السيادة
فيتنام أمة شيوعية، وهي إحدى الدول الشيوعية القليلة المتبقية، على أن الشيوعية فيها تختلف عن الشيوعية التي أدت إلى ميلاد الحرب الباردة. في المقابل، تعتبر فيتنام أمة ذات سيادة ترتبط هويتها بماركس ولينين (من خلال رئيس الحزب الشيوعي «هو تشي من»).
ليست الولايات المتحدة أمة شيوعية. بهزيمتنا من فيتنام، وانتصارنا في الحرب الباردة، نحن أمة تعرِّف نفسها بصورة أساسية بطريقة تتعارض مع أيديولوجية ماركس ولينين. تضع فيتنام الدولة في خدمة إضعاف الدولة كمثال أعلى لها، فيما تضع الولايات المتحدة الدولة غير الحاضرة بقوة في خدمة الحرية كمثال أعلى لها. تعتبر السيطرة نموذج الحكم في الشيوعية، فيما تعتبر الحرية نموذج الحكم في الولايات المتحدة.
أو هكذا نعتقد.
أقر بإعجابي بالدول الشيوعية؛ ففي بداية عقد الثمانينيات من القرن العشرين، تجولت في عدد من الدول الأوروبية الشيوعية التي سمحت بدخولي أراضيها. وفي بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين، عملت مع مناصري إقامة دولة دستورية في جورجيا أثناء وضعهم مسودة دستورهم. في عام ١٩٩٦، قضيتُ معظم فترة الصيف أتجول في فيتنام وحيدًا ودون استخدام البريد الإلكتروني، وحاولت أن أفهم هذا المكان الذي في طفولتي كان ضحية تصدير الصراع مع الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة.
على الرغم من زيارتي لبلاد كثيرة حول العالم، لم أزر مكانًا أكثر إثارة للإعجاب من فيتنام. يغلب على المرء شعور طاغٍ بالغفران، ولا يملك أي مواطن أمريكي إلا الوقوع في أسر دفء وترحيب هذه الأمة. ربما لو كنا «انتصرنا» في الحرب لما تيسر هذا الغفران على هذا النحو لدى الفيتناميين، لكن يبدو أن الغفران يتيسَّر لمن انتصروا بالفعل.
لم أزر فيتنام على أي حال لأفهم الغفران، بل أردت فقط أن أتعلم شيئًا عن طبيعة سير الأمور في البلاد، أردتُ أن أفهم كيف تمارس هذه الدولة السيطرة على مواطنيها، أردت أن أفهم ما الذي يجعل هذه الدولة مؤهلة كي تصبح واحدة من أواخر الدول الشيوعية المتبقية في العالم؛ لذا قضيتُ بعض الوقت أتحدث إلى محاميَّ، ورجال أعمال، ومديري الشبكة الآخذة في الظهور في فيتنام («شبكة نام»)، وبدأت صورة مدهشة في التشكُّل بسرعة كبيرة.
على الرغم من أن أيديولوجية أي دولة شيوعية لا تسمح إلا بوجود قيود محدودة للغاية على سلطة الدولة، وعلى الرغم من أن الدولة الفيتنامية تضع كمثال أعلى لها الصالح العام بدلًا من مصلحة الأفراد أو الحرية الفردية، وعلى الرغم من عدم وجود «حرية» نظريًّا في فيتنام بالمعنى الذي نحب نحن في الغرب أن نتخيله؛ على الرغم من صحة كل ذلك، لم أستطع الإفلات من الشعور بأن الناس في فيتنام — من خلال حياتهم اليومية — يخضعون إلى «التنظيم» بصورة أقل بكثير من الأشخاص في الولايات المتحدة. لا ينطبق ذلك بطبيعة الحال على الجميع؛ فالخصوم السياسيون لا شك يشعرون بقوة سطوة الدولة. في المقابل، شعرتُ أن الناس العاديين في ممارستهم حياتهم العادية — حيث يدير كثيرون منهم متاجر صغيرة — لا يدركون مفهوم السيطرة الذي يمكن أن تمارسه الدولة، ولا خبرة لديهم بتسجيل رواتبهم في جهة بيروقراطية مركزية كل ثلاثة أشهر، ولا يستوعبون طبيعة العيش في ظل فعالية التنظيم (النسبية) التي نحيا نحن في ظلها هنا. تخلو الحياة في فيتنام بصورة مدهشة من السيطرة الحكومية. كان من الصعب تخيُّل اختلاف الوضع حال انتصار نيكسون في الحرب. كانت الإباحية محظورة، وكان الهيبيون يتعرضون للمضايقات، لكن في مجمل الأمر، واصل الأفراد والشركات العمل في ظل تنظيم فعَّال أو مباشر محدود للغاية من الحكومة.
