العزم على الكوفة
فخرج وبقي عبد الله وخولة على انفراد فقالت خولة «وما العمل يا عبد الله أخاف إذا جاء سعيد وأردنا فسخ عقدنا أن ينفتح علينا باب للأخذ والرد ونحن نود كتمان الأمر فما الرأي؟»
قال «أرى أن نلتمس من عمرو الخروج من الفسطاط والذهاب إلى الكوفة فقد كنت التمست منه السفر فأخرني إلى ما بعد كتابة الكتاب. فهم لا يعرفون الآن إلا أنك امرأتي والرجل يذهب بامرأته إلى حيث شاء. فإذا سرنا إلى الكوفة وأوصينا بلالاً أن يوافينا بسعيد إلى هناك تنازلت له عنك وعقد له عليك ولا رقيب علينا ولا واش. وإذا طاب لنا العود إلى الفسطاط عدنا بعد ذلك وإلا فإننا نمكن في الكوفة إلى ما شاء الله».
فصمتت خولة برهة وهي تفكر في الأمر فرأت رأي عبد الله مصيباً فقالت «نعم الرأي رأيك ولكنني تعودت الفسطاط وألفت الإقامة في وادي النيل ولي فيه الأهل والأصدقاء فإذا أتيح لي البقاء فيه كان ذلك أفضل لي وأبقى».
قال «لا أنكر عليك ذلك وهو ميسور لك فيما بعد وأما الآن فلا أرى خيراً من الذهاب إلى الكوفة».
قالت «وأخشى مع ذلك أن لا يأذن والدي بذهابنا إلى هناك إذ هو عالق بي وليس له سواي فلا أخاله إلا ملحاً علياّ بالإقامة هنا».
قال «إننا نطاوله ونماطله حتى يأذن بانصرافنا ولو بعد حين ونوصي بلالاً أن يخبر سعيد بالتربص في الكوفة ريثما يأتيه ولو أبطأنا».
قالت «افعل ما بدا لك والله الموفق في كل حال».
قال «فلنعد الآن إلى دار الأمير ومتى كنا عنده كان خروجنا من الفسطاط سهلاً لأنه هو الذي وعدني بإخلاء سبيلي للبحث عن ابن عمي سعيد فأذكره بوعده ولا أظنه إلا مؤذناً بانصرافي معك».
قالت «ولكننا نبيت الليلة هنا ونصبح إلى دار الأمير».
قال «حسناً» ولما كان العصر خرج إلى المسجد فوجد بلالاً في انتظاره فأوصاه أن يذهب بسعيد إلى الكوفة ويتربص به هناك حتى يأتيا إليهما.
فانبسط وجه بلال وابتسم ثم قال «إن هذا ما كنت أرجوه من مولاي لأنني إذا كنت في الكوفة توقفت إلى الانتقام من قطام اللعينة».
فضحك عبد الله وقال «وأوصيك إذا أنت ظفرت بها أن لا تعفو عن عجوزها لبابة فإنها قهرمانة شريرة».
قال «لا توص حريصاً» ثم ودعه وانصرف.