ماجدة
قالت جدتي في هدوء، أذهلني: ماجدة ماتت.
– ماجدة من؟
– بنت خالتك.
– متى؟ وكيف؟
– اشتد عليها المرض في الليل. أخذتها في حضني، لكنها ماتت.
– لماذا لم تقولي لنا؟
– ولماذا أثير مشكلة بلا داعٍ؟ … يأتي الصباح فندفنها.
لاحظت جدتي أن الراديو — على غير العادة — ظل مغلقًا. أصرت على أن ندير الراديو، فلا يفطن الجيران إلى ما حدث، وتتناثر الأسئلة والشائعات.
علا الراديو بأغنية أم كلثوم:
قالت جدتي: ليس لها شهادة ميلاد … ولن يكون لها شهادة وفاة. حاولوا إنهاء كل شيء.
ماجدة هي الشقيقة التوءم لطفلة أخرى هي نعمت. لم يفارقها المرض منذ ولادتها قبل أسبوع، وتوقع الجميع موتها، حتى إن خالتي أهملت استخراج شهادة ميلادها.
قامت جدتي بتغسيل ماجدة، ولفها بطيات بشكير.
احتضنْتُ جثمان ماجدة بجوار سائق التاكسي (وعدناه بأجر زيادة!)، بينما جلست خالتي وقريبة لزوجها في المقعد الخلفي.
اخترق التاكسي شوارع القاهرة المزدحمة، وتوقف في إشارات المرور. عانينا توقع الخطر حتى بلغ التاكسي — في النهاية — مقابر الدراسة.
حدثتك عن العقدة التي أعانيها من رؤية الموتى. لم يكن ما فعلته كذلك، وإنما احتضان جثمان طفلة، سعيًا لدفنه. اجتذبتني اللحظات القاسية، فلم أفطن إلى التفاصيل. لم أدرك ما حدث، حتى انطلق التاكسي بنا في طريق العودة.
هل جرى ما جرى بالفعل؟