لا تعتبر هذه الحقيقة (إذا اعتبرت هذه الملاحظات العشوائية من عالم أنثروبولوجي غير مدرَّب حقيقةً) عسيرة على الفهم. ربما يكون، أو لا يكون، «القانون» في كتب القانون في فيتنام أداة تنظيمية أكثر صرامة أو أكثر شمولًا من «القانون» في الولايات المتحدة. في المقابل، يجعل معمار الحياة في فيتنام أي تنظيم حقيقي للحياة من قبل الدولة مستحيلًا. لا توجد بنية تحتية للسيطرة، بل لا توجد أي بنية تحتية على الإطلاق في البلاد. أيًّا ما كانت الأدوات التنظيمية للدولة، لا يوجد أي معمار يجعلها فعَّالة. وحتى لو كان هناك تنظيم أكثر في فيتنام من الولايات المتحدة (صراحةً، أشك في وجود ذلك)، تتوافر في فيتنام «حرية» مدهشة.
يبدو هذا منطقيًّا للغاية. تعتبر سلطة التنظيم مسألة معمار مثلما هي مسألة أيديولوجية. تسمح المعماريات بإجراء عمليات التنظيم فضلًا عن تقييدها. حتى نفهم السلطة التي تتمتع بها أي حكومة، يجب أولًا فهم المعماريات التي تمارس الحكومة عملية الحكم في إطارها.
تناولت الفصول السابقة هذه النقطة تحديدًا. قد يكون لدينا فكرة عن سلطة السيادة — سلطة الجهة الحاكمة في تنظيم السلوك أو السيطرة عليه — لكن لا يتضح حجم هذه السلطة إلا في سياق محدد. قد تكون سلطة الدولة «مطلقة»، لكن إذا لم تدعم المعماريات عملية التنظيم، تصبح سلطة الدولة الفعلية ضعيفة. على الجانب الآخر، قد تكون سلطة الدولة محدودة، لكن إذا كانت المعماريات فعَّالة للغاية، قد تصبح هذه السلطة المحدودة شاملة للغاية. حتى نفهم سلطة الدولة في التنظيم، يجب أن نسأل: كيف تدعم البنية التحتية للدولة عملية التنظيم؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن نوجهه في حالة الفضاء الإلكتروني، كخطوة أولى لفهم السيادة فيه. ما السلطة التي تتمتع بها الجهات السيادية لتنظيم الحياة في الفضاء الإلكتروني؟ كيف تسهم الأنماط التنظيمية في تعزيز هذه السلطة أو الحد منها؟
سننظر في الإجابة على هذا السؤال في ثلاثة أجزاء، يمثل اثنان منهم موضوع هذا الفصل؛ أولًا: ما طبيعة السيادة في الفضاء الإلكتروني؟ ما الفرق بين السيادة في الفضاء الإلكتروني وسيادة دولة فرنسا؟ ثانيًا: ما الذي يحد من سيادة الفضاء الإلكتروني؟ ثالثًا، وهو موضوع القسم التالي: كيف ستتفاعل الجهات السيادية في تنظيم الفضاء الإلكتروني؛ لا بغرض السيطرة على السلوك في الفضاء الإلكتروني، بل من أجل السيطرة على تداعيات السلوك فيه؟ وكيف ستتنافس الجهات السيادية؟
(١) سيادة الفضاء: القواعد
عندما تلج إلى عالم ألعاب فيديو إم إم أو جي «الحياة الثانية» كشخصية جديدة، يتم توضيح قواعد الحياة الثانية لك. تمثل بعض هذه القواعدِ الطرقَ التي سيحتاجها المستخدمُ للتنقل في عالم الحياة الثانية، مثل كيفية التحرك أو الطيران. تعتبر بعضُ هذه القواعدِ قواعدَ معيارية عامة تهدف إلى توجيه المستخدم إلى ما يمكن وما لا يمكن القيام به.
مثلما ذكرت من البداية، يجب أن نميِّز بين الفضاءات كثيفة السيطرة والفضاءات خفيفة السيطرة. تقوم فضاءات مثل فضاء الحياة الثانية بالسيطرة بكثافة على حياة الأشخاص الذين يلعبون فيها. يتمثل الهدف الأساسي من اللعب في فضاء الحياة الثانية في خلق الانطباع بأن المرء يكون موجودًا «هناك». وهذه — أكرر — هي نوعية الأماكن التي أطلق عليها الفضاء الإلكتروني.
يختلف الفضاء الإلكتروني كثيرًا عن الحياة في موقع إلكتروني لدفع الفواتير، أو في موقع يحتفظ بعناوين البريد الإلكتروني للمستخدمين. يسيطر الكود على هذه الخدمات أيضًا، لكن سيطرة أو سيادة هذه الخدمات تختلف عن السيطرة في عالم الحياة الثانية. في عالم الحياة الثانية — أو فيما أطلق عليه الفضاء الإلكتروني عمومًا — تبسط السيطرة هيمنتها في كل مكان، فيما تعتبر السيطرة في خدمة دفع الفواتير، أو ما أطلق عليه الإنترنت، سيطرة عابرة ووقتية.
