الفصل العشرون
تحدَّثت مارجريت بملاطفة إلى حصانها حين فتحت باب الحظيرة، ورَدَّ عليها جيبسي بذاك الصهيل المبحوح الخافت الحنون، الذي يصفه الأسكتلنديون ﺑ «الصهيل الرقيق»، ذلك الوصف الذي يحمل صورة واضحة حيَّة. ربَّتت برفق على الحيوان الصغير، ورغم أن جيبسي قد تفاجأ بأنَّها تضع عليه السرج واللجام في هذه الساعة المتأخِّرة من الليل، فإنه لم يُبدِ أي اعتراض، بل اكتفى بفرك أنفه صعودًا ونزولًا في كُم مارجريت بحنوٍّ وهي تربط أحزمة السرج واللجام عليه. كان واضحًا أن بينهما قدرًا جيدًا من التفاهم.
همست قائلة: «كلا يا جيب، لا أحمل لك شيئًا الليلة، لا شيء سوى العمل الشاق والعمل السريع. والآن، يجب ألَّا تُصدرَ ضوضاء إلى أن نتجاوز المنزل.»
ثم أنزلت حلقة سوط ركوب الخيل حول معصمها بانزلاقة سريعة، ومع أنَّها كانت تحمل هذا السوط دائمًا، إلا أنها لم تستخدمه قَط. وبهذا لم يتعرَّض جيب لإهانة الجَلد بالسوط قَط، وكان دائمًا مُستعدًّا لتنفيذ المطلوب منه بمجرَّد كلمة واحدة.
كانت مارجريت قد فتحت البوابة الكبيرة قبل أن تضع السرج على حصانها؛ لذلك لم تتأخَّر في الخروج إلى الطريق الرئيسي، مع أنَّ لحظة مرورها بجوار المنزل بثَّت القلق في نفسها. كانت تخشى أن يخرج والدها لاستطلاع الوضع خارج المنزل لو سمع خطوات الفرس أو صهيله. وعند منتصف الطريق بين بيتها وبيت آل بارتليت، امتطت الحصان بخفة.
«والآن، هيا يا جيب!»
لم يحتَج الحصان إلى كلمة ثانية. وانطلق بها بعيدًا على الطريق نحو الشرق، وكانت نسائم هواء يونيو المعتدل تأتي حلوة وباردة ومُنعشة من البحيرة البعيدة، مُحمَّلة بروائح الغابة والحقول. كان السكون المطبِق يُخيِّم على الأجواء، ولم يكسره سوى صفير حزين من البلبل الأمريكي، أو نغمة أشد غرابة وإخافة صادرة من طائر غواص بعيد.
كانت المنازل على طول الطريق تبدو مهجورة؛ إذ لم تظهر أضواء في أي مكان. وكانت أرجاء البلدة قد عَجَّت بأبشع الشائعات عن مذبحة اليوم، وبدا أنَّ السكان، وإن كانوا متناثرين في أنحاء البلدة، قد تقوقعوا على أنفسهم. خيَّمت على الأرض فترة من الصمت والظلام، وكان صوت نقرات حوافر الحصان السريعة واضحًا وضوحًا مُذهِلًا على الأجزاء الصلبة من الطريق، وتجلَّى بروز الصوت بفواصل متقطعة من السكون التام حين كانت الأطراف السُّفلى من أقدام الحيوان الصغير المقدام تغوص في الرمال وتُصعِّب تقدُّمه. ولم تسرِ رِعشة من الرعب في جسد مارجريت في هذه الرحلة الليلية إلَّا حين دخلت دَربًا مُظلمًا مُحاطًا من على جانبَيه بأشجار الغابة العتيقة التي تلاقت فروعها في الأعلى لتُشكِّل فوقه قوسًا وتجعله أشبه برواق كاتدرائية قاتم كبير، يُمكن أن يَختبئ أي شيء بين جنباته. وفجأة وثب الحصان من الخوف وانحرف جانبًا وأسرع في ركضه، حينها حبست مارجريت أنفاسها حين رأت، أو تخيلت أنَّها رأت، العديد من الرجال ممدَّدين على جانبي الطريق لا تعرف إن كانوا نائمين أو موتى. وحالَما خرجت إلى العراء مرةً أخرى، تنفَّست الصعداء، ولولا وثبة الحصان، لكانت قد اتهمَت خيالها بخداعها. ولم تكد تُطمئن نفسها تمامًا حتى تحرَّك طيف رجل من السياج إلى منتصَف الطريق، وصاح صوت حاد قائلًا:
«قف!»
