السرد
جينز بروكميير وروم هاريه
(١) مجال التصور في السرد
خضع التنظيم اللغوي في مختلف أنواع الخطاب لكثير من أشكال الفحص — متراوحة من تلك التي تركز على السمات الصوتية إلى تلك التي تحلل السمات التركيبية والسيمنطيقية والبرجماتية والمنطقية والجمالية للخطاب. استُخدِمتْ طرق كثيرة مختلفة لالتقاط وحدات اللغة: حُلِّلت معاني الكلمات، والتعبيرات والجمل وعمليات الكلام، والنصوص المكتوبة، والأشكال الحوارية للخطاب؛ وفُحِص منطق الأسماء، والمقترحات، والاستعارات، والشبكات المعجمية. ومع ذلك، لا تقوم أية وحدة من الوحدات المتضمنة في أيٍّ من هذه التحليلات بتعريف مستوى البنية الذي يمكن عنده رؤية أن قوى الإقناع في الخطاب مؤسسة بأسلوب مُرضٍ تمامًا. وينبغي، كما كشفت دراسات عديدة، أن يشير تفسير هذه القوى إلى السمات التحليلية لخطابات الإقناع. ونتوقع أن يكون السرد النموذج الأقوى للإقناع.
(٢) أنواع السرد
(٣) الفئات العامة للسرد والخطاب
عند هذه النقطة، ينبغي علينا تحديد مفهومين رئيسيين يردان في هذا التعليق: السرد والخطاب. يتواصل البشر بعدَّة وسائل، بما فيها التواصل اللفظي. يحدث التواصل اللفظي عادةً بالتزامن مع أنشطة مادية ورمزية أخرى أو مستقلًّا عنها، وبهذا المعنى نسمي الإنتاج اللغوي (نتيجة وعملية على حدٍّ سواء) خطابًا. التحدث، الكتابة، الاستماع … إلخ، دائمًا، كما يخبرنا فيتجنشتاين (١٩٥٣م)، سمات للعبة اللغة يتعذَّر فصلها، ممارسات ملموسة تنطلق مع استخدام الكلمات.
(٤) تصنيف الأشكال الاستطرادية
(٥) الرواية التعليمية
من المهم رؤية كيفية تحول الرواية التعليمية إلى جنس أدبي مهمٍّ في سرديات حماية البيئة. تقوم، مثلًا، بوضع الخطوط العريضة للسيناريوهات البيئية الممكنة للتطور الذي يتوقَّع أن يمر به البطل (البشر، الثقافة الغربية، الحضارة، التقدم التكنولوجي، أطفال العالم الثالث … إلخ). في بحثنا في خطاب الخضر حللناه أيضًا بوصفه نوعًا فرعيًّا من الأنواع السردية الاستطرادية من قبيل الكتابة العلمية، التي يبدو للنظرة الأولى أنها تصف وتمثل أشكالًا متنوعة من التفكير الوصفي المنطقي. لكن الدراسة الدقيقة لمزيد من الكتابة العلمية عن قضايا البيئة تكشف عن بنى سردية أكثر شبهًا ببُنى الرواية التعليمية من عرض منطقي للتفكير الاستدلالي الافتراضي.
توجد نماذج أخرى من الكتابة العلمية والحديث العلمي في المستوى نفسه من عمومية الجنس الأدبي كما يمكن أن يقدم السرد قائمة، معبرة عن استدلال صالح منهجيًّا، وواصفة تصميمًا تجريبيًّا. وتحت «قائمة» لمفهوم عالي المستوى قد نضع قوائم لأنواع مرتبة حسب حجم البنود المتضمنة، أو حسب وضعها على أرفف السوبر ماركت، أو (وهو الأكثر أهمية بالنسبة لأغراض دراستنا للخطاب البيئي) قوائم لأنواع مصنفة حسب مستوى خطورتها. مثل هذه القائمة قد لا تكون فقط جزءًا من بنية سردية أكبر لكنها تتضمن أيضًا السرد نفسه أو تستدعيه، كما هو الحال في قصة درامية عن تدهور البيئة نتيجة لأنشطة البشر.