من المثير للاهتمام وجود تحوُّل ديناميكي هام قمنا بتحديده بالفعل، وهو تحوُّل موجود في الفضاءات خفيفة السيطرة أكثر من الفضاءات كثيفة السيطرة. يتمثل هذا التحوُّل في تفضيل وجود خواص سيطرة في الكود متى كانت هذه الخواص ممكنة.
فكِّر مرة أخرى في خدمة دفع الفواتير. يعتبر شيئًا مخالفًا للقانون أن يخترق أحدهم الحساب البنكي لشخص ما ويقوم بتحويل الأموال من هذا الحساب دون الحصول على تصريح من صاحب الحساب. بطبيعة الحال، لن يعتمد أي بنك على القانون وحده لتطبيق هذه القاعدة. يضيف كل بنك مجموعة معقدة من الأكواد للتحقق من هوية المستخدمين عند استخدام أحد خدمات دفع الفواتير. وأينما يكن من الممكن وضع كود لتحقيق هدف سياسة تنظيمية ما، يتمثَّل القيد الوحيد على عملية وضع الكود هذه في التكلفة الحدية لاستخدام الكود، في مقابل الفائدة الحدية التي ستعود من وراء إضافة طبقة سيطرة جديدة.
من ثم لا يؤدي الكود إلى اختفاء جميع المشكلات؛ فهو لا يمحو حاجة الجيران لمعالجة مشكلاتهم، وبهذه الطريقة، يساعد الكود على بناء المجتمعات. تؤدي ممارسة التفاعل إلى بناء روابط لا يتم بناؤها إذا أدى الكود إلى تحقيق النتائج نفسها بصورة تلقائية. يترك التصميم المثالي بعض المشكلات ليحلها اللاعبون أنفسهم، لا لعدم إمكانية وضع كود لحل المشكلات، بل لأن وضع أكواد للحلول تأتي معه تكاليف جانبية.
على الرغم من ذلك، لا تزال جهة السيادة في هذه الفضاءات الافتراضية هي التي تفضل أحد الأنماط التنظيمية على الأنماط الأخرى. تعتبر عملية تحقيق المنفعة المتبادلة هنا معقدة؛ فالفعالية الكاملة للنتائج لا تتحقق على الدوام، لكن يظل هناك الاختيار بين الأنماط التنظيمية المختلفة.
(٢) سيادة الفضاء: اختيار القواعد
كيف يمكن إجراء عملية الاختيار؟ بصورة أكثر مباشرة، ماذا عن الديمقراطية؟ في الفضاء الواقعي، تتمثل القاعدة في أن الجهات السيادية تعتبر مشروعة فقط إذا كانت ديمقراطية. لا نكاد نسمح (بمعظم) النظم غير الديمقراطية. تتمثل القاعدة العامة في الفضاء الواقعي في أن الناس هم من يحكمون في نهاية المطاف.
لا يعني هذا أن الرؤى الجماعية لا تعتبر مهمة في الفضاء الإلكتروني. على العكس من ذلك، تعتبر الرؤى الجماعية مهمة للغاية بالنسبة إلى السمات الأساسية في الإنترنت مثلما هو الحال الآن. يوجِّه نوع من التصويت — مثلما يبدو ذلك جليًّا من خلال الروابط — محركات البحث. ومثلما ذكرتُ، يعتمد موقع تكنوراتي على القاعدة نفسها في تقييم المدونات. تستعين مواقع مهمة، مثل موقع سلاش دوت، بعمليات التقييم أو تصويت المحررين لتحديد أي التعليقات يتم تصعيدها إلى أعلى.
تشبه هذه الإجراءات جميعها الديمقراطية، لكنها ليست كذلك. تتمثل الديمقراطية في ممارسة الأشخاص عملية اختيار القواعد التي ستحكم مكانًا ما. باستثناء موسوعة ويكيبيديا، و«قصة في الصحراء»، لا توجد سوى مؤسسات كبيرة على الإنترنت أو في الفضاء الإلكتروني يتم إدارتها من خلال حكم الشعب.
