دبلوماسية
كان العمل في إعداد «الوطن» يستغرقني معظم ساعات اليوم. متعتي الوحيدة — فضلًا عن متعة العمل — أن أستمع إلى أغنيات أم كلثوم وفيروز وعبد الوهاب وعبد الحليم وليلى مراد ونجاة وفايزة أحمد.
لاحظ الرجل أني أستعيد أغنيات فايزة أحمد: هل هي مطربتك المفضلة؟
قلت: لكنها ليست مطربتي الوحيدة.
قدم لي — في زيارته التالية — شرائط فيديو. قال: الفن ليس غناء فقط.
وضعت الشرائط في جهاز الفيديو، فذُهلت. كلها أفلام ساخنة، بورنو. عمق من ذهولي أن صفة الرجل الدبلوماسية تضعه بعيدًا عن التصرفات المشبوهة.
أرفقت الشرائط — وأنا أعيدها إليه — برفضٍ لمثل تلك المتع المريبة.
لم يكن مبعث تصرفي — أعترف — موقفًا أخلاقيًّا، بقدر ما كان خوفًا من المجتمعات الدبلوماسية التي لا أحسن العوم في مياهها. ثمة صيادون وقراصنة وأسماك متوحشة ومخلوقات تفوق في شراستها عجائب المخلوقات التي تحدث عنها القزويني.
قدم الرجل نفسه — في الزيارة الأولى — ملحقًا ثقافيًّا في سفارة عربية — أستأذنك في إسقاط الاسم — واقتصرت أحاديثنا على القضايا الثقافية. وكانت حصيلته المعرفية — في الحقيقة — وافرة. ولم تبلغ اختلافات آرائنا حد التضاد.
تصورت — وأنا أقرأ الصحف في إجازة بالقاهرة — لحظات إلقاء الشرطة العُمانية القبض على الشاب الذي يبلغ بالكاد عامه الخامس والثلاثين، وهو ينقل الأسلحة من سيارته الدبلوماسية إلى سيارة خاصة، يستقلها شبان عُمانيون.
استعاد التصور زيارات الشاب لي، نفضت رأسي من السؤال: ماذا كان يريد بهديته الزرقاء؟!