(٦) صعوبات التعريف
رغم ما يبدو تصنيفًا جيدًا فقد أوضحنا حتى الآن أن هناك على الأقل خمسة أسباب وراء عدم سهولة وضع حدود دقيقة لمعنى السرد. الأول، أشكال السرد وأساليبه، كما رأينا، متنوعة جدًّا وكثيرة الألوان. إن فينومينولجيته الثقافية متنوعة ومفتوحة بشكل مذهل. الثاني، هناك عناصر أو بنى للسرد في معظم الأنواع الأخرى للخطاب، من قبيل النصوص العلمية أو القانونية أو التاريخية أو الدينية أو السياسية.
(٧) الأشكال الهجين
(٨) صوت المؤلف
(٩) شيوع الخطوط القصصية بوصفها مبادئ منظمة للخطاب
ثمة سبب رابع لصعوبة تقديم تعريف واضح للسرد غالبًا. لكنه يشير إلى سمة أخرى لشيوعه. ونحن نكبر في مخزون حكي القصص في لغتنا وثقافتنا منذ الطفولة المبكرة ونستخدمه بالطريقة المألوفة والتلقائية التي نستخدم بها اللغة عمومًا، صار «شفافًا». ومثل كل أنواع الخطاب العادي يوجد عمومًا في كل ما نقول ونفعل ونفكر ونتخيل. حتى أحلامنا، إلى حدٍّ بعيد، منظمة في هيئة سرديات. وبالتالي، يمكن بسهولة رؤية وجوده المسلَّم به وجودًا طبيعيًّا، نموذجًا طبيعيًّا ومحدَّدًا للتفكير والفعل.
(١٠) المغالطات المستمرة في تحليل السرد
السرد وهمًا ميتالغويًّا: المغالطة الوجودية
يبدو لنا أن هناك فهمًا للخطاب السردي يتضمن الخطر نفسه، وهو تحديدًا المضي في عملية مماثلة من عمليات التحول، التغير من فئة ميتالغوية إلى ما يبدو كينونة حقيقية. وبهذه الطريقة، ربما يتجسد شكل نوع السرد أو جنسه أو خطابه — وهو تحديدًا ليس سوى فئة ميتالغوية — ويتحول إلى فئة أنطولوجية.
لأغراض معينة نعزل سردية بالتقاط حبكة ووضعها في إطار التأليف الخاص للقصة، حبكتها. لكن تحديد الحبكة وتأليف القصة بوصفهما دالين ربما يكون ببساطة انعكاسات لكلٍّ منهما على الآخر. قد يتحطَّم الامتداد نفسه للخطاب بطرق أخرى كثيرة، وقد لا يكون للقصة موضع في بعضها. لنعتقد أنه توجد حقًّا قصة «في الخارج هناك»، تنتظر أن تُكتشَف، سابقة على عملية السرد وغائبة عن إعادة بنائه تحليليًّا، نستدعي المغالطة الأنطولوجية.
السرد باعتباره وصفًا: مغالطة التمثيل
ثمة خطأ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمغالطة أنطولوجية تتمثل في افتراض أن هناك واقعًا إنسانيًّا واحدًا، وواحدًا فقط، ينبغي لكل السرديات في النهاية أن تتطابق معه. ربما ينبثق هذا الاعتقاد من رسم توازٍ قريب جدًّا بين معرفة العالم المادي ومعرفة العالم الاجتماعي. إن الأخير متعدد ومذبذب، وتلتقط كل نسخة منه سمة لعالم فيزيائي واحد فقط. وطبقًا لرأي واسع الانتشار، وخاصة في علم النفس التقليدي، وأيضًا في علم الاجتماع، ونظرية الأدب، وعلوم إنسانية أخرى، هناك شيء في الخارج في العالم يعتبر واقع البشر. وتمثل اللغة، ضمن أشياء أخرى، معرفتنا بهذا الواقع، ومن خلاله. ومن هذا المنظور، تأخذ التصورات اللغوية (ولتكن «الواقع» أو علمنا أو معرفتنا به) غالبًا شكل السرد، خاصة في الأمور الإنسانية المعقدة. ونسمي فرضية الواقع الإنساني الفريد والمستقل التي تُمثَّل (إلى حدٍّ ما) في وصف سردي «مغالطة التمثيل».
