استطلاع السر
فاستغرب ذلك منها ولم يكن يعلم اطلاعها على شيء من ذلك فقال «من أين لك أن تعرفي ابن عمي وما جئت من أجله الفسطاط».
فتنهدت وقالت «عرفته بقدر من الله إني أعجب من نسيانك تلك المهمة التي جئتما من أجلها. هل تظن الإمام علياً نجا من القتل؟»
فازداد عبد الله استغراباً ونسي ما كان يعد به نفسه من قربها وهاجت به أشجانه وتذكر ابن عمه فقال «لقد أذهلتني يا خولة بما سمعته منك فأفصحي عما في ضميرك وأخبريني كيف عرفت ابن عمي وما العلاقة بينه وبين تمنعك الليلة؟»
قالت «أتعدني بالكتمان وحفظ الذمام».
قال «نعم أعدك وعداً صادقاً فأفصحي إن لم يبق لي صبر على هذه الرموز».
فتنهدت وعلت وجهها حمرة الخجل وهمت بالكلام فارتج عليها وعبد الله يتأمل ملامحها ويراقب ما يبدو منها وظل صامتاً فلم يسمع منها شيئاً. فقال«لها بالله لا تطيلي السكوت فقد نفذ صبري قولي ما بدا لك فرجي كربتي».
قالت «أقول ولا أخشى لوماً أني أحببت سعيداً قبل أن أراك وهو أحبني على ما أظن وحبنا مؤسس على اشتراكنا في الاستهلاك بسبيل الإمام عليّ. قد سار سعيد غد الليلة التي أغرق بها عمرو أصحاب عين شمس وهو يظنك في جملة الغرقى ولا أظنه إذا عرف بقائك حياً إلا طائر من الفرح» وقصت عليه حديثها مع سعيد من أوله إلى آخره.
ولم تكد خولة تتم حديثها حتى استولت الدهشة على عبد الله وخيل له أنه في منام ولما تحقق أن خولة تحب سعيداً وقد آنس منها ذلك الثبات في حبه أحس لساعته أنه لم يبق له حق في زواجها وازدادت هي رفعة في عينيه فقال لها «اعلمي يا خولة أني من هذه الساعة أعدك أختاً لي وإني مساعد لك على اقترابك من سعيد فإنه بمنزلة أخي. وقد أوصيت بكفالته وصية مقدسة ولقد أحسنت بما بسطته لي من حقيقة حالك وعليه فإني مسافر في الغد إلى الكوفة لأبحث عنه واستطلع ما تم للإمام علي مع ذلك الغادر».