الفصل الرابع
صفر
:
الحكم، الحكم، استنوا، لسه ما قلناش الحكم، ما تبوظوش.
م. الثاني
:
أسيب واحد عالم زي ده يروح الخانكة بالتزوير؟
صفر
:
موش أحسن ما يروحها بالأصول؟
م. الثاني
:
ويروحها أصلًا ليه؟ هو عمل إيه علشان نمرمطه كده؟
صفر
:
عمل أخطر حاجة، عايز يغير الدنيا.
م. الثاني
:
وده عمل خطر؟
صفر
:
يوهوه! خطر قوي؛ دا انا أسمع إن مرة زمان واحد حب يعمل عملة زي عملته دي فحرقوه
بالحيا. وواحد تاني حدفوه من فوق مادنة، إحنا إيه؟ لبسناه القميص؟ ده منتهي التحضر،
منتهى الإنسانية والمفهومية. الحمد لله أنا عايش في عصر القمصان موش في عصر
الخوازيق.
م. الثاني
:
وليه القمصان والخوازيق؟ يعملوا فيهم كده ليه؟ ما يسيبوا الناس في حالها.
صفر
:
علشان هم موش عايزين يسيبوا الناس في حالها، عايزين يغيروهم، فالناس بيحرقوهم.
م. الثاني
:
يعني كنت عايز اسيب الشر ياخد مجراه؟
صفر
:
طبعًا تسيبه. وإذا كان أخوك حيثبت إنه (يلتفت للدكتور) اسمه إيه ده يا دكتور؟
الدكتور
:
متنبي، نبي، صاحب رسالة.
صفر
:
حيبان، وإذا كان لا متنبي ولا حاجة، إذا كان زي (ملتفتًا للدكتور) زي اسمه إيه
ده؟
الدكتور
(بعد فترة يرفض الدكتور فيها أن يجيب مباشرة معذبًا صفر)
:
مسيلمة الكذاب.
صفر
:
مسيلمة الكذاب برضه حيبان. حيث انت خسرت الطبخة يا أبو طحينة وشهامة وتلات
فدادين وتلت.
م. الثاني
:
إنت بتتكلم جد؟!
صفر
:
أمال شايفني ماسك جوزة وبتكلم؟ الناس اللي زيك التواني المتوسطين دول هم اللي
بيخسروا الدنيا، عاوزين كل حاجة تمشي بالأصول، أصول إيه؟ أصولهم هم، على قد عقلهم
يعني، عقلهم الفارغ المقفول، عقلهم اللي من أيام ما اتبنت مصر ما اتغيرش. ما تقدروش
انتم تشوفوا حاجة تانية غير اللي انتم عايزين تشوفوه وواخدين عليه، لا تبصوا لفوق
قوي ولا لتحت قوي، لا يمين قوي ولا شمال قوي، حتى لما بتشغلوا مخكم وتتصوروا ما
بتتصوروش إلا حاجات زي اللي انتم شايفينها فعلًا، وإيه فايدته التصور بقى إذا كان
ما حيوريناش إلا اللي احنا شايفينه وللا اللي قادرين نشوفه؟ إنتم عاملين كده
بصراحة زي الفرامل المزرجنة اللي لا توقف العربية ولا بتسيبها تاخد سرعتها.
م. الثاني
:
أما حاجة تجنن صحيح! ده انت باينك اتجننت، إنت اتجننت يا أخينا؟
صفر
:
أدب.
م. الثاني
:
أدب إيه؟ يا أخي قول عقل.
صفر
:
العقل يعني بتاع صنفكم ده، ده اسمح لي قلة عقل بس للأسف هو اللي حظه ضارب وسايد،
إنما وحياتك إنت لا في يوم الدنيا هايجة عليكم ومطربقاها على نافوخكم يا بتوع
السايد انتم والعادي والصح واللي ما يصحش. الناس زهقت خلاص ما عادتش عايزة الأعقل
بتاعكم. عايزة الأسرع، الأنفع، الأنقح، إنما القوانين اللي انتم حاطينها لعقولنا دي
كلبشت عقولنا وعقلت عقولنا، مع إنه اتخلق علشان يعمل كل الحاجات اللي بتبان لكم موش
معقولة. الله! — طيب ما براوة عليك يا واد يا صفر ما انت بتعرف تتكلم أهوه، تعرف
باكلم كويس ليه؟ لأني باتكلم بعقل موش خايف حد يتهمه بقلة العقل، سايب لا مؤاخذة
عقلي هو اللي يتكلم موش معقول. والله الواحد لا يفضل يتكلم كده على طول — إنما انتم
حاتتطربق على نافوخكم قريب إن شاء الله، ولغاية ما يحصل كده خليك انت قاعد تترعش.
