حالة التوءمين داو
في أحد أيام سبتمبر المنصرم، قال لي الطبيب ريتشاردز الذي يقطن خليج السبت ما يلي: «إن أفكاري عن تأثير الروح على الروح غريبةٌ بعض الشيء. ولم أعتَد على التعبير عن تلك الأفكار للناس في هذا المحيط؛ فأبناء الخليج يعتقدون أن الطبيب الذي يتجاوز استخدام شب الليل والراوند يتعدَّى على اختصاصات الكاهن. والمسافة طويلة ما بين شب الليل والروح، لكني لا أرى سببًا يمنع أحدَ الأشخاص من الإبحار في العلم مثل غيره. هلا أعطيتني محارة؟»
أعطيتُه ما طلب. كنَّا جالسَيْن معًا على الصخور نصطاد سمك القد. وخليج السبت هو بحيرة صغيرة تقع أسفل بلفاست بأميالٍ قليلة على الشاطئ الغربي من خليج بينوبسكوت. اسمها مشتقٌّ على ما يبدو من الاعتقاد العام الذي يتبناه أهلُ الخليج؛ فهم يعتقدون أن هذا المكان كان الإنجازَ الأخير والمتوَّج للخالق قبل أن يستريح في اليوم السابع. تتكوَّن قرية الخليج من فندقٍ وكنيستين وعدة متاجر وجبَّانة تضم الأجيال السابقة من أهالي البلدة. وتشيع بين الغرباء الذين يحسدون القريةَ على هدوئها مزحةٌ تقول إنه لو أُخرج سكان القبور ووزِّعوا في القرية، ودُفن السكان الحاليون تحت التراب فلن نلحظ أي انخفاضٍ محسوسٍ في نشاط المستوطنة وحيويتها. ويزخر الخليج بالكامل بسمك القد الذي يمكن صيدُه بطُعم المحار.
غرز الطبيب ريتشاردز شَصَّ خُطَّاف صيد السمك في لحم المحارة الطري، واستطرد قائلًا: «تقول نظريتي إن الروح القوية قد تطرد الروح الضعيفة خارج جسمها، وتسيطر على ذلك الجسد لا إراديًّا ولو كان على بُعد أميال. بالإضافة إلى ذلك، أعتقد أن الإنسان قد يكون له روحان: واحدة مِلْكه حقًّا، والأخرى دخيلة. في الحقيقة أنا على يقينٍ من ذلك ما يدفعني إلى التساؤل حول مصير المسئولية الأخلاقية: ما هي مسئوليتك الأخلاقية في هذه الحالة؟»
رددتُ قائلًا إنني لا أستطيع تصوُّر الوضع حينها.
«إن عقيدة المسئولية الأخلاقية لديك لا تساوي هذه السمكة.» قالها بنبرةٍ صارمةٍ كما لو كنتُ أنا وعقيدتي مسئولَيْن عن المسئولية الأخلاقية. وانتزع سمكةً صغيرة من خُطَّافه وألقاها بازدراء لتعود إلى الخليج مستطردًا: «هل سمعتَ من قبلُ عن حالة التوءمين داو؟»
لم أكن قد سمعت مطلقًا عن حالة التوءمين داو.
استأنف الطبيب كلامه قائلًا: «حسنًا، وُلد التوءمان في عائلة حيرام داو منذ ثلاثين عامًا أو أكثر، في منزل المزرعة الأحمر الواقع فوق التل وراء ظهورنا. وأشرف على ولادتهما الطبيب جوكين العجوز الذي كان يعمل هنا قبلي، وكثيرًا ما كان يحكي لي عن ظروف الولادة. جاء التوءمان إلى الدنيا مربوطَيْن من الظهر برباط من اللحم يمتد لنصف طول نتوءات العمود الفقري. وكان من المحتمل أن يقضيا حياتهما في هذا التقابُل الحميم لو عهدت حالتهما إلى جراحي مدينتك الكبرى، هؤلاء الجراحين الذين خافوا أن يفصلوا التوءمين الملتصقين تشانج وإنج، وأخذوا يناقشون العملية حتى مات التوءمان المسكينان دون افتراق. أما الطبيب جوكين الذي لم يمارس طوال سنواتٍ أيَّ نشاط متعلِّق بمهنة الجراحة سوى خلع ضرس أو إزالة كيس دهني، فقد تولَّى الأمر بهدوء، وشحذ مِبضَع العمليات الصدِئ، وشقَّ وشجَّ فاصلًا التوءمين بينما لم يتمَّا ثلاث ساعات على قيد الحياة. إن مبادرة جوكين وفَّرت على التوءمين متاعبَ كثيرة.»
