آرثر فان هوف
مؤسس مشارك، شركة ماريمبا
كان آرثر فان هوف عضوًا في فريق تطوير لغة جافا في شركة صن مايكروسيستمز عندما تركها في عام ١٩٩٦ لتأسيس شركة ماريمبا، وهي شركة توزيع برمجيات. وانضم إليه ليشاركه في تأسيس الشركة زميلان من فريق تطوير جافا هما سامي شايو وجوناثان باين، بالإضافة إلى مديرة الإنتاج لمشروع جافا كيم بوليز.
جذبت ماريمبا انتباه الصحافة وشركات رءوس الأموال المخاطرة منذ وقت مبكر. وقد كبرت الشركة؛ إذ تحولت من شركة ناشئة يعمل بها أربعة أشخاص إلى شركة يعمل بها أكثر من ٣٠٠ موظف عند إصدار الطرح الأولي العام عام ١٩٩٩. وفي عام ٢٠٠٢ ترك فان هوف الشركة ليؤسس شركة أخرى تحمل اسم سترينجبيري. وفي عام ٢٠٠٤ استحوذت شركة بي إم سي سوفت وير على شركة ماريمبا.
***
وهكذا قررنا أن نؤسس شركة، مع أننا لم تكن لدينا أدنى فكرة عما سنصنعه. وأول خطوة قمنا بها كانت البحث عن مكتب وهو ما كان يزداد صعوبة في ذلك الوقت. ووجدنا مكتبًا صغيرًا يقع فوق محل للزهور في كاليفورنيا أفنيو في مدينة بالو ألتو، ثم ذهبنا إلى متجر أثاث مستعمل واشترينا مكاتب معدنية ثقيلة، مقابل خمسة وعشرين دولارًا للمكتب الواحد. وكانت ثقيلة للغاية ولكننا تمكنا بطريقة ما من حملها على السلم إلى المكتب.
أنفقنا نحو ١٤٠٠ دولار لتأثيث المكتب بالكامل وفي ذلك أجهزة مثل الفاكس والطابعة. وكنا جميعًا في البداية نستخدم الهواتف النقالة ولم تكن لدينا في الأسابيع القليلة الأولى إمكانية الدخول على الإنترنت، فكنا نستخدم فقط السبورات البيضاء.
وبمرور السنوات، تعلمت أن أول فكرة تخطر على ذهن المرء لا تكون مهمة. إذ إنها تكون مجرد حافز لك كي تبدئي. ثم تكتشفين العيب بها وتدخلين في مراحل من عدم التصديق والهلع والندم. ثم تجدين فكرة أفضل في آخر الأمر، ودائمًا تكون الفكرة الثانية هي الفكرة المهمة.
بعد تأسيس ماريمبا، عندما أسست شركة سترينجبيري مع جوناثان، لم تكن لدينا أي خطة من أي نوع. فقط خصصنا بعض النقود وقررنا أن نقضي عامًا نطلق العِنان لأذهاننا للتوصل إلى أفكار جديدة. فصممنا أشياء من أنواع مختلفة، وكل ما صممناه اتضح أنه مهم للغاية، لأننا كنا نعمل في المجال المناسب وكنا نمنح أنفسنا وقتًا للبحث والاستقصاء. وفي آخر الأمر، تصادفك فكرة تلفت انتباهك وتنفذينها. فالعنصر البشري هو المهم فعلًا.
وكان من بين الأشياء التي كنا نريد تصميمها أداة إنشاء واجهة مستخدم. وكانت جافا نموذجًا لافتًا للنظر، ولم تتوافر أي أدوات مخصصة لذلك. لذا قضينا الشهور القليلة الأولى نحاول إنجاز واجهة مستخدم، ثم زارنا بعض الأشخاص من شركة ناشئة وأرونا المنتج الذي أنجزوه، وكان يشبه كثيرًا ما كنا نقوم به. ثم استحوذت شركة نت سكيب على شركتهم الأسبوع التالي تقريبًا وتحول منتجهم إلى ما يعرف بآي إف سي (إنترنت فاونديشن كلاس). وكان هذا من المفارقات العجيبة لأنه تحول في النهاية إلى جيه إف سي (جافا فاونديشن كلاس) أو سوينج، أو مجموعة أدوات جافا.
وكان الأمر غريبًا للغاية في ذلك الوقت لأننا كنا نحظى باهتمام كبير من الصحافة. فقد ظهرت صورة كبيرة لنا تحتل صفحة كاملة في مجلة «وايرد» بدون أي معلومات على الإطلاق. فلم نكن نطلع أحدًا على ما نقوم به، ويرجع هذا في المقام الأول إلى أننا لم تكن لدينا أدنى فكرة عن طبيعة ما نقوم به، ولم نكن نريد أن يدري أحد بهذا.
