التكامل السردي
مارك فريمان وجينز بروكميير
نبدأ هذا المقال بثلاث مقولات نأمل أن تصبح مستساغة فيما يلي: الأولى، لا يمكن فصل هُوية المرء، بقدر ما ترتبط بتقييم تفسيري للماضي الشخصي لامرئ وهو يحدث في سرد السيرة الذاتية، عن الأفكار المعيارية عن حقيقة الحياة، أو ما يفترض أنه حقيقتها، إذا كان المرء يعيشها بشكل جيد. ونسمي هذه الأفكار مفاهيم «الحياة الطيبة»، باستخدام مفهوم أرسطي في خطوطه العريضة. وهذا في الاعتبار، جزء مما نودُّ أن نفعله هو لفت الانتباه إلى حقيقة أن البناء السردي للهُوية ليس له فقط بُعد سيكولوجي واجتماعي وجمالي، لكن بُعد خلقي. بمعنى أننا نأمل أن نقدِّم فكرة أن مفاهيم الحياة الطيبة منسوجة في النسيج السردي لهُوية الإنسان. أو، لوضع المسألة بشكل مختلف بعض الشيء، يمكن أيضًا أن نقول إنه مهما يكُن الشكل الخاص لعملية السيرة الذاتية التي نسعى فيها إلى التوافق مع ماضينا — مكتوبًا أو شفهيًّا، متماسكًا أو متناثرًا … إلخ — سوف يكون لا محالة مشروطًا بمفهوم عن الحياة الطيبة. ونظن أن صوت ما سماه شكسبير «موسيقى» حياتنا لا يتوقف، على الأقل، على قدرتنا على ربط حياتنا بنظام الوجود الذي نقرر فيه كيف نعيشها بأفضل شكل.
نحاول دعم هذه المقولة، أولًا بإلقاء الضوء على بعض الخصائص العامة لذاكرة السيرة الذاتية وبناء الهُوية ثم فحص الأجناس الأدبية المتنوعة للسير الذاتية، وهي أجناس تتنوع ثقافيًّا وتاريخيًّا بقدر تنوُّع فكرة الحياة الطيبة في اليونان القديمة، والمسيحية، والحداثة، وما بعد الحداثة. نظرة ما بعد الحداثية إلى هُوية السيرة الذاتية، بشكل خاص، تثير عدة أسئلة معقدة نتيجة لهدفها الذي يتكرَّر التعبير عنه، وهو الاعتزال تمامًا، وبسعادة في الحقيقة، الفكرة ونموذج ربط المنطق الخلقي بحياة المرء. وسوف تخضع هذه المقولة الأولى والأساسية أكثر من غيرها لاختبار مهم.
مقولتنا الثانية، إن درجة الإجماع بشأن ما يشكِّل الحياة الطيبة في محيط اجتماعي معين تؤثر بدَورها على «موسيقى حياة الرجال والنساء». بمصطلحات نظرية أكثر، تؤثر على درجة التكامل السردي المتأصل في قصص يحكيها الناس عن حياتهم، وتؤثر في هُوياتهم في النهاية. بالتكامل السردي لا نشير فقط إلى اتساق نسب شكل أو جماله بوصفه مبادئ لتأليف السرد، بل إلى تماسك الالتزامات الخلقية للمرء وعمقها، كما تكشف عنها حياته. أي إننا لا نودُّ ببساطة أن نقدم مفهومًا سرديًّا للتماسك، يمكن توقُّعه بشكل حصري بناءً على طبيعة الشكل؛ ويشمل التكامل السردي، كما نتصوره هنا، الجمالي والخلقي، ويعتبر بنية جدلية للمعنى. ربما نرى في فكرة بول ريكو (١٩٩١م) عن «هُوية السرد» مناظرة لبنية جدلية تساعدنا في رسم الخطوط العريضة لتأملاتنا في العلاقة بين الهُوية والتكامل السردي.
لتحديد هذه المقولة الثانية أكثر، نظن أن في العصور، أو الثقافات، التي فيها اتفاق قوي على معايير الحياة الطيبة، توجد، نظريًّا، درجة عالية من التكامل السردي، بشكل صريح أو ضمني، في سردياتها. وتأتي إعادة بناء الماضي في السير الذاتية غير ملتبسة نسبيًّا، وتتَّسم بقيود قانونية قوية، ويكون مجال المعاني المحتملة محدودًا نسبيًّا. ومن الناحية الأخرى، في العصور أو الثقافات التي لا تكون فيها معايير الحياة الطيبة واضحة جدًّا أو في غمرة خلاف أو تنقيح، كما هو الحال في الغرب الحديث غالبًا، تكون هناك نظريًّا مرة أخرى، درجة منخفضة نسبيًّا من التكامل السردي، مع ذاكرة سيرة ذاتية تنبثق، بدَورها بلا جدال، أكثر التباسًا، ومتعددة المعاني بشكل أكبر. ولتجنُّب إساءة الفهم، ينبغي ملاحظة أننا في الحديث عن «درجة منخفضة» من التكامل السردي، ليست لدينا نية بحال من الأحوال لتقديم حكم خلقي على الحيوات التي نشير إليها، وكأن هناك معايير مطلقة نقيسها عليها لنعرف أنها «أدنى» أو «أعظم» بطريقة ما. نريد أن نبرهن بدلًا من ذلك على أن بنى هُوية السيرة الذاتية تسعى دائمًا إلى شكل ما من التكامل السردي، لا يمكنها، إذا جاز التعبير، أن تعمل من دونه، مهما يكُن اختلاف «تماسك حياكة» نسيجها السردي. ونطور هذه الفكرة بعد قليل.
