الفصل الخامس
إنني بعد أنْ سردت بعبارات وجيزة ما كان من أمر المترئسين في إدارة الحِرَف، بقي عليَّ أنْ أذكر ما علمته بحقِّ المرءوسين أو الفَعَلة، وهذا هو القسم الأكثر فكاهة في هذه الرسالة، لكنني سأجري به بعكس ما جريت عليه أولًا؛ أي إنِّي سآتي على ذكر المبتدئ والصانع والمعلِّم وما يتعلَّق بهم؛ لنرى كيف يرتقي المجتهد في سُلَّم التقدُّم في حِرفَته. أمَّا بخصوص المبتدئ فليس عندي أنْ أذكر إلَّا شيئًا يسيرًا وهو أنَّ المبتدئ أو الأجير؛ هو الولد الحديث السنِّ الداخل مجرَّدًا إلى الحرفة إمَّا لكي يحترف بحرفة أو ليمتلك بيده ما يصون مستقبله من العوز والفاقة.
- (١) مثل: «كار باليد أمان من الفَقْر»، والعامة تقول هكذا: «كارٍ باليد أمانًا من الفُقْرْ». Kârin bel-yèdd amânan min al-foqr.٢
ومعناه أنَّ الإنسان إذا كان يعرف صنعةً ما أَمِن بواسطتها من أنْ يمسي يومًا فقيرًا؛ ولهذا كثير من أهالي بلادنا من ذوي الاقتدار يعلِّمون أولادهم أحد الكارات بعد معرفة القراءة والكتابة.
- (٢) مثل: «صاحب صنعة مالك قلعة» Sâḫeb șàn‘a mâlek qàl‘a.
ولا يختلف كثيرًا معناه عن المثل السابق.
- (٣) مثل: «إلي ما له كارات بيعاير رطيلات» Elli mà lo kâràt bi‘ayer erṭêlât.
يعني أنَّ الذي ما ساعدته الظروف بأنَّ يتعلَّم إحدى الصنائع يقضي عمره، وهو يعتني بتقدير الأوزان بدون أنْ يجديه ذلك نفعًا.
- (٤) مثل: «اشتغل بفلس وحاسب البطَّال» Ìśterel befels oḫàseb el-baṭṭàl.٣
أي إنَّ الشغل ولو بأجرة زهيدة يفضل على البطالة.
- (٥) مثل: «من كترت كاراته قَلَّ ما بيده» Men kètret kâràto qall mâ biyèddo.
إنَّ هذا المثل ليس يدلُّ على الحثِّ بأن يتخذ الإنسان كارًا فقط بل يوجب عليه أيضًا أن لا يتنقل من كار إلى آخر؛ لأنَّ ذلك يكون سببًا لضياع وقته سدًى.
- (٦) من الأقوال الدارجة: «خدمتها أجير معلِّم» ḫadàmthâ iģîr m‘àllem.
لا يأنف أنْ يقول ذلك بعضهم بافتخار، مشيرًا أنَّه قد تعلَّم كارًا من الكارات، ومرَّ بدرجاته من الأجير إلى المعلِّم.
وسمعت يومًا أحد الحزامة يقول:
- (٧) من أقوال العامة: «انصفوني يا مسلمين علمت ابني كار الحزامة وجوَّزته وشدَّيته، فما له برقبتي بعد هل قصَّرت معه بشيء» Insfùnî ya muslimìn, ‘allàmt ibni kar el-ḥĕzâme uģauwàzto uśaddèto famâ lo bràqbti ba‘d, hall٤ qașșàrt mao bśì?
كأنه بتزويج الولد وتعليمه الكار وشدِّه تنتهي واجبات والده نحوه.