القول في الموجودات والأجسام التي لدينا
وهذه الموجودات، التي أحصيناها، هي التي حصلت لها في كمالاتها الأفضل في جواهرها منذ أول الأمر. وعند هذين (فلك القمر والعقل الحادي عشر) ينقطع وجود هذه، والتي بعدهما هي ليس التي في طبيعتها أن توجد في الكمالات الأفضل في جواهرها منذ أول الأمر، بل إنما شأنها أن يكون لها أولًا نقصُ وجوداتها، فيبتدئ منه، فَيترقَّى شيئًا فشيئًا إلى أن يبلغ كلُّ نوع منها أقصى كماله في جوهره، ثم هي في سائر أعراضه. وهذه الحال هي في طباع هذا الجنس من غير أن يكون ذلك دخيلًا عليه من شيء آخر غريب عنه، وهذه منها طبيعية، ومنها إرادية، ومنها مركَّبة من الطبيعية والإرادية. والطبيعية من هذه توطئة للإرادية، ويتقدم بالزمان وجودها قبل الإرادية، ولا يمكن وجود الإرادية منها دون أن توجد الطبيعية منها قبل ذلك. والأجسام الطبيعية من هذه هي الأسطقسات، مثل النار والهواء والماء والأرض، وما جانسها من البخار واللهيب وغير ذلك، والمعدنية مثل الحجارة وأجناسها، والنبات والحيوان غير الناطق والحيوان الناطق.