تخطي خطوة كده لقدام وعلى بال ما تعقل زي ما بتقولوا وتفكر إن كانت معقولة وللا لأ،
يكون غيرك سبقك بعشرة. خليك كده لا انت أرضي زي الأول ولا سماوي زي الثالث، إنما
قاعد تألق وتترعش بينهم، حاطط حكاية الحرامي قدامك زي خيال المآتة للغلط قاعد تخوف
به نفسك وتمنعها إنك تتحرك أحسن تغلط، والنتيجة إنك غلبان غلب. أنا لو منك ما ابطلش
عياط على نفسي.
م. الثاني
:
إنت بتقول فيها؟ طيب ما انا من غير ما اتفلسف زيك كده قاعد أعيط طول النهار على
نفسي (يتأثر إلى درجة البكاء الفعلي) روح يا شيخ الله يجازيك؛ أي والله صحيح، دا
انا غلبان غلب.
صفر
:
اللي بعده (بلهجة الحاجب) المتهم (يتوقف فجأة) الله! دا ما عادش متهمين (ثم
ناظرًا فجأة للعسكري) أمال إنت إيه؟
العسكري
:
أنا العسكري يا افندم بتاع الأمن.
صفر
:
طيب ما تيجي أما نحاكمك بالمرة.
العسكري
:
علشان إيه يا افندم؟ أنا عملت حاجة؟
صفر
:
يتهيألي إنك لازم عملت حاجة، لازم متهم في حاجة، باين عليك كده، أقطع دراعي يمكن
لو قرصنا عليك شوية حتعترف.
الدكتور
:
خلينا في الجد شوية يا صفر.
صفر
:
ما إحنا من الصبح في الجد، جد علينا إيه؟
الدكتور
:
يعني يا سيد قارون المحاكمة انتهت ونونو ما ظهرتش.
قارون
:
وإحنا احتجنالها في إيه علشان تظهر؟
الدكتور
:
إذا كان على الحاجة إحنا محتاجين لها قوي قوي.
قارون
:
في إيه؟
الدكتور
:
علشان نعرف الحقيقة فين؟
قارون
:
أمال كنا بنعمل محكمة ليه، موش علشان نعرف؟
الدكتور
:
واحنا عرفنا؟
قارون
:
لازم المحكمة عرفت.
صفر
:
عرفت إيه؟
قارون
:
الحقيقة.
صفر
:
حقيقة إيه؟
قارون
:
مين المسئول؟
صفر
:
مسئول عن إيه؟
قارون
:
الله؟ عن اللي احنا فيه ده.
صفر
:
واحنا في إيه؟
قارون
:
في المأساة دي. مين المسئول عنها؟
صفر
:
إن شا الله انسخط قرد ما اعرف. ده جايز قوي كلهم مجني عليهم، وجايز قوي يكون
كلهم جانيين، وجايز لا كده ولا كده من أصله، جايز المظلوم هو الجاني والظالم هو
المجني عليه، جايز أي حاجة، جايز قوي إنه يطلع في الآخر أنا المسئول.
قارون
:
آدي جزاة إننا خليناك قاضي، لو عملنا حد بيفهم كان زمانه عرف، إنما انت بس شاطر
تقول لي القانون وعدالة المحكمة.
الدكتور
:
عرفت بقى إننا لسه عايزين نونو؟
قارون
:
خلاص، المحكمة تناديها.
صفر
:
وعلى إيه بس؟ هي حتقدر تعمل أكتر من اللي عملناه.
قارون
:
من فضلك بقى سيبنا نشتغل. نادي عليها وانت ساكت.
صفر
:
حاضر، احضري يا ست نونو.
(انتظار. ولا يحدث شيء.)