(١) التاريخية
(٢) المسئولية
بوضوح، ما قبض عليه بروست يمتدُّ بشكل مهم إلى ما وراء عالم الأدب. إنها ظاهرة مشتركة، وجوهرية بشكل خاص لعملية السيرة الذاتية. يكتب جسدروف (١٩٨٠م): «في اللحظة الفورية يطوقني غضب الأشياء عادة بأكثر مما أستطيع أن أراه في مجموعه. تمنحني الذاكرة نقلة معينة وتسمح لي بأن أتأمل كل مداخل الموضوع ومخارجه، سياقه في الزمان والمكان» (ص٣٨). تسير ذاكرة السيرة الذاتية والتقييم التفسيري، بالطبع، معًا. ومثل جسدروف، لاحظ كثير من المؤلفين الذين استكشفوا ذاكرة السيرة الذاتية أنه لا يوجد كاتب سيرة ذاتية انشغل في سعي موضوعي تمامًا ونزيه. بصرف النظر عن الاهتمام الخاص والبؤرة، تكون نتيجة عملية السيرة الذاتية عملًا يتعلق بانتقاء وتبرير شخصيين، وفقًا له للفرصة المتاحة للمرء لكي «يسترد» ما قد يكون فُقِد أثناء السنوات المنقضية. وبهذا المعنى، يستنتج جسدروف: «مهمة السيرة الذاتية في المقام الأول مهمة الخلاص الشخصي». إنها مهمة «إعادة تجميع العناصر المتناثرة لمصير يبدو … أنه كان جديرًا بعناء المعيشة» (ص٣٩). وهكذا ليست الغاية النهائية لهذه العملية نوعًا من التمثيل الحقيقي لحياة انقضت؛ لا يمكن أن يكون هناك مثل هذه الإعادة للعرض. وكما أشار جيروم برنر (١٩٩٣م)، إن الفكرة الرائجة عن أن هناك شيئًا من قبيل سيرة ذاتية حقيقية، أو صحيحة أو حتى صادقة بشكل فريد، فكرة مضلِّلة. إنها لا تقبض على جوهر عملية السيرة الذاتية ببساطة لأن هدف هذه العملية ليس الإعلان عن حقيقة منطقية أو افتراضية. لو كانت هناك قصة حياة عن الحقيقة فهي عن الحقيقة السردية، كما يرى برنر.
لكن الحقيقة السردية ليست الكلمة الأخيرة. رغم أنها مفهوم قد يساعدنا في التغلب على بعض نقاط ضعف المفهوم الميتافيزيقي التقليدي للحقيقة، إلا أنه يثير عددًا من الأسئلة الجديدة. على سبيل المثال، ما الطبيعة الحقيقية لخاصية سرد حقيقة الحياة؟ وما الخاصية الحقيقية لقصة حياة؟ نقترح — على الأقل — معنى للحقيقة السردية، في سياق مناقشتنا، يمكن أن يخضع بشكل كافٍ لمعيار التماسك، أو بشكل أكثر ملاءمة، لوعي متماسك. تمثل الحقيقة السردية، من هذا المنظور، سمة من التبرير الخلقي الجوهري المرتبط بمفهوم التكامل السردي. يبرهن برنر (١٩٩٦م) بشكل مقنع على أن الحقيقة السردية نتيجة مشتركة لطرق خاصة في صناعة المعنى، مرنة جدًّا فيما يتعلق بإمكانية التحقق منها، شروط الحقيقة، أو التبريرات المنطقية. لفحص النسيج السردي لذكريات السيرة الذاتية، علينا إذَن أن نستخدم معايير مناسبة أكثر للتماسك، من قبيل الاحتمال، والحيوية، والاستساغة السردية، والتكامل السردي. كما نرى، في تحقيق الخاصيتين المزدوجتين للتماسك السردي والاستساغة الاستطرادية، يتجاوز مفهوم التكامل السردي منظور السرد. وبؤرته هي الانسجام المتأصل في عيش حياة وسردها.