ماذا يفسِّر إذن هذه الفجوة في الديمقراطية؟ وهل لنا أن نتوقع تغيُّر ذلك؟
يتخذ تاريخنا للحكم الذاتي شكلًا خاصًّا ذا سمتين متلازمتين. قبل تأسيس الجمهورية، كانت الحياة في البلاد قائمة على التوزيع الجغرافي؛ حيث كان تعريف الأمة بأنها مجتمع يعيش في رقعة مكانية محددة في ظل ولاء إلى جهة سيادية واحدة. مثلما سنتناول الأمر بمزيد من التفصيل في الفصل التالي، تمثَّلت الثورة المفاهيمية للجمهورية الأمريكية في إمكانية وجود جهتين سياديتين، بصورة أكثر تحديدًا، يستطيع الشعب (من حيث إنه صاحب السيادة النهائية) منح سلطته السيادية إلى جهتين مفوضتين مختلفتين. تمثَّلت الجهة الأولى في حكومات الولايات، والثانية في الحكومة الفيدرالية. يصبح الأفراد الذين يعيشون إذن في موقع جغرافي محددٍ مواطنين لكلا الحكومتين. كانت هذه الفكرة التي قامت عليها وثيقة التأسيس، وهي الفكرة التي أوضحها أكثر التعديل الرابع عشر من خلال النص الآتي: «جميع الأشخاص الذين وُلِدوا في الولايات المتحدة أو تجنَّسوا بجنسيتها، والذين يخضعون إلى ولاية حكومة الولايات المتحدة؛ مواطنون في الولايات المتحدة وفي الولايات التي يعيشون فيها.»
تعتبر الصلة عند هذا المستوى بين الحق والجغرافية منطقية، لكن مع ازدياد الحراك، صارت هذه الصلة التي كانت يومًا بديهية أقل وضوحًا أكثر فأكثر. أعيش في سان فرانسيسكو، لكنني أعمل في بالو ألتو. تمنحني القواعد حقوق المشاركة كاملة في سان فرانسيسكو، لكنني لا أحصل على أي من هذه الحقوق في بالو ألتو. لماذا يبدو هذا منطقيًّا؟
يزداد حجم هذه التعقيدات عند أخذ الرابط بين الجغرافيا والفضاء الإلكتروني في الاعتبار؛ فحتى لو كان لدي الحق في التصويت في المجتمع الذي أعمل فيه، فهل أمتلك الحق في التصويت في المجتمع الذي أمارس اللعب فيه؟ لماذا يحتاج مواطنو الفضاء الواقعي إلى السيطرة على الفضاءات الإلكترونية أو معمارياتها؟ ربما تقضي معظم حياتك في مركز تجاري، وربما ترغب في زيارة عالم ديزني في نهاية كل أسبوع، لكن سيكون من الغريب الادعاء بناء على ذلك بأنك تمتلك الحق في تنظيم عالم ديزني. لماذا لا يعامل الفضاء الإلكتروني كمركز تجاري أو حديقة عامة، وليس كالحي الذي تعيش فيه ويحق لك التصويت فيه؟
تعتبر علاقتك بالمركز التجاري أو بعالم ديزني بمنزلة علاقة المستهلك بالتاجر؛ فإذا لم تعجبك شطيرة اللحم والصوص المخصوص مع الخس والجبن والمخللات والبصل، والمصنوعة من خبز كيزر عليه سمسم؛ تستطيع الذهاب إلى برجر كنج. لا يسمح لك ماكدونالدز بأن تصوِّت على طريقة عمل الهمبرجر. وإذا لم يعجبك المركز التجاري المحلي، تقصد مركزًا آخر. تتمثل السلطة التي يمتلكها المستهلك إزاء هذه المؤسسات في قدرته على الوجود. تسعى هذه المؤسسات إلى جذب انتباه المستهلكين، وتتنافس على جعلك عميلًا معتادًا لديها، وتسعى إلى كسب ولائك لها. إذا تنافست هذه المؤسسات جيدًا، يرتاد المستهلكون هذه المؤسسات كثيرًا، وإذا لم تفعل ذلك ينصرف المستهلكون إلى غيرها. تعتبر هذه المنافسة أساسية في تنظيم هذه المؤسسات. تجعل المنافسة هذه المؤسسات، التي تتسابق في جعلك عميلًا معتادًا لديها، تعمل جيدًا.
يعتبر جزء التاجر-الجهة السيادية جزءًا مهمًّا من حياتنا؛ حيث نقضي معظم وقتنا في هذا الفضاء، فضلًا عن رضى معظم المستخدمين عن هذا الجزء من حياتهم أكثر من رضاهم عن هذا الجزء الذي عليهم فيه أن يدلوا بأصواتهم. بهذا المعنى، تعتبر جميع هذه الأماكن بمنزلة جهات سيادية، وهي جميعًا تفرض قواعد علينا. في المقابل، يتمثل عنصر الحماية الذي نملكه داخل علاقة التاجر-الجهة السيادية في قدرتنا على الانتقال بتعاملاتنا إلى مكان آخر.
لا يعتبر جزء التاجر-الجهة السيادية من حياتنا هو الجزء الوحيد. فهناك أيضًا جزء المواطن-الجهة السيادية من حياتنا. لا توجد دولة تقول لمواطنيها: «ليس لديكم الحق في التصويت هنا. إذا لم يعجبكم ذلك، فارحلوا.» يعتبر دورنا في العلاقة مع حكوماتنا مثل حامل الأسهم الذي يمتلك حق التصويت؛ فنحن نتمتع بالحق — إذا كانت الحكومة التي نتحدث عنها ديمقراطية حقًّا — في المشاركة في بناء هذه الحكومة.