لكن ينبغي علينا أن نتذكَّر أنه يمكن أن يكون هناك عدة قصص مختلفة تُحكى عن أمور إنسانية معقدة من قبيل الحياة أو هُوية المرء، على سبيل المثال. وكما نوقش على نطاق واسع في أبحاث السيرة الذاتية، تتضمَّن الحياة بشكل طبيعي قصصًا حياتية تتغير على مدار الحياة. إن افتراض أن هذا التنوع في سرديات السيرة (الذاتية) يختلف في أن بعضها «حقيقي» وبعضها «ليس حقيقيًّا» (أو حقيقي بصورة أقل) مغالطةٌ. والفكرة المؤسسة لهذه المغالطة أن هناك تدرُّجًا في الحقيقة يتراوح من القصة الواحدة والحقيقية المبنية على حقائق موثقة إلى قصة مشوهة وزائفة، تتأسس غالبًا على أكاذيب وخداع ذاتي. وهكذا يعتبر الواقع معيارًا تحاكم طبقًا له حقيقة التمثيل السردي. ويبقى أنه إذا كانت هناك مثل هذه الحياة «الواقعية» التي عاشها شخص ما، كيف نعرف واقعه المعطَى من قبل؟ ينبغي ألا ننسى أن كل ذلك الذي يواجه حياة هو أيضًا جزء من تلك الحياة. أن تعيش يعني أن تمنح معنًى لحياتك. إن عملية بناء مثل هذا المعنى ربما تعتبر المركز الحقيقي لحياة الإنسان.
السردُ واقعًا استطراديًّا
أوصاف أم تعليمات؟
في حالات كثيرة يتبيَّن، بدراسة دقيقة لكيفية استخدام التعبيرات المناسبة، أن ما نسلِّم بأنه وصف لفئة من الكائنات من الأفضل معالجته بوصفه مجموعة من القواعد أو التعليمات لجلب ما يبدو أنه كيان مستقل إلى الوجود. على سبيل المثال، يمكن كتابة كتيِّب عن التنس كما لو أنه يصف ما يفعله لاعبو التنس بصرف النظر عن السرد، الضربات الفعلية للتنس وما شابه؛ لكن وظيفته في الشكل الذي يتخذه التنس في الحياة إعطاء تعليمات لشخص في اللعب الصحيح بهذه الطريقة ليجلب لاعبين (وما يمكن أن يكونوا لاعبين) إلى الوجود. ربما تعمل مفاهيم السرد والفئات السردية بالطريقة ذاتها.
إذا نظرنا إلى كيفية استخدام الكلمات سردي، وسرد، ويسرد (بالإضافة إلى قصة وأسطورة وحكاية … إلخ) فعليًّا وإذا درسنا الممارسات الفعلية للسرد، فسوف تبدو هذه المفاهيم وصفية بشكل أقل وإرشادية بشكل أكبر. في سياقنا، غالبًا ما يمثل السرد والمعجم السردي عمومًا إرشادًا أو توجيهًا مكثفًا لكيفية تقدم المرء في أغراض عملية متنوعة، من قبيل المقارنة والارتباط والتجميع والتضاد والتصنيف … إلخ. وتهدف هذه الأغراض إلى تنظيم الخبرات والأفكار والنوايا في نظام سردي.
كثيرًا ما يُستخدَم السرد، كما أكدنا، كأنه كلمة لنوع أنطولوجي. ينبغي في الحقيقة أن نتصوره تعبيرًا عن مجموعة تعليمات ومعايير لممارسة أشكال متنوعة من التواصل، وتنظيم خبراتنا وفهمها، ومعرفتها، وتقديم أعذار ومبررات … إلخ. ورغم أنه يبدو كيانًا لغويًّا ومعرفيًّا محددًا وصارمًا، إلا أنه ينبغي أن يعتبر مجموعة مكثفة من القواعد، تغلف المتماسك والمستساغ في ثقافة معينة.