ما عرضناه حتى الآن، إذَن، فكرة أن هُويَّة السيرة الذاتية، وهي تتطور في عملية السيرة الذاتية، تظهر متوافقة مع ظروف اجتماعية وتاريخية واستطرادية خاصة بأهمية الفرد وأيضًا أهمية المحاسبة على حياة عاشها المرء بالتوافق مع نظام ثقافي ممتد للقيم الذوقية والخلقية. يظهر التكامل السردي للذات في هذا التفاعل؛ أي إن البُعد الذوقي جزء من قسم العملية التي يتشكَّل بها التاريخ المسرود بوصفه موضوعًا لاهتمام وتقييم تفسيري. تتوقف كيفية تقييم الذات على المفاهيم المنتشرة عن الحياة الطيبة. ونستكشف الآن هذه القضية ببعض التفصيل.
(٣) فهم السيرة الذاتية و«تقييم» الذات
لِبنَى الفَهم الحالي، الملازمة لبيئة اجتماعية وثقافية، تأثير مهم على الطبيعة الخاصة لكل من الفهم التاريخي وعملية التذكُّر في السيرة الذاتية. نرى هذا بوضوح في حالة الأطر التطورية التي تسعى لمحاسبة منهجية لشكل الماضي الشخصي. نرى، على سبيل المثال، متبعين وينتروب (١٩٧٥م) في الخطوط العريضة مرة أخرى، أنه كلما تناولت العمليات «الطبيعية» أو «التطورية» الأطر التطورية الأكثر ملاءمة، ازداد تميز الحياة نفسها بمفهوم التفتح العضوي؛ وكأن هناك شيئًا حاضرًا منذ البداية، يتكشف تدريجيًّا ببرنامج ضروري مُعَد سلفًا، أو مصير، أو قدر، أو منطق غائي متأصل. كما يعبر وينتروب: «تصبح إمكانية محددة حقيقة» (١٩٧٥م، ص٨٣٠).
لعبت فكرة غائية التطور، مثل انبثاق الحقيقة من الإمكانية — وهي فكرة يمكن، مرة أخرى، إرجاعها إلى أرسطو — لعبت دورًا مهمًّا في تاريخ الفكر الغربي، بما في ذلك تاريخ التفكير في السيرة الذاتية. حين نرى أن تطور الإنسان عملية طبيعية، تسعى بالأساس إلى تحقيق هدف محدد سلفًا، يمكن إذَن أن نرى أي تاريخ لحياة معينة طبقًا للدرجة التي يتحقق بها هذا الهدف المثالي، هذه الغاية، فعليًّا: وهكذا تصبح قيمة الحياة مسألة «أكثر» أو «أقل». لكن هناك نتيجة أخرى أكثر أهمية لهذه النظرة الغائية، تتوافق مع ما قد يسمَّى «إقصاء الشاذ». ويعتبر دخول الحوادث وما شابه في حياة معينة — الأحداث العشوائية، الانحرافات — من هذا المنظور، مسائل ثانوية عمومًا، مجرد انحرافات عن منطق متأصل مُعد سلفًا.
ما معنى أن تصبح هذه الفكرة منطقًا أساسيًّا لتحقيق التكامل السردي؟ ربما يكون من المفيد تناول هذه المسألة باستكشاف تاريخ حياتين. وهما نموذجيتان جدًّا من أكثر من ناحية. ذكرنا واحدة بالفعل، حكاية أوجستين عن ذكرياته في السيرة الذاتية كما وجدت في كتابه «اعترافات» (١٩٨٠م). إنها نوع بدائي لهذا الجنس الأدبي، مؤسس على الاقتناع بأن قدر الإنسان — والاعتراف بهذا القدَر — محدَّد من البداية إلى النهاية، من تدبير الرب. ويشير المثال الثاني إلى صورة حديثة — أو لنقل حداثية — لأكاديمي من القرن العشرين: حكايات السيرة الذاتية لعالم النفس والفيلسوف السويسري جان بياجيه. تبدو هذه الحكايات نتيجة لقناعة بمنطق متفتح يؤسس تطور الحياة والتفكير، وبمعنى ما، حتى عملية تأمل السيرة الذاتية نفسها. لاحظ وينتروب (١٩٧٥م) أن حيوات الفلاسفة والدارسين الآخرين تُكتب غالبًا بطريقة تعرض «اتساقًا شكليًّا في النمط الأساسي للحياة المتوقعة من مفهوم جوهري لطبيعة كشف الحياة نفسها مع قوة دافعة للتماسك المنطقي» (ص٨٣٠). رغم فاصل زمني لأكثر من ١٥٠٠ سنة من التاريخ الفكري يمكن اعتبار أوجستين وبياجيه حالتين جيدتين لتوضيح فكرة أن طبيعة تفتح الحياة نفسها و«القوة الدافعة للتماسك المنطقي»، سواء كان تماسك التدبير الإلهي أو التفكير العلمي الحديث.