«صحيح.»
وأضاف الطبيب متأملًا: «ورغم ذلك، ربما كان من الأفضل لهما ألا يفترقا. ربما كان هذا أفضل بالنسبة إلى ياخيئيل بصفة خاصة كي لا يُضطر إلى التصرُّف عكس طبيعته. إلا أن هذا من ناحيةٍ أخرى كان سيجعل نظريتي مفتقِرةً إلى التأكيد الذي تكتسبه من وجود هذا المثال التوضيحي. هل تريد سماع القصة؟»
«بكل تأكيد.»
«حسنًا، أصبح جيكوب وياخيئيل فتيَيْن يتمتَّعان بالصحة والبنية القوية، وكانا مثل فولةٍ انقسمت نصفين من الناحية الشكلية، لكن ليس من الناحية الذهنية والأخلاقية؛ فلقد كان ياخيئيل يشبه آل داو؛ حيث كان بطيئًا وبليد الذهن وميالًا للكآبة، وميالًا لاحترام الوصايا العشر. أما جيك فقد ورث حيويةَ والدته وحماسها؛ فقد كانت من آل فوكس من جزيرة فوكس، وكان ميَّالًا للمشاغبة منذ أن بلغ طولًا مكَّنه من وَخْز ظهر جدته ببذور الأرقطيون الشائكة. راقبَ الطبيب جوكين نموَّ التوءمين باهتمام بالغ. وكثيرًا ما زعم وجودَ تخاطُرٍ عصبيٍّ غير مرئي بين جيك وياخيئيل. فبدا أن ياخيئيل يشعر بجيكوب كلما تهيَّأ لتنفيذ أي خُدعةٍ من خُدَعِه. على سبيل المثال، عندما كان جيك في الخارج يسرق حظيرةَ دجاج، نهض ياخيئيل من الفراش وهو نائم، وأخذ يصيح مثل الديك المذعور حتى استيقظت الأسرة كلها.»
«جئت هنا وفتحت عيادتي قبل ما يقرب من عشر سنوات. وفي ذلك الوقت كان ياخيئيل قد أصبح شابًّا يُعتمد عليه، على مستوًى مقبولٍ من الاجتهاد، ومشهورًا في كنيسة الأبرشانيين، ولِما يتمتَّع به من جديةٍ واحترامٍ عَهِد إليه أهلُ القرية قيادةَ عربة نقل الموتى. عندما عرفتُه لأول مرة كان على علاقة غرامية بفتاةٍ شابةٍ اسمها جايلز، كانت تسكن على بُعد حوالي سبعة أميال في الريف. كان ياخيئيل يعمل في طَرْق الصفيح، وكان طارقَ صفيحٍ تقيًّا ومحترمًا ويُعتمد عليه، ولا يمكن أن ترى مثلَه.
أما جيك فقد شبَّ مختلفًا للغاية؛ فما إن بلغ واحدًا وعشرين عامًا حتى أصبح لا يُطاق في بلدة خليج السبت بسبب سوء سلوكه، وسعد الجميع، بما فيهم أخوه التوءم ياخيئيل، عندما التحق بإحدى فِرَق البحرية. لم أرَ جيك في حياتي مطلقًا؛ لأنني أتيت إلى هنا بعد أن رحل، لكن لديَّ فكرة واضحة عن مدى طيشه وبذاءته وتهوُّره وانحلاله. وبعد انتهاء الحرب انتقل إلى الريف الغربي، وبلغ أسماعنا أخبارٌ عنه بين الحين والآخر؛ في البداية سمِعنا أنه أصبح مهرِّبًا على إحدى البواخر في سان لويس، ثم إنه سُجن في جيفرسون بتهمة النصب على رجلٍ هولندي أعمى، ثم إنه أصبح مقامرًا ومجرمًا في مدينة شايان، وأخيرًا سمعنا أنه متهرِّب من سداد ديونٍ في فريسكو. كان من الممكن معرفةُ متى يكون جيك متورِّطًا في المتاعب بمجرد مراقبة تصرُّفات ياخيئيل؛ ففي هذه الأوقات يكون ياخيئيل مضطربًا، فيضرب الصفيح بعصبية ونفاد صبر لم نعهدهما فيه، ويكون عابسًا ومتجهمًا مثل الحانوتي.
