الفصل الثاني

الجامعة

كانت الأشهر القليلة الأولى من تلك السنة الدراسية في الجامعة أفضل العطلات لدى رانجيت سوبرامانيان. وبالطبع لم يكن ذلك بسبب المحاضرات ذاتها. فقد كانت هذه المحاضرات رتيبة للغاية. لكنها كانت تستغرق بضع ساعات في اليوم، وبعدها يتاح لرانجيت وجاميني باندارا كل الوقت الذي لم تستأثر به الجامعة بعد، فضلًا عن مدينة مثيرة يستكشفانها معًا. زار رانجيت وجاميني المدينة بأكملها بدءًا من حديقة أيتام الفيلة في بينيوالا وحديقة حيوان ديهيوالا وصولًا إلى نادي الكريكيت والعديد من الأماكن الأقل شهرة. بالطبع قضى جاميني معظم حياته في كولومبو. واستكشف جميع هذه الأماكن وأكثر من ذلك منذ زمن طويل، لكن تعريف رانجيت بها جعله يشعر أنه يراها لأول مرة. تمكَّن الفَتَيان أيضًا من زيارة بضعة متاحف ومسارح دون أن يتكلفا الكثير من المال، فقد كان والدا جاميني يتمتعان بعضوية أو بطاقات اشتراك لكل مكان في كولومبو، أو لكل الأماكن الجديرة بالاحترام على الأقل. أما أماكن الجذب غير الجديرة بالاحترام فكان الفتيان يكتشفانها بنفسيهما. كان يوجد العديد من الحانات والملاهي المتدنية المستوى التي تقدم شراب التودي، وأيضًا نوادي القمار التي كانت سببًا في اشتهار كولومبو بأنها «لاس فيجاس المحيط الهندي». وبطبيعة الحال زار الفتيان هذه الأماكن، لكنهما لم يكترثا كثيرًا للعب القمار، ومن المؤكد أنهما لم يحتاجا إلى تناول الكثير من المُسْكِرات كي يشعرا بالسعادة. فالشعور بالسعادة كان شأنهما دائمًا.

عادةً ما كان رانجيت وجاميني يلتقيان وقت الغداء في غرفة طعام الطلاب حالما ينتهيان من محاضرات الصباح. ولسوء الحظ لم تكن تجمعهما أيٌّ من هذه المحاضرات. فلما كان جاميني قد استلهم من والده اهتمامه بالعلوم السياسية والقانون، كان عدم اجتماعهما في المحاضرات أمرًا محتومًا إلى حد بعيد.

وإن لم يُتح لهما الوقت للتجول داخل المدينة، كانا يحصلان على نفس القدر من المتعة تقريبًا عن طريق استكشاف حرم الجامعة نفسه. في البداية وجدا مدخلًا يسهل التسلل منه إلى ردهة كلية الطب. كانت تلك الردهة هدفًا مبشِّرًا بما تحتويه من أطباق الحلوى وكميات كبيرة من المشروبات (غير الكحولية). وللأسف كانت هذه الأشياء بعيدة عن متناول الفتيَين دائمًا، ذلك أن ردهة الكلية تكاد لا تخلو أبدًا من أعضاء هيئة التدريس. عثر جاميني على مكان فتحات التهوية بغرفة تغيير ملابس الفتيات في صالة الألعاب الرياضية بكلية التربية، وكثيرًا ما كان يستغلها تاركًا رانجيت في حيرة. وفي بناية غير مكتملة البناء ملحقة بمبنى «طريق الملكات» وتبدو في ظاهرها مهجورة وجد الاثنان كنزًا. بحسب اللافتات البالية كانت هذه البناية ستخصص كليةً للقانون المحلي، وقد أُسِّست في وقت كانت الحكومة تعرض فيه السلام ليس على التاميليين فحسب وإنما على المسلمين والمسيحيين واليهود أيضًا.

كانت البناية نفسها شبه مكتملة، واحتوت على صف من المكاتب غير المجهزة بالأثاث والمخصصة لأعضاء هيئة التدريس، فضلًا عن قاعات دراسة بالكاد بدأ العمل فيها. أما المكتبة فقد بلغت مرحلة متقدمة في البناء. حتى إنها اشتملت على الكتب. أشار جاميني — الذي أصر والده على تعليمه اللغة العربية المبسطة في سن مبكرة — أن كتب الحنفية والمالكية والحنابلة في أحد جانبَي القاعة كانت موجَّهة لأهل السنة، وأن كتب المذهب الجعفري في الجانب الآخر من القاعة خاصة بالشيعة. وفي فتحة صغيرة بين الجانبين استقر جهازا كمبيوتر متوقفان عن العمل، لكنهما صالحان للتشغيل في أي وقت.