نرى في حكاية أوجستين، إذن، مثالًا نموذجيًّا عن قصة التجلي، وعلى مستوى الذاكرة، مثالًا كلاسيكيًّا لطريقة خاصة تمامًا للفهم التاريخي، فيها تُمنَح الأحداث والحوادث المتنوعة التي مرَّت في طريقه ما أشار إليه وينتروب بالأهمية «المحفزة»: لا تصبح هذه الأحداث والحوادث مهمة في ذاتها، ولكن في حقيقة أنها تدفعه في الاتجاه الذي ينبغي أن يتحرك فيه — أي الاتجاه الذي يمليه المنطق عمليًّا، ويملي هذا المنطق نفسه رؤية لتطور إنساني مثالي فعَّال في عالمه الاجتماعي. إن سرد أوجستين دليل لمفهوم مميز للحياة الطيبة، مفهوم يرتبط بإدراك الوجود المقدس للرب في كل الأشياء كبيرة وصغيرة. وهو أيضًا بمثابة وظيفة نموذجية وإرشادية، تقدم طريقة لتوجيه الأرواح الأخرى الضالة التي تبحث عن الخلاص.
يكتب فونشي أن بياجيه يغير القبعات طبقًا لوظيفة سرده. وطبقًا لهذا، تتغير طريقة وضع الممثلين الآخرين: الزملاء، والمنافسين، والدارسين، والخصوم؛ تصبح الشخصيات الثانوية في حياةٍ أبطالًا في أخرى. بالنسبة لفونشي، يبدو المنطق السردي لهذه السير الذاتية وظيفة للتفاعلات بين «ممثل»، و«مشهد»، و«حبكة» في علاقاتها بالجمهور. مثل أوجستين، يريد بياجيه أن يقنِّع قراءه؛ يريد أن يقنعهم بنظريته وبتماسك هذه الحياة كما عاشها في ضوء نظريته. تتمثل الرسالة الشاملة للنظرية والحياة في فكرة بياجيه عن نظرية المعرفة، تفسيره لعقل يمثل التطور فيه العامل التفسيري الأساسي. بينما بدأ بياجيه توضيح أن الأهمية المعرفية المحورية لهذا العامل تنبعث من وظيفته الجوهرية في الارتقاء والتطور البيولوجي — وهو اكتشاف زعم أنه توصل إليه وهو شابٌّ صغير جدًّا — ونعلم من تحليل فونشي أن فكرة بياجيه عن التطور تتأصل في المقام الأول في نظرته إلى تطوره الخاص في مراهقته وشبابه. وهكذا يكون النسيج الأساسي لنظرية بياجيه عن التطور نظريته عن السيرة الذاتية، مفهومه الفعال في حياته الخاصة. تُدفَع هذه النظرية نفسها، طبقًا لرأي فونشي، بقوة أكبر: ذعر بياجيه طوال الحياة من أن يجنَّ، خوف رجل يتمتع بخيال جريء وأفكار جامحة من أن يصبح منطويًّا ومجنونًا، ومن ثم كان عليه أن يبقي فنتازياته التأملية تحت السيطرة من خلال بنية فكرية قوية.
(٤) آفاق الحداثة وما بعد الحداثة
لقد بدأت ترى بصورة مزدوجة: من ناحية، «صورة ذهبية من الطفولة»، ومن الناحية الأخرى، اضطهاد من كانت حيواتهم معرضة لخطر رهيب بحيث لا يمكن أن تكون عائلتها مستريحة وآمنة، الآثار المسحوقة للماضي المدفون ربما تحت درج الشرفة نفسها. لم يكن لماضيها قط أن يرجع مرة أخرى كما كان. ولم يكن لها أن ترجع كما كانت. للمخاطرة بتكثيف كتاب دقيق جدًّا ورقيق ومثير للمشاعر إلى حبكة شديدة التبسيط، ما يحدث في النهاية هو: كونواي، نتيجة رفض الوظيفة بالإضافة إلى عدة ظروف وأحداث أخرى، لا نحتاج إلى تتبعها هنا، تجد نفسها في النهاية في أوج معضلة مؤلمة. يمكن أن تقوم بالشيء اللائق، «بِبنوَّة» وتبقى في أستراليا حيث ينبغي عليها أن تعتني بأمها المتوعكة، والصعبة جدًّا؛ أو تتبع قلبها وموهبتها، وتعتق نفسها من عالم كان يقيدها أكثر وأكثر، وتواصل دراسة التاريخ، ربما بعيدًا عن وطنها.