لا ينطبق هذا الأمر على الحكومات فحسب. سيصبح الأمر في منتهى الغرابة ألا تمنح إحدى الجامعات أعضاء هيئة التدريس بها أي حق في التصويت على موضوعات من صميم أمور الجامعة (على الرغم أن الأمر يعتبر أيضًا في منتهى الغرابة أن تمنح مؤسسة موظفيها الحق في التصويت على موضوعات تتعلق بشئون التوظيف). سيعتبر النادي الاجتماعي الذي لا يمنح أعضاءه بعض السيطرة على أنشطته غريبًا، على الرغم من وجود مثل هذه الأندية، مثلما أن هناك حكومات غير ديمقراطية، بل حتى الكنيسة نفسها تسمح لأعضائها بتحديد طريقة إدارة الأعضاء بها. في هذه المؤسسات نكون أعضاء، لا عملاء، أو على الأقل لسنا فقط عملاء. تمنح هذه المؤسسات أعضاءها السيطرة على القواعد التي تحكمهم. بهذا المعنى، تعتبر هذه المؤسسات مؤسسات من نمط المواطن-الجهة السيادية.
في إطار وصف الفضاء الإلكتروني، إذن، لا يسود (أو ينتشر) في الفضاء الإلكتروني نمط المواطن-الجهة السيادية بعدُ. تعتبر الجهات السيادية التي نراها حتى الآن في الفضاء الإلكتروني جهات تمثل نمط التاجر-الجهات السيادية، وهو الأمر الذي ينطبق أكثر على الإنترنت. فبقدر ما تعتبر المواقع الإلكترونية جهات سيادية، فهي تمثل أيضًا نمط التاجر-الجهات السيادية، وتتساوى علاقتنا مع هذه المواقع مع علاقتنا بماكدونالدز.
نظرًا لأن عملية الانتقال مكلفة في العالم الواقعي، تستطيع الجهات السيادية، على الأقل على المدى القصير، تحقيق مغانم كثيرة. أما في الفضاء الإلكتروني، فلا يعتبر الانتقال على نفس القدر من الصعوبة؛ فإذا لم تعجبك مجموعة قواعد عالم ألعاب فيديو إم إم أو جي، يمكنك تغيير اللعبة. إذا لم تعجبك كمية الإعلانات على أحد مواقع الإنترنت، تستطيع في لمح البصر تغيير الصفحة الرئيسة لمتصفحك. تتمثل الحياة في الفضاء الإلكتروني في الانضمام إلى هذا العالم دون الحاجة إلى مغادرة المنزل. إذا لم تعاملك المجموعة التي انضممت إليها بالطريقة التي ترغب بها؛ تستطيع الرحيل. ونظرًا لأن ضغوط عملية المنافسة أكثر في الفضاء الإلكتروني، يجب أن تتصرف الحكومات والجهات الأخرى المسئولة عن وضع ونشر القواعد بالطريقة نفسها التي تتصرف بها الشركات في سوق تنافسي.
هذا تصوُّر مهم وشائق للحوكمة؛ مهم لأنه يصف الحوكمة في الفضاء الإلكتروني، وشائق لأنه يُظهر غرض وأوجه قصور نمط المواطن-الجهة السيادية في الفضاء الواقعي. ينادي هذا التصور بعالم يتألف من متطوعين، عالم لا تُفرَض فيه القواعد بل يتم اختيارها، عالم يقلل من جوانب عدم الرضاء عن سلطة أي حكومة، عن طريق تحويل الحكومات إلى منافسين للمواطنين، هو عالم مثل حكومة ماكدونالدز أو كوكاكولا، حكومة تسعى إلى إدخال السرور على مواطنيها، وتخشى من التمرد.
هناك أسباب للتشكك في هذه الرؤية: أولًا، خذ عندك الادعاء أن تكاليف الخروج من السوق أقل في الفضاء الإلكتروني منها في الفضاء الواقعي. عندما تنتقل إلى شركة تقديم خدمات إنترنت أو موقع آخر، تصادفك لا شك مجموعة مختلفة من «القواعد»، وهي قواعد لا شك تتنافس لاسترعاء انتباهك. يشبه هذا التوقف عن تناول الوجبات في مطعم والذهاب إلى آخر، أو زيارة أحد مراكز التسوق بدلًا من آخر. هناك مجموعة قواعد متنافسة، وهي جزء من عوامل عديدة تؤخذ في الاعتبار عند اختيار شركة تقديم خدمات إنترنت. بقدر ما يتيسر الانتقال بين مجموعات القواعد هذه، تعتبر عملية الانتقال هذه نفسها بمنزلة منافسة بين مجموعات القواعد هذه. تحاول بعض شركات تقديم خدمات الإنترنت بطبيعة الحال جعل عملية الانتقال هذه صعبة. إذا كنت عميلًا لدى شركة أمريكا أون لاين لمدة عشر سنوات، ثم قررت ترْكها، فلا تجعل شركة أمريكا أون لاين هذا الانتقال سهلًا عن طريق توفير طريقة سهلة لنقل رسائلك إلى حسابك الجديد في الشركة الجديدة، لكن مع إدراك المستخدمين وجود هذا القيد على التحكم في رسائلهم الذي تفرضه أمريكا أون لاين، سيختارون شركة تقديم خدمات إنترنت أخرى من البداية. إذا كانت المنافسة حقيقية، فستتنافس مجموعة القواعد فيما بينها.
