الست الطاهرة
«وأحسَّ عتريس أن الشباب عاد إليه، وبحركةٍ مُفاجئة كان يقف في وسط المقام كالبصلة؛ رأسه تحت ورجلاه في السماء، وبحركةٍ مفاجئة أيضًا هاج الناس، ورفع المشايخ وجوهَهم عن المصاحف، وهجم عليه حارس المقام، فأمسكه من رقبته وزعق: يا نجس! يا ملعون!»
في مجموعته القصصية هذه يُعانِق الدكتور «عبد الغفار مكاوي» آلامَ الإنسانِ وأحزانَه ومعاناتَه في صورٍ عديدة، فتمضي الثمانيَ عشرةَ قصة في تَنوُّع يغلب عليه التراجيدية والشجن؛ ففي «الست الطاهرة» تَظهر لنا إحدى شرائح المجتمع المصري في ذلك البهلوان الذي يَعجز عن ممارسة مهنته بعد إصابته واستناده على عكاز، وحين يطلب العون من مقام الست الطاهرة ويُخيَّل إليه أنه يُحاورها تُصيبه نزوة عارمة فيقوم بحركةٍ بهلوانية في قلب المقام من فرط حُبه للمقام وصاحبته؛ فتنتهي به الحال ميتًا في زنزانةٍ صغيرة، وفي «أسوار المدينة» نلمح رمزية سياسية اجتماعية عن الحرية ونظام الحُكم وسلوك الشعوب، وفي «الرجل الذي يعتذر دائمًا» يُقدم المجنون الذي يَدَّعي الألوهية اعتذارَه دائمًا عن الغفلة عن تلبية رغبات بعض خَلقه لانشغاله بخَلق العالم.