كان يتصرَّف بنفاد صبر ويتحدَّث باقتضابٍ وقحٍ مع أهل خليج السبت، وكان واضحًا أنه يجاهد كي يتصرَّف بسلوكٍ حسن. بدا كما لو كان مشرط الطبيب جوكين قد قطع الرابطة الجسدية لكن لم يقطع الرابطة الذهنية بينهما.
أما أغرب أمر فكان متعلقًا باهتمامه بالفتاة الشابة التي تُدعى جايلز. لقد كانت فتاة جادة ومحتشمة، ومداوِمة على الذهاب إلى الكنيسة. لم يفلح جيكوب في إثارة اهتمامها مطلقًا، ورأى الجميع أنها ستكون زوجةً مثالية لياخيئيل، الذي كان يهتم بها كثيرًا بطريقته الهادئة المتروية، ويحرص على توصيلها مرتين أسبوعيًّا بعربته إلى اجتماع الصلاة في بلدة الخليج. أما عندما تتلبَّسه حالاته الغريبة فكان يهجرها تمامًا، وتمضي أسابيعُ دون أن يظهر أمام بوابة بيتها؛ مما يسبِّب لها معاناةً عظيمة. وعندما تدهور جيك من سيئ إلى أسوأ أصبحت فترات اللامبالاة أكثر تكررًا وطولًا، وسبَّبت للفتاة الشابة التي تُدعى جايلز الشقاءَ وجعلتها تسفح الدموع.
عرفنا فيما بعدُ أن جيكوب أُصيب بطلْقٍ ناري في القلب على يد مكسيكي في شجار بين مجموعة من السكارى في سان دييجو في عصر يومٍ صحوٍ بصيف عام ١٨٧١. وقد اندفع عاليًا في الهواء وسقط على وجهه، وعندما دفنوه أقام كاهنٌ كاثوليكيٌّ صالحٌ القداسَ على روحه.
وفي عصر اليوم نفسه تصادف أن الطبيب جوكين العجوز كان سيُدفن في تلك الجبَّانة أمامك هناك. وكان قد تُوفِّي قبل يوم أو يومين في سنٍّ كبيرة، لكنه كان في كامل قواه العقلية، وكانت كلماته الأخيرة تعبِّر عن التحسُّر على أنه لن يستطيع متابعةَ حياة توءمي آل داو أكثر من ذلك.
أُوكِل إلى ياخيئيل الواجبُ الحزينُ المتمثلُ في تجهيز عربة نقل الموتى من أجل جنازة الطبيب جوكين، وأثناء نفضِ التراب عن الريش الذي يزيِّن العربة، وتلميع أجزائها المصنوعة من خشب الأبنوس، تذكَّر بطبيعة الحال الخدمةَ العظيمةَ التي أسداها له الطبيب البارع في صغره، وفكَّر في أخيه التوءم جيكوب، وتساءل عن مكانه وكيف تسير أموره. ثم طاف ببصره حول العربة، وشعرَ بفخرٍ معتدل حيال مظهرها الجدير بالثناء. بدت متألقة جدًّا وشديدةَ اللمعان تحت أشعة الشمس لدرجة أنه قرَّر قيادتها إلى مزرعة جايلز، وإحضار حبيبته إلى القرية راكبةً معه على مقعد قيادة العربة، بما أنه لا يزال يفصله عن موعد الجنازة ساعتان. وكانت الشابة جايلز قد ركبت كثيرًا مع ياخيئيل في مقعد قيادة عربة نقل الموتى، ولم تقلل ملامحها الخجولة وملابسها المحتشمة من هيبة العربة الجديرة بالاحترام.
