الفصل الثاني
لما كان لا يليق بمقام شيخ المشايخ، بل لو أراد، لم يكن بوسعه أنْ يكون حاضرًا في الاجتماعات العموميَّة التي تضطَّر كل حرفة لعقدها لشدِّ صانع أو معلم، أو للمذاكرة في شئونها، فلشيخ المشايخ أنْ يبعث من قِبَله رُسُلًا يُدعون النقباء، يحضرون الاجتماعات، ويتلون الأدعية ويُجرون كلَّ شيء كما لو كان شيخ المشايخ حاضرًا بنفسه. وكان النقباء فيما مضى أكثر من واحد حين كانت إدارة الحِرَف محصورة في يد الشيخ الأعظم. أمَّا الآن فقد قلَّت أَهميَّته جدًّا فلا يوجد له إلَّا نقيب واحد، وهو السيد الشيخ أنيس الجزايري القماقمي، وهو من الأشراف ومن السلالة النبويَّة، إنما لا تستلزم هذه الوظيفة أنْ يكون صاحبها شريفًا، ولا هي موروثة في عايلته، بل للشيخ الحق أنْ يقيم من شاءه نقيبًا وأنْ يعزله بحسب إرادته، فالنقيب الحالي نُصِّب منذ إحدى عشرة سنة، وهو عالم بكل أحوال الحِرَف والتراتيب أكثر من الشيخ نفسه.