الزفاف الكاذب
وكان عبد الله قد لحظ من إبطاء أبي خولة في غرفتها أنه يستدعيها فأصبح مشتاقاً إلى رؤيتها وهو لا يطمع أن يرى وجهها دفعة واحدة لما كان يتوقعه من حيائها ولكنه قنع بأن يرى قامتها ومجمل حالها. فلما أشرفت على الغرفة وتبين جمالها واعتدال قوامها انفتح قلبه لها وحمد الله لتوفقه إلى مثلها بعد نجاته من الموت. فدخلت وحيت بما يجدر بمثلها في مثل هذا المقام وجلست على وسادة بجانب والدها. وكان عبد الله يسارق اللحظ إليها فلا يزداد إلا إعجاباً. ولم تمض تلك الليلة حتى علق بها ووقعت من نفسه موقعاً سامياً لما آنسه من جمالها مع ما بدا له من ذكائها وتعقلها في أثناء الحديث مما يندر مثاله في أمثالها من ربات الخدور فخرج بعد العشاء وقلبه منشغل بخولة وقد ندم لتأجيل الاقتران.
قضى عبد الله في مثل ذلك بقية الأسبوع وهو يتردد على بيت خولة ويزداد تعلقاً بها. ولم يصدق أن آن يوم الزفاف. فدعاه عمرو إليه وقال «أريد أن أعقد لك عليها في داري وتقيمان عندنا حتى يتراءى لكما مفارقتنا» فعل عمرو ذلك التماساً لما عزم عليه من استجلاب عبد الله إلى جانبه. فسر عبد الله بذلك وأثنى على الأمير ولما كان الوقت المعين زفت خولة إلى عبد الله وكتب كتابها عليه على جاري العادة يومئذ وعبد الله أكثر الناس سروراً بهذا النصيب ولولا ما يجول في خاطره من أمر سعيد وغيابه مع قلقه على حال الإمام عليّ لعد نفسه من أسعد خلق الله لأنه آنس في خولة ما طالما تاقت إليه نفسه في النساء من التعقل والرزانة مع الجمال والذكاء.
ولما فرغوا من العرس وانفض الاجتماع أدخلوا العروسين إلى غرفة خاصة بهما.