السرد، إذَن، من هذا المنظور اسم لذخيرة خاصة من التعليمات والمعايير التي ينبغي عملها والتي لا ينبغي عملها في الحياة وكيفية اندماج حالة فردية في قانون عام وراسخ ثقافيًّا. وهكذا، لتصنيف سلسلة من أفعال الكلام بوصفها سردًا يعني أن ننسبها إلى مجال معين من الوظائف. «ماذا تصف السرديات؟» سؤال، و«ماذا يحقق حكي سرد؟» سؤال مختلف تمامًا. وهما سؤالان مرتبطان ويستحيل فصلهما، كما يمكن أن نرى، على سبيل المثال، في تحليلات السير الذاتية والسرديات الذاتية الأخرى. إن الدافع إلى حَكْي حياة امرئ هو بشكل بالغ الصعوبة إلحاح مزعج لتسجيل حقائق الحالة.
أعراف السرد وفعل الإنسان: مشكلة المغالطة
اقترحنا أنَّ أعراف السرد متأصلة في حَكْي القصص. ويمكن أن يكون البديل تخيل أنها قوالب سابقة الإعداد، ينبغي للقصص، لتُنظَّم بهذا الشكل في ثقافة، أن تتوافق معها. يمكن أن نتخيل علم نفس تتبع خطوط الصورة البديلة حيث يُعتقَد أن الحياة تشبه إلى حدٍّ ما سياقًا لكتابة خلَّاقة، فيها يراكم المرء ذخيرة من النماذج الأدبية قبل أن يغامر بتأليف الذات، على سبيل المثال، تطور الشخصية. لكن إعلان مهارة حكي القصص، بقدر ما نرى، لا تشبه ذلك إطلاقًا. لا يعطي الصغار تعليمات منفصلة عن كيفية حكي قصة. إنهم محاطون بالقصص منذ الطفولة المبكرة، ويبدو أنهم يتمتعون بشهية غير محدودة لها، ليس فقط للحكايات ذاتها لكن أيضًا لتكرارها بشكل لا نهائي.
باختصار، لا تختلف مشكلة الكفاءة في المقاربة السردية أكثر ممَّا تختلف في علم النفس الاجتماعي عمومًا. إن العلاقة بين حكي حياة وعيشها هي المشكلة نفسها بين الأعراف الثقافية والنظام الاجتماعي عمومًا.
(١١) بعض الفضائل الخاصة في المقاربة السردية للفهم الاجتماعي
البنى سريعة الزوال
لوضع خطوط عريضة لما يبدو لنا إحدى النقاط الرئيسية لدراسة السرد نود إلقاء الضوء على سمتين خاصتين لحكي القصة؛ الأولى: إن السرد بنية مفتوحة ومرنة بصورة خاصة تسمح لنا أن نفحص بدقة هذه السمات الجوهرية للخبرة البشرية، وتتجاهل العلوم الإنسانية انفتاحها ومرونتها بشكل تقليدي. وقد رأينا، في أعمالنا، أن خطاب البيئة، على سبيل المثال، لا يُخترَق بالبنى السردية فقط. ووجدنا أيضًا أن هذه البنى ومكوناتها وعناصرها من قبيل الجنس الأدبي، والحبكة، والقصة، والرأي، والصوت مجرد أشكال صارمة وثابتة. وتبدو في الحقيقة بنًى مفتوحة وقابلة للتكيف بصورة مذهلة، تغير تنظيمها وسماتها مع سياقها الاستطرادي ووظيفتها الاجتماعية والجمالية (خاصة في الأدب). وقد يوجد نموذج التطور السردي للرواية التعليمية، على سبيل المثال، في نصوص خطاب الخضر التي نشرتها المؤسسات البيئية والصناعية، والهيئات الحكومية، وعلماء الاجتماع أو الطبيعة.
