مقتل الإمام
والتفت بلال إلى ابن ملجم فإذا هو لا يزال واقفاً لكن رفيقه (شبيب) تقدم مسرعاً وسيفه بيده ضرب به الإمام علياً فأصاب عضادة الباب وسقط السيف من يده فأجفل بلال وهم أن يسرع إلى علي يخبره بأمر ابن ملجم فإذا ابن ملجم قد أقبل على علي بأسرع من لمح البصر والسيف يبرق بين يده وضربه على جبهته وهو يقول «الحكم لله يا علي وليس لك ولأصحابك».
فصاح علي «فزت ورب الكعبة»ثم قال «لا يفوتنكم الرجل».
فتكاثف الناس على ابن ملجم فدفعهم بسيفه ففرجوا عنه فهجم عليه المغيرة بن شعبة وتلقاه بقطيفة فرماها عليه واحتمله وضرب به الأرض وقعد على صدره وانتزع السيف منه وإما شبيب فأفلت في الغلس وخرج من باب كندة.
وانفرط عقد الناس ونظر بلال إلى القبة المضروبة فرأى امرأة خرجت من تحتها وإذا هي قطام أسرعت وفرت في غمار الناس. فانذهل لما رآه ولكنه رجا أن لا تكون الضربة قاضية ثم تذكر أن سيف ابن ملجم مسموم فيئس من حياة الإمام.
وجعل يتفرس في الناس لعله يرى سعيداً فلم يقف له على أثر فتقدم في جملة من تقدم إلى السدة حيث كان علي مطروحاً فإذا هو يقول «أحضروا الرجل عندي» فأحضروه فقال له علي «أي عدو الله ألم أحسن إليك».
قال «بلى».
فقال «فما حملك على هذا».
قال «شحذت سيفي هذا أربعين صباحاً وسألت الله أن يقتل به شر خلقه».
قال علي «لا أراك إلا مقتولاً به ولا أراك إلا شر خلق الله» ثم التفت إلى من حوله وقال«النفس بالنفس إن هلكت فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي».
يا بني عبد المطلب لا ألفيتكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قد قتل أمير المؤمنين ألا لا يقتلن إلا قاتلي. انظر يا حسن إن أنا مت من ضربتي هذه فاضربه ضربة بضربة ولا تمثلن بالرجل فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول «إياكم والمثلة ولو بالكلب عقور».
قال ذلك وابن ملجم مكتوف وكانت أم كلثوم ابنة علي واقفة بجانب أبيها فقالت لابن ملجم «أي عدو الله لا بأس على أبي والله مخزيك».
قال «على من تبكين والله إن سيفي اشتريته بألف وسممته بألف ولو كانت هذه الضربة بأهل مصر ما بقي منهم أحد».
ثم تقدم جندب بن عبد الله إلى علي وقال «إن فقدناك ولا نفقدك فنبايع الحسن».
قال علي «ما آمركم ولا أنهاكم أنتم أبصر».