بيع وشراء
لا أذكر كيف، ولا لماذا، أحببت عملية البيع والشراء. ربما لأني كنت أتابع عم عبده في دكانه الصغير — قبالة البيت — وهو يبيع الحلوى والسجاير. أحببت الفصال، والأخذ، والرد، وصلِّ على النبي، وزِيد النبي صلا، وبين البايع والشاري يفتح الله، واتوصى شوية، والله يبارك … طقوس تبدأ، ولا تنتهي، تشكِّل دنيا البيع والشراء التي أتابعها من موضعي خلف النافذة المطلة على شارع إسماعيل صبري.
طلبت من أمي أن تثبِّت مؤشر الراديو على الأغنيات، سواء ما تقدمه إذاعة القاهرة، أو إذاعة الشرق الأدنى، خلفيةً لنشاطي التجاري الذي شغَل أسفل السرير النُّحاسي الكبير في حجرة أبَويَّ. مجلدات من مكتبة أبي، وعلب أحذية فارغة من الورق المقوَّى، أصُفُّها في هيئة طاولة الدكان. أضع فوقها البسكويت والبونبوني، أدخر ثمنها من مصروفي. حتى الإفطارُ، أعتذر عن عدم تناوله في البيت. تعطيني أمي المقابل قرشين، أو ثلاثة.
أثابر في جلستي المنحنية. زبائني هم خالتي وأخواي، يشترون بالأجل حتى يخلو الدكان تمامًا. أزيح علب الأحذية، وأفرد جسدي الذي طال تقوسه.
أرد على السؤال بموعد البيع ثانية: ربما غدًا بعد أن آخذ مصروفي.
أحببت البيع والشراء، فنسيت — أو تناسيت — ما كنت أدينهم به من قيمة البضاعة القديمة!