رغم تفضيلها للمسار الأخير، وهو مسار أكثر «حداثة» إلى حد ما، كان هناك في النهاية قدر كبير من الإحساس بالذنب والأسى والارتباك. تكتب كونواي: «لم تكن الرحلة، التي كنت على وشك القيام بها، تتواءم بدقة مع أي نوع أدبي كنت أعرفه.» رأت أنها مرَّت بأوقات صعبة وسعت إلى مخرج «لأنني لم أتكيف، ولم أتكيف قط من قبل، وما كان من المحتمل أن أتكيف». بجانب قصة البطلة كانت هناك قصة عن روح ضائعة، امرأة وجدت نفسها قلقة في بلادها، «وكانت ذاهبة إلى [بلاد] أخرى، لتبدأ كل شيء من جديد». وهكذا يكون انتهاء القصة مبهجًا بالكاد: «بحثتُ في عقلي عن سرديات تعاملت مع مثل هذه الهزائم الشاملة والكاملة»، تعترف بشعور بالذنب، «لكن لم أتوصل إلى شيء» (ص٢٣٦). وكونواي تتطلع إلى الخلف، إلى ماضيها وتحاول أن تتسق مع حياتها، لا تجد طريقة تغلف بها حركة تاريخها بدقة. لم تكن قديسة أو آثمة، كانت شيئًا ما في الوسط، شيئًا لم توجد له نماذج ولم تكن هناك سرديات جاهزة.
رغم أن سرد حياة كونواي، كما ذكرنا، لا يقع تحت نوع أدبي ينتمي إلى كتابة ما بعد الحداثة، إلا أن حياتها وقصتها تعكسان بوضوح عناصر حالة ما بعد الحداثة. يوضح كتاب كونواي وجود تفاعل متغير بشكل جوهري بين «الوسيلة» و«المشهد»، بين الموضوع وشروط وظروف ثقافية جديدة عليها أن تعيش في ظلها وتمنح معنى لحياتها؛ وهذا التفاعل يستدعي قدرات ومهارات «بنيوية» جديدة ترتبط بتشكيل الهوية. وهكذا يكون ما نراه في السيرة الذاتية لكونواي مفهومًا جديدًا للذات أكثر تفتحًا ومرونة، وأيضًا تحديًّا جديدًا لحكي قصتها. وتجد أيضًا الخصائص طريقها إلى السير الذاتية لما بعد الحداثة بشكل أكثر صراحة، في شكل أنواع جديدة من الخلافات أو الورطات أو المآزق، من شكوك لا يمكن تحديدها ضمن الأجناس التقليدية للتراجيديا، والرواية التعليمية، وقصة المغامرة، وسرد الانتصارات … إلخ. وكانت النتيجة مهمة: ونحن نتحرك إلى قلب حالة ما بعد الحداثة، ربما أصبح التحدي لتحقيق معيار للتكامل السردي، بعيدًا عن تجنبه، قويًّا. بالإضافة إلى ذلك، ربما سارت المحاولة الحقيقية للابتعاد عن الذات باتجاهها. كيف يمكن لنا، في وجه هذه المجموعة المتشعبة من الذوات المحتملة، أن نعرف اتجاهات أفضل طريقة يمكن أن نعيش بها؟ وكيف يمكن لنا، في وجه ضخامة مكتبة السرديات المحتملة، أن نحدد أفضل طريقة لحكي قصتنا؟ أحيانًا، قد يبدو أن «المسار الداخلي» هو المسار الوحيد الذي يجب السير فيه.
(٥) هويَّة السيرة الذاتية والنسيج السردي للحياة
جزء من سبب زعزعة ماضي كونواي، كما يَرد في سيرتها الذاتية، شخصي؛ أثارتها ظروفها وتحدياتها الفريدة لتعيد كتابة تاريخها وأيضًا فهمها لحقيقتها. لكن هذه الظروف والتحديات الفريدة، بعيدًا عن كونها شخصية فقط، تتشابك تمامًا مع ما أشرنا إليه من قبل بأنه النسيج الخلقي للعالم الاجتماعي — في الحالة الحالية، للعالم الذي تعيش فيه. جزء من سبب تدهور أمها بهذا الشكل، على سبيل المثال، أنه لم تكن هناك إلا مخارج قليلة متاحة للإبداع بين النساء المسنات. تكتب كونواي: «شجع المجتمع اعتماد المرأة عاطفيًّا على أطفالها» (١٩٨٩م، ص٢١١). ومن الأسباب التي جعلتها ترى درجات تلك الشرفة بأسلوب رعوى، يتَّسم بحنين أقل مما كان، أنها عرفت طرق ازدهار تراثها الثقافي الخاص على حساب الآخرين. وبالنسبة للصعوبة التي واجهتها كونواي تصور نوع القصة المطلوبة لتحكي عن وضعها، ولا شكَّ في أنها عمومًا نتيجة لحقيقة أن العالم الذي كانت تعيش فيه كان في خضم التغير، والشك في الكثير من هذه التقاليد والرؤى الراسخة لما يعنيه أن نعيش حياة طيبة.