أثار هذا المبنى الشاغر داخل الفتيَين الرغبة في الاستفادة منه. وهذا ما حدث بالفعل. ففي وقت وجيز اكتشفا قاعة استقبال مزودة بأثاث بسيط؛ كان مكتب موظف الاستقبال من الخشب الرقائقي، والكراسي المصطفة بجوار الحائط من النوع القابل للطي الذي يوجد غالبًا في قاعات دور الجنازات. لكن ذلك لم يكن اكتشافهما الأكثر تشويقًا. فعلى سطح المكتب وجدا مجلة أمريكية مصورة — من نوعية المجلات المخصصة لحياة مشاهير هوليوود — بجوار غلاية كهربائية وعلبة ملفوفة بورق الألومنيوم بها طعام أحد الأشخاص.

لم يكن هذا المكان المنعزل يحظى بالسرية الكاملة مثلما ظن الفَتَيان. لكن أمرهما لم يُكتشف، فضحكا ضحكة خافتة وهما يعجلان بمغادرة المكان.

أشاع اكتشاف المكان الجديد السرور في نفس رانجيت. في حين أن الدراسة في الجامعة لم تترك الأثر نفسه. ومع اقتراب رانجيت من نهاية العام الأول، كان قد تعلَّم أشياء كثيرة رأى أن القليل منها هو الذي يستحق عناء المعرفة. واعتبر رانجيت أن قدرته المكتشَفة حديثًا على تصريف معظم الأفعال المنتظمة في اللغة الفرنسية بل وتصريف عدد قليل من أهم الأفعال الشاذة مثل الفعل «يكون» لا تندرج ضمن فئة الأمور التي تستحق المعرفة. ورغم ذلك كان ثمة جانب إيجابي هو حصوله بطريقة ما على درجة النجاح في مادة اللغة الفرنسية، وهو ما يمكِّنه من تأمين مكان له كطالب لسنة تالية.

علاوةً على ذلك كاد علم الأحياء الذي يبغضه رانجيت كثيرًا أن يصبح مشوِّقًا عندما نفدت ضفادع التشريح لدى مدرس المادة (الذي أبغضه رانجيت بنفس الدرجة) وانتقل بعدها من الحديث النظري عن الحشرات الناقلة للأمراض إلى بعض القصص الإخبارية الواقعية التي تتداولها وسائل الإعلام في كولومبو. كانت هذه القصص تدور حول وباء جديد متفشٍّ يُدعى شيكونجونيا. كان اسمًا مأخوذًا من اللغة السواحلية ومعناه «الشيء المنحني» كناية عن وضع الانحناء الذي يتخذه المرضى الذين يعانون من ألم المفاصل الفتاك. بدا أن فيروس الشيكونجونيا كان موجودًا منذ فترة لكن بأعداد تكاد لا تذكر. أما الآن فإنه يعاود الظهور فجأةً، ويصيب جحافل من بعوضة الحمى الصفراء المصرية. أصيب آلاف الأشخاص في جزر سيشيل وغيرها من جزر المحيط الهندي بطفح جلدي وحمى وألم في المفاصل يُفقِد القدرة على الحركة، ونبَّههم المدرس إلى أنه ما زالت في سريلانكا أعداد لا حصر لها من المستنقعات وبرك المياه الراكدة التي تعد بيئة خصبة لتكاثر بعوضة الحمى الصفراء. لم يتطرق المدرس بالنفي أو الإثبات إلى الشائعة التي تقول إن كائن الشيكونجونيا ربما استُخدم «كسلاح» — أي إنه تم تخليقه خصوصًا لاستخدامه في الحرب البيولوجية (دون ذكر للدولة التي استخدَمَت أو استُخْدِم ضدها هذا السلاح) — وأنه انتقل إلى أراضي المحيط الهندي بصورة أو بأخرى.

اعتبر رانجيت أن هذا الحديث هو الأكثر تشويقًا ضمن الموضوعات المقفرة لمادة أساسيات الأحياء. دول مُعادية؟ مرض يستخدم كسلاح؟ أراد رانجيت التحدث مع جاميني حول هذه الأمور، غير أن هذا لم يكن ممكنًا. فجاميني مرتبط بمحاضرة في العلوم السياسية قبل الغداء مباشرة، وهكذا فلن يتمكن رانجيت من الحديث معه قبل ساعة أخرى على الأقل.

ولما استبد به الملل أقدم رانجيت على فعلٍ تحاشى القيام به معظم الفصل الدراسي. كان هناك ندوة مفتوحة للجميع من فاعلي الخير المتطوعين حول مشكلات المياه في العالم. استُحِث جميع الطلاب على الحضور، وكالمتوقع اتخذ معظمهم موقفًا حاسمًا بالتغيب عن حضور الندوة. وهكذا صارت الندوة مكانًا يستطيع فيه رانجيت أخذ سِنَة من النوم دون أن يتحدث إليه أحد.

