قارئة الفنجان
استمعت إلى الأغنية — للمرة الأولى — في فندق «زهرة النرجس» بالرياض. كانت تلك أولى رحلاتي — بمفردي — خارج مصر. تعددت الرحلات — ضمن وفود — إلى أكثر من بلد عربي، نحاضر في صلة الإعلام بالتنمية، ونُشرِف على متدربين يُعِدون الجريدة الأولى، والبث الإذاعي الأول، والإرسال التليفزيوني الأول …
ترددت طويلًا قبل أن أوافق على فكرة السفر.
لم أكن أعرف طبيعة عُمان، ولا ظروفها السياسية ولا الاجتماعية. اقتصرت المعلومات التي زودني بها صديقي عاطف الغمري، حين زكَّاني لإصدار جريدة «الوطن» العُمانية، على ما يثير وجداني — أو يستفزه — من الحياة التي تستعيد — على حد تعبيره— ليالي ألف ليلة.
لأن أسرة تحرير الجريدة كانت تتألف من شخص واحد، هو مدير التحرير، وهو طاقم المحررين، وهو الساعي … فقد سافرت إلى الرياض باعتباري المحرر الرياضي للوطن، لتغطية المباراة النهائية في كرة القدم على كأس الملك خالد.
نزلت في فندق زهرة النرجس. عانيت الشعور بالوحدة يومين، ثم فتشت عن أصدقائي القدامى الذين كانوا يقيمون في الرياض آنذاك: محمد قطب ومحمود فرج وحمدي الشامى. واكتسبت صداقات جديدة، أذكر منها الفنان التشكيلي جمال قطب، والسياسي السوداني أحمد محمد محجوب، والدكتور أحمد حسين الصاوي، والمعلق الرياضي الفلسطيني أكرم صالح، وغيرهم.
أستمع إلى أغنية عبد الحليم حافظ. يعيدني الأداء والكلمات واللحن إلى تلك الأيام التي كانت بداية — مجرد بداية، فالمشوار طال — إلى محاولة الخروج من الانطواء على الذات، والإقبال على حياة الجماعة.