يتبين أن المريض المجهول قضى سنوات جيولوجيًّا ورسام خرائط في الصحراء الأفريقية. ضد رغبته، تورط في أحداث الحرب، وفي النهاية تعرض لحادث اصطدام طائرة في الصحراء. والصحراء أيضًا هي الاستعارة المركزية في الكتاب عن التاريخ والذاكرة، وخاصة بدمج الذاكرة التاريخية والفردية. الصحراء، مثل الذاكرة، فضاء يجعل فقد الحس بالتمييز سهلًا. تمحو سطوح الرمال الجافة كل ما تفرضه الحضارة الحديثة من نظم الزمان والمكان. لكن الصحراء ليست مجرد رمال جافة. بالتحول من طبقة زمنية إلى أخرى، من طبقة جيولوجية إلى أخرى، يجد البطل نفسه ضمن ناس الماء. توضِّح العلامات المثيرة للحياة آثار الحضارات التي وجدت حين كان البحر يغطي الصحراء: رموز بنْية الطبقة الزمنية المكسورة، التاريخية والفردية. تصبح أحداث الماضي، على ما يبدو، جزءًا من حياة الحاضر، قوى طيِّعة ونشطة في تصميم الخبرة. ولا يكون تأثيرها على فعلنا وفكرنا وتخيلنا أقل قوة مما يحدث هنا والآن. ليس هناك تدرج هرمي معين في طبقات الذاكرة في عقلنا لأن مفهوم الزمن، المرشح الرئيسي لتقديم نظام مسلسل للأحداث، يبدو هو نفسه ناتجًا عن بناء. كل فرد في هذه الرواية يخلق باستمرار نظامه الجديد الناشئ عن السرديات التي نحاول بها دفع العناصر معًا من طبقات زمنية شخصية وتاريخية.
في محاولة فهم المونولوجات السرية للرجل المحترق، بلا وجه أو اسم أو هوية، يمكن أن نميل للتفكير في أن قصصه الممزقة، المرسومة من طبقات زمنية متباينة من حياته الخاصة ومن العالم الذي كان له معنًى بالنسبة له، صممت لتوضيح «نظرية» خاصة «بالسيرة الذاتية»، منظمة بطريقة ذات مرجعية ذاتية ربما يمكن أن ترتبط بدائرة بياجيه عن الحياة والتصور النظري. بالإضافة إلى ذلك، ندرك أن الذاكرة، من هذا المنظور — بقدر ما تبنى من اللغة وخلالها، وهكذا توجد تعددية للسرديات المتنافسة عن الماضي الشخصي — تجسد صراعًا للتفسيرات. تصبح نصًّا ملتبسًا وفي بعض الأوقات طلسمًا، يفتقر إلى نوع من التكامل الطبيعي كان يرتبط به غالبًا. ما يظهر في نهاية اليوم من هذا الالتباس ليس غياب النظام والمعنى والفهم، لكن رؤية جديدة للتكامل. هناك يظهر عالم، مثل الذاكرة والصحراء، يوجد دون الفصل المصطنع في الزمن الخطي، دون تخوم الفضاء السياسي، عالم تحرر من الحرب ومما — طبقًا لأصوات هذه المحادثة — أسبابها: المبادئ الغربية التقليدية الخاصة بالقيمة، كما تجسَّدت في نظام الدول القومية مع خلافاتها التي لا تنتهي على الحدود والاتفاق على تحديدها. يبدو أن هذه الصورة للتفتح وتلاشي الحدود هي الرؤية الأساسية التي تأتي مع سرد أونداتي. إنها رؤية قوية للحياة الطيبة.
ربما يكون من الجدير بالملاحظة أن مايكل أونداتي ينحدر من أصول تاميلية وسيريلانكية وهولندية. تعلم في إنجلترا، وهاجر إلى كندا؛ رجل عوالمه الثقافية متعددة. ونظرًا لهذا، قد نُغرَى بربط هذه التعددية «بيوتوبيا السرد» التي صممها في عمله، حيث نرى شعارات عالم يخلو من مبادئ التكامل، المرتبطة غالبًا بفكرة السرد. لا شكَّ في أن الرؤية التي نتعرف عليها في قصص الحياة المتجزئة في «المريض الإنجليزي» — ويتبين أنه الكونت المجري «لاديسلوس دي ألماسي» — لا يختلف فقط مع المفاهيم التقليدية للأمة والهويَّة القومية، بل يختلف أيضًا مع المبادئ المناظرة لتماسك السرد، والخطية الزمنية، والهُوية الشخصية. لكنه لا يختلف مع مفهوم التكامل السردي. إن النهايات الجديدة مع رسم خريطة «أنا» سردية (أو «أنا» سردية للمرء)، استغاثة للبطل المحتضر الذي يستدعى، مرة أخرى، تشبه أحلامه عن الحياة الشيوعية الطليقة للبدو «الذين ساروا في رتابة الصحراء ورأوا سطوع الإيمان واللون» (ص٢٦١). ويواصل، الآن من الموقع المتميز لموته الوشيك، عن حياته واهتماماته الأخيرة. «نموت وفينا ثراء العشاق والقبائل، مذاق ما ابتلعناه، أجساد غصنا فيها وسبحنا كأنها أنهار الحكمة، شخصيات تسلقناها كأنها أشجار، مخاوف خبأناها فيما يشبه الكهوف. أودُّ من هذا كله أن تكون هناك علامة على جسدي حين أموت. أؤمن بمثل هذا الرسم للخرائط — أن تميزني الطبيعة، لا أن نميِّز أنفسنا فقط على خريطة مثل أسماء الرجال والنساء الأغنياء على البنايات. إننا تواريخ مشتركة، كتب مشتركة. لسنا مملوكين أو أحاديين في مذاقنا أو خبرتنا. لم أردْ إلا أن أسير على أرض ليس لها خرائط» (ص٢٦١).