الدكتور
:
قلنا دي مستحيل تظهر، دي تبقى معجزة، دي حتوصلنا للحقيقة، ومين الصادق ومين
الكذاب. معقول ده كله يحصل قدام عنينا؟
قارون
:
لا؛ إزاي؟ دي لازم تظهر، أمرنا لله، نلجأ للسلاح الأخير بقى، أنا دي عليَّ انا
(يكتسي وجهه طابعًا جادًّا خطيرًا) باسم موتى باب الوزير والإمام الشافعي والغفير،
احضري يا نونو.
الدكتور
:
ما فيش فايدة بقولك.
قارون
:
يبقى لازم فيه غلط في حاجة. حد فينا كدب أو مخبي حاجة، لو كان كده عمرها ما حتظهر
(يفتشون في وجوه بعضهم البعض) يا اخوانا بلاش إحراج، اللي غلطان في حاجة يطلع
بيها.
صفر
(يتنحنح)
:
العوض على الله بقى. لا مؤاخذة يا جماعة، لا مؤاخذة يا سعادة البيه،
الظاهر إن أنا اللي عملت العملية، العوض على الله بقى الأستاذ محمد الأول ده غمزني
بربع جنيه قبل ما يخش علشان أسهل له المأمورية، خد يا سيدي فلوسك دي باينها حقيقي
فلوس حرام، من بتوع جدك.
الدكتور
:
ما دام اعترفت يبقى سماح.
صفر
:
وإيه الفايدة وانا غلبان وصاحب كوم؟
قارون
:
معلهش، تتعوض، يا ما لسه جايلك مجانين، نادي عليها بقى.
صفر
:
الأمر لله من قبل ومن بعد؛ يا ست نونو، يا ست نونو (وهو يكاد يبكي ومع صوت عريض
أجوف، وبين دهشة الحاضرين وذهولهم تدخل نونو، نفس نونو الأولى مع مسحة من النقاء
والبراءة مضفاة عليها، ما إن يراها الدكتور حتى يلف حول نفسه فيبادر محمد الأول
والثاني لإسناده قبل السقوط، بينما ينتفض صفر في مكانه العالي واقفًا؛ لكنه لا يلبث
أن يعود للجلوس حين يجد الدكتور لا يستسلم إلا للحظة، وسرعان ما يتخلص من الأول
ويندفع ناحيتها). القضية استنوا. اسمعوا الحكم. الحكم. محكمة. أربعة ثلاثة اتنين واحد. قدامي يا عسكري.
الدكتور
:
أرجوكم، أنا لازم أتأكد منها. (يقترب منها متفحصًا لدرجة أن يمد يده أكثر من مرة
ليتأكد أنها حية وموجودة). خايف أسألك تقول لي لأ، أطب ميت على طول.
قارون
:
اسأل يا دكتور ما تخافش؟
قارون
:
إنتي … نونو …؟
نونو
:
أيوه يا دكتور.
الدكتور
:
يا سلام. (يتمطى ويتثاءب وشعور بأعظم سعادة يشع منه، ولكنه ينتفض فجأة منزعجًا)
بس اوعي تقولي إنك ما كنتيش هنا.
نونو
:
إزاي ما كنتش هنا؟ كنت هنا يا دكتور، وبالأمارة كنت حضرتك بتسألني أنا مرات مين
فيهم.
الدكتور
:
يا سيدة زينب. يا سانت تريز. أنا ما عنتش عايز حاجة من الدنيا خالص، دا ولا مين
يعملها، طيب ما تجرب كده وحياتك، آه، تجرب يعني؛ وتجيب لي الدرجة الرابعة أصلها
عاملة معايا زي نونو تمام.
قارون
:
إنت نسيت وللا إيه يا دكتور؟ ما تسألها. إنت موش عايز تعرف منها الحقيقة.
