تَمْهِيدُ الْقِصَّةِ
أَيُّهَا الْقَارِئُ الصَّغِيرُ:
مَا أَكْثَرَ مَا تَحْوِيهِ بِلَادُ الْهِنْدِ الْعَظِيمَةِ مِنْ بَدَائِعِ الْآثَارِ، وَعَجَائِبِ الْأَحَادِيثِ وَالْأَخْبَارِ، وَرَوَائِعِ الْأَسَاطِيرِ وَالْأَسْمَارِ.
وَقَدْ رَأَيْتَ — فِيمَا قَبَسْتُهُ لَكَ مِنْ قِصَصِهَا — أَلْوَانًا شَائِقَةً، وَفُنُونًا رَائِعَةً، أَطْمَعَتْكَ فِي طَلَبِ الْمَزِيدِ.
وَلَيْس أَبْهَجَ إِلَى قَلْبِي مِنْ تَلْبِيَةِ رَغْبَتِكَ، وَتَحْقِيقِ أُمْنِيَّتِكَ، وَإِجَابَتِكَ إِلَى طِلْبَتِكَ.
وَقَدِ اخْتَرْتُ — فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ — أُسْطُورَةً مِنْ أَشْهَرِ أَسَاطِيرِهَا، وَزَهْرَةً مِنْ أَنْضَرِ أَزَاهِيرِهَا؛ لِتَرَى فِيهَا آيَةً مِنْ آيَاتِ الْهِنْدِ الْفَرِيدَةِ، وَرَائِعَةً مِنْ حِكَمِهَا الرَّشِيدَةِ.
وَإِلَيْكَ مَا أَثْبَتَهُ رَاوِي هَذِهِ الْأُسْطُورَةِ، قَالَ: عَاشَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، سُلْطَانٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ وَالشَّأْنِ، اسْمُهُ السُّلْطَانُ «مَحْمُودٌ».
كَانَ السُّلْطَانُ «مَحْمُودٌ» مَعْرُوفًا — بَيْنَ سَلَاطِينِ الْهِنْدِ وَمُلُوكِهَا — بِالذَّكَاءِ وَنَفَاذِ الرَّأْيِ وَبُعْدِ النَّظَرِ وَرَجَاحَةِ التَّفْكِيرِ، وَبَرَاعَةِ التَّدْبِيرِ.
وَكَانَ — إِلَى هَذِهِ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ — مَفْتُونًا بِاقْتِنَاءِ التُّحَفِ النَّادِرَةِ، كَلَّفَهُ ذَلِكَ مَا كَلَّفَهُ مِنْ جَهْدٍ وَمَالٍ.