كوارع
اخترقنا الزحام وروائح السمك والشواء والقلي والفلفل الأسود والشطة والبخور.
تأمل أبي، وقلَّب، وفاصل. حملت ما اشتراه: سجق اسكندراني، وبسطرمة، وجبنة بيضاء، وزيتون، وموز، وبرتقال، ومخللات.
بدا دكان الكوارع خاليًا، إلا من حامل خشبي، تترامى منه أغنية كارم محمود:
تكومت الكوارع على عربة يد أمام الدكان، وانشغل البائعان — المتقابلان في وقفتهما — برش الماء على الكوارع ليضفيا عليها طزاجة تسر الناظرين.
سأل أبي عن ثمن زوج الكوارع.
اتجه أحد الرجلين إلى الآخر بنبرة متسائلة: إيه تمن الجوز؟
قال البائع الثاني: ١٨ صاغ.
وهو يومئ برأسه ناحية أبي: وعشان الرجل الطيب؟
– ١٦ صاغ.
– وعشانه كمان؟
– ١٤ صاغ.
– وعشان …
قاطعه: يبقى بخسارة.
عدنا بالكوارع إلى البيت.
اقترح أبي أن نؤجل الغداء لتكون الكوارع هي طبق اليوم.
بعد ثلاث ساعات أو أربع، بدأ تسللنا إلى المطبخ، نتناول — من النملية — حبات زيتون، أو قطعة جبن، أو ثمرة فاكهة.
ظلت الكوارع ترفض النضج على نار وابور البريموس، حتى علت أشعة الشمس — في غروبها — أسطح البيوت المقابلة.
أطفأت أمي البريموس، ودعتنا إلى استكمال ما كنا بدأنا في تناوله من طعام النملية.