الدكتور
:
مين قال كده؟
قارون
:
الله! أمال كنت قاعد تعمل ده كله علشانها ليه؟ وخليتنا نلجأ للسلاح الأخير
ونستعين بالسر الباتع بتاع الميتين كلهم علشان إيه؟ موش علشان تعرف منها الحقيقة؟
الدكتور
:
أبدًا أبدًا، أنا كنت حموت على إني أشوفها لمسألة لا تتعلق بالحقيقة أو بعيلة
قارون خالص، مسألة تتعلق بي شخصيًّا، لو ما ظهرتش كنت حفضل السنين اللي أنا
عايشها شاكك في عقلي، دلوقت أنا اتأكدت، أنا عاقل. (ثم بلهجة لا عقل فيها) فاهم
يعني إيه؟ فاهمين؟ أيوه … أنا … أنا الدكتور حكيم … عاقل. ثبت إني أنا العاقل
وإنكو كلكو مجانين، نونو أهي يا صفر، نونو أهي يا عسكري، يا أول وتاني وثالث نونو
اللي قلتو ما شفتوهاش أهه، اقتنعتم بقى دلوقت إنكم كلكم مجانين؟
صفر
:
ارمي، أهو المرة دي مخه بيطقطق بجد.
قارون
:
ما تسألها يا دكتور، اسألها على الأقل كانت مختفية فين؟
نونو
:
مختفية إيه؟ أنا اختفيت؟ أنا طول النهار قاعدة في الصالة برة، مستنية جوزي.
الدكتور
:
جوزك! (ثم بشغف غير عادٍ) جوزك مين؟ (ثم مستدركًا بصرخة) وللا بلاش. إوعى وحياتك
تجاوبي، موش عايز أعرف بالمرة، كفاية إنك ظهرتي (بلهجة هائمة حالمة) كفاية إنها
ظهرت.
قارون
:
طيب على الأقل اعرف هي إيه؟ هي مين؟
الدكتور
(كالمنوم مغناطيسيًّا)
:
أيوه صحيح، إنتِ مين؟
نونو
:
أنا؟
الدكتور
:
أيوه.
نونو
:
عايز تعرف أنا مين؟
الدكتور
:
أيوه.
قارون
:
ده موش هو بس، دا احنا كلنا عايزين نعرف إنت مين؟
نونو
(للدكتور بدلال)
:
عايز تعرف أنا مين صحيح؟
الدكتور
:
بجد صحيح.
نونو
:
طيب قول لي إنت مين الأول وانا أقول لك أنا مين.
الدكتور
:
أنا، أنا الدكتور. موش عارفة وللا إيه؟
نونو
:
الدكتور! (ترفض بأصوات من شفتيها) ده برواز ده، ده مجرد برواز، دي شغلتك، إنما
أنا عايزة أعرف اللي جوة البرواز إيه؟ إنت الحقيقي مين؟
الدكتور
:
جوة البرواز، أنا راجل عندي شهادة ومجوز ومخلف تلات ولاد، وجاني من سنة بنت
رابعة.
نونو
(رافضة بشفتيها)
:
برضه برواز، أنا عايزة أعرف إنه من جوة جوة إيه؟ إنت إيه من غير
البراويز دي كلها؟
الدكتور
:
من غير براويز، أما حاجة تحير صحيح، سني ٤٥ سنة، إيه رأيك؟
نونو
:
برضه برواز، أنا عايزة أعرف إنت إيه، إيه الصورة اللي جوة البراويز دي كلها؟
الدكتور
:
الله! أما حاجة تجنن. الله! دانا باين شوية براويز جوة بعض، أنا صحيح مين من غير
براويز، أنا مين؟
نونو
:
أهو أنا الصورة اللي من غير برواز خالص، أنا الصورة اللي كل واحد يقدر يحط لها
البرواز اللي عايزه.
الدكتور
:
صورة إيه، صورة مين؟
نونو
:
صورة حاجات سهلة قوي تتخيلها صعب قوي تلقاها وتلمسها، صورة معاني عايشين طول
عمركم تتكلموا عنها كأنها موجودة؛ زي العدالة كأنها ممكنة، زي السعادة كأنها
حقيقية، زي الحق كأنه باين. صورة بكرة اللي بتستنوه كأنه تمام غير النهارده، وييجي
بكرة زي النهارده تقولوا بكرة، صورة أحلام كثيرة بتخلوها واقع وتبنوا عليه الحياة
مع إنه موش موجود ولا حتى في الأحلام، صورة الأم أم، والحبيبة حبيبة موش مريضة
بالحب، والإخلاص حقيقي إخلاص، صورة ابتسامة مية المية طالعة من قلب كله بيبتسم،
صورة الصدق نرد بيه حتى على الكدابين، صورة انتصار خير على شر، عمر حد شاف بعينه
خير حقيقي بينتصر على شر؟ صورة أمل كل الأدلة ضده وكل اللي حوالينا بينفيه، وشيء
غامض زيي، شيء مالهش أبدًا ضمان ما تعرفش إمتى بيحضر وإمتى بيغيب، مالكش أي سيطرة
عليه، هو الوحيد اللي بيأكد ويقول: أيوه الأمل موجود، صورة فيها كل اللي موش موجود
في حياتكم. إنما علشان تعيشوا لازم يكون موجود. عرفت بأه أنا مين؟
الدكتور
:
الكلام زي نونو كل لما الواحد يفكر فيه بقوة، فلسه برضه ما عرفتش بالضبط إنتِ
مين. إنتِ مين؟ (صوت حنيفة من الخلف) أنا حنيفة يا حكيم. (ملتفتًا بذعر) حنيفة.
