ارتدى دكتور سيوارد ملابسه على الفور. لقد كان رينفيلد أخطر من أن يجول في الأرجاء حرًّا.
ما إن خرج دكتور سيوارد، حتى رأى رينفيلد يتسلق جدارًا على مرمى البصر، ويركض نحو كارفاكس الذي كان عقارًا قريبًا منهم. وبعد أن عبر دكتور سيوارد بنفسه من فوق الجدار، وجد رينفيلد لدى الباب المؤدي إلى ذلك الجزء من المنزل الذي كان كنسية في يوم من الأيام. وعندما اقترب الدكتور، سمع ما يلي: «أنا هنا يا سيدي. الآن وقد أصبحت قريبًا، فأنا أنتظر أوامرك.»
لحقه الموظف، وتمكَّنا معًا من الإمساك برينفيلد الذي قاومهما كالنمر، وكأنه وحش لا إنسان. وفي النهاية تمكنا من إعادته إلى المصحة.
كان آخر ما سمعاه قبل أن يغلقا باب الزنزانة: «سأتحلى بالصبر يا سيدي، فأنت قادم!»
بعد هروبه، ظل رينفيلد في حالة غريبة. لقد كان عنيفًا للغاية طوال النهار، ثم هادئًا جدًّا منذ طلوع القمر حتى شروق الشمس. وبعد بضعة أيام، فرَّ المريض ثانيةً راكضًا مباشرةً نحو كارفاكس مرة أخرى، وملقيًا نفسه على باب الكنيسة مرة أخرى.
قاوم رينفيلد وهم يمسكونه، ولم يهدأ إلا عندما رأى شيئًا على مسافة بعيدة. وعندما التفت دكتور سيوارد ليرى ماذا هناك، رأى سفينة كبيرة يرفرف شراعها في صمت وغموض نحو الغرب.