فغرس الحصان الصغير حافريه الأماميين في الأرض معًا، كما لو كان يعرف معنى الكلمة، وانزلق على الأرض لحظةً ثمَّ توقَّف تمامًا بسرعة شديدة إلى حدِّ أن مارجريت تشبَّثت بمقعدها بصعوبة. رأت أمامها رجلًا يحمل بندقية، وكان واضحًا أنَّه متأهب لإطلاق النار إذا حاولت عصيان أمره.
سألها قائلًا: «مَن أنت وإلى أين تذهب؟».
فتوسَّلت إليه مارجريت برِعشة خوف في صوتها: «أوه، دعني أمرُّ من فضلك! أنا ذاهبة لإحضار طبيب … من أجل أخي؛ فهو مُصاب بجروح بالغة، وقد يموت إذا تأخَّرت عليه.»
فضحك الرجل.
ثم صاح وهو يدنو منها: «أوه! أأنتِ امرأة حقًّا؟ وشابَّة أيضًا، وإلَّا فأنا جاهل. والآن، فلتترجلي من على الحصان يا آنسة أو يا سيدة. سأضطر إلى التحقق من ذلك. لن تَنطليَ حيلة التعلُّل بالأخ على جندي قديم. من المؤكَّد أنَّك ذاهِبة بالحصان إلى حبيبك في هذه الساعة المتأخِّرة من الليل، وإلَّا فأنا لا أفقه شيئًا عن الجنس الآخر. فلتَنزلي من على الحصان يا سيدتي ولِتَري ما إذا كنت سأعجبك أكثر منه، تذكَّري أنَّ كل أشكال الرجال سواء في الظلام. هيا انزلي كما أقول لكِ.»
«إذا كنتَ جنديًّا، فستتركني أذهب. أخي مصاب بجرح بالغ. يجب أن أذهب إلى الطبيب.»
«لا «وجوب» وحربة البندقية أمامك. لو كان مصابًا، فقد قُتِل رجال كثيرون أفضل منه اليوم. انزلي يا عزيزتي.»
جمعت مارجريت زمام اللجام في يدها، لكنَّ الرجل استطاع، حتى في هذا الظلام الحالك، أن يرى ما تنوي فعله.
«لن تَستطيعي الهرب يا جميلتي. وإذا حاولتِ فعل ذلك، فلن تتأذي، لكنِّي سأقتل حصانك. إذا تحركتِ، سأخرق جسده برصاصة.»
قالت مارجريت مرعوبة وقد غمرها خوف لم يَنتَبْها حتى عند استشعار الخطر على حياتها: «تقتل حصاني؟».
فقال الرجل وهو يدنو منها ويضع يده على لجام جيبسي: «نعم، يا آنستي. لكنَّنا لن نضطر إلى هذا. وفوق ذلك، سيُحدِث جَلبَة صاخبة جدًّا، وربما يجلب لنا رِفقة تُفسِد هذه الخلوة وتزعجنا. لذا ترجَّلي بهدوء أيتها الفتاة الصغيرة اللطيفة.»
«إذا سمحت لي بالذهاب وإخبار الطبيب، فسأعود إلى هنا وأصير سَبِيَّتك.»
ضحك الرجل مجددًا بنبرات خفيضة تُمنِّي المرء بقُرب نيل مراده دون تلبيته. وبدا أنَّه رأى هذه مزحة مضحكة.