لكن المُحاضر افتتح الندوة بالحديث عن البحر الميت.

لم يكن رانجيت قد فكر من قبل في البحر الميت، غير أن المُحاضر اعتبره كنزًا مستترًا. فقد ذكر أنه يمكن حفر قنوات من البحر المتوسط إلى البحر الميت على عمق أربعمائة متر أسفل مستوى سطح البحر والاستفادة من فرق الارتفاع في توليد الكهرباء.

تسارعت الأفكار في عقل رانجيت. واعتبرها حلًّا للمشكلة على نطاق واسع وأنها تستحق التنفيذ! وصار لا يطيق صبرًا على إخبار جاميني بها.

•••

لكن عندما ظهر جاميني أخيرًا في وقت الغداء، لم يبدِ تأثرًا بالفكرة. وإنما قال: «إنه موضوع قديم. أخبرنا صديق والدي الدكتور العصر — وهو مصري الجنسية درس مع أبي في نفس المدرسة بإنجلترا — بهذا الأمر بينما كنا نتناول العشاء معه ذات مرة. لكن هذه الفكرة لن تتحقق أبدًا. فهي فكرة إسرائيلية، والأفكار الإسرائيلية لا تروق الدول الأخرى هناك.»

أبدى رانجيت دهشته مما سمع. فالمُحاضر لم يذكر أنها فكرة إسرائيلية. أو أنها طُرحت منذ عشرين عامًا، وأنه ما دامت هذه القنوات لم تُبنَ في عشرين عامًا فمن غير المرجح أن تُبنى الآن.

ولم يثر الحديث عن الشيكونجونيا اهتمام جاميني أيضًا، ثم حان دوره في أن يُعَلِّم رانجيت شيئًا. قال جاميني لصديقه: «مشكلتك هذه يطلقون عليها متلازمة «جي إس إس إم». أتعرف ما هي؟ كلا، لا تعرف، لكنها تصف حالتك تحديدًا. فأنت تشغل نفسك بأمور عديدة يا رانج. وتترك عقلك مشتتًا بين هذه الأمور. يقول أستاذ علم النفس إن ذلك قد يصيبك ببلادة العقل؛ فكل مرة تنتقل فيها من أمر لآخر، تعوق نفسك عن مواصلة الأمر الأول، وقد يؤدي تكرار ذلك كثيرًا إلى التأثير الدائم على القشرة الدماغية الجبهية وإصابتك باضطراب نقص الانتباه.»

قطَّب رانجيت جبينه. كان يعبث بكمبيوتر جاميني المحمول. بدأ رانجيت مؤخرًا تعلُّم كل ما يستطيع حول أجهزة الكمبيوتر. وأخيرًا قال: «ما اضطراب نقص الانتباه هذا؟ ثم ما هي متلازمة «جي إس إس إم»؟»

نظر إليه جاميني مستنكرًا. وقال: «يجدر بك محاولة متابعة آخر المستجدات يا رانج. اضطراب نقص الانتباه واضح من اسمه، و«جي إس إس إم» اختصار للحروف الأولى من أسماء الأشخاص الأربعة الذين بحثوا في متلازمة أداء عدة مهام في وقت واحد. وهم جرافمان وستون وشوارتز وماير. يُذكر أن سيدة تدعى يونج جيانج شاركت في هذا البحث أيضًا، لكني أظن أنه لم يكن هناك متسع لوضع أول حرف من اسمها. على أي حال يبدو لي أنك مشغول للغاية بأحداث تتعدى نطاق سيطرتك.»

كان كمن ضُبط في حالة تلبس. ورغم ذلك حرص رانجيت قبل أن يأوي إلى فراشه تلك الليلة أن يشاهد الأخبار ليثبت أنه ليس متأثرًا بآراء صديقه. لم يكن كثير من هذه الأخبار سارًّا. ما زال الكثير من الدول تصرح في تعنت أن لديها كل الحق في اختيار البرامج النووية التي تنفذها، بل إن معظم هذه الدول دخل مرحلة التنفيذ الفعلي. وكالمعتاد كانت كوريا الشمالية تمعن في إظهار نفسها نموذجًا للدولة المارقة. وفي العراق الذي تعتريه اضطرابات دائمة، هددت غارة للشيعة على أراضٍ كردية غنية بالبترول ببدء سلسلة جديدة من الاضطرابات التي صارت طابعًا مميزًا لهذا البلد.

وهكذا كان حال بقية الأخبار.

•••

وثمة أمر شخصي على وشك أن يضاف إلى قائمة الأخبار السيئة في غداء اليوم التالي أيضًا.

