خيالاتُ الرَّجل الجنسيَّة
بسبب المحظورات والتحريمات الكثيرة المُحاطة بالجنس، فإنَّ بعض الرِّجال يجدون صعوبةً بالغة في الاتصال الجنسي الكامل مع المرأة، ويفضِّلون أن يمارسوا الجنسَ في خيالهم، أو يستبدلوا جسدَ المرأة بشيء آخرَ مثل ملابسها الداخلية أو جوربها. أو يصبح لديهم جزءٌ من جسد المرأة كالذراع أو الثدي، مبعثًا للذةٍ أكثرَ من أعضاء المرأة الجنسيَّة. أو تصبح حركة من حركات المرأة أكثرَ إثارةً لهم من جسد المرأة ذاتها. هناك بعضٌ يثارون جنسيًّا إذا سمِعوا حفيفَ ثوب امرأة وهي تمشي، أو التقطت آذانهم طرقعةَ كعبٍ عالٍ. وهناك أيضًا من النِّساء مَن يثيرهن صوتُ الرَّجل وهو يسعل، أو حركة يده وهو يدخِّن، أو حينما يتنحنح.
مثل هذه الحركات أو الأصوات أو الأشياء تصبح مبعثًا للإثارة الجنسيَّة أكثرَ من الشخص ذاته، بل إنَّ الجسد يفقد قدرته على إثارتهم، وتصبح هذه الأشياء هي مصدرَ الإثارة فقط.
ومن المعروف أن هذا الانحراف الجنسي يحدُث عند الرِّجال أكثرَ منه عند النِّساء. ومن النادر أن نجد هذه المرأة التي يثيرها سروال الرَّجل أو جوربه. لكننا نصادف رجالًا لا يستطيعون أن يلمحوا سروالَ امرأة أو جوربها حتى تتملَّكهم الرغبة الجنسيَّة. وهناك أيضًا الرَّجل الذي يُثار لمنظر سروال صبي أو شَعره الخشن المنفوش أو عضوه الذَّكري. وهذه انحرافاتٌ لا يُعاني منها إلا قلةٌ من الرِّجال. على أنَّ الأغلبية من الرِّجال يشعرون بدرجاتٍ مُتفاوتة من الإثارة إزاءَ جسم المرأة وأعضائها على حسب شخصيته ودرجة نضوجه، وبمقدارِ ما ينحصر تركيزه على عضوٍ أو شيء معيَّن في المرأة.
وبمثلِ ما يستغل تجار الجنس والأفلام والقصص والفنون الجنسيَّة ميولَ الرَّجل السادية والماسوشية، فإن تجار ملابس النِّساء ومصمِّمي أزياء المرأة يستغلون أعضاء جسم المرأة من أجل إثارة الرَّجل، مركِّزين الاهتمامَ في كل «طراز» من الأزياء على جزءٍ معيَّن من المرأة، ويغيِّرون «الطراز» من عام إلى عام مستخدمين جزءًا آخرَ من جسم المرأة. وهكذا تروج البضاعة.
في سنةٍ من السنين يكون التركيز في أزياء المرأة على النهدين بحيث تصل فتحةُ الثوب حتى بداية الشق بين الثديين. ويرتبط خيال الرِّجال على مدارِ السَّنة بهذا الشق. ثم تأتي السنة التالية فإذا بالأنماط الجديدة تغطي الثديين وتكشف الفخذين كمحاولةٍ لتجديد إثارة الرِّجال، وبالتالي ترويج البضاعة والملابس. وفي السنة التي بعدها تُغطَّى الفخذان ويُكْشَف الخَصر، ويصبح خَصر المرأة هو صاحب النصيب الأكبر في خيال الرَّجل وإثارته … وهكذا.
إن الحضارة الذُّكورية القائمة على سيطرة الرَّجل من ناحية، وعلى المِلكية الخاصة والربح التجاري بأي شكلٍ من ناحية أخرى، تفرض على النِّساء أن يتحولن إلى أشياءَ أو سلعٍ في السوق التجارية.
ولهذا فإن شكل المرأة وجمالها لا يرجع إليها ولا يتحدَّد حسب إرادتها وشخصيتها، ولكنَّ إرادة الرَّجل هي التي تحدِّد شكل المرأة، وهي التي تغيِّره من حينٍ إلى حين، بحيث يساعد على نجاح بيع السيارات والأفلام ودهانات الوجه ومزيلات الشَّعر والرائحة والصابون المعطَّر وغير ذلك من إنتاج المصانع الرأسمالية. ويسمَّى شكل المرأة في هذه الحالة بالطراز الذي يحتل الصفحات والمجلات والصحف وشاشة السينما والتليفزيون.