«أوه، لا يا حبيبتي. فأنا لستُ ساذجًا إلى هذا الحد. فتاة في اليد خير من عشْرٍ على الطريق. والآن، انزلي من على هذا الحصان، وإلَّا سأُنزلكِ عَنوة. فهذا وقت حرب ولن أُضيِّع مزيدًا من الكلام الحلو عليك.»
كان الرجل، الذي رأته آنذاك، بلا قبعة، وظلَّ يُحدِّق إليها بشيءٍ ما في عينيه الشريرتَين جعلها ترتجف خوفًا. لكنها ظلَّت هادئة جدًّا إلى حدٍّ جعله غير مُستعدٍّ لأي حركة مباغتة حسبما بدا عليه. كانت يُمناها المتدلية بجوارها قد أمسكت سوط الركوب القصير، وسرعان ما باغتته بجَلدة لاسعة مُغشية على عينيه بسرعةٍ أعجزته عن درء الضربة، ثم نَزَلت بالسوط على خاصرة حصانها، وسحبت الحصان بيُسراها فوق عدوِّها. فأطلق الحصان نخرة ذهول مسعورة، ووثب إلى الأمام فأسقَط الرجل والبندقية أرضًا بقعقعة دوَّت أصداؤها، ثم أرجع رأسه إلى الخلف ساخطًا وانطلَقَ على طول الطريق كالريح. كانت هذه هي المرة الأولى التي يشعر فيها بجَلدة سوط، ولم يغفر هذه الضربة. خشيت مارجريت أن تُقابل عقبات أخرى على الطريق، فأدارت رأس حصانها نحو السياج ذي العوارض الأفقية، ووثبت بالحصان من فوقه كعصفور. وحين أصبحت في الحقل، حيث قد يُعرِّضها الركض سريعًا في الظلام لمخاطر شديدة، حاولت إبطاء السرعة لكنَّ الحصان الصغير لم يُطاوعها. وظلَّ يهز رأسه غاضبًا كلما فكَّر في الإهانة التي أنزلتها هذه الجَلدة به، بينما كانت مارجريت تميل عليه وتُحاول أن تبرِّر له فعْلتها وتطلب العفو عن إساءتها. عبرت السياج الثاني بوثبة رشيقة بلا أي تعثُّر، ولم يتعثَّر الحصان سوى مرة في الحقل التالي لكنَّه سرعان ما تعافى وواصل الركض بنفس السرعة الخرقاء. ثم عبرا السياج التالي بوثبة شجاعة مُبهرة أوصلتهما إلى الطريق الجانبي على بُعد نصف ميل من منزل الطبيب. ارتأت مارجريت عدم جدوى محاولة مصالحته إلى أن بلغت وجهتها. توقَّف الحصان هناك بشيء من الصعوبة، وضربت الفتاة ألواح النافذة العلوية، التي كان ساطعًا من خلالها ضوء، بسوط الركوب. رفع الطبيب النافذة، وشرحت الفتاة له الموقف بسرعة.
قال لها: «سآتي معك في غضون لحظة.»
نزلت مارجريت من على السرج بانزلاقة سريعة، ووضعت ذراعيها حول عنق الحصان الذي كان يرتعش. فأعرض جيبسي عنها واستنشَقَ الهواء بكرامة مُهانة.
صاحَت شبه باكية وهي تُداعب العنق الناعم اللامع لصديقها المستاء: «لقد كان عارًا مخزيًا يا جيب، كان كذلك حقًّا، ولكن ما الذي كان بوسعي فعله يا جيب؟ لقد كنتَ أنت حامِيَّ الوحيد، وقد طرحته أرضًا بطريقة رائعة، لم يكن بإمكان أي حصان آخر أن يفعل ذلك بهذه الإجادة. أعرف أنَّ ذلك شيء شرير، لكنِّي آمل أن تكون قد أصبته، فقط لمجرَّد أنَّني اضطررت إلى ضربك.»