لم يدرك رانجيت ذلك على الفور. عندما رأى صديقه جاميني — وهو واقف أمامه يحدق في الكافيتريا بارتياب بدلًا من أن يطلب طعامهما — لم يشعر رانجيت بشيء سوى سعادته لرؤية صديقه مجددًا. لكنه انتبه للتعبير الذي علا وجه جاميني وهو يتخذ مقعده. سأله رانجيت: «هل من خطب؟»

أجاب جاميني على الفور: «خطب؟ لا، بالطبع لا.» ثم تنهد، واستطرد قائلًا: «تبًّا، في الواقع يا رانجيت هناك أمر أود إخبارك به. إنه عهد قطعته لأبي منذ سنوات.»

ساور الشك رانجيت في الحال. فلا يمكن أن يُرجَى خير من وراء عهد يخبره عنه بهذه اللهجة. وتساءل: «أي عهد هذا؟»

– «وعدت أبي أن أقدم أوراقي للانتقال إلى كلية لندن للاقتصاد بعد أن أنهي عامي الأول هنا. فقد زارها منذ سنوات، ويظن أنها أفضل كلية لتدريس العلوم السياسية في العالم.»

امتزج الاستياء بالدهشة في صوت رانجيت. قال متسائلًا: «العلوم السياسية؟ في كلية اقتصاد؟»

– «هذا ليس اسم الكلية كاملًا يا رانجيت. فاسمها كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.»

هنا لم يستطع رانجيت أن يجيب إلا بالتعبير عن دهشته قائلًا: «ماذا؟» لكنه أضاف بعدها في تجهم: «إذن سوف تتقدم إلى الكلية الأجنبية فقط لتحفظ عهدك الذي قطعته لأبيك؟»

تنحنح جاميني. وقال: «ليس تمامًا. أعني أن الأمر لا يتعلق بما سأفعل. وإنما بما فعلته بالفعل. لقد تقدمت بأوراقي منذ سنوات. كانت تلك فكرة أبي. حيث قال إنه كلما بادرت بتقديم أوراقي زادت فرصتي في القبول، ويبدو أنه كان محقًّا. المشكلة يا رانجيت أنني قُبِلت بالفعل. تسلمنا الخطاب الأسبوع الماضي. وسوف أبدأ في كلية لندن ما إن تنتهي السنة الدراسية هنا.»

كان هذا هو ثاني الأحداث السيئة التي اعترت صداقة رانجيت سوبرامانيان وجاميني باندارا، وكان إلى حد بعيد أسوأ الحدثين.

•••

لم تتحسن أحوال رانجيت. فها هي شحنة الفئران البيضاء المُحَنَّطة التي طلبها أستاذ علم الأحياء قد وصلت أخيرًا، وسوف تبدأ عملية التشريح المروعة مرةً أخرى، ولن يكون هناك مجال للحديث عن الموضوعات الشيقة مثل الشيكونجونيا. حتى أستاذ الرياضيات — الذي كان رانجيت يعوِّل على أنه سيكون سببًا يعينه على تحمل الأساتذة الآخرين — كان يخيب أمله.

مع انتهاء الأسبوع الأول في الجامعة، بات رانجيت متيقنًا أنه ألمَّ بكل موضوعات الجبر التي قد يحتاج إليها. فحل لغز فيرما الكبير لن يعتمد على القطوع المخروطية أو رموز المجموع. ورغم ذلك اجتاز رانجيت الأشهر القليلة الأولى بسهولة؛ فتحليل كثيرات الحدود إلى عوامل واستخدام الدوال اللوغاريتمية كانت على الأقل أمورًا مسلِّية إلى حد ما. ولكن في الشهر الثالث بات واضحًا أن أستاذ الرياضيات الدكتور كريستوفر داباري لم يكن يخطط لتدريس أي شيء يتعلق بنظرية الأعداد؛ ليس هذا فحسب وإنما اتضح أنه لا يعرف الكثير عن هذه النظرية من الأساس. والأسوأ أنه لم يكن راغبًا في التعلم أو في مساعدة رانجيت على التعلم.

اكتفى رانجيت بالمصادر المتاحة في مكتبة الجامعة فترةً من الوقت، لكن عدد الكتب في المكتبة كان محدودًا. وعندما انتهى من جميع كتب المكتبة، أصبح ملاذه الأخير بعض أو كل المجلات المتخصصة في الحديث عن نظرية الأعداد، مثل «مجلة نظرية الأعداد» التي تصدرها جامعة ولاية أوهايو في الولايات المتحدة أو «مجلة نظرية الأعداد» التي تصدر في مدينة بوردو الفرنسية، والتي ستمكِّن رانجيت أخيرًا من الاستفادة من معرفته السطحية باللغة الفرنسية. لكن مكتبة الجامعة لم تكن مشتركة في أيٍّ من هذه المجلات، ولا يستطيع رانجيت الوصول إليها بنفسه. حسنًا، يمكن للدكتور داباري الوصول إليها عن طريق استخدام كلمة المرور الخاصة باعتباره واحدًا من أعضاء هيئة التدريس. لكن داباري ما كان ليفعل ذلك.