ولأن الإنتاج الصناعي الرأسمالي غيرُ محكوم إلا بالربح ومضاعفة رأس المال بصرف النظر عن الاحتياجات الضرورية للأغلبية الساحقة من البشر، فإن معظم هذه السلع المنتَجة لا تمثِّل ضرورةً حيوية لكثير من النَّاس، ولكنها تدخل تحت بند الكماليات. وهل يتصوَّر أحدٌ أن هؤلاء الملايين من الكادحات والكادحين في المصانع والحقول يحتاجون إلى ذلك السائل المزيل لرائحة العَرق، هذا العَرق الذي لا يجفُّ عن أجسادهم ليل نهار؟!
ومن هنا تنشأ الحاجة إلى تلك الإعلانات الصارخة المجنونة التي تصرخ ليلَ نهار، مستخدِمةً أجساد النِّساء العارية والإثارة الجنسيَّة وكلَّ ما يمكنها استخدامه من أجل ترويج البضائع الكمالية وسط ملايين لم يحصلوا بعدُ على الأشياء الضرورية. ويستغل الرأسماليون بالطبع الحاجات النَّفْسية والجنسيَّة لشعوبٍ تعاني الكبتَ الجنسي والحرمان في ظل قيمٍ أخلاقية ودينية تجعل من الجنس إثمًا. ومن هنا تنشأ الازدواجية في موقف الرأسماليين. إنهم يشجِّعون، بل ويحرِّضون، الشعوبَ على التمسُّك بالأديان والأخلاق، وينفقون الأموال الطائلة من أجل خلق النَّعرات الدِّينية، وهم في الوقت نفسه يستخدمون الإعلانات العارية والفاضحة والضاربة بعُرض الحائط كلَّ القيم الدِّينية والأخلاقية. وهذا أمرٌ منطقي؛ لأنهم يحتاجون إلى الكبت الجنسي الناتج عن هذه القيم من أجل أن يصرفوه من خلال تصريف البضائع. وبالمثل يستخدمون المشاكل النَّفْسية والجنسيَّة الأخرى مثل العنف والعدوان والإدمان والانحرافات الجنسيَّة وغيرها من منتجات الحضارة الذُّكورية من أجل أن يصرفوا البضائع ويضاعفوا الربح.
وقد لوحظ أن الرِّجال في المجتمعات الشرقية يركِّزون اهتمامهم أكثرَ على ساقَي المرأة أو فخذيها، وبعضهم يركِّز على الردفين، أما في المجتمع الأمريكي مثلًا فقد كان ثدي المرأة هو ما يحتل المركز الأول في إثارة الرَّجل خلال النصف الأخير من القرن العشرين. وكان امتلاك الممثلة لثدي بارز مثير هو أهم ما يساعدها على النجاح في عالم السينما والفن والشهرة. قال لي أحدُ الرِّجال الأمريكيين إنَّ تعلُّق الرَّجل بثدي المرأة أكثرُ رقيًّا وتطورًا من تعلُّقه بساقيها أو فخذيها! وسألته عن سبب ذلك، فقال إن السَّبب تاريخيٌّ، وإن الرِّجال الأمريكيين تعلَّقوا في بداية القرن العشرين بساقَي المرأة؛ لأن المرأة الأمريكية سبقت المرأة الشرقية في تعرية ساقيها وفخذيها. على أنَّ أنماط الأزياء تغيَّرت في المجتمع الأمريكي في منتصف القرن العشرين وانتشرت الفساتين الطويلة (بعد أن ملَّ النَّاس ساقَي المرأة وفخذيها)، وأصبحت الأزياء الجديدة تُعرِّي الثدي، ومن هنا أصبح الثدي بؤرةَ الإثارة الجديدة.
أعتقد أنَّ الأزياء الجديدة الآن تُعرِّي الخَصر وجزءًا من البطن (على غِرار ملابس المرأة الهندية).
على أنَّ هذه التجارة وهؤلاء التجار لن يكفُّوا عن التغيير والتعرية والتغطية وأمامهم من البضائع المراد تصريفها الكثيرُ، وأمامهم أيضًا من أعضاء المرأة الكثير.
إنَّ هؤلاء النِّساء الغريرات اللائي يلهثن وراء ملاحقة «الأزياء» وآخر صيحة في الملابس والماكياج لا يدركن أنهنَّ لم يَعُدن نساءً وإنما أصبحن مجرَّد سلع أو أشياء، وأن الواحدة منهن لم تَعُد إنسانًا متكاملًا، وإنما حوَّلتها الحضارة الذُّكورية إلى شيء، إلى سروال، أو قفَّاز، أو سوار، أو ثدي، أو فخذ، أو في أحسن الحالات إلى «مهبل ورحم»، وهي حالة الزوجة التي تعيش في ظل الأسرة الأبوية وفي كنف الزوج المسيطر، وليس لها من وظيفة إلا الزواج والولادة.