ظلَّ جيبسي غاضبًا، وألقى برأسه إلى الوراء في إشارة إلى أنَّ تودُّد امرأة ليس تعويضًا كافيًا عن ضربة سوط. كان الأشد إيلامًا هو الإهانة وليس الوجع، لا سيما أنَّها جاءت بيديها.
«أعرف … أعرف شعورك تمامًا يا جيبسي العزيز، ولا ألومك على غضبك. ربما كان من المفترض أنَّ أتحدث إليك قبلها بالطبع، ولكن لم يكن لديَّ وقتٌ للتفكير، وهو مَن كنت أضربه في الواقع. لذا نزلت الضربة بهذه الشدة. لو كنتُ تفوَّهت بكلمة واحدة، كان سيتنحَّى عن الطريق لأنَّه كان جبانًا، ثم كان سيَقتلُك بالرصاص … يَقتُلُك أنت … أنت يا جيبسي! تخيَّل ذلك!»
لو كان أيُّ رجل مُستعدًّا لأن يتشكَّل في أي صورة من شأنها أن تُرضي امرأة ذكية ورائعة، فكيف يتوقَّع المرء ألَّا يخضع الحصان لتأثيرها؟ أبدى جيبسي أمارات اللين وصهل برقة وبنبرة تدلُّ على التسامح.
«ولن يتكرَّر ذلك مرةً أخرى يا جيبسي، أبدًا أبدًا. وحالَما نعود إلى البيت سالمين، سأحرق ذلك السوط. يا عزيزي الصغير، كنت أعرف أنَّك ما كنت ﻟ…»
أسند جيبسي رأسه إلى كتف مارجريت، ويجب هنا ألَّا نكشف تفاصيل التصالح ونُبقيها طي الكتمان. فبعض الأشياء أشد قدسية من أن يتدخل فيها مجرد إنسان عادي. صار الصديقان صديقَين مجددًا، ومن المؤكَّد أنَّ السوط الذي لم يرتكب أيَّ ذنب قد قُدِّم قربانًا محترقًا على مذبح الصداقة.
حين خرج الطبيب، شرحت له مارجريت خطورة الطريق، واقترحت أن يعودا عبر الطريق الشمالي الأطول، أو «كونسيشن» كما كان يُسمَّى.
لم يقابلا أحدًا على الطريق الذي كان الصمت يُخيم عليه، وسرعان ما رأيا الضوء عبر النافذة.
ترك الطبيب والفتاة حصانَيهما مربوطين على مسافة من المنزل، وسارا معًا إلى النافذة خلسة كأنَّهما من لصوص المنازل. حاولت مارجريت التنصُّت عند النافذة المغلقة وهي حابسة أنفاسها، وتخيلت أنها سمعت همهمة حوار خافتة. ثم نقرت برفق على اللوح الزجاجي، ففتح البروفيسور النافذة البابية.
قال هامسًا: «كنا في غاية القلق عليكِ.»
فيما قال الفتى بابتسامة شاحبة سقيمة وهو يرفع رأسه عن الوسادة قليلًا ثم أسقطها مرة أخرى: «مرحبًا يا بيجي!».
انحنت مارجريت فوقَه وقبَّلته.
«فتاي المسكين! يا للرعب الذي أصبتَني به!»
«آه يا مارجري، فكِّري في الرعب الذي أصبتُ به نفسي. لقد ظننتُني سأموت والبيت على مرأًى منِّي.»
أخرج الطبيب مارجريت برفق من الغرفة. وانتظر رينمارك حتى انتهى الفحص، ثم خرج ليقابلها.
فهُرعت نحوه لملاقاته.
قال لها: «كل شيء على ما يُرام. لا داعي إلى الخوف. إنه منهك بسبب فقدان الدم، لكنَّه سيتعافى من ذلك إذا ارتاح بضعة أيام. وبعدئذٍ سيكون كلُّ ما عليكم مواجهتُه هو نفاد صبره من البقاء في غرفته، الذي قد يكون ضروريًّا بضعة أسابيع.»
«أوه، أنا في غاية السعادة! و… ومُمتنة بشدة لك يا سيد رينمارك!»
