خبر جديد
فأدركت أنها إذا أقرت بحقيقة ميلها ألقت نفسها في تهلكة فلم تر خيراً من المبالغة في الإنكار وقالت «وما أدراك إني مازلت على القديم إذا كنت قد عدلت عنه ومن أكون أنا حتى أخالفك في مثل ذلك».
قال لو لم تكوني كذلك لما كان ثمت داع لتمنعك على القبول بابن ملجم زوجاً وأنت تعلمين أن هذا الرجل قد عاهد نفسه على القيام بعمل لم يقدم عليه احد غيره من المسلمين في هذا العصر. إنه كما تعلمين قد تعهد بقتل علي ….»
فأجفلت عند سماعها ذلك التعريض وحدثتها نفسها أن تبوح بحقيقة ميلها ولكنها خافت ضياع الفرصة وهي إنما افتتحت الحديث لتستطلع ما في نفس والدها فأنكرت تهمته كل الإنكار وقالت «إن ما تنسبني إليه من أمر ابن ملجم ظلم يا مولاي فإني لم أرفض هذا الرجل وهو لا يزال خطيبي متى عاد من رحلته هذه. وكيف تقول إني لم أقبل به وأنا لم أفه بكلمة في هذا الموضوع».
فضحك والدها وهو يتشاغل بتقطيع فخذ من الضأن بين يديه وقال وهو ينظر إلى تلك الفخذ «نعم إنك لم تفوهي بكلمة ولكنني فهمت من مجمل حالك أنك غير راضية به» وكان قد أتم تقطيع اللحم فقدم لها قطعة فأبت أن تتناولها وأعرضت دلالاً وحنقاً.
فقال لها «خذي كلي يا خولة ولا يسوءك قولي إذا كان صحيحاً».
قالت «وهو إنما ساءني لآني أراني به مظلومة وأظنك بناء على هذه الظنون قد عاملتني معاملة العدو فحبستني في ذلك البيت المظلم سامحك الله».
قال «لقد أذكرتني حديث تلك الليلة وما كان فيها من الأهوال وهو الأمر الذي جئت لأقص خبره عليك ولكنني لا أقول كلمة قبل أن تصدقيني الخبر هل أنت على ولاء والدك تأتمرين بأمره. أما ماذا؟»
فتظاهرت بالغضب وقالت إني لا أراك بهذه الظنون إلا تريد أن تبعثني على الشكوك وتلجئني إلى الانحراف وأنا لا علم لي بما وراء هذا البيت ولا أبغي من هذه الحياة غير مرضاتك».
فمد يده وهو لا يزال قابضاً على قطعة اللحم وقال لها خذي إذاً هذه اللقمة وأصغي لما أقوله لك».
فتناولت خولة اللقمة من يده وقالت «تفضل» ووضعت اللقمة في فيها وهي لا تعرف كيف تمضغها لانشغال خاطرها بما ترجو سماعه من والدها فإذا هو يقول «اعلمى خولة ولا أزيدك علماً أن أميرنا حفظه الله علم منذ أيام باثنين أتيا من الكوفة لمخابرة بعض كبار العلويين الذين كانوا يجتمعون سراً في خرائب عين شمس فبعث جنداً من شرطته فقبض عليهم وهم في مجتمعهم تحت الأرض ألا تعلمين ذلك؟»
قالت «لحظت شيئاً منه بعد حدوثه».