أوقف ياخيئيل العربة في أُبَّهةٍ أمام باب منزل خطيبته، التي لم تتردَّد لحظةً في الاستمتاع بالإثارة الخفيفة التي تنطوي عليها الجنازات، فصعدت إلى المقعد وجلست بارتياح إلى جانبه. ثم انطلقا إلى بلدة خليج السبت، على متن العربة التي تسير في خبب، وأخذا يتحدَّثان في محبة طوال الطريق.
وتؤكد الآنسة جايلز أنه عند شجرة التفاح الثالثة القريبة من الجدار الحجري لكَرْمة هوسيه جيتشيل المقابل للحواجز المعدنية المؤدية إلى الطريق الخاص الذي يمتلكه السيد اللورد، حدثَ تغيرٌ مفاجئ واستثنائي لياخيئيل؛ إذ قفز عاليًا في الهواء ثم هبط ممددًا على الطريق الرملي بجوار عربة نقل الموت مُطلِقًا صيحاتٍ مروعة حتى إن الآنسة جايلز سيطرت على الأحصنة المذعورة بصعوبة. ثم نهض وهو يسبُّ سبابًا فظيعًا (لم تنبس به مطلقًا شفتا ياخيئيل العفيفتان)، ووجَّه انتباهه إلى الخيل، فأخذ يركلها ويضربها إلى أن وقفت هادئة. ثم مضى وقطع عصًا من شجرة صفصاف وقلَّمها على جانب الطريق، وأرخى قبَّعته الحريرية الأنيقة على إحدى عينيه، وصوَّب من العين الأخرى نظرةً ثاقبة إلى الآنسة جايلز المندهشة بينما كان يصعد إلى مقعده في عربة نقل الموتى.
قالت: «داو! ما معنى ذلك؟»
أجابها وهو يضرب الأحصنة بعصاه ضربةً قاسية: «يعني أنني كنت أسير ببطء طوال هذه السنوات الثلاثين، والآن سأضيف بعض الحماس في سيري. هيَّا!»
قفزت الأحصنة بسبب هذه الضربة غير المعتادة وانطلقت راكضة. واستخدم ياخيئيل العصا مرارًا وتكرارًا، وسرعان ما سارت العربة الكئيبة على الطريق تضطرب صعودًا وهبوطًا بسرعة هائلة، وأخذ ياخيئيل يصيح طوال الوقت مثل مروِّض الحيوانات في السيرك، وتعلَّقت الآنسة جايلز في جنبه بذعر. وعلى طول الطريق كان سكان البيوت الريفية يُهرَعون إلى الأبواب والنوافذ ويحدِّقون في دهشة إلى هذا المشهد غير المسبوق. رمى ياخيئيل كل فرد بكلمةٍ منه، فتارةً يصيح مستهزئًا بأحدهم، وتارةً يُطلِق وابلًا من السباب على آخر، وتارةً يدعو أحدهم للركوب في العربة، لكنه لم يبطئ أو يتوقف لأحد، وفي طرفة عين قطع مسافة الأميال الخمسة الفاصلة ما بين مزرعة هوسيه جيتشيل في داك تراب وبين القرية في خليج السبت. ولا أظن أنْ قطعت عربة نقل موتى مسافة خمسة أميال وهي تترجرج على طريق وَعْر بهذه السرعة أبدًا.
وعندما دخلت عربة نقل الموتى القريةَ قالت الآنسة جايلز: «آه، ياخيئيل، ياخيئيل، هل أصابك الجنون فجأةً؟»
فقال ياخيئيل باقتضابٍ وقح: «كلا، لكنَّ عينيَّ أصبحتا مفتوحتين الآن. هيَّا أيتها الحيوانات! انزلي أنت هنا، وأنا سأذهب إلى بلفاست.»
اعترضت وهي تذرف الدموع وقالت: «لكن عزيزي ياخيئيل تذكَّرِ الطبيب جوكين.»
فقال ياخيئيل: «اللعنة على جوكين!»
