مولد فينوس
مولد فينوس
أفروديت
اللوحة الرائقة الضوء لمصوِّر عصر النهضة ساندرو بوتيتشيلِّي (١٤٤٤–١٥١٠م)، وقد رسمها مع لوحته الأخرى الشهيرة عن «الربيع» لأحد أفراد عائلة الميديتشي التي كانت تحكم فلورنسا، وتدين لها النهضة الإيطالية المبكرة بفضل رعايتها …
والقصيدة الأولى للشاعر الإسباني رافائيل ألبرتي (١٩٠٢–١٩٩٩م) وهو من أبرز الشعراء الأوربيين المعاصرين، وتدل قصائده أكثر من أي شاعرٍ آخر على البناء المحكَم والصافي للشعر العقلي أو «الأبولوني» الذي يتميز — في مقابِل الشعر الانفعالي أو «الديونيزي» الذي ينهل من ينابيع اللاوعي الدفينة وغرائب الأحلام وغياهب الأسرار — يتميز بغلبة الوعي والاعتدال والاقتصاد وروح اللطف الدقيقة الرقيقة، على حدِّ تعبير باسكال … وهذه القصيدة عن لوحة بوتيتشيلِّي هي إحدى القصائد العديدة التي كتبها ألبرتي بين سنتَي ١٩٤٥ و١٩٥٢م ونشرها سنة ١٩٦١م تحت هذا العنوان الدالِّ على طبيعة شعره: «إلى الرسم – قصائد عن اللون والخط» وأهداها إلى صديقه بيكاسو … ولعل الشاعر والرسام معًا قد استوحيا الصورة والقصيدة من قصة سفر إلهة الحب (أفروديت الإغريقية أو فينوس عند الرومان) إلى الشاطئ القبرصي بمساعدة إلهات الرياح واستقبال إلهة الربيع لها وتغطية عُريها بثياب من عندها، كما استلهما الصور الأسطورية التي عبَّرا عنها بالخط واللون والكلمة المنغَّمة من أنشودة هوميروس التي وجهها إلى إلهة الحب والخصب، ومن المقطوعات الشعرية التي كتبها العالم الإسباني في فقه اللغات القديمة وشاعر عصر النهضة بوليتسيانو (١٤٥٤–١٤٩٤م) وصوَّر فيها حلم جوليانو ميديتشي بالحب وأشواقه لجنَّة ربيعٍ خالد في مملكة فينوس السرمدية …
أما القصيدة الثانية فهي للشاعر الألماني هربرت بوديك، ولد سنة ١٨١٦م في مدينة هاله على نهر الزاله، ونجا سنة ١٩٤٢م بأعجوبة من حبل المشنقة بتهمة إفساد الجيش النازي، مما دفعه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية للهجرة إلى كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، كتب قصيدته عن أفروديت في عام ١٩٤١م، ونُشِرَت لأول مرةٍ مع مختاراتٍ من «قصائد الصور» التي جمعها وشرحها جيسبرت كرانس المتخصص في هذا النوع من القصائد … ومولد فينوس هنا هو مولد الحياة والنور والعشق والأرض، الأنثى نفسها التي يتدفق من نبْعها الخالد كل فتنة وكل إغراء وإغواء بالحب والنشوة واللذة …
لاحِظ كذلك كيف يغلب الحس الصوفي على الشاعر؛ حيث يجمع بين العالم المشرق بالنور والربيع وبين فينوس في وحدةٍ وجودية حميمة …