ونعتقد أن هذا النوع من الالتزام الخلقي يقف وراء مفهوم التكامل السردي ويكمل التكامل الشعري والجمالي القوي لنثر أونداتي. نرى بشكل أكثر عمومية أن مفهوم التكامل السردي، بدل أن يقتصر على أجناس معينة من سرد السيرة الذاتية والأشكال المرتبطة في بناء الهوية، قد يكون جزءًا من مشروع حقيقي لإضفاء معنًى مفهوم على الخبرة. وهذا، بالطبع، أسهل بكثير في حالة أوجستين وحالة بياجيه، حيث توجد «قيود» قوية — من الرب بطول الطريق إلى العقلانية العلمية — إلى هذا المشروع. لكنه ليس أقل وضوحًا في حالات من قبيل حالة كونواي وأونداتي، حيث القيود أقل إلزامًا.
بتشكيل هذه القضايا بطريقة أكثر إيجابية، نرى أنه مهما بدت «الحياة نفسها» بلا معنًى أو شكل — نتيجة التزامات فلسفية للمرء أو للنسيج الخلقي لوسطه الاجتماعي — فهي متشابكة تمامًا في النظام السردي ومقيدة تمامًا بمتطلبات ما أسميناه هنا التكامل السردي. وقد نفكر أيضًا في القضايا المتعلقة «بهدف» الحياة، سبب وجودها. وكما اقترح مارسيل (١٩٥٠م): «لا أستطيع التحدث عن حياتي دون أن أسأل عن هدفها، أو حتى إن كانت تسير في أي اتجاه عمومًا؛ وحتى إن قررتُ أنها عملية بلا هدف، لا تشير إلى أي مكان، تبقى حقيقة أنني أثرت السؤال الذي يسلم بفرضية أن الحياة، في بعض الحالات على الأقل، قد يكون لها هدف» (ص٢١٢). وكقاعدة عامة، يتضمن كلام مارسيل، أنه مهما بدت حياة معينة بلا هدف أو غاية، مهما بدت خالية من الشكل والمعنى، لا مهرب سواء من النظام السردي أو متطلبات التكامل السردي.
في الختام نعود إلى المقولة الأولى التي طرحناها في بداية هذا المقال. كانت هذه المقولة، كما يمكن أن تتذكر، أن فكرة التكامل السردي، بدل أن تكون محدودة في المجال بنوعية شكل أو نسبة — أي بالبعد الجمالي — تشمل الجمالي والخلقي في وقت واحد. وفي ضوء ما اقترحناه للتوِّ بشأن النسيج السردي للحياة، من الواضح أن فكرة التكامل السردي تشمل أيضًا العيش والحَكي. مِن وجوه مهمة، وظيفته ربطهما معًا، لتوضيح أنه ليس هناك، في النهاية، حياة بعيدًا عن قصص تُحكى عنها وليست هناك قصص بعيدًا عن العالم الخلقي. ومن ثَم يمكن اعتبار التكامل السردي فضاء تصوريًّا يلتقي فيه هوية السيرة الذاتية ومعنى الحياة الطيبة.
المراجع
-
Augustine (1980), Confessions, New York: Penguin.
-
Blumenberg, H. (1986), Lebenszeit und Weltzeit [Life time and world time], Frankfurt am Main: Suhrkamp.
-
Brockmeier, J. (1995), The language of human temporality: Narrative schemes and cultural meanings of time, Mind, Culture, and Activity, 2, 102–118.
-
Brockmeier, J. (1997), Autobiography, narrative and the Freudian conception of life history, Philosophy, Psychiatry, & Psychology, 4, 175–200.
-
Brockmeier, J. (1999), Autobiographical time: Between the modern and the postmodern experience, Paper presented at the Twenty-Third Annual Colloquium on Modern, Literature and Film “Representing Identities: Biography and Autobiography,” Morgantown, West Virginia University.