الحقوني، دول ظهروا تاني.
حنيفة
:
ويلحقوك ليه؟ ما تخافش، أنا مراتك بقول لك. أنا افتكرت دلوقت إحنا كنا بنتكلم
في إيه؟ افتكرت علشان تصدق بس إني مراتك، علشان ما تتجننش يا حبيبي.
الدكتور
:
إفتكرتي صحيح؟
حنيفة
:
أي واعدم شبابي صحيح افتكرت.
الدكتور
:
شبابك؟ طيب كنا بنتكلم في إيه.
حنيفة
:
ده موضوع مهم جدًّا أنا باستغرب نسيته إزاي؟ ده أهم موضوع، ده أنا حفضل أكلمك
فيه لغاية ما تشوف لك طريقة.
الدكتور
:
فقعتي مرارتي بقى، إيه هو الموضوع اللي كلمتيني عليه؟
حنيفة
:
موضوع صهينتك اللي موش فاهماها.
الدكتور
:
صهينتي عن إيه؟
حنيفة
:
عن إننا نعمل حاجة للولاد.
الدكتور
:
نعمل إيه لإيه؟
حنيفة
:
بقول نعمل حاجة للولاد. إنت عارف، ما حدش ضامن عمره، والكل حيشاوروا عليهم بعد
عمر طويل وهم متبهدلين، ويقولوا أهم دول يا عيني ولاد حكيم، وشرف بابا أشرب ساعتها
صبغة يود على طول، واعمل حسابك إحنا يا مولاي كما خلقتني ما لناش غير ماهيتنا،
وبنصرفها على داير المليم.
الدكتور
:
جميل يا حنفنف، أمال حنعمل لهم إيه بقى؟
حنيفة
:
أنا ما ليش دعوة، ده شغلك وانت حر فيه. إنما لازم أضمن مستقبل ولادي.
الدكتور
(يبدأ يتحرك في الحجرة، وكأنه يفتش عن شيء)
:
فعلًا، بالضبط كده لازم نضمن
مستقبلهم.
حنيفة
:
أيوه لازم يعيشوا كويس علشان يحبوا بعض، الفقر بيموِّت الحب يا حكيم.
الدكتور
:
فعلًا، فعلًا يا حنيفة، علشان يحبوا بعض. فين القميص يا صفر؟
صفر
:
أهوه يا سعادة البيه، مع العسكري أهو. عايزه ليه إن شاء الله؟
حنيفة
:
أنا قلت لك وانت حر (وتخرج).
الدكتور
(وقد تناول القميص من العسكري، وراح يرتديه بمنتهى الهدوء)
:
أنا حر؛ فعلًا أنا حر.
أنا حر. إني حر. أنا حضمن مستقبل قلت لك حر للأولاد. حنيفة الأولاد ما حدش ضامن
قلبهم على بعض.
صفر
:
إيه اللي عملته ده يا سعادة البيه؟
الدكتور
:
عملت إيه؟ يا ضمن مستقبلهم، حَضْمنه قوي يا صفر، اربط لي القميص، وجمد قوي علشان
نضمنه خالص. اربط وقرط يا صفر. لازم الضمان يكون جامد، ضمان حنيفة ومستقبل نونو، النجدة
يا
حنفنونو. أبجد هوز حطي كلمن خمسة.
صفر
:
يا سعادة البيه أنا ماليش دعوة، أنا صاحب كوم.
(ستار الختام.)