حنين
السيارة تمضي على طريق الكورنيش بمطرح. تميل إلى منطقة ريام. الجبال — إلى اليمين — صخرية، مرتفعة، تبدأ من البداية، وتنتهي في اللانهاية. مشوار كل صباح لأوصِّل زوجتي — مدرِّسة — وابنتي — طالبة — إلى مدرسة الزهراء الثانوية.
أدير جهاز الكاسيت على الأغنية التي أتذكرها — في بداية مشوارنا الصباحي — أو تذكرني بها زوجتي أو ابنتي. يعلو صوت علاء عبد الخالق وحنان ومنى عبد الغني:
عيناي — في قيادتي السيارة — تنظران إلى الطريق، دون أن أعي ملامحه جيدًا. تنقلني كلمات الأغنية إلى ميدان الحسين، وطريق القاهرة-الإسكندرية الزراعي، والمينا الشرقية، واللائذين بمقام أبو العباس، وعربة أبو فروة على ناصية شارع زاوية الأعرج، وحلقة السمك، وصيد المياس في العصاري، ولعب الكرة في الشارع الخلفي، ومرسى القوارب، وتلاقي الأذان في مآذن مساجد بحري، وأهازيج السحَر، وبائع الصحف لَصْق جدار أجزخانة جاليتي، وحلقات الذكر أمام جامع البوصيري، والنخيل السلطاني في ميدان المنشية، وزحام شارع الميدان.
أتنبه على صوت ابنتي: المدرسة.
أضغط على الفرامل. أتأمل ما حولي بنظرة غير واعية. أرد على تلويحة كلٍّ من الزوجة والابنة وهما تغيبان داخل المدرسة. أنطلق بالسيارة، يسبقني الشرود إلى فضاءات، بيني وبينها مدن وصحاري وبحار.