المداعبة
وتحادثا في أمثال ذلك حتى اقتربا من الدار فقال عبد الله «لم أسمعك تذكر خولة.. هل نسيتها؟»
فابتسم سعيد وقال «كيف أنساها وأنا إنما جئت ألتمسها».
قال «وماذا تلتمس منها».
قال «لا أدري».
قال «أظنك تدري وإلا فاعلم أن خولة الآن قرينتي زوجني بها عمرو وكتب كتابي عليها بأمره».
فضحك سعيد وهو يظن ابن عمه يمازحه ….
فتظاهر عبد الله بالجد وقال «يظهر لي أنك لم تصدق قولي فأقسم بالله وتربة أبي رحاب أن خولة قد زفت إليّ وكتب العقد على يد الأمير. وإذا كنت لا تصدقني فاسأل كل من في هذه الدار عن ذلك».
فغلبت الشهامة على سعيد ولم يسعه إلا أن قال «وما يمنع أن تكون زوجة لك بورك لك فيها. ألست أخي ورفيقي وابن عمي».
قال ذلك وهو لا يزال يشك بما يسمعه لعلمه بأخلاق عبد الله.
ووصلا إلى الدار فترجلا وساروا تواً إلى غرفة عبد الله وبعثا إلى عمرو بقدومهما أن يستقبل سعيد في غرفة خاصة وبعث إلى خولة ووالدها فلما جاءا أقبل عمرو إلى تلك الغرفة وقد اجتمع فيها الجميع وبلال واقف خارجاً فلما دخل عمرو تقدم سعيد لتقبيل يده والسلام عليه فرحب به ودعاه للجلوس.
فقال سعيد «إذا أذن مولاي فليأمر عبده بلالاً بالدخول ليحضر هذه الجلسة».
فأمر بدخوله فانزوى في بعض جوانب الغرفة متأدباً وفي يده جراب من جلد.
وكان سعيد ينظر إلى خولة من تحت النقاب ويفكر في ما سمعه من عبد الله وهو يتردد بين الشك واليقين.
فلما استتب بهم الجلوس خاطب عمرو سعيداً قائلاً «أظنكم تتوقعون أن تروا قطاماً سجينة».
فقال سعيد «نعم يا مولاي».
قال «ولكنها فرت من السجن وزادت ذنبها عظماً بقتل خادمتها. وكنا قد أردنا استبقاءها مسجونة. أما الآن فإذا ظفرنا بها لا قصاص لها عندنا غير القتل».