في نفي الحدِّ عنه سبحانه
وأيضًا، فإنه غير منقسم بالقول إلى أشياءَ بها تَجَوْهُرُهُ؛ وذلك لأنه لا يمكن أن يكون القول الذي يشرح معناه يدلُّ كلُّ جزء من أجزائه على جزء مما يتجوهر به، فإنه إذا كان كذلك كانت الأجزاء التي بها تَجَوْهُرُهُ أسبابًا لوجوده على جهة ما تكون المعاني التي تدلُّ عليه أجزاء حدِّ الشيء أسبابًا لوجود المحدود، وعلى جهة ما تكون المادة والصورة أسبابًا لوجود المتركب منهما، وذلك غير ممكن فيه؛ إذ كان أولًا، وكان لا سبب لوجوده أصلًا.
فإذا كان لا ينقسم هذه الأقسام، فهو من أن ينقسم أقسام الكمية وسائر أنحاء الانقسام أبعد. فمن هنا يلزم ضرورة أيضًا أن لا يكون له عظم، ولا يكون جسمًا أصلًا.
فهو أيضًا واحد من هذه الجهة، وذلك أن أحد المعاني التي يقال عليها الواحد هو ما لا ينقسم، فإن كلَّ شيء كان لا ينقسم من وجه ما، فهو واحد من تلك الجهة التي بها لا ينقسم؛ فإنه إن كان من جهة فعله، فهو واحد من تلك الجهة، وإن كان من جهة كيفيته، فهو واحد من جهة الكيفية، وما لا ينقسم في جوهره فهو واحد في جوهره؛ فإذن كان الأول غير منقسم في جوهره.