ردَّ البروفيسور بحِدَّة أذهلتها وجرحتها قائلًا: «لم أفعل شيئًا … سوى ارتكاب أخطاء غبية.»
«كيف يُمكنك قول ذلك؟ لقد فعلت كل شيء. نحن مدينون لك بحياته.»
سكت رينمارك هنيهة. كان اتهامها الظالم الذي وجهته إليه في أوَّل المساء قد ترك فيه جرحًا غائرًا، وكان يُمنِّي نفسه بأي تلميح منها لتبرئة ذمَّته. ولأنَّه كان ينتمي إلى الجنس الأغبى من البشر، لم يُدرك أنَّ تلك الكلمات قيلت في خضمِّ حالةٍ من الانفعال الشديد والقلق البالغ، وأنَّ امرأةً أخرى ربما كانت ستعبِّر عن حالتها النفسية بالإغماء بدلًا من التحدُّث، وأنَّ الواقعة كلها لم تَترُك أيَّ أثر لها في ذاكرة مارجريت. ثم تحدَّث رينمارك أخيرًا:
«عليَّ العودة إلى الخيمة، إن كانت لا تزال موجودة. أظنُّ أني كنت على موعد مع ييتس منذ حوالي اثنتي عشرة ساعة، لكنِّي نسيتُه ولم أتذكَّره سوى الآن. طابت ليلتك.»
وقفت مارجريت وحدها بضع لحظات، مُتسائلة عمَّا فعلته لتضايقه هكذا. ظلَّ يتعثر عبر الطريق المظلم، ولم يكترث كثيرًا بالاتجاه الذي سلكه، لكنَّه سار تلقائيًّا في أقرب طريق إلى الخيمة. كان التعب وقلة النوم قد اشتدا عليه، وكانت قدماه كقالبَين من الرصاص. ومع أنَّه كان مشوَّش الذهن، كان واعيًا بوجع خفيف في المكان الذي يُفترَض أنَّ فيه قلبه، ومَنَّى نفسه وهو شارد بألَّا يكون قد تصرَّف بحَماقة. ثم دخل الخيمة وفزعه صوت ييتس:
«أهلًا! أهلًا! أهذا أنت يا ستوليكر؟»
«لا، بل رينمارك. أأنت نائم؟»
«أظنُّني كنتُ كذلك. الشيء الوحيد الذي أشعر به الآن هو الجوع. هل جلبت أي شيء يُؤكَل خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية؟»
«يوجد هنا جوال مليء بالبطاطس، حسبما أظن. فلم أَقترب من الخيمة منذ الصباح الباكر.»
«حسنًا، ولكن لا تَنتظر منِّي أن أشهد لك بأنَّك طاهٍ بارع. لم أَصِل بعدُ إلى الجوع الشديد الذي يَجعلُني أتناول بطاطس نيئة. كم يُمكِن أن يكون الوقت الآن؟»
«أنا واثق من أنِّي لا أعرف.»
«ويكأنَّني كنت نائمًا طوال أسابيع. إنني أحدثُ إصدارٍ من قصة «ريب فان وينكل»، وأتوقَّع أن أجد شاربي رماديًّا في الصباح. كنتُ أرى ستوليكر في حلم جميل حين تعثَّرت قدماك بالفراش.»
«ماذا فعلت به؟»
«لستُ مُستفيقًا كفاية لأتذكَّر. أظنُّني قتلتُه، لكنِّي لستُ متيقنًا من ذلك. فالعديد من قراراتي الحكيمة تحيد عن مسارها وتبوء بالفشل؛ لذا من المرجَّح أن يكون حيًّا الآن. فلتُؤجِّل سُؤالك إلى الصباح. لِمَ كنت تتسكَّع طوال الليل؟»
لم تأتِ أي إجابة. كان واضحًا أنَّ رينمارك قد غلبَه النُّعاس.
تمتم ييتس بنعاس قائلًا: «سوف أؤجل سؤالي إلى الصباح»، ثمَّ حلَّ الصمت على الخيمة.