لكن بعد ذلك ركزنا اهتمامنا على توزيع البرمجيات لأن النظام الذي ساعدنا في بنائه في صن لم يكن يتمتع بقابلية جيدة للتوسع مع التطبيقات الحقيقية. وقد ابتكرنا فكرة برنامج يعتمد على الاشتراك، حيث يمكن الاشتراك فيه والحصول على تحديث له تلقائيًّا بدلًا من شرائه.
وكانت هذه فكرة لافتة للانتباه، ولكنها لم تحقق إقبالًا إلا الآن فقط. وحاليًّا يقوم الكمبيوتر الذي يعمل بنظام ويندوز بالتحديث تلقائيًّا ومن ثَم يتوقع الجميع هذا، ولكن في ذلك الوقت كان هذا مفهومًا جديدًا للغاية.
وعندما أعلنا أننا سنعمل في مجال توزيع البرمجيات، ظهرت شركة بوينت كاست. وكانت تعمل في تكنولوجيا الدفع، وهو نشاط يشبه إلى حد ما النشاط الذي كنا نقوم به، ولكن جرى إدراج نشاطنا تحت فئة هذه التكنولوجيا على الفور. وأصبحت هذه مشكلة حقيقية لأننا ظللنا لسنوات نشرح للناس الأسباب التي تجعل الشركة لا تُصنف ضمن الشركات التي تعمل في هذا المجال.
وفي النهاية، قد لا تكون الشهرة في مصلحتك لأنه من الضروري دائمًا إعادة توعية السوق، فمن الضروري مواصلة شرح النشاط الذي تتخصص فيه الشركة. فلا تجدين أبدًا أي شخص يأتي إليك ليطلب منك المنتج الذي تنتجه شركتك لأنهم لا يعرفون ما المنتج الذي تنتجه من الأساس. أي إنها سلاح ذو حدين.
وكان الصحفيون دائمًا يتحدثون إلى كيم لأنها كانت رئيسة تنفيذية لشركة تكنولوجيا. ولا أعلم ما إذا كان ذلك أمرًا إيجابيًّا أم لا. فقد كان كل الاهتمام منصبًّا عليها، ولا تحظى الشركة إلا بأقل القليل من الاهتمام. فكنت أذهب إلى حفلات وأجد من يسألني عن مكان عملي، وعندما أجيب أجده يقول: «ماريمبا؟ آه، حيث تعمل كيم بوليز، أليس كذلك؟» فكنت أسأله: «أتعرف المجال الذي نعمل به؟» فيجيب: «لا، ليس لديَّ أدنى فكرة.»
ومن ثَم فلو كانت كيم بوليز هي المنتج الذي نبيعه، يتضح أننا قد نجحنا فعلًا. ولكن ليس هذا هو المهم. بل المنتج هو المهم. لذا أظن أن الهوجة الإعلامية لم تكن في مصلحتنا. وأظن أن كيم سقطت في ذلك الشرك مبكرًا وكان من الصعب أن تفلت منه.
وأذكر مقالًا سيئًا للغاية نشرته مجلة «فورتشن». فقد جاءت تلك الصحفية وزارت الشركة ليومين وكنا في نزهة نظمتها الشركة. واستقبلناها بصدر رحب وقضينا ساعات معها نتحدث إليها ونريها كل شيء. ثم ظهر المقال ليتناول كيم بالتفصيل، وزاد الطين بلة أنهم التقطوا لها صورًا من قريب. وقد كان ذلك أمرًا فظيعًا؛ فقد أساء المقال إلى صورتنا إساءة كبيرة لأنه كان يركز عليها وحدها. واتضح أن كل ذلك الوقت الذي قضيناه مع الصحفية نتحدث عن التكنولوجيا ذهب هباءً، وهو ما يعد ظلمًا بينًا.
ولكن المشكلة أنه من الأسهل كتابة مقال عن كيم من كتابة مقال عن الشركة. فليس من الممتع الكتابة عن شيء متوسط. إذ على الصحفيين الكتابة عن كل ما هو غريب، لأن هذا هو ما يريد الناس قراءته. لذا عندما يكون كل ما يتعلق بالشركات هو بيع المنتجات والسفر والعمل باجتهاد، يصبح الأمر مملًّا للغاية.
إن إدارة العاملين وتحفيز فرق العمل يتطلبان مهارة مختلفة تمامًا، فهما لا يقومان على الحدس والخبرة العملية دون اتباع منهج محدد. لذا فإن نقص الخبرة يبدأ في الظهور إذا لم يتوافر شخص يمكنه اتخاذ القرارات على سبيل المثال.
لقد توافر في شركتنا توازن غير تقليدي للقوى؛ إذ كان هناك نائب رئيس مبيعات محنك ومسئول مالي خبير ورئيسة تنفيذية عديمة الخبرة. وكلما كان هناك قرار ينبغي اتخاذه، عجزت عن حسم الأمر. فما السبيل للتعامل مع هذا الأمر؟ بمجرد تعيين جون أولسن بدلًا من كيم، ثبت أنه مختلف تمامًا. فقد سبقت له إدارة شركات كبيرة وكان من السهل عليه أن يتخذ قرارات يصعب علينا بشدة اتخاذها. ونخلص من كل ذلك إلى أن مؤسسي الشركات قد يتمتعون بمهارة تأسيس شركة من الصفر، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن لديهم المهارة التي تتيح لهم تنميتها حتى تصبح أكبر.
