إبلاغ الرسالة
فالتفت إليه وقالت «قل يا بلال ليس على عبد الله سر وهو أخي كما قلت لك قل كيف فارقت سعيداً».
قال «فارقته يا مولاتي وهو مشتاق لرؤيتك ولم يأت معي مخافة أن يكون أميرنا نجا من المكيدة فلا يأمن منه على حياته. وقد علمت وأنا مار في الفسطاط الساعة أنه نجا وقتل غيره خطأ ولا أدري كيف حال سيدي والدك معك فلا آمن عليكما منه».
قالت «اعلم يا بلال أن عمراً نقم على ابن ملجم ورضي عني وهو يحبني حبه لأولاده أما سعيد فلا هو يعرفه ولا والدي رآه فإذا جاء لم يكن عليه بأس وشأنه في الفسطاط شأن كل غريب يدخلها. فاقصص علينا خبر ابن ملجم والإمام وكيف قتلا؟»
وأمرته بالجلوس فجلس متأدباً وقص عليهما الخبر بتفاصيله. فلما بلغ إلى حديث قطام وما أرادته من قتل سعيد هاجت في نفسها حاسة الغيرة والانتقام وقالت «قبح الله هذه المرأة إني أعرفها وأسمع بدهائها فكيف انطلت حليتها على سعيد؟»
فابتدرها عبد الله «إني والله توسمت فيها الشر منذ رأيتها» وقص عليها ما كان من أمره معها. فانكشفت لهم الحقيقة وشكرا الله على نجاة سعيد ولكنهما أسفا على مقتل الإمام عليّ ثم استدركت في حديثها فقالت «وهل سمعت شيئاً عن معاوية ومقتله؟» قال «لقد مررت بدمشق في طريقي فعلمت أنه نجا أيضاً. وقص عليها خبره كما سمعه فعجبت لمجاري القضاء كيف سمحت بمقتل الإمام عليّ وبقاء معاوية وعمرو؟!»
فقال عبد الله «وأين سعيد الآن؟»
قال «هو في انتظاري بدمشق فإذا أمرت مولاتي عدت إليه حالاً وجئت به على عجل وأرجو أن يكون قد ظفر بتلك الخائنة وانتقم منها وإذا لم يظفر هو بها لست تاركها حتى انتقم منها فقد هاجت دمي بما ارتكبته من الخيانة».
قالت خولة «بورك فيك يا بلال فعليك الآن أن تستقدم سعيداً على عجل».
فقال «وهل آتي به إلى هذا البيت؟»
فاستصوبت خولة سؤاله لأن مجيئه إلى بيت والدها قد يوجب العراقيل. فنظرت إلى عبد الله كأنها تستفتيه في الأمر فأشار إليها أنه يريد البحث في ذلك سرا.
فالتفتت إلى بلال وقالت له «أخرج الآن قبل أن يأتي والدي وهو ناقم عليك لاعتقاده أنك فررت بالجملين من داره وانتظر عبد الله في المسجد الليلة وهو ينبئك بما تفعله».