في المقابل، تختلف المجتمعات عن هذا. خذ مثلًا بالتنافس بين عوالم ألعاب إم إم أو جي. في البداية تنضم إلى أحد هذه العوالم، وتقضي شهورًا في بناء شخصية في هذا المجتمع. تقوم أيضًا بجمع الأصول؛ كالمباني التي قمت بإنشائها، أو الأسلحة التي قمت باقتنائها. يعتبر كلا الموردين نوعًا من رأس المال. تمثل مجموعة العلاقات التي قمت بإنشائها رأس مال اجتماعي، فيما تمثل جميع الأشياء التي تمتلكها رأس المال المادي.
إذا صرت لاحقًا غير راضٍ عن الحياة التي اخترتها في أحد عوالم ألعاب إم إم أو جي، تستطيع أن ترحل، لكن الرحيل في هذه الحالة مكلف؛ إذ لا تستطيع نقل رأس المال الاجتماعي الذي قمت بتكوينه، واعتمادًا على نوعية اللعبة، ربما لا تستطيع نقل رأس المال المادي أيضًا. مثلما هو الحال في تغيير برامجك للسفر المستمر، يعتبر الانضمام إلى مجتمع إم إم أو جي جديدٍ هدرًا للموارد. تُضعف هذه الحقيقة من المنافسة بين مجموعات القواعد في هذه العوالم.
لا أريد أن أولي هذه النقطة أهمية أكثر مما يجب؛ فمع نضج أسواق بيع الأصول داخل عوالم إم إم أو جي، ومع ثبات قواعد طبيعة الألعاب فيها، يرى البعض أن عملية الانتقال من لعبة إلى أخرى صارت أكثر سهولة. في العالم الواقعي، لا تستطيع أيضًا نقل رأس المال الاجتماعي من مجتمع إلى آخر. لا يمكن الاستغناء عن أصدقائك حتى لو كونت صداقات جديدة في موطنك الجديد. في المقابل، يمكن نقل الأصول المادية في العالم الواقعي. أستطيع أن أبيع ما لا أريد وأنقل ما أريد دائمًا. أما في عالم إم إم أو جي، فلا يمكن تحقيق ذلك دومًا.
يعني هذا أن صورة مجموعة القواعد المتنافسة في الفضاء الإلكتروني أكثر تعقيدًا مما يرى بوست، وهو ما يجعل الضغط في العملية التنافسية أكبر بالتالي، وهذا قد يُحفِّز الرغبة في الفضاء الإلكتروني للانتقال في اتجاه نمط المواطن-الجهة السيادية، ومع ذلك لا يوجد ما يدلل على مثل هذا الانتقال حتى الآن.
هناك داعٍ آخر أكثر أهمية للشك. فحتى لو استطعنا إنشاء فضاء إلكتروني على غرار السوق — بحيث نستطيع اختيار الفضاءات المختلفة داخل الفضاء الإلكتروني بصورة مشابهة لقدرتنا على اختيار معجون الأسنان في الفضاء الواقعي — فهناك أسباب قوية تدفعنا لعدم فعل ذلك. فمع انتقال الحياة إلى الإنترنت، ومع تفاعل مواطنين أكثر فأكثر من ولايات س، وص، وع في الفضاءات أ، وب، وج، ربما ستحتاج هذه الفضاءات الإلكترونية إلى الالتزام بالمسئولية وإيلاء الانتباه ذاتهما اللذين يوجدان (بصورة مثالية) في مجتمع ديمقراطي. بعبارة أخرى، إذا كان مجتمع الفضاء الإلكتروني يرغب في أن يعتبر الجهة السيادية الشرعية لنفسه، ومن ثم يستحق بعض الاستقلال والاحترام، فيجب أن يتحول الفضاء الإلكتروني إلى نمط المواطن-الجهة السيادية بصورة أكثر وضوحًا.