وهذا سبب آخر لنرى أشكال السرد منغمسة بشكل كبير جدًّا فيما سماه فيتجنشتاين «النحو». إنها مجموعات سريعة الزوال من أشكال الحياة، يمكن فهمها بأفضل شكل في مفهوم البنية بوصفها أنماطًا مرنة للفعل والوضع. لا توجد أشكال السرد كألواح لتكون ملموسة، لكنها توجد مقيدة لتأخذ الأشكال التي تأخذها بمقتضيات المواقف التي تحدث فيها. بدلًا من اعتبار السرديات كيانات معرفية أو لغوية أو ميتالغوية أو أنطولوجية، نقترح اعتبارها طريقة عمل لممارسات استطرادية خاصة. وبتعبير آخَر، يطلق مصطلح السرد على أشكال متنوعة متأصلة في حصولنا على المعرفة، وبناء الفعل، وتنظيم الخبرة. ولدراسة السرد ينبغي علينا فحص هذه الممارسات الاستطرادية، فحص نصوصها وسياقها الثقافي.
طبقًا لهذا الرأي، ثمة خاصية جوهرية للسرد ليكون دليلًا حساسًا جدًّا للطبيعة المتقلبة وسريعة الزوال لواقع الإنسان لأنه، جزئيًّا، مكوِّنٌ لها. وهذا يجعله موضوعًا بالغ الأهمية للبحث في العلوم الإنسانية عمومًا وللفحوص السيكولوجية والأنثروبولوجية خاصة. تدعونا دراسة السرد إلى التوافق مع واقع متغير باستمرار، ومتجدد البناء باستمرار. وهذا يتضمَّن الاختيار لمنح نظام وتماسك لخبرة تتعلق بحالة إنسانية غير مستقرة أساسًا — وتغيير هذا النظام والتماسك وخبرتنا (أو معناها) تتغير.
السرد نموذجًا
وهذا يؤدِّي إلى السمة الخاصة الثانية، تفرُّد السرد في دراسة الخطاب، التي نود لفت الانتباه إليها. بدلًا من أن اعتبار السرد كيانًا أنطولوجيًّا أو صيغة تمثيلية، نرى أنه نموذج مرن بصورة خاصة. والنموذج، في معظم المصطلحات العامة، نظير؛ يربط المجهول بالمعلوم، ويُستخدَم لشرح مجموعة ظواهر، أو تفسيرها، بالإشارة إلى مجموعة «قواعد» (أو مخططات، بنًى، نصوص، أطر، تشبيهات، استعارات، صور مجازية) تغلف بشكل أو آخر المعرفة العامة. لقد أشرنا إلى أن الأجناس الأدبية وأشكال المعرفة السردية تعتمد إلى حدٍّ بعيد على السياق الثقافي الذي تُستخدَم فيه. والقانون الثقافي هو ما يجعل نظيرًا معينًا يبدو مستساغًا ومعقولًا. في الوقت ذاته، تمثل السرديات أشكالًا متغيرة إلى أقصى حد للتوسط بين الفرد (وواقعه الخاص) والقانون العام للثقافة. ومن هذا المنظور، تُعتبَر السرديات نماذج للعالم ونماذج للذات. إننا، من خلال قصصنا، نبني أنفسنا كجزء من عالمنا.
بالنسبة لمعظم التيمات والمشاكل المطروحة في الأسلوب الجديد لفحص السرد، يبقى بالتأكيد عالم النصوص الأدبية ولغة القصة والشعر نقطة مرجعية مثمرة. ومع ذلك، لا يتأسس السبب، على سبيل المثال، على ولع خاص لعلماء النفس والاجتماع والأنثروبولوجيا بالأدب أو الفنون. إن حقيقة أن العلوم الإنسانية يجب أن تعترف بأن قدرًا كبيرًا من معرفتنا عن الخطاب السردي والعقل التفسيري مؤسس على تقاليد طويلة من البحث الذي قام به منظِّرو اللغة والأدب، ومؤرِّخو الأدب، والسيميوطيقيين، وفلاسفة الثقافة. ثمَّة مثال حديث وهو التأثير الاستثنائي لأعمال باختين على الخطاب الروائي (الذي طوَّر فيه أفكاره عن النزعة الحوارية، وتعدد الأصوات، وتعدد رؤى العقل) التي تناولت مجالًا واسعًا من الدراسات في النسيج اللغوي والثقافي للعقل (بروكميير، قيد النشر).
