نبذة تاريخية في الحِرَف الدمشقية
اشتُهِرَتْ «دمشق» مُنذُ بِدايةِ التَّارِيخِ بصِناعاتِها وحِرَفِها الَّتي امْتازَتْ بالجَوْدةِ والإِتْقان، والَّتي تَنوَّعَتْ مَا بَينَ: الصِّناعاتِ الفَخَّاريَّة، والزُّجاجيَّة، والجِلْديَّة، والنَّسِيجيَّة، وصِناعةِ السُّيوفِ كَذلِك، وغَيرِها. أمَّا الصانِعُ الدمشقِيُّ فقَدْ تَميَّزَ بالمَهارةِ والِابْتِكارِ والخِبْرةِ المِهنيَّةِ والذَّوْقِ الفَنِّيِّ العالِي. والكِتابُ الَّذي بَينَ أَيْدِينا لَمْ يَتطرَّقْ مُؤلِّفُه «إلياس عبده قدسي» للحَدِيثِ عَنْ أَنْواعِ الحِرَفِ فِي دمشق؛ لأنَّها — وَفْقًا لرُؤْيتِه — كانَتْ تُعانِي تَدَهْورًا وتَأخُّرًا إذَا مَا قُورِنَتْ بالحِرَفِ أوِ الصِّناعاتِ الأُوروبيَّةِ فِي أَواخِرِ حُكْمِ الدَّوْلةِ العُثْمانيَّة، بَينَما أرادَ المُؤلِّفُ أنْ يَتعرَّفَ سَرِيعًا عَلى أَحْوالِ الحِرَفِ الدمشقيَّةِ مِن حَيثُ التَّنظِيمُ والإِدَارة، وكَيفِيَّةُ انْتِقالِ الصانِعِ مِن دَرجةٍ إِلى أُخْرى حتَّى يَصِلَ إِلى مَرْتبةِ شَيْخِ المَشايِخ، وذلِكَ عَلى حَسبِ اجْتِهادِه، ومَدَى إِتْقانِه للحِرْفةِ الَّتي يُزاوِلُها.