إنَّ المرأة النَّاضجة لا تأبه بالأزياء، وترتدي ما تراه مناسبًا لجسمها وشخصيتها، والرَّجل الناضج كذلك لا يحوِّل المرأة إلى شيء أو إلى جزء، وإنما يراها إنسانةً متكاملة مثله. على أنَّ الذين ينضجون من الرِّجال أو النِّساء في هذه الحضارة قليلون، والأغلبية من البشر يسقطون ضحايا الإعلانات التجارية وضحايا القيم الرأسمالية المزدوجة.
أهمُّ سِمات هذه الحضارة التي نعيشها أنها تعتمد على تشييء الأشخاص وتجزئة الكل؛ لأنها حضارة ترتكز على الملكية، فقد أصبحت القيمة الأساسية للأشياء التي تمتلك، وأصبحت قيمة الشخص تتحدَّد بمقدارِ ما يملك لا بمقدارِ ما يكون شخصًا حقيقيًّا. ولأنَّ المرأة أصبحت شيئًا قابلًا للتجزئة وليست شخصًا كاملًا.
إنَّ الفَرق الأساسي بين الإنسان وبين الأشياء هو أنَّ الإنسان غيرُ قابل للتجزئة، لا يمكن أن نقسِّم الإنسان إلى ذراع وساق وبطن وصدر، وإلا فقدَ الصفة الأولى التي تجعله إنسانًا أو شخصًا. أما الأشياء فيمكن تجزئتها. يمكن أن نقطع الكعكة مثلًا إلى أجزاءٍ ونستخدم كل جزء على حدة.
كثيرٌ من الرِّجال حين يريدون مدْحَ امرأةٍ ما يقولون لها: أنتِ لذيذة كالكعكة. لكننا لم نسمع عن امرأة تمدح رجلًا وتقول له: أنت كالكعكة.
وقد تحيَّر كثيرٌ من علماء النَّفس والجنس في الأسباب التي تجعل الرَّجل يُثار جنسيًّا إذا ما تَعَرَّت أمامه فخذُ المرأة مثلًا في حين أنَّ المرأة لا تُثار جنسيًّا إذا ما كشف الرَّجل أمامها عن ساقه أو فخذه أو حتى عضوه التَّناسلي. وقال بعضهم ممن سبقوا فرويد إنَّ الطِّفلَ الذَّكر يميل أكثرَ إلى الخيالات الجنسيَّة، وإن نوعًا من الارتباط الشَّرطي يبقى في ذهنه، فيربط بين ثوبِ أمِّه مثلًا والإثارة الجنسيَّة، أو بين ملابس أخته الداخلية والرغبة. إنَّ هذا يحدُث في الأطفال الذُّكور الذين يميلون إلى الانطواء.
ولكن ألا يحدث هذا الارتباط الشرطي عند الأطفال والإناث؟ ألا تربط البنت بين ملابس أبيها الداخلية وبين الإثارة الجنسية؟ ألا تميل كثير من البنات إلى الانطواء؟ وهل تزيد الخيالات الجنسيَّة عند الذُّكور عنها عند الإناث؟ وقال فرويد إن مثل هذه الميول الجنسيَّة تظهر في الأطفال الذُّكور، وقد ترجع إلى «عامل» نفسي مجهول الأصل، على أنه قال إنَّ أكثر الأطفال عرضةً لها هم ذوو الحساسية الذين يقعون فريسةَ الفكرة المسلطة الثابتة والذين يُعرَّضون للإصابة بالعُصاب فيما بعدُ.
وقد أرجع فرويد هذه الظاهرة في عمومها إلى عقدة أوديب التي يشعر بها الطفل الذكر. وقال فرويد إن الطفل يمارس شيئًا يشبه العادةَ السرية بمداعبة عضوه الجنسي، وإن هذه الممارسة تعطيه إحساسًا بقيمة هذا العضو، لكنه يعيش في خوفٍ من أن يُفقِدَه أهله هذا العضو بسبب عدم موافقتهم على نشاطه الجنسي. وحينما يكتشف الطفل أن هناك مخلوقاتٍ أخرى (وهن الإناث) لا يمتلكن العضوَ الذي يمتلكه تتحقَّق مخاوفه، ويعتقد أن هؤلاء الإناث فقدن العضوَ كنوع من العقاب، ومن هنا يزداد خوفُه من فقدان عضوه ويصاب بما سُمِّي عقدة الإخصاء. وقال فرويد إن الرَّجل الذي يستعيض عن جسد المرأة بشيء من ملابسها الداخلية مثلًا هو ذلك الطفل الذي اشتدَّ خوفه من فكرة الإخصاء إلى حدِّ أنه رفض أن يصدِّق فكرةَ أن الأنثى فقدَت عضوها، وأن هذا العضو ما زال في جسدها بالرغم من إدراكه أنها لا تمتلك هذا العضو، وأن ملابس المرأة الداخلية (أو الشيء الذي استعاض به الرَّجل عن جسم المرأة) تلعب دورًا في تأكيد أوهامه بتمثيل غياب العضو في الأنثى. وقد دافع فرويد عن فكرته هذه بأن أمثال هؤلاء الرِّجال المنحرفين يُظهِرون نفورًا شديدًا من منظر أعضاء المرأة الجنسيَّة، وبعضهم يشعر بفزع لو رأى هذه الأعضاء عارية، لكنهم في معظم الأحيان يُخْفُون هذا النفور أو هذا الفزع.