سعى إيكو إلى أن يوضح، على ما نعتقد، المسئول عن الخاصية المعملية لخيال سردي. وقد أشار إلى أن العوالم الخيالية طفيليات العالم الحقيقي، عالم شئوننا اليومية، «لكنها فعليًّا «عوالم صغيرة» تحيط بمعظم قدرتنا في العالم الحقيقي وتسمح بالتركيز في عالم محدود مطوَّق، مشابه جدًّا لعالمنا لكنه أفقر أنطولوجيًّا» (ص٨٥). ومع ذلك، لأننا لا نستطيع التجول خارج حدوده، نُدفَع إلى تركيز كلِّ اهتمامنا إلى هذا العالم النموذجي، مستكشفين بعمق كل اختلافاته الممكنة والمستحيلة.
العوالم الحقيقية والمحتملة
المراجع
-
Aristotle (1959), Ars rhetorica, Ed. by W. D. Ross, Oxford: Clarendon.
-
Bakhtin, M. (1981), The dialogic imagination, Ed. By M. Holquist, Austin, TX: University of Texas Press.
-
Bakhtin, M. (1986), Speech genres and other late essays, Ed. by C. Emerson & M. Holquist, Austin, TX: University of Texas Press.
-
Bamberg, M. (Ed.) (1997a), Oral versions of personal experience: Three decades of narrative analysis, Special Issue of Journal of Narrative and Life History, 7(1–4).
-
Bamberg. M. (Ed.) (1997b), Narrative development: Six approaches, Mahwah, NJ: Erlbaum.
-
Bauman, R. (1986), Story, performance, and event: Contextual studies of oral narrative, Cambridge: Cambridge University Press.
-
Berkhofer, R. F. Jr. (1997), Beyond the great story: History as text and discourse, Cambridge, MA: Belknap Press of Harvard University Press.
-
Britton, B. K., & Pellegrini A. D. (Eds.) (1990), Narrative thought and narrative language, Hillsdale, NJ: Lawrence Erlbaum.
-
Brockmeier, J. (1996), Explaining the interpretive mind, Human Development, 39, 287–295.
-
Brockmeier, J. (1997), Autobiography, narrative and the Freudian conception of life history. Philosophy, Psychiatry, & Psychology, 4, 175–200.
-
Brockmeier, J. (1999), Between life and story: Possibilities and limits of the psychological study of life narratives, In W. Maiers, B. Bayer, W. B. Duarte Esgalhado, R. Jorna, & E. Schraube (Eds.), Challenges to theoretical psychology (pp. 206–213), Toronto: Captus University Publications.
-
Brockmeier, J. (in press), The text of the mind, In C. Erneling and D. M. Johnson (Eds.), The mind as scientific object: Between brain and culture, Oxford University Press.
-
Bruner, J. S. (1986), Actual minds, possible worlds, Cambridge, MA & London: Harvard University Press.
-
Bruner, J. S. (1990), Acts of meaning, Cambridge, MA & London: Harvard University Press.
-
Bruner, J. S. (1991), The narrative construction of reality, Critical Inquiry, 17, 1–21.
-
Calvino, I. (1988), Six memos for the next millenium, Cambridge, MA: Harvard University Press.
-
Cronon, W. (1992), A place for stories: Nature, history and narrative, The Journal of American History, 79, 1347–1376.
-
Dunn, J. (1988), The beginnings of social understanding, Oxford: Blackwell.
-
Eco, U. (1994), Six walks in the fictional woods, Cambridge, MA & London: Harvard University Press.
-
Edwards, D. (1999), Emotion discourse, Culture & Psychology, 5, 271–291.
-
Engel, S. (1995), The stories children tell: Making sense of the narratives of childhood, New York: Freeman.
-
Fivush, R. (1994), Constructing narrative, emotion, and self in parent-child conversations about the past, In: U. Neisser & R. Fivush (Eds.), The remembering self: Construction and accuracy in the self-narrative (pp. 136–157), Cambridge: Cambridge University Press.
