قلتها في صديق لا يعنيك أن تعرف من هو، أما أنا فأثَّر بي موته جدًّا حتى نطقت بما
نطقت.
نَامِي فَمَا فِي النَّوْمِ مِنْ عَجَبِ
إِنَّ الرُّقَادَ مَغَبَّةُ التَّعَبِ
نَامِي عَنِ الدُّنْيَا وَبَهْجَتِهَا
فَالْمَوْتُ أَحْلَامٌ مِنَ الذَّهَبِ
تُوهِي بِأَجْوَاءِ الْخُلُودِ فَمَا
لِعَنَاصِرِ الْإِنْسَانِ مِنْ غَرَبِ
وَإِذَا اسْتَطَعْتِ فَأصْدِقِي خَبَرًا
عَنْ نَارِ جِيهنوم واللهَبِ
أَفَتِلْكَ آرَاءُ الْأُلَى صَدَقُوا
أَمْ أَنَّهَا ضَرْبٌ مِنَ الرَّهَبِ
أَفَيَجْعَلُ الرَّحْمَنُ صَنْعَتهُ
لِجَهَنَّمَ النِّيرَانِ كَالْحَطَبِ
إِنْ كَانَ حَقًّا فَالْجَحِيمُ هُنَا
وَالْمَوْتُ يُخْرِجُنَا مِنَ اللَّهَبِ
فَحَيَاتُنَا فِي الْأَرْضِ بَوْتَقَة
وَالْعَيْشُ بَحْرٌ وَهوَ ذُو عَبَبِ
•••
مَا كَانَ إِنْسَانُ الْكُهُوفِ يَرَى
آرَاءَنَا فِي عَصْرِهِ التَّعَب
أَتُرَى الَّذِي أَحْيَاهُ خَلَّفَهُ
عَصْرًا أَسِيرَ سَلَاسِلِ النوَبِ
عَجَبًا أَظَلَّ الْوَحْيُ مُخْتَبِئًا
حَتَّى أَتَى مُوسَى مِنَ السحبِ!
أَجْدَادنَا الْأَجْرَامَ قَدْ عَبَدُوا
وَتَنَقَّلُوا فِي سَهْمِهِ الرببِ
جَعَلُوا قُوَى الْأَكْوَانِ آلِهَةً
وَأَمَامَهَا خَرُّوا عَلَى الركَبِ
وَأَرَتْهُمُ الْأَوْهَامُ مُعْجِزَة
مِنْ كُلِّ آلِهَةٍ لِكُلِّ نَبِي
وَاسْتَنْطَقُوا الْأَصْنَامَ صَامِتَةً
فَأَجَابَتِ الْأَصْنَامُ كُلَّ غَبِي
وَاسْتَغْفَرُوهَا عَنْ مَآثِمِهِمْ
بِذَبَائِحِ الْإِجلَالِ وَالرهبِ
دَانُوا بِأَدْيَانٍ قَدِ ازْدَهَرَتْ
كَالْأَرْضِ فِي أَثْوَابِهَا الْقشبِ
صَاغُوا لَهَا تِيجَانَ عظمتِهَا
«مِنْ زُخْرُفٍ فِيهَا وَمِنْ كَذِبِ»
وَالنَّاسُ بَيْنَ الْمُدَّعِينَ غَدَوْا
مِثْلَ الْأَصَمِّ بِمحْفلِ الخطبِ
كُلُّ الْخَلَائِقِ أُلِّهَتْ قِدَمًا
حَتَّى حِمَار الْحَيِّ ذِي الذنبِ
إِنِّي لَأَقْرَأُ هَازِئًا بهم
يَا لَيْتَ شِعْرِي مَنْ سَيَهْزَأُ بِي
•••
هَذَا الْوُجُودُ وَلَيْسَ نُدْرِكُهُ
سِرٌّ غَرِيبٌ غَامِضُ الْحُجُبِ
كُنَّا نَظُنُّ الْخَلْقَ مُنْحَصِرًا
فِي أَرْضِنَا كَالزعمِ فِي الْكُتُبِ
حَتَّى أَتَانَا الْعِلْمُ يُنبئُنَا
أَنَّ الْحَيَاةَ كَذَاكَ فِي الشُّهُبِ
وَلَسَوْفَ يَأْتِي الْعِلْمُ بَعْدَ غَدٍ
بِغَرَائِبٍ عَنْ ربعِهَا الْخصبِ
فَالْيَوْمُ يهدمُ مَا بَنَاهُ لَنَا
أَمْسِ الدبور وَفِي غَدٍ حَرَبِي
فَاسرحْ بِهَذَا الْكَوْنِ مُتَّئِدًا
وَالْقَ الْمَنُون بهزَّةِ الطَّرَبِ
وَاعْمَلْ، هِيَ الْأَحْيَاءُ قَدْ خُلِقَتْ
لِجَلَائِلِ الْأَعْمَالِ وَالنَّصَبِ
إِنِّي لَأَقْرَأُ هَازِئًا بهم
يَا لَيْتَ شِعْرِي مَنْ سَيَهْزَأُ بِي