التمهيد

مضى ما يزيد عن عام منذ نُشر كتاب «المؤسسون في عالم الأعمال» لأول مرة. فما الذي تعلمتَه منذ ذلك الوقت؟

كانت المفاجأة الكبرى هي وجود عدد هائل من المهتمين بالشركات الناشئة. أنا أعرف بأمر من يتقدمون لشركة واي كومبيناتور أو يتابعون موقع هاكر نيوز، أو يحضرون محاضرات عن الشركات الناشئة، لكن لم يكن من الممكن قط أن أدرك عدد المهتمين بالشركات الناشئة من خارج نطاق من يطمحون ليكونوا مؤسسي شركات. لكن اتضح أنهم كثر. فقد أصبحت أتلقى رسائل بريد إلكتروني وأرى مساهمات في مدونات تتناول الكتاب يوميًّا تقريبًا. وأخيرًا أقدم البعض على المخاطرة وأسس شركته الخاصة، والبعض اكتشف أنه لا بأس من تغيير أفكاره، والبعض الآخر تمكن من مواجهة يوم جديد مع أن مصير شركته يبدو مشئومًا. وآخرون توصلوا لفهم أفضل لمعارفهم من العاملين في شركات ناشئة.

كتبت في المقدمة أن أكبر أمل أعلقه على هذا الكتاب هو أن يلهم الناس بأن يؤسسوا شركاتهم الخاصة، بأن أطلعهم على مدى ما كان يشعر به المؤسسون الناجحون من عدم ثقة في البداية. ويبدو أن هذا وارد. وقد وردت إليَّ أفضل رسالة بريد إلكتروني بالنسبة لي من مبرمج ترك عمله في شركة كبيرة ليصبح أول موظف في شركة ناشئة. وكان المؤسسون يحاولون إقناعه بالانضمام إلى الشركة. وقال في رسالته: «لقد تركت عملي بعد يوم من انتهائي من قراءة كتاب «المؤسسون في عالم الأعمال». ولولا كتابك ربما لم أكن لأتحلى بالشجاعة لأقدم على هذه الخطوة.»

وباعتبار أن هذه هي تجربتي الأولى في التأليف، فقد فوجئت أيضًا من مدى سرعة انتشار خبر ظهور الكتاب على الإنترنت. فقد حالفني الحظ في أن العديد من مشاهير المدونين كتبوا عن الكتاب، وفي كل ذكر له، كنا نرى زيادة مفاجئة في المبيعات. وكان ذلك مضربًا لفكرة «بيئة التنافس المتكافئ»، وهذه الظاهرة نفسها هي التي تساعد على ظهور الكثير من الشركات الناشئة على الويب.

ومنذ نُشر الكتاب، مولت واي كومبيناتور المزيد من الشركات الناشئة. فقد مولنا حتى الآن ما يزيد عن مائة شركة. هل غيَّر هذا رأيي عن العوامل التي تساعد على نجاح الشركة الناشئة؟ من حيث بعض التفاصيل، ربما نعم. لكنه، بصفة عامة، أكد ما تعلمته من إجراء هذه المقابلات. ولا أظن أنني سأغير أي شيء من الأفكار الأساسية التي تناولتها في المقدمة، ومنها أن التصميم هو أهم صفة ينبغي توافرها في المؤسس، كما أن تفتح الذهن والاستعداد لتغيير الأفكار يعدان من السمات الأساسية؛ فجميع الشركات الناشئة تُواجه بالرفض في البداية.

ويبدو أننا في منتصف موجة جديدة من الشركات الناشئة. ولا أظن أنها فقاعة اقتصادية أخرى، بل هي تمثل تغييرًا في الطريقة التي يفكِّر بها الناس في حياتهم المهنية. ويسرني أن بعض القصص التي وردت بين دفتي هذا الكتاب أصبحت الآن جزءًا من المعرفة الجمعية للشركات الناشئة. ففي بعض الأحيان أسمع الناس يروون قصصًا أو أرى مساهمات على مدونات عن مؤسسي شركات ناشئة ذائعي الصيت أُدرك أن مصدرها هو هذا الكتاب. وهذا هو أكثر ما يمكن أن يشجِّع أي مؤلف؛ أن يشعر أن كتابه مفيد، على الأقل على نطاق محدود، حتى لمن لم يقرءُوه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