عندما قارب العام الدراسي على الانتهاء، احتاج رانجيت صديقًا يفضي إليه بمشاعر الإحباط التي ملكت عليه نفسه. لكن ذلك لم يكن متاحًا أيضًا.

كان ابتعاد جاميني عن رانجيت مسافة تسعة آلاف كيلومتر أمرًا سيئًا للغاية. لكن الأسوأ من ذلك أن الصديقين لن يستطيعا قضاء الأسابيع القليلة الأخيرة معًا. وكما اتضح لرانجيت فإن التزامات جاميني العائلية تأتي أولًا. في البداية قضى جاميني عطلة أسبوعية في كاندي؛ تلك «المدينة العريقة» التي كانت ذات يوم عاصمة للجزيرة. أصر أحد فروع عائلة جاميني على البقاء في المكان الذي كان موطن العائلة قبل أن يستقطب «الجاذبُ الأعظم» — أو مدينة كولومبو الصاخبة — المفكرين وذوي النفوذ بل والطامحين إلى موضع النفوذ الحالي. ثم كانت عطلة أسبوعية أخرى في راتنابورا حيث يشرف أحد الأقارب على مصالح العائلة في مناجم الأحجار الكريمة، وتلتها عطلة أخرى في المكان الذي تشرف فيه جدة جاميني على مزارع القِرفة التي يمتلكونها. وحتى عندما كان جاميني موجودًا بالمدينة، كان مشغولًا بواجبات لا بد من أدائها، ولم تكن هناك فرصة حقيقية لاصطحاب رانجيت معه عند أداء تلك الواجبات.

في غضون ذلك لم يجد رانجيت أمامه شيئًا يفعله … سوى حضور محاضراته الرتيبة في المواد الدراسية التي كانت تفتقر إلى التشويق والتي لم يكن يكترث لأمرها من الأساس. وحينئذٍ كانت في انتظاره مشكلات.

•••

حدث ذلك عند انتهاء محاضرة علم الاجتماع التي لم تنل إعجاب رانجيت قط. كان أستاذ المادة — الذي لم يكن يروق رانجيت أيضًا — هو الدكتور مينديس، وبينما كان رانجيت يهم بالانصراف، كان مينديس واقفًا عند الباب يحمل المفكرة ذات الغلاف الأسود التي يدون فيها الدرجات. قال مينديس لرانجيت: «راجعت لتَوِّي درجات امتحان الأسبوع الماضي. ودرجاتك غير مُرضية.»

لم يكن في ذلك ما يثير دهشة رانجيت. أجاب دون تفكير وهو يحدق النظر في زملائه الذين أسرعوا يتوارون عن الأنظار: «أعتذر يا سيدي.» ثم أضاف وهو يستعد للحاق بزملائه: «سأحاول تحسين أدائي.»

لكن الدكتور مينديس لم يكن قد انتهى من حديثه بعد. فقال: «تذكر أنني أوضحت في بداية الفصل الدراسي كيف ستُحسب درجاتكم النهائية. تُحسب الدرجة النهائية على أساس درجة اختبار نصف العام والاختبارات المفاجئة ونسبة الحضور والمشاركة في المحاضرة وأخيرًا الاختبار النهائي وذلك بنسب ٢٥ بالمائة و٢٠ بالمائة و٢٥ بالمائة و٣٠ بالمائة. وعليَّ أن أخبرك الآن أنه رغم أدائك المعقول في اختبار نصف العام فإن أداءك في المحاضرات وفي الاختبارات المفاجئة أقل بكثير من المستوى المطلوب؛ بمعنى أنه يتعين عليك الحصول على ٨٠ بالمائة على الأقل في الاختبار النهائي كي تحصل بالكاد على تقدير مقبول. ولا أظن حقًّا أنك قادر على هذا.» ألقى مينديس نظرة على الدرجات في مفكرته، ثم أومأ برأسه، وأغلق المفكرة بحدة. وأضاف: «لذا أقترح عليك أن تفكر في تقديم اعتذار عن خوض الاختبار النهائي لهذه المادة والاكتفاء بتقدير «غير مكتمل».» رفع يده كأنه يمنع رانجيت من الاعتراض، على الرغم من أن رانجيت لم يكن ينوي الاعتراض. وأردف: «أعلم بالطبع أن هذا سيعرقل آمالك في مواصلة المنحة الدراسية. لكنه سيكون أفضل من الإخفاق كليةً، أليس كذلك؟»

وجد رانجيت نفسه مضطرًّا للموافقة وإن لم يرفع صوته بها كي لا يشبع رغبة الدكتور مينديس. وعندما خرج من قاعة المحاضرات لم يجد من الطلاب في القاعة سوى فتاة حسنة المظهر تنتمي لطائفة البرجر تكبره في السن ببضع سنوات. لاحظ رانجيت أنها كانت معه في محاضرة علم الاجتماع، لكنها لم تكن في نظره سوى قطعة من أثاث قاعة المحاضرات. لم يكن في حياة رانجيت ما يربطه بأفراد البرجر — وهو الاسم الذي أُطلق على هذه الفئة الصغيرة من الشعب السريلانكي التي يمتد نسلها إلى قدماء المستعمرين الأوروبيين. ويُطلق على الإناث منهم على وجه التحديد.