-
Fowler, A. (1970), “To Shepherd’s ear”: The form of Milton’s Lycidas, In: A. Fowler (Ed.), Silent poetry (pp. 170–184), London: Routledge and Kegan Paul.
-
Freeman, M. (1993), Rewriting the self: History, memory, narrative, London: Routledge.
-
Harré, R., & Secord, P. F. (1972), The explanation of social behaviour, Oxford: Blackwell.
-
Harré, R., & Van Langenhove, L. (Eds.) (1998), Positioning theory: Moral contexts of intentional action, Malden, MA: Blackwell.
-
Harré, R., Brockmeier, J., & Mühlhäusler, P. (1999), Greenspeak: A study of environmental discourse, Thousand Oaks, CA, London, New Delhi: Sage.
-
Harris, R. (1996), The language connection: Philosophy and linguistics, Bristol: Thoemmes Press.
-
Hinchman, L. P., & Hinchman, S. K. (Eds.) (1997), Memory, identity, community: The idea of narrative in the human sciences, Albany, NY: State University of New York Press.
-
Hirschkop, K., & Shephard, D. (1989), Bukhtin and cultural theory, Manchester: Manchester University Press.
-
Hudson, J. A. (1990), The emergence of autobiographic memory in mother-child conversation, In: R. Fivush & J. A. Hudson (Eds.), Knowing and remembering in young children (pp. 166–196), New York: Cambridge University Press.
-
Hughes, J. A. (1995, Spring), Ecology and development as narrative themes of world history, Environmental World Review, 12, 1–16.
-
Iser, W. (1993), The fictive and the imaginary: Charting literary anthropology, Baltimore: Johns Hopkins University Press (orig. work 1991).
-
Kafka, F. (1993), Metamorphosis and other stories (J. Neugroschel, Trans.), New York: Scribner.
-
Middleton, D., & Edwards, D. (Eds.) (1990), Collective remembering, London: Sage.
-
Miller, P. J. (1994), Narrative practices: Their role in socialization and self-construction, In: U. Neisser & R. Fivush (Eds.), The remembering self: Construction and accuracy in the self-narrative (pp. 158–179), Cambridge: Cambridge University Press.
-
Milton, J. (1983), Lycidas (Ed. C. T. Thomas), London: Sangam.
-
Mitchell, W. J. T. (Ed.) (1981), On narrative, Chicago, IL: University of Chicago Press.
-
Nelson, K. (1996), Language in cognitive development: The emergence of the mediated mind, New York: Cambridge University Press.
-
Nelson, K. (Ed.) (1989), Narratives from the crib, Cambridge, MA: Harvard University Press.
-
Polkinghorne, D. (1987), Narrative knowing and the human sciences, Albany, NY: State University of New York Press.
-
Pontecorvo, C., & Fasulo, A. (1999), Planning a typical Italian meal: A family reflection on culture, Culture & Psychology, 5, 313–335.
-
Ricœur, P. (1981), The narrative function, In: P. Ricœur, Hermeneutics and the human sciences, Cambridge: Cambridge University Press.
-
Ricœur, P. (1984, 1985), Narrative and time, Vols. 1–2, Chicago, IL: University of Chicago Press.
-
Sarbin, T. R. (Ed.) (1986), Narrative psychology: The storied nature of human conduct, New York: Praeger.
-
Schafer, R. (1989), Narratives of the self, In: A. M. Cooper, O. F. Kernberg, E. Spector Person (Eds.), Psychoanalysis towards the second century, New Heaven, CT: Yale University Press.
-
Schank, R., & Abelson, R. (1975), Scripts, plans, goals and understanding, Hillsdale, NJ: Erlbaum.
-
Vygotsky, L. S. (1987), Thinking and speech, Ed. N. Minick, New York: Plenum (orig. work 1934).
-
Wertsch, J. V. (1998), Mind as action, New York & Oxford: Oxford University Press.
-
White, II. (1987), The content of the form: Narrative discourse and historical representation, Baltimore & London: John Hopkins University Press.
-
Wittgenstein, I., (1953), Philosophical investigations, Oxford: Blackwell.