أما لماذا تلعب ملابس المرأة الداخلية هذا الدور بالنسبة للرجل المنحرف في معظم الحالات، فيقول فرويد إن الملابس الداخلية تمثِّل للرجل اللحظةَ الأخيرة قبل أن تتعرَّى المرأة وقبل أن يكتشف أنها لا تملك العضو.
وقد رفض معظم علماء النفس الجدد تفسيرَ فرويد هذا، وأصبحت نظرية التحليل النفسي عاجزةً عن تفسير كثير من الظواهر الجنسيَّة التي يعيشها الرِّجال أو النِّساء.
وقد لعِب بحثُ كينزي وزملائه الذي نُشِر في منتصف هذا القرن دورًا كبيرًا في تفسير كثير من الظواهر الجنسيَّة. وقد تبِع ذلك عددٌ من البحوث التي شاركت في إلقاء مزيد من الضوء ونبَّهت الأذهان إلى العوامل الاجتماعية والتاريخية.
وبالرغم من أن كينزي قد خرج من بحثه بنتائجَ تفنِّد النظريات القديمة القائلة بوجود فروق بيولوجية وجنسية جوهرية بين الرَّجل والمرأة إلا أنه لم يستطِع أن يفسِّر أسبابَ هذا النوع من الانحراف بين الرِّجال.
قال كينزي إنَّ انتشار هذه الظاهرة في الرِّجال دون النِّساء يرجع إلى أن مجالات الإثارة الجنسيَّة عند الرَّجل أكثر اتساعًا وتنوعًا منها عند المرأة. وإن الرَّجل أيضًا أكثرُ عُرضة لأن يقع تحت تأثير الارتباط الشرطي بواسطة الإثارات، والسؤال هنا لماذا؟
إلا أن الكبت الذي يُفْرَض على المرأة في ظل الأسرة الأبوية والمجتمع الذُّكوري يصيبها بدرجاتٍ مختلفة من البرود الجنسي، وأن الرَّجل في هذه الحضارة أكثرُ حريةً في ممارسة الجنس والإثارة من المرأة.
لقد لاحظت مثلًا أن المرأة في مجتمعنا العربي لا تثيرها الصور العارية كما تثير المرأة في السويد أو الدنمارك؛ وذلك لأن الإثارة الجنسيَّة أصبحت مباحةً للمرأة في هذه المجتمعات، ولم تَعُد المرأة بحاجةٍ إلى أن تخفيَ هذه الإثارة أو تكبتها بوعي أو بغير وعي.
وفي ستوكهولم عاصمة السويد سمِعت من النِّساء عكس هذا الكلام، أي إن الواحدة منهن تحب النظر إلى جسدها في المرآة وتشعر بلذة وإثارة حين تفعل ذلك، وأن منظر عضو الرَّجل يثيرها ويشعرها باللذة.
هل يمكن أن نقول إن المرأة في السويد لم تَعُد امرأة أو لم تَعُد امرأة طبيعية؟ وهل المرأة المصرية مثلًا هي نموذج المرأة الطبيعية؟ هل يمكن أن نقول إن الخلاف الكبير بين المرأة المصرية والمرأة السويدية سببُه الاختلاف الهرموني والبيولوجي بين هذه وتلك؟ هل المرأة السويدية تملك عضوًا أكبر أو بظرًا أكبر من بظر المرأة المصرية؟ ربما يقول البعض إن هذا صحيح في تلك الحالات التي يُقْطَع فيها بظر البنات المصريات (عملية الختان الشائعة في مصر)، ولكن هل هذا القطع عملٌ طبيعي أم تدخُّل اجتماعي ضد الطبيعة؟
أصبح من الواضح الآن أن انخفاض الرغبة الجنسيَّة أو درجة الإثارة أو سرعتها تحدِّدها الظروف الاجتماعية والأخلاقية والتربوية في المجتمع أكثرَ من أي شيء آخر.
ومن المهم أن أشيرَ هنا إلى أنني لم أجد في المرأة السويدية رغم حريتها الجنسيَّة المرأةَ والإنسانةَ المتكاملة الشخصية؛ ذلك أن المجتمع السويدي ما زال مجتمعًا ذكوريًّا رأسماليًّا.