وقد تجاوزنا الآمال التي كنا نرجو تحقيقها في نهاية الأمر. ولكن خطة العمل تعد أداة تُستخدم لبيع الفكرة لشركة من شركات رءوس الأموال المخاطرة. فينظر إليها صاحب رأس المال المخاطر ويقول: «إنها تخلو من الأخطاء الإملائية وتبدو العمليات الحسابية صحيحة. وهم يعجبونني، إذن سنمنحهم التمويل.» فكثيرًا ما تقوم عملية اتخاذ القرار على أساس عاطفي بحت. فلا توجد قاعدة جاهزة للتفرقة بين خطط العمل الجيدة والسيئة. لذا أرى أنه ليس من العدل أبدًا أن نسأل أحدًا عما إذا كان نفذ المشروع وفقًا لخطة العمل؛ لأن كل خطة عمل ما هي إلا محض تخمين، أليس كذلك؟ فما أسهل أن نضيف بعض الأصفار في كل مكان ونبيع الشيء نفسه للناس. فيمكنك على سبيل المثال أن تزيد نسبة النمو السوقي إلى ٢٠ بالمائة بدلًا من ١٠ بالمائة، وفجأة توضح أنك ستربح ٢٠٠ مليون دولار إضافية في العام الخامس، ولكن لماذا هذا؟ إنها مجرد أدوات للتسويق.
لذا كانت جولة التمويل الأولى رائعة؛ إذ حصلنا على ٤ ملايين دولار من كلاينر بيركنز. ومع أنني كنت أظن أنهم يحولون النقود في مثل هذه المواقف، فقد منحونا شيكًا. وهكذا أصبح معنا شيكان أحدهما من كلاينر والآخر من جافا، فاقترح سامي تصوير الشيكين في أحد فروع كينكوس. فأخذهما إلى هناك وعاد بالنسختين المصورتين ونسي أن يأخذ الشيكين الأصليين من ماكينة التصوير. ولحسن الحظ وجدنا الشيكان هناك.
وتحضرني قصة أخرى من أول جولة تمويل لنا عندما أعطونا الشيك وكان المحامون حاضرين، وكذلك كلاينر، فقلت أنا: «رائع، الآن يمكنني شراء ماكينة قهوة إسبريسو!»، فوجدتهم جميعًا يهاجمونني ويقولون: «كلا، إنك لن تشتري ماكينة قهوة بهذه النقود. هذه النقود لتأسيس الشركة.»
وأصبحت هذه نقطة خلاف. فقد كنا مقتصدين للغاية ولم ننفق النقود على الكماليات، ولكن بعد الطرح الأولي العام مرت ماريمبا بوقت عصيب للغاية عندما كان من الصعب للغاية تعيين موظفين، وكان جميع من كانوا يعملون في الشركة منذ بدايتها ومر على وجودهم فيها ثلاث أو أربع سنوات يغادرون. فكانت الروح المعنوية منخفضة للغاية، فذهبت إلى المسئول المختص بالشئون المالية وأخبرته أنني أود شراء ماكينة قهوة إسبريسو. فقال: «لا نستطيع لأنها باهظة الثمن جدًّا.»
بعد بضعة أسابيع، وعندما ترك أحد كبار المهندسين العمل أيضًا قررت أن أضرب بكلامه عرض الحائط وأشتري ماكينة القهوة. فاشتريت أنا وجوناثان ماكينة قهوة إسبريسو إيطالية أوتوماتيكية من الإنترنت من أفضل طراز سعرها ١٥ ألف دولار على حساب بطاقته الائتمانية، ثم قدمنا استمارة النفقات. فغضب المسئول عن الشئون المالية غضبًا شديدًا. فكان أمرًا لا يصدق.
وكم كان ذلك رائعًا، وجاء العمال وركبوا ماكينة القهوة وثبت أن تلك الماكينة كانت أفضل شيء اشتريناه على الإطلاق. فكان الموظفون يلتقون ويحتشدون حولها كل صباح. وأصبحت محط إعجاب الجميع، ولم يكفوا عن الحديث عنها. وبعد شهر جاء المسئول عن الشئون المالية وقال: «أنا آسف، كان لا بد أن نشتريها منذ سنوات.» وهذا يعلِّم المرء درسًا عن الجهات التي ينبغي إنفاق النقود فيها والأشياء التي ينبغي إنفاق النقود عليها. فالأمر لا يقتصر على النفقات المتعلقة بالعمل فحسب. بل ينبغي أيضًا توفير بيئة مريحة حتى يشعر العاملون بالسعادة ويشعروا بأنهم موضع تقدير.
ومن واقع تجربتي، أقول إنه من النادر أن ينقلبوا ضدك لأنكم فريق واحد، وإذا لