لا الدِّينُ يُرضِينِي ولا صلواتُهُ
إِنْ يَبْغِ تفريقَ الشعوب دُعَاتُهُ
فالدينُ مسنونٌ لتأليفِ الورى
جسمًا تُوَحَّدُ فيهِ جُزئياتُهُ
ضلَّ الأُلَى جعلوهُ قيدَ مذاهبٍ
وطرائقٍ فتبدَّلَتْ آياتُهُ
قد كانَ في فجرِ التمدُّنِ مبضعًا
فغَدَا حسامًا لا تَكلُّ شباتُهُ
ولسوفَ يَبْقَى هاديًا هذا الوَرَى
حتى تضلَّ عن الصراطِ هُدَاتُهُ
والدِّينُ فِي لغةِ التطوُّرِ واحدٌ
قد رُودِفَتْ وتعددتْ لفظَاتُهُ
وأرى المثلِّثَ كالمُوَحِّدِ دينهُ
لَمْ تَخْتَلِفْ في مذهبي جَنَّاتُهُ
ليس الكتابُ سوى الضمير منزَّهًا
عن غايةٍ وإلهُ كلٍّ ذاتُهُ
ذَاتِي هي الربُّ العظيمُ لأنَّها
منهُ ومثلُ الفعلِ مشتقَّاتُهُ
وإلهُ موسى والمسيح وأحمدٍ
ربُّ الجميع، وفي الجميع صِفَاتُهُ
والكون جسمٌ سرمديٌّ خُلِّدَتْ
فيهِ الحياةُ وناسُهُ ذَرَّاتُهُ
والأفق عندي صفحةٌ من مصحفٍ
لَيْسَتْ تعدُّ ولا تُرَى صفحاتُهُ
إن الكواكبَ والشموسَ حروفُهُ
مسبوكةً ونجومُهُ حركاتُهُ
ورث المذاهب كالعقارِ مضللًا
ويحَ القطيعِ متى تضلُّ رعاته
بذروا «اجتهادهمُ» فأنبتَ شوكَهُ
في شرقِنا كيلا تَمرَّ حُفَاتُهُ
فتنازعَ الملكوتَ شعبٌ تاعسٌ
يبغي النعيمَ، وفي الجحيمِ حياتُهُ
لَهفي على الوطنِ العزيز مقيَّدًا
بالترَّهاتِ فتيهُ وفتاتُهُ
أَسَفِي على وطنٍ تفرَّقَ شَمْلُهُ
فِي الدينِ فابتسمتْ لذاكَ عُدَاتُهُ
هُمْ يَذْكُرُونَ الحبَّ فِي أفواهِهِم
ولدينِهِم في قلْبِهِم نُعراتُهُ
فإذا غدا دينُ الإخاء شعارنَا
حيِّ الرقيَّ وقل دنتْ أوقاتُهُ
فِيهِ نرى بيتَ العروبةِ مقدسًا
حرمًا تصافح طورَهُ عرفاتُهُ
•••
وطَنِي المريض أمِنْ دواءٍ ناجعٍ
غير الرُّقَى فبلاؤُهُ رقَيَاتُهُ
حلوه من هذي القيود وحطِّموا
أغلالَهُ، أَفَلَمْ يَئِنْ إِفْلَاتُهُ
مَنْ لِي بيومٍ إِنْ تَمَايَلَ أرزهُ
فيهِ تماوجَ نيلهُ وفراتُهُ
•••
وطنَ الأعاربِ حسب قومك رقدةٌ
فَهُمُ إِذَا ذُكِرَ الذمارُ حُمَاتُهُ
يا ويلَ شعب الشرق من زعمائهِ
إن قُلْتَ هشَّ تصعَّدت زفراتُهُ