النيل نجاشي
حدثتك عن أغنية «النيل» التي تمنيت — في صباي — أن أكتب عنها، أعبر عن حبي لها على مستوى الكلمات واللحن والأداء.
كانت الفكرة تشغلني — أحيانًا — فتُجاوز مجرد نيل شوقي والسنباطي وأم كلثوم، إلى نيل ثان، وثالث، إلى آخر الأغنيات التي تتحدث عن النيل، وكنت أحبها جميعًا، حتى أغنية «يا تبر سايل بين شطين» الساذجة الكلمات، الجميلة اللحن والأداء، أحببتها، وكنت أرددها بيني وبين نفسي.
الأغنية التي صعب علي فهمها — لا أتقبل أغنيةً ما إلا إذا فهمت كلماتها، وتقبلتها — هي أغنية شوقي، لحن وأداء عبد الوهاب «النيل نجاشي … حليوة أسمر». وصلتني الكلمات بمعنًى مغاير. تصورت أنها تتحدث عن الفيضان … النيل ما جاشي. فهل الإطراء، وأنه حليوة أسمر، حتى يأتي بالماء والطمي والحياة للأرض المصرية؟
لم أفهم المعنى تمامًا، وأهملت الأغنية. لم أقرر حتى إن كانت ستدخل ضمن مشروعي للكتابة عن النيل من خلال أغنية أم كلثوم الشهيرة، وما يتصل بها من أغنيات تتحدث عن النيل.
ويومًا، تحدث أبي عن الحب الذي كان يضمره — ويعلنه — شوقي لعبد الوهاب، والذي أملى عليه أن يتخلى عن تخوفه من عامية بيرم التونسي، فيكتب لعبد الوهاب أغنيات بالعامية، منها هذه الأغنية التي أسقطتها.
ماذا؟
النيل نجاشي!
الكلمات إذن عن النجاشي، الملك، السلطان … وليست عن الغائب الذي نسرف في تدليله، حتى يعود!
أعدت تأمل الأغنية؛ الكلمات … اللحن … الأداء. بدا لي إهمالها أشبه بحكاية الثعلب الذي تطلع إلى التقاط العنب، فلما أعياه العجز ادعى أنه حِصْرِم.
أحببت النيل نجاشيًّا!