تتحقق هذه الآلية ذاتها في الفضاء الواقعي؛ فهناك مؤسسات كثيرة لا تعتبر «جهات سيادية» بمعنى أنها تتحكم في الطريقة التي يحيا بها الناس، لكنها «جهات سيادية» بمعنى أنها تتحكم في طريقة سلوك الأفراد داخلها. تعتبر الجامعات والنوادي الاجتماعية والكنائس والشركات أمثلة واضحة للمؤسسات التي تكتسب نوعًا من الاستقلالية عن الحكومة العادية. قد يكون هذا الاستقلال كبيرًا أو ضئيلًا. وأرى أن الاستقلال يزداد كلما تعكس المؤسسة المعنية قيم نمط المواطن-الجهة السيادية.
يتم التعبير عن هذا النوع من السيادة في القانون من خلال مبادئ الحصانة. تمتلك الشركات مجموعة محددة من الحصانات، لكن هذه الحصانات تعتمد على توافُر شكل مؤسسي محدد. تمتلك الكنائس حصانة معينة، لكنها حصانة تتعرض للطعن فيها بصورة متزايدة مع انتقال عملية إدارتها خارجها بصورة متزايدة.
ستكتسب المجتمعات في الفضاء الإلكتروني حصانة مشابهة بصورة أسرع إذا أظهرت قيم نمط المواطن-الجهة السيادية أكثر من قيم التاجر-الجهة السيادية؛ فكلما صارت المجتمعات أكثر مسئولية، لجأت الحكومات في الفضاء الواقعي إلى التنظيم من خلال أعرافها عبر مبادئ مثل الحصانة.
رأينا شيئًا شبيهًا بهذا التطور في تاريخنا؛ ففي وقت من الأوقات كانت الولايات المتحدة متحدة اسمًا، وقت كان الواقع السياسي السائد هو الواقع المحلي في كل ولاية، وكانت هناك اختلافات حقيقية في الثقافة والقيم بين نيويورك وفيرجينيا. على الرغم من هذه الاختلافات، في عام ١٧٨٩، توحدت هذه الولايات لتأسيس حكومة وطنية هشة نسبيًّا. كانت هذه الحكومة محدودة الحجم والتأثير، ووضعت لها مجموعة من الأهداف المحددة تحديدًا صارمًا لا تتجاوزها.
كان معارضو دعوة الكونجرس هذه لتطهير أمتنا من العبودية ينتمون إلى صنفين. ساند أحد هذين الصنفين مؤسسة العبودية، واعتقدوا في أهميتها القصوى للحياة في الولايات الجنوبية. لا أهتم بهؤلاء هنا، بل أهتمُّ بصنفٍ ثانٍ؛ أولئك الذين — في نزاهة وتجرُّد تامَّينِ — رأوا أن مسألة العبودية محلية، وليست مسألة قومية، وأن واضعي الدستور نظروا إليها على أنها لم تكن مسألةً ترقى إلى المستوى القومي، وأن الحكومة الوطنية يجب ألا تتدخل فيها.
تأتَّى هذا التغيير لا من خلال قرار سياسي، بل كنتيجة لواقع اقتصادي واجتماعي متغير. زاد شعورنا بأننا أعضاء في مجتمع قومي حتى صار من المستحيل عند مرحلة معينة إنكار مواطنتنا القومية. أدى نشوب حرب إلى حدوث هذا الإدراك. سجَّل التعديل الرابع عشر هذه الحقيقة في الدستور. جعل الحوار الاقتصادي والاجتماعي هذه المسألة حقيقية تمامًا. ومع ترسُّخ جذور هذا التغيير، صارت ادعاءات من قبيل أن العبودية مسألة محلية لا محل لها.
تحدث العملية نفسها لنا الآن، دوليًّا، ويلعب الفضاء الإلكتروني دورًا مهمًّا في ذلك. كان الاتصال ينمو في بطء بطبيعة الحال منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن إيقاع هذا النمو ازداد بصورة هائلة. صار المواطنون العاديون أكثر اتصالًا بالآخرين على المستوى الدولي، كما صاروا يقومون بتنفيذ معاملات دولية لم يكونوا قادرين عليها من قبلُ. صار وجود مجتمع يتجاوز أي ولاية منفردة حقيقة لا سبيل إلى إنكارها.
مع تطوُّر هذا المجتمع الدولي في الفضاء الإلكتروني، سيجد مواطنوه مزيدًا من الصعوبة في الوقوف على الحياد في هذا الفضاء الدولي. ومثلما كان المواطن صاحب المبدأ سيقول في عام ١٧٩١ إن العبودية في ولاية فيرجينيا مسألة لا تهم أي مواطن في ولاية مين، ربما كانت السيطرة على التعبير في سنغافورة في عام ١٩٩١ مسألة لا تهم أي مواطن في الولايات المتحدة. في المقابل، مثلما صار الادعاء بأن العبودية مسألة محلية غير مقبولة بمرور الوقت عبر سنوات القرن التاسع عشر، سيصير الادعاء بعدم أهمية حرية التعبير على شبكة الإنترنت مسألة غير مقبولة في القرن الحادي والعشرين. يعتبر الفضاء الإلكتروني مجتمعًا دوليًّا، وهناك مسائل دستورية في الفضاء الإلكتروني يجب البحث عن حلول لها. لا نستطيع أن ننتحي جانبًا عن هذا الفضاء الدولي ونقول إن هذه الأسئلة قضايا محلية.