-
Bruner, J. S. (1993), The autobiographical process, In: R. Folkenflik (Ed.), The culture of autobiography (pp. 38–56), Stanford, CA: Stanford University Press.
-
Bruner, J. S. (1996), Frames for thinking: Ways of making meaning, In: D. R. Olson & N. Torrance (Eds.), Modes of thought: Explorations in culture and cognition (pp. 93–105), Cambridge: Cambridge University Press.
-
Bruner, J. S. (1997), A narrative model of self-construction, In: J. G. Snodgrass & R. L. Thompson (Eds.), The self across psychology: Self recognition, self-awareness and the self concept (pp. 145–161), New York: New York Academy of Science.
-
Carr, D. (1986), Time, narrative, and history, Indianapolis, IN: Indiana University Press.
-
Conway, J. K. (1989), The road from Coorain, New York: Alfred A. Knopf.
-
Foucault, M. (1973), The order of things, New York: Vintage.
-
Francese, J. (1997), Narrating postmodern time and space, Albany, NY: State University of New York Press.
-
Freccero, J. (1986), Autobiography and narrative, In: T. Heller, M. Sosua, and D.E. Wellberg (Eds.), Reconstructing individualism (pp. 16–29), Stanford, CA: Stanford University Press.
-
Freeman, M. (1993), Rewriting the self: History, memory, narrative, London: Routledge.
-
Freeman, M. (1997), Death, narrative integrity, and the radical challenge of self-understanding: A reading of Tolstoy’s “Death of Ivan Ilych”, Ageing and Society, 17, 373–398.
-
Freeman, M. (1998), Mythical time, historical time, and the narrative fabric of the self, Narrative Inquiry, 8: 1–24.
-
Geertz, C. (1973), The interpretation of cultures, New York: Basic Books.
-
Gergen, K. (1991), The saturated self: Dilemmas of identity in contemporary life, New York: Basic Books.
-
Gurewich, A. (1995), The origins of European individualism, Oxford: Blackwell.
-
Gusdorf, G. (1980), Conditions and limits of autobiography, In J. Olney (Ed.), Autobiography: Essays theoretical and critical, Princeton, NJ: Princeton University Press.
-
Hart, F. R. (1969-1970), Notes for an anatomy of modern autobiography, New Literary History, 1, 485–511.
-
Kerby, A. P. (1991), Narrative and the self, Bloomington, IN: Indiana University Press.
-
Kippenberg, H. G., Kuiper, Y. B., and Sanders, A. F. (Eds.) (1990), Concepts of person in religion and thought, Berlin & New York: De Gruyter.
-
Koselleck, R. (1985), Futures past: On the semantics of historical time, Cambridge, MA & London: MIT Press.
-
Marcel, G. (1950), The mystery of being, Vol. 1, Chicago, IL: Henry Regnery Company.
-
Markus, H., & Nurius, P. (1986), Possible selves, American Psychologist, 41, 954–969.
-
Most, G. W. (1989), The stranger’s strategem: Self-disclosure and self-sufficiency in Greek culture, Journal of Hellenic Studies, CIX, 114–133.
-
Mühlhäusler, P., & Harré, R. (1990), Pronouns and people: The linguistic construction of social and personal identity, Oxford: Blackwell.
-
Olney, J. (1998), Memory and narrative: The weave of life-writing, Chicago, IL: University of Chicago Press.
-
Ondaatje, M. (1992), The English patient, Toronto et al.: Vintage Books.
-
Proust, M. (1919), A la recherche du temps perdu, A l’ombre des jeunes filles en fleur, Première Partie: Autour de Mme Swann, Paris: Gallimard.
-
Ricœur, P. (1991), Narrative identity, In D. Wood (Ed.), On Paul Ricœur: Narrative and interpretation, London & New York: Routledge.
-
Rorty, R. (1979), Contingency, irony, and solidarity. Cambridge: Cambridge University Press.
-
Sass, L. (1992), Madness und modernism: Insanity in the light of modern art, literature, and thought, New York: Basic Books.
-
Taylor, C. (1989), Sources of the self, Cambridge, MA: Harvard University Press.
-
Vernant, J. P. (Ed.) (1995), The Greeks, Chicago, IL: The University of Chicago Press.
-
Vonèche, J. (1999), Identity and narrative in Piaget’s autobiographies (In this volume).
-
Watt, I. (1996), Myths of modern individualism, Cambridge: Cambridge University Press.
-
Weintraub, K. (1975), Autobiography and historical consciousness, Critical Inquiry, 1. 821–848.
-
Widdershoven, G. A. M. (1993), The story of life: Hermeneutic perspectives on the relationship between narrative and life history, In R. Josselson & A. Lieblich (Eds.), The narrative study of lives (pp. 1–20), Newbury Park, CA: Sage.