فأردفت: «افعل هذا من أجلي عزيزي ياخيئيل، افعله من أجلي.» فقال ياخيئيل: «عليكِ اللعنة أنتِ أيضًا!»
وأوقف الأحصنة بطريقة رائعة أمام فندق القرية، وأجبر الآنسة جايلز الباكية على النزول، ثم قلَّد صيحة الحرب التي يُطْلقها محاربو الهنود الحمر تقليدًا مثيرًا للإعجاب، وانطلق بعربته الكئيبة إلى بلفاست، ورحل في طرفةِ عينٍ تاركًا سكان خليج السبت كلهم في حالة دهشة تشبه الغيبوبة.
حُمل رُفات الطبيب جوكين الجليل إلى الجبَّانة في ذلك العصر على أكتاف ستةٍ من أشد المزارعين في الحي. وعاد ياخيئيل إلى البلدة بعد منتصف الليل بوقت طويل، وهو مخمور ويجعجع. لقد كان هذا الانقلاب الذي حدث في شخصيته انقلابًا كاملًا ومفاجئًا. ومنذ لحظة موت جيكوب أصبح ياخيئيل نذلًا محتالًا، ومنحلًّا، ووصمةَ عارٍ في خليج السبت، وأضحى مصدر رعب للسكان المحترمين الهادئين الساكنين في الأماكن المحيطة على مسافة أميال. ومنذ ذلك اليوم لم يَعُد من الممكن إقناعه بالتحدُّث إلى الفتاة الشابة المدعوة جايلز، بل لم يكد يتعرَّف عليها. أما هي فقد بقيت وفيةً لذكرى ياخيئيل القديم، وهذا أمر تستحق الثناءَ عليه. كان تدهوره سريعًا؛ فقد أصبح يقامر ويعاقر الخمر ويتشاجر ويسرق، حتى انتهت به الحال الآن في سجن الولاية في توماستون يقضي عقوبةً بسبب محاولة سرقة بنك نورثبورت. وتذهب إليه الآنسة جايلز كل سنة على أمل أن يراها، لكنه يرفض دائمًا. وسيمكث في السجن عشر سنين.»
سألتُه: «وهو، ألا يشعر بالندم على ما فعل؟»
فالتفت الطبيب ريتشاردز فجأةً ونظر في وجهي مباشرةً وقال: «اسمعني، هل فكَّرت فيما تقول؟ أنا أعتقد الآن أنه بريء مثلي ومثلك. أعتقد أن روحَي التوءمين كانتا مرتبطتَيْن برباط لم يستطِع مشرط الطبيب جوكين قَطْعَه. فعندما مات جيكوب عادت روحه بكل فسادها إلى روحها التوءم في جسد ياخيئيل. ونظرًا لأن تلك الروح أقوى من روح ياخيئيل فقد استحوذت عليها وقهرتها. والمسكين ياخيئيل ليس مسئولًا، إنما يتحمَّل عقوبةَ جريمةٍ من الواضح أن جيك هو مَن اقترفها.»
تحدَّث صديقي بقدْر كبير من الصدق والحماس، وخلَص إلى أن شخصية ياخيئيل قد طُمست. ولم أدخل معه في نقاش. وفي ذلك المساء، بينما كنت أتحدث مع كاهن القرية قلت معلقًا:
«غريبة هي حالة توءمَيْ آل داو.»
فقال الكاهن: «آه، لقد سمعتَ القصة. بأي طريقة ختمها الطبيب؟»
«ماذا؟ بوجود ياخيئيل في السجن طبعًا. ماذا تقصد؟»
أجاب الكاهن بابتسامة خفيفة: «لا شيء. في بعض الأحيان عندما يكون الطبيب متعاطفًا مع الإنسانية، يجعل روح ياخيئيل تستحوذ على جيكوب وتُصلِحه ليكون مسيحيًّا محترمًا وتقيًّا. وعندما يكون في حالة مزاجية تشاؤمية، تكون القصة كما سمعتها. إذًا هذا يوم من الأيام التي ينتصر فيها جيكوب. ينبغي أن يأخذ إجازة قصيرة.»