على الأقل لا نستطيع القول بأننا غزوْنا هذا الفضاء الدولي عن طريق الإنترنت في عام ١٩٩٥. لقد قدَّمْنا إلى العالم معمارًا يسَّر بصورة مذهلة حرية التعبير، وحافظ على الخصوصية، معمارًا ضمِن إجراء الاتصالات من خلال بروتوكولات تسمح بتعمية المحتوى، معمارًا شجَّع إجراء الاتصالات الحرة من خلال بروتوكولات لا تسمح بالرقابة. كان ذلك هو معمار التعبير الذي منحه الإنترنت للعالم، ما منحناه نحن للعالم.
والآن نحن بصدد تغيير هذا المعمار؛ فنحن نقوم بإجراء المعاملات التجارية بصورة لم نعهدها من قبل، وننظر في مسألة تنظيم عملية تعمية المحتوى، ونقوم بتيسير السيطرة على الهوية والمحتوى، ونقوم بإعادة وضع قيم الشبكة. يظل السؤال هو: هل نستطيع الالتزام بالحيادية في عملية إعادة بناء هذا المعمار؟
أرى أننا لن نستطيع الالتزام بالحيادية، ولا ينبغي علينا ذلك؛ فلن يعود بوسعنا الآن الوقوف على الحياد فيما يتعلق بما إذا كانت الشبكة ستفتح الباب أمام وجود سيطرة مركزية على التعبير مثلما لم يقف الأمريكيون على الحياد فيما يتعلق بمسألة العبودية في عام ١٨٦١. يجب أن نفهم أننا جزء من معركة سياسية على مستوى العالم، وأننا نمتلك آراء بشأن أي الحقوق يجب أن يتم ضمانها لجميع البشر — بقطع النظر عن جنسيتهم — وأننا يجب أن نكون مستعدين للدفع بهذه الآراء في هذا الفضاء السياسي الجديد الذي فتحت الشبكة آفاقه.
لا أنادي هنا بضرورة وجود حكومة عالمية. يركز الفصل التالي على استحالة تحقيق هذه الفكرة. بدلًا من ذلك، يركِّز طرحي على ضرورة تحمل مسئولية السياسة التي نبنيها داخل هذا المعمار؛ حيث إن هذا المعمار هو الجهة السيادية التي تحكم المجتمع الذي يعيش في هذا الفضاء، ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار سياسة معماريات الحياة هناك.
قلت إننا يجب أن ننظر إلى كود الفضاء الإلكتروني بوصفه أداة لتنظيم ذاته، وأن هذا الكود قد يتنافس أحيانًا مع القانون كأداة تنظيمية. على سبيل المثال، رأينا كيف أن قانون حقوق التأليف والنشر قد يكون غير متوافق مع الإطار التنظيمي للأنظمة محل الثقة. يتمثل طرحي في أننا يجب أن نفهم هذه الأدوات التنظيمية كأداتين تنافس إحداهما الأخرى، ونحن نحتاج إلى طريقة للاختيار بينهما، نحتاج إلى طريقة لنقرر أيٌّ من الأداتين يجب أن تسود.
مع تطوُّر نظام التنظيم من خلال الكود، سيتضمن هذا النظام الأعراف الخاصة به، وهي الأعراف التي سيتم التعبير عنها من خلال أبنيته أو القواعد التي يفرضها. إذا كانت توقعات القانون والاقتصاد صحيحة، فستصبح هذه الأعراف لا شك فعَّالة، وقد تكون عادلة أيضًا، لكن بقدر ما أن العدالة لا تحذو حذو الفعالية، ستصير هذه الأعراف فعَّالة لكنها غير عادلة. سيصير السؤال هو: كيف نستطيع سد هذه الفجوة؟
هناك نمط متكرر في هذه المنافسة بين الكود والقانون. يعتبر القانون — على الأقل من حيث إنه ينظِّم العلاقات الدولية — نتاج عمليات تفاوض مطوَّلة. يجب أن تتفق الدول المختلفة على كيفية قيام القانون بعملية التنظيم، وعلى أي الأعراف ستنتقيها هذه الدول في إطار عملية تحديد الأعراف الاجتماعية للأطراف المعنية. وحين يتصل التفاوض بصورة خاصة بالفضاء الإلكتروني، يعتبر الاتفاق بينها في غاية الأهمية. سيتطلب إنجاز هذا الاتفاق توصُّل أمم العالم إلى تفاهم مشترك بشأن هذا الفضاء، ووضع استراتيجية مشتركة للتعامل مع تنظيمه.