كانت الفتاة تتحدث عبر الهاتف المحمول، لكنها أغلقته عندما اقترب رانجيت. وقالت: «سيد سوبرامانيان؟»

توقف رانجيت دون إبداء أدنى رغبة في الحديث. وصاح: «نعم؟»

يبدو أنها لم تأخذ رده على محمل الإساءة. وإنما قالت: «اسمي مايرا دو سويزا. لقد سمعت ما قاله لك الدكتور مينديس. هل ستفعل ما أشار عليك به وتكتفي بتقدير «غير مكتمل»؟»

كانت الفتاة تزعجه بحق. فقال: «أتمنى ألا يحدث هذا. ولِمَ أُضطر لذلك؟»

– «أوه، لست مضطرًّا. فكل ما تحتاج إليه هو القليل من المساعدة في المذاكرة. لا أدري إن كنت لاحظت أني أحصل على أعلى التقديرات دائمًا أم لا. يمكنني أن أساعدك في المذاكرة إن شئت.»

لم يتوقع رانجيت أن يسمع شيئًا كهذا، وعلى الفور تنبهت مشاعر الشك لديه. فسألها «لِمَ ترغبين في القيام بذلك؟»

وأيًّا كان السبب الحقيقي — ربما لأنه كان شابًّا وسيمًا فحسب — فإنها قالت: «لأني لا أظن أن الدكتور مينديس يعاملك بإنصاف.» لكن خيبة الأمل بدت على وجهها إزاء استجابته حتى إنها ربما تكون قد شعرت بالإهانة. فزادت نبرة صوتها حدة. وقالت مستطردة: «أخبرني فحسب إذا لم تكن تود المساعدة. لكن عليك أن تعرف أن ما يسميه الدكتور مينديس علم اجتماع ما هو إلا حفظ لما يرد بالكتب، وغالبًا ما يقتصر الأمر على الأجزاء المتعلقة بسريلانكا. يمكنني أن أشرحه لك قبل الاختبار النهائي بوقت كافٍ.»

فكر رانجيت في هذا العرض هنيهة. لكن الطبع غَلَّاب؛ فهي في النهاية ليست سوى أنثى. وأخيرًا رد رانجيت: «أشكرك، لكنني سأكون على ما يرام.» ثم أومأ برأسه إيماءة تعبر عن بالغ امتنانه في محاولة لإظهار الكياسة، واستدار وسار مبتعدًا.

ومع أنه ترك الفتاة وراءه، فقد حمل معه ما قالته له.

كان كلامها ينطوي على حصافة؛ صحيح أنه كلام صادر عن امرأة لكنه لا يخلو من الحكمة. من يكون هذا الأستاذ ليخبره أنه لن يستطيع اجتياز الاختبار النهائي بتفوق؟ هناك آخرون يعرفون تاريخ سريلانكا غير مدرس سنهالي وامرأة من البرجر. كان رانجيت متأكدًا من أن هناك مكانًا محددًا تُختزن فيه هذه المعرفة، وأن القائمين على هذا المكان سوف يَسعدون لمشاركته إياها.

•••

اجتاز رانجيت الاختبار النهائي. ليس بنسبة اﻟ ٨٠ بالمائة التي اعتبرها الدكتور مينديس «مستحيلة» وتبعث على السخرية؛ وإنما بنسبة ٩١ بالمائة، وهي إحدى أعلى خمس درجات لهؤلاء الذين تقدموا للاختبار هذا العام. وماذا عسى الدكتور مينديس يقول الآن؟

كان رانجيت على يقين من أن انقطاع أبيه عن الاتصال به لا يعني أنه سيأبى مساعدة ابنه. وقد كان محقًّا. فعندما أخبر رانجيت سوراش — الراهب العجوز الذي رد على مكالمته — بحاجته إلى المساعدة سمع الرد الذي توقعه. قال سوراش متحفظًا: «لا بد أن أستشير كبير الكهنة بخصوص هذا الأمر. من فضلك عاود الاتصال بي بعد ساعة.» لكن الشك لم يساور رانجيت بشأن الرد الذي سيتلقاه، وبالفعل أعد حقيبته فوضع فيها فرشاة الأسنان وثوبًا داخليًّا نظيفًا وكل ما قد يحتاج إليه أثناء إقامته في ترينكومالي قبل أن يعاود الاتصال مرة أخرى. قال الراهب المسن: «حسنًا يا رانجيت. تعالَ في أسرع وقت ممكن. سوف نوفر لك ما تطلب.»

كان السبيل الوحيد الذي يمكن أن يسلكه رانجيت للوصول إلى ترينكومالي هو السفر متطفلًا على شاحنة كانت تفوح منها رائحة طعام السائق المنكه بالكاري وأيضًا رائحة حمولتها من لحاء القرفة العَبِقَة. كان هذا يعني أنه سيصل المعبد بعد منتصف الليل بوقت طويل. لا شك أن والده قد خلد إلى النوم منذ وقت طويل، ولم يعرض الكاهن المساعد الذي كان يتولى نوبته حينئذٍ أن يزعجه. غير أن هذا الكاهن كان على استعداد لتلبية جميع مطالب رانجيت، فوفر له حجرة صغيرة وسريرًا وثلاث وجبات يومية متواضعة (لكنها تفي بالغرض) وإمكانية الوصول إلى أرشيف المعبد.

لم تكن السجلات مكتوبة على ورق الرَّق أو جلود الحيوانات كما كان يخشى رانجيت؛ فقد كان معبد والده مزودًا بجميع الضروريات العصرية. وعندما استيقظ رانجيت ذاك الصباح وجد كمبيوتر محمولًا على الطاولة بجوار سريره، ومن خلاله تمكن من الوصول إلى تاريخ سريلانكا كله منذ عصور قبائل الفيدا — أول سكان الجزيرة — وحتى الوقت الحاضر. كان هناك الكثير من المعلومات التي لم يتطرق إليها المدرس، لكن رانجيت أحضر معه كتاب المادة؛ ليس من أجل المذاكرة، وإنما ليستدل منه على الأجزاء التي يمكنه أن يتجاهلها في تاريخ الدولة دون مشكلة. كان أمامه خمسة أيام فقط قبل أن يضطر إلى العودة للجامعة. لكن تكريس هذه الأيام الخمسة لدراسة موضوع واحد كان كافيًا تمامًا لشاب يتمتع بالذكاء والحافز مثل رانجيت سوبرامانيان. (ولم يشتت انتباهها بأداء عدة مهام في وقت واحد. وهو ما يُحسب لصالح نظرية متلازمة «جي إس إس إم».) إضافة إلى ذلك تعلَّم رانجيت عددًا من الأشياء التي لن تَرِد في الاختبار النهائي. فقرأ عن الثروة الهائلة من اللآلئ والذهب والعاج التي استولى عليها البرتغاليون من معبد أبيه قبل تدميره مباشرة. وعلم أيضًا أن التاميليين حكموا الجزيرة بأسرها طوال خمسين عامًا، وأن الجنرال الذي ألحق الهزيمة بالقوات التاميلية في النهاية و«حرَّر» شعبه ما زال موضع تقدير السنهاليين المعاصرين ومن بينهم عائلة جاميني؛ لأن والده — داتوسينا باندارا — سُمِّي بهذا الاسم تيمنًا بهذا الجنرال.

توجه رانجيت إلى حجرة جاميني مباشرة عندما أوصلته سيارة المعبد إلى الجامعة. وانفرجت أساريره وهو يقرع باب جاميني ويفكر في مدى متعته عندما يخبره بما عرف.

لكن هذا لم يحدث. فجاميني لم يكن في غرفته.

عندما أيقظ رانجيت الحارس الليلي، أخبره الرجل بصوت يملؤه النعاس أن السيد باندارا غادر منذ يومين. تُرى إلى منزل عائلته في فورت؟ كلَّا، على الإطلاق. لقد رحل إلى لندن في إنجلترا حيث سيُكمل السيد باندارا دراسته.

وعندما عاد رانجيت إلى غرفته في النهاية وجد خطابًا تركه له جاميني، لكن كل ما جاء به كان رانجيت يعلمه بالفعل. فقد قال في خطابه إن موعد رحلته إلى إنجلترا تَقَدَّم بضعة أيام. وإنه سيسافر. وسوف يفتقد رانجيت.

لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي تكدَّر له رانجيت. كان من الطبيعي تمامًا ألا يزعج موظفو المعبد والد رانجيت عندما وصل في وقت متأخر من الليل. لكن قد لا يكون من الطبيعي ألا يزعج والده نفسه بالاطمئنان على ابنه ولو مرة واحدة طوال الأيام الخمسة التي قضاها في المعبد.

أخبر رانجيت نفسه وهو يطفئ المصباح بجوار فراشه أن هذا أمر غريب. فوالده لم يغفر له قربه من جاميني باندارا. لكن جاميني ليس قريبًا منه الآن على الإطلاق، فهناك تسعة آلاف كيلومتر تفصل بينهما.

هكذا فقدَ رانجيت أغلى شخصين في حياته، فماذا عساه أن يفعل إذن في هذه الحياة؟

•••

في تلك الأثناء وقع حدث جلل آخر. لكن لم يكن رانجيت أو أي إنسان آخر يدري عنه شيئًا. وقع هذا الحدث على بعد سنوات ضوئية عديدة في المنطقة المجاورة لنجم لم يعرف عنه الفلكيون من البشر شيئًا سوى مطلعه المستقيم وميله الزاوي. أخيرًا وصلت واحدة من أنصاف الكرات الضخمة والمتنامية من الفوتونات — ربما تلك القادمة من جزيرة إينويتوك المرجانية وربما إحدى القنابل السوفييتية العملاقة — إلى مكان نتج عن وصول نبضات الفوتونات إليه اتخاذ قرار خطير ستكون له تبعاته المؤلمة على سكان كوكب الأرض. دقت هذه النبضات ناقوس الخطر لدى مجموعة معينة من الأذكياء ذوي القدرات الخاصة (أو ربما أحد هؤلاء الأذكياء؛ لأن طبيعتهم تجعل من الصعب اختيار صيغة للإشارة إليهم) الذين سكنوا (أو سكن جزء صغير منهم) في دوامة إحدى جداول المادة المظلمة في ذلك الجزء من المجرة.

عُرف هؤلاء العقلاء باسم عظماء المجرة. وما إن انتبه «عظماء المجرة» لما يحدث حتى وضعوا مجموعة متشعبة من الاحتمالات. وقد تطابقت الصورة الناتجة مع أسوأ توقعاتهم.

وضع «عظماء المجرة» العديد من الخطط والأهداف ربما كان بعضها مفهومًا للبشر. وكان أحد اهتماماتهم الرئيسية ينصبُّ على مراقبة سير القوانين الفيزيائية الطبيعية للمجرة. فعل البشر الشيء نفسه أيضًا، لكن تمثل مبررهم للقيام بذلك في محاولة فهم تلك القوانين. أما الاهتمام الرئيسي لدى عظماء المجرة، فكان يتمثل في ضمان ألا تتطلب هذه القوانين تغييرًا. وكان ثمة اهتمامات أخرى أكثر سرية.

لكن كان هناك اهتمام واحد على الأقل واضحًا جليًّا. وهو ما يمكن ترجمته بعبارة «احموا المسالمين. واعزلوا مصادر الخطر. ودمروا المؤذين، بعد الاحتفاظ باحتياطي في مكان آمن.»

كان هذا هو مصدر انزعاج عظماء المجرة. فمن المرجح أن تلجأ الأجناس التي طورت أسلحة معينة إلى اختبار هذه الأسلحة على أجناس أخرى، وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه.

بناءً على ذلك توافق «عظماء المجرة» بإجماع الآراء (ذلك أن هذا هو نوع التوافق الوحيد الذي يعرفونه) على توجيه تعليمات إلى واحد من أحدث الأجناس التابعة لهم وأكثرها نفعًا، وهم تساعيو الأطراف. ضمت هذه التعليمات شقين. الأول هو إعداد رسالة لاسلكية موجَّهة إلى كوكب الأرض بآلاف اللهجات واللغات المستخدمة في البث الإلكتروني على سطح الكوكب حتى يتسنى للخبراء من «تُساعيي الأطراف» تعلُّم تلك اللغات واللهجات واستخدامها في التواصل مع البشر. تلخص مضمون هذه الرسالة ببساطة في عبارة: «كُفُّوا وتَوَقَّفوا.» (كان «تساعيو الأطراف» بارعين في اللغات على وجه التحديد. وهو أمر غريب كليةً بين الأجناس التابعة لعظماء المجرة. إذ إنهم لم يشجعوا الأجناس التابعة لهم للتحدث بضعهم مع بعض.)

أما الشق الثاني من تعليمات «عظماء المجرة» فكان يُلزم «تساعيي الأطراف» بالاستمرار في مراقبة كوكب الأرض عن كثب وتكثيف هذه المراقبة.

ربما ظن أي مراقب خارجي أنه من الغريب أن يعهد «عظماء المجرة» بمثل هذه المسئولية الكبيرة لفصيلة هي في نهاية الأمر حديثة العهد نسبيًّا بخدمتهم. غير أن «عظماء المجرة» عهدوا إلى «تساعيي الأطراف» بمهام أخرى على مدار بضعة آلاف عام مضت منذ انضمامهم إلى قائمة الأجناس التابعة، ولقد لاحظ «عظماء المجرة» أن «تساعيي الأطراف» يتميزون بالمثابرة وحب الاستطلاع والدقة في إنجاز المهام الموكلة إليهم. وهي صفات يقدرها عظماء المجرة. ولم يخطر ببالهم أن «تساعيي الأطراف» قد يتسمون بصفات أخرى كخفة الظل على سبيل المثال.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