إنَّ الخجل والخوف والنقص والإثم والذنب كلها صفاتٌ وأحاسيسُ ترتبط في ذهن الطفل بالجنس، وهي ترتبط في ذهن البنت أكثرَ مما ترتبط في ذهن الصبي بسبب التفرقة في المعاملة وازدواجية القيم الأخلاقية من حيث فرض العفة على النِّساء وإباحة الجنس والتعدُّد للرجال بصفة عامة.
ولأن الضغط على البنت أكثرُ من الولد، ولأن الكبت الجنسي عليها أشدُّ فهي تنكر الجنس أكثرَ مما ينكره الولد.
إنَّ إنكار الجنس لفترات طويلة من حياتها كطفلة ومراهقة وشابة يصيبها في النهاية بالبرود الجنسي، وتدرك بوعي وبغير وعي أنها في غير حاجة إلى الجنس، وأنها لا تثار، بل إن المناظر الجنسيَّة تسبِّب لها النفور. وهذه عملية دفاعية تلجأ إليها البنت بوعي وبغير وعي لتحمي نفسها من الإثارة؛ لأنها تعرف أن هذه الإثارة ستسبِّب لها الكوارث والمشاكل، أو على الأقل ستكون إثارةً مجهَضة؛ لأنها لن تستطيع أن تشبِعَها، ولن يُسمحَ لها بإشباعها بأي حال من الأحوال.
أمَّا الطِّفل الذَّكر فهو لا يصل إلى هذه الحالة ولا يصل الكبت الجنسي بالنِّسبة إليه إلى هذا الحد. إنَّه يشعر في مراهقته أنَّه يستطيع أن يُمارس العادة السِّرية، ويستطيع أن يُغازل البنات، ويستطيع أن يشتريَ الصور العارية، ويستطيع أن يذهب إلى المومسات أو يعتدي على الخادمات، ومن هنا تكون فرصة الإثارة الجنسيَّة أمامه أكثرَ تنوعًا وأكبر مجالًا واتساعًا من البنت. إنه يستطيع أن يستخدم عينيه في النظر إلى جسد البنات، لكن البنات يطرقن خجلًا. إنه يستطيع أن يدرِّب عينيه على رؤية الصور العارية، ويدرِّب أذنيه على سماع الكلمات الجنسيَّة، ويدرِّب أنفه على شم الروائح الجنسيَّة وهكذا … تتعدَّد تجاربه وتتعدَّد معها أنواع الإثارة.
أحدُ أنواع هذه الإثارة هي ملابس المرأة الداخلية التي يلمحها الطفل كثيرًا حين تجلس أمُّه أو أخته أو أقاربه من النِّساء. كثير من النِّساء حين يجلسن تظهر سراويلهن الداخلية. ويشعر الطفل الطبيعي بالإثارة الجنسيَّة، لكن إحساس الذنب والخوف من أهله يصيبه بالقلق كلما فكَّر في الجنس أو شعر برغبة جنسية. قد يزيد خوفه وقلقه إلى الحد الذي يجعله ينكِر الجنس تمامًا ويشعر بالعجز الجنسي. وأحيانًا يتشكك في قدرته الجنسيَّة، أو يخشى أن يعاقبه الأهل فيقطعوا عضوه ويصاب بما سمَّاه فرويد الإخصاء. وهي تسميةٌ خاطئة؛ لأن الإخصاء معناه قطعُ الخصيتين. والرَّجل المخصي لا ينجب أطفالًا لكنه يظل محتفظًا بقوَّته الجنسيَّة. أما قطعُ العضو التناسلي فهو يُفقِد الرَّجل العضو، وبالتالي يفقد الانتصاب.
إن معظم الأطفال يثارون جنسيًّا حينما يرون سراويل البنات، لكن معظمهم يكبرون ويتغلبون بدرجاتٍ متفاوتة على مخاوفهم القديمة وإحساسهم بالذنب والنقص. لكن هناك مَن يتوقَّف نموُّه (بسبب الخوف الشديد) عند هذه المرحلة، ويظل سروال المرأة (وليس المرأة ذاتها) هو الذي يثيره ويسبِّب له الانتصاب.
مثل هذا النوع من الرِّجال حين يتصل بالمرأة يشعر أنها بقدرِ ما تثير رغبته فهي تفقده القدرةَ على الانتصاب. وهناك حالات من الخوف أقلُّ من هذه يعاني منها عددٌ غير قليل من الرِّجال، هذا الخوف الذي يفسِّر لنا تلك الظاهرة الشائعة بين الرِّجال، وهي أن الرَّجل يفقد قدرته على الانتصاب في لقائه الأول مع امرأة جديدة أو عروسه مثلًا، ويسمَّى «عجز ليلة الزفاف» بسبب التهيُّب والتخوُّف. لكنه يستعيد قدرته بعد ذلك، وفي حالات الخوف الأشد يصبح السروال أو أيُّ شيء آخر وسيلةً للهروب من الشيء المخيف، ودفاعًا عن النفس، وتأكيدًا للرجل أنه ما زال قادرًا على الانتصاب، كأنما يصبح السروال في تلك الحالة حجابًا سحريًّا يحفظ للرجل قوَّته. إنه إحدى الوسائل التي يستخدمها الرَّجل حين يشعر بالخوف، وحين يشكُّ في أن قدرته الجنسيَّة ستتغلب على هذا الخوف.
وبالرغم من أن الخوف هو السَّبب الرئيسي وراء مثل هذه الاستبدالات والانحرافات، إلا أنَّ هناك بعض الحالات التي تنتج عن تلك الظاهرة الفسيولوجية المعروفة بالارتباط الشرطي، وهي تحدث للذكور كما تحدث للإناث.
إحدى الحالات كانت لشابٍّ يشعر بالانتصاب كلما رأى مسدسًا، واتضح من دراسة طفولته أنه كان وهو طفل متعلقًا بأمه، لكن أمه ماتت وهو طفل، وكان آخر ما أعطته له أمُّه لعبة على شكل مسدس. وأصبح هذا الطفل يأخذ هذا المسدس كلَّ ليلة في سريره ليذكِّره بأمه وليحضنه كما كان يحتضن أمه. حين كبر هذا الطفل وأصبح شابًّا لم يكن يستطيع أن يتصل بأية امرأة إلا وإلى جواره المسدس.
وقد كان «بافلوف» هو العالِم الفسيولوجي الروسي الذي اكتشف ظاهرةَ الارتباط الشرطي حين أجرى تجربته المعروفة على الكلب. ووجد أن الكلب يسيل لعابُه عند دقِّ الجرس الذي أصبح علامةً للأكل بعد أن دقَّ عدة مرات سابقة في أوقات تقديم الطعام. وخرج «بافلوف» من تجاربه بعد ذلك أن الإنسان والحيوان أيضًا يتعلَّم الاستجابة لبعض المثيرات التي كانت قبل ذلك لا تؤثِّر فيه.
وبالمثل، فقد تعلَّم هذا الطفل الاستجابةَ للمسدس كمبعث إثارة جنسية وعاطفية، بمعنًى آخر ارتبط المسدس في ذهن الطفل بالراحة والتخلُّص من التوتر الجنسي، وأصبح المسدس مؤثرًا كجسد المرأة على قدرته الجنسية. وفي النهاية أصبح المسدس بديلًا عن المرأة في إثارته وفي إحداث اللذة الجنسية.
وقد يحدُث مثل هذا الارتباط الشرطي للبنت التي تستبدل الرجل بالوسادة أو أي شيء آخر بسبب الحرمان الشديد في الطفولة من حب الأب أو الأم أو بديليهما، أو بسبب شدة الإحساس بالذنب.
إنَّ جسد الرَّجل يسبِّب لها إحساسًا بالذنب، أما الوسادة فشيء آخر يمكن أن يمنحها اللذةَ بغير إحساس بالذنب.
إنَّ اللذة الجنسيَّة حين تُكْبَت بشدة (في حالة الولد أو البنت) فإنها تنحرف عن هدفها الطبيعي، وهو جسدُ الرَّجل أو جسد المرأة، وتتجه إلى شيءٍ آخرَ بعيدٍ عن الجسد، وبعيد بالذات عن الأعضاء الجنسيَّة؛ ولهذا تصبح هذه الأعضاء عند هؤلاء مصدرًا للنفور والغثيان وليست مصدرًا للذة أو الإثارة.
هذا الخوف من المرأة ومن أعضائها هو الذي يجعل بعضَ الرِّجال يبحثون عن أشياءَ أنثوية أخرى تبعث فيهم اللذة ولا يصاحبها مثل هذا الخوف.
والأشياء الأنثوية هي الأشياء التي تستخدمها النِّساء ولا يستخدمها الرِّجال مثل المشدات، والجواهر، والكعب العالي وغيرها.
كثير من الرِّجال يحبُّون أن ترتديَ المرأة المشدات والجواهر والكعب العالي، وكل الأشياء الأنثوية الخاصة بالنِّساء وحدَهن، التي تزيد من الفروق بين النِّساء والرِّجال، أو أن تتبرج المرأة وتصبح أقربَ ما تكون إلى المومسات، وأبعدَ ما تكون عن الأمهات، والسَّبب في ذلك يرجع إلى إحساس الطفل القديم بالذنب حين اشتهى أمَّه المحرَّمة، بالإضافة إلى الإحساس بالنقص ورغبة الرَّجل في تأكيد ذكورته الشديدة. إن تأكيد الصفات الذُّكورية الشديدة لا يمكن أن يتحقَّق إلا في مواجهة الصفات الأنثوية الشديدة التناقض معها، كالأبيض لا يصبح أبيضَ إلا في مواجهة الأَسْود.
إنَّ الرَّجل من هؤلاء لا يطيق امرأةً بغير مشدات أو بغير جواهر أو بغير كعبٍ عالٍ؛ لأنها تصبح في نظره شبيهةً بالرِّجال، وهذا الشبه يفزعه؛ لأنه لا يستطيع أن يؤكد ذكورته إلا عن طريق الاختلاف، وكلما كان الاختلاف شديدًا بينه وبين المرأة تأكَّد من إحساسه برجولته.
ولعل هذا يفسِّر لنا بعضَ نماذج تلك الأزياء النسائية الصارخة في الملابس والزينة والأحذية، التي تركِّز أكثرَ ما تركِّز على إبراز الاختلافات بين الرِّجال والنِّساء. هذه الفساتين الضيقة التي تُظهِر الأرداف والأثداء. هذه الكعوب العالية المدبَّبة التي تجعل خطوات المرأة بطيئة، متأرجحة وأحيانًا مؤلمة. وكم يحب الكثيرون من الرِّجال هذا الكعب العالي المدبَّب المؤلم. إنه بالإضافة إلى تأكيد الاختلافات الشديدة بين مِشية الرَّجل ومِشية المرأة، أو شكل قدمَي الرَّجل وشكل قدمَي المرأة، فإنه يؤلم المرأة ويلعب هذا الألم دورًا في تخفيف الرغبات السادية والماسوشية عند الرِّجال.
إنَّ هذا الكعب العالي المنتشر بين نساء العالَم أجمع، الذي يشوِّه مِشية المرأة ويبطئها ويؤلمها، هذا الكعب العالي يسعد الرِّجال إلى حدِّ أنهم صمَّموا أرضَ الطيارات وممرَّات ناطحات السحاب بحيث تناسب كعوبَ النِّساء العالية. لقد أصبح الكعب العالي سلاحًا خطيرًا ضمن الأشياء الأنثوية الأخرى التي تزيد من الفروق بين الرَّجل والمرأة، والتي تجعل النِّساء أكثرَ ضَعفًا وأكثر قيودًا وأكثرَ هزالًا، بحيث يمكن للرجل أن يتخذ موقفَ الأقوى بسهولة.
ويلعب التُّجار والرأسماليون على هذه العُقَد الذُّكورية ويستخدمونها في تصميم إعلاناتهم عن البضائع؛ ولذلك تتجه الإعلانات دائمًا إلى إبراز المظاهر الأنثوية مثل الكعب العالي، والثدي والأرداف والشَّعر والخَصر، والمشدات والشفتين، وملابس المرأة الداخلية المميزة.
على أنَّ الرَّجل الناضج الواثق من نفسه كرجل وشخص متكامل لا يُثار من هذه الأشياء ولا يحرص على إبراز أو تضخيم الفروق بين الرَّجل والمرأة. وكذلك المرأة الناضجة الواثقة من نفسها كامرأة وشخص متكامل لا تحرص على إبراز أو تضخيم ما سُمِّي بالأنوثة، إنها لا ترتدي مثل هذا الكعب الأنثوي العالي؛ لأنه يؤلمها ويعطِّل حركتها، وتفضِّل الكعب المنخفض الذي يمنحها حريةَ الحركة وسرعتها، إنها واثقة كل الثقة من شخصيتها كامرأة، وهي في غير حاجة إلى عوامل مساعدة لتأكيد أنوثتها، إن هذا التأكيد ينبع من ذاتها نفسِها. كذلك الرَّجل الناضج الواثق من نفسه، إنه لا يحتاج إلى كل تلك المبالغات في الفروق بين الرَّجل والمرأة أو كل تلك العوامل المساعدة لتأكيد ذكورته، إنَّ هذا التأكيد ينبع من ذاته نفسِه.
هؤلاء النِّساء والرِّجال الناضجون الواثقون من ذواتهم لا يفزعهم أن يسيروا في الشارع هذه الأيام فيقابلوا شابًّا له شَعر طويل، أو فتاة ترتدي سروالًا. إنهم لا يفزعون من أن يروا شخصًا ما من الخلف فلا يعرفون إذا كان ولدًا أو بنتًا. إنهم لا يفزعون من أن تختفيَ الفروق الشكلية بين الرِّجال والنِّساء؛ لأنهم واثقون من حقيقة أنفسهم كرجال أو كنساء، وليسوا في حاجةٍ إلى وسائلَ أخرى خارج أنفسهم لتؤكِّد لهم حقيقتهم.
إنَّ أهمَّ مقوِّمات الصحة النَّفْسية ورضا الإنسان وسعادته في مختلِف نواحي الحياة (ومنها الناحية الجنسيَّة) هي أن يكون الإنسان نفسه، وألا يكون نسخةً أخرى من الآخرين، رجالًا كانوا أو نساء.
لكنَّ الحضارة الذُّكورية التي نعيشها تفرض على الرِّجال ألا يكونوا أنفسهم، بل أن يكونوا ذكورًا، وتفرض على النِّساء ألا يكُنَّ أنفسهن، بل أن يكنَّ إناثًا. بمعنًى آخر أن الرَّجل يجد نفسه مطالَبًا دائمًا ومنذ الطفولة بأن يكون صورةً أكبر وأضخم من حقيقته ليصبح الذَّكر المنوط به السيطرة والتحكم في أسرته الأبوية. وتجد المرأة نفسَها مطالَبة دائمًا ومنذ الطفولة بأن تكون صورةً أقل من حقيقتها لتصبح الأنثى المنوطَ بها الخضوع والطاعة والخدمة داخل الأسرة الأبوية.
ولا شك أن كلتا الحالتين، تكبير النفس أو تصغيرها، عمليةٌ مرهقة على الإنسان تسبِّب القلق الدائم والخوف من الفشل. إنها مرهقة لأنها موجَّهة ضد النفس الحقيقية.
على أنَّ عملية تكبير النفس وتضخيمها المطلوبة من الرَّجل أشدُّ صعوبة، وبالتالي فإن خوف الرَّجل من الفشل أشدُّ من خوف المرأة، ومن هنا أيضًا تنشأ مخاوف الرَّجل الجنسيَّة، وقلقه على قدرته، وخوفه من فقد الانتصاب، ومشاكل السادية والماسوشية وغيرها.
وهناك قلةٌ من الرِّجال والنِّساء، كما ذكرتُ سابقًا، استطاعوا أن يرفضوا عمليةَ التكبير أو التصغير، وساعدتهم ظروفهم في الطفولة على أن يثقوا في نفوسهم الحقيقية ويحترموها، ساعدتهم ظروفهم التي منحتهم الحريةَ أن يكونوا أنفسهم، وهذا هو ما يُطلق عليه النضوج.
إنَّ قمَّة نضوج الشخصية هي أن يُصبح الإنسان نفسَه، هي أن ينجح في التغلب على القوى الأسرية والاجتماعية في المجتمع الذُّكوري التي تفرض عليه تغيير نفسه.
ولا يمكن للرجل أو المرأة بغير هذا النضوج أن يعرف الحبَّ الحقيقي، فالحب يتطلَّب أول ما يتطلب من الإنسان أن يكون نفسَه على حقيقتها.
حينما ينضج الرَّجل ويعرف نفسَه الحقيقية يدرك أنه إنسان تمتزج فيه على الدوام الصفات الإنسانيَّة المتغيرة والمتناقضة من حيث القوة والضَّعف والإيجابية والسلبية والإقدام والإحجام والشجاعة والجبن والنشاط والتراخي والأخذ والعطاء، بمعنًى آخر يدرك الرَّجل أنَّ فيه من الصفات ما يمكن إدراجُه تحت بند الأنوثة (حسب تصنيف الحضارة والمجتمع)، وفيه من الصفات ما يمكن إدراجه تحت بند الذُّكورة أو الرجولة.
وكذلك المرأة حين تنضج وتعرف نفسَها الحقيقية، تدرك أنها إنسانة تمتزج فيها على الدوام الصفاتُ الإنسانيَّة المتغيِّرة والمتناقضة من حيث الإيجابية والسلبية والقوة والضَّعف والشجاعة والجبن والإقدام والإحجام والنشاط والتراخي والأخذ والعطاء.
أي إنَّ الرَّجل الناضج والمرأة الناضجة يكتشفان أنهما متشابهان، ومن هنا الفهم الواعي الجديد للحب الناضج أو الحب الحقيقي، هذا الحب الذي يقوم على التشابه وليس على الاختلاف.
الإنسان الناضج يسعده التشابه، أما الإنسان غير الناضج فإنَّ التشابه يفزعه. وهذا الفزع يرجع، كما ذكرتُ سابقًا، إلى أنه فقدَ نفسَه الحقيقية ولم يَعُد لديه ما يؤكد له وجود هذه النفس إلا الظواهر الخارجية التي تقول له إنَّ هذا «ذكر»، وإنَّ هذه «أنثى»، أو: أنا «ذكر» وهي «أنثى»، وأنَّ سعادته بالاختلاف الظاهر الواضح أو الصارخ بين الرِّجال والنِّساء. ومن هنا ذلك الرأي الذي شاع عن أنَّ الحب يقوم على الاختلاف، وأنَّ الرَّجل يلتقي بنقيضه الأنثى، وأن الواحد منهما يكمل الآخر. وهذا التعبير «يكمل الآخر» يدل على أن الرَّجل والمرأة من هؤلاء يشعر أنه ناقص وأنه في حاجة إلى مَن يكمله، وهذا الشعور بالنقص يتلاشى مع النضوج.