إرنست بارلاخ وإليزابيث إمونتس دراجور
أمهات جائعات
اللاجئون
لم يكن إرنست بارلاخ (١٨٧٠–١٩٣٨م) مجرد نحَّاتٍ تعبيري ومصور وحفَّار على الخشب، بل كان كذلك كاتبًا مسرحيًّا وصاحب يوميات ومذكرات وخواطر عن الفن وقصص بقيَت كلها شذرات ناقصة، واتسمَت بروحها الغامضة، وأسلوبها العسير، وإيقاعاتها الثقيلة المتكلفة والحس الديني العميق الذي تأثَّر فيه بارلاخ بالتصوف البروتسنتي، اكتشف طريقه الخاص في الفن بعد زيارتَين قام بهما لروسيا ومدينة فلورنسا الإيطالية، كما تأكد له أن الفقراء والجائعين والفلاحين والشحاذين والكادحين هم أقرب الناس إلى قلبه، وهم مادة فنه المتفرد المأساوي وتشاؤمه القاتم. ولم يكن غريبًا أن تهاجمه القطعان النازية فتدين طابعه «الشرقي» وتخرج منحوتاته من المتاحف والكنائس، وتحرق كتبه وتحظر عرض مسرحياته التي تعَدُّ أهم إنجازاته الأدبية وتلتقي مع المسرحيات التعبيرية في اهتمامها بمسألة الصيرورة والتحول والتجديد «الوجودي» للإنسان واكتمال وعيه برسالته ودوره الحقيقي في العالم والعصر الذي غابت عنه النعمة الإلهية … والقصيدة الأولى للشاعرة إليزابيث إمونتس دراجور (١٨٩٨م–…) مستوحاة من هذا النحت، وهي واحدة من عشرين قصيدة استلهمَتها من أعماله النحتية الأخرى وضمَّها ديوانها «القلب اللامتناهي» الذي صدر سنة ١٩٧٠م. أما القصيدة الثانية فللشاعرة أناليزه بونجوروت (١٩٢٣م–…) وقد كتبَتها في سنة ١٩٦٥م تحت عنوان «اللاجئون» وضمَّتها — كما فعلَت الشاعرة السابقة — إلى مجموعة أشعار استوحَتها جميعًا من أعمال بارلاخ في النحت، وجعلَت عنوانها «معبر»، والقصيدتان تدوران على ألسنة الجياع والمحرومين الذين يبتهلون، برغم الجوع والحرمان، إلى الله أن يغفر للقُساة والمتخَمين، ويلهمهم الحب لإخوتهم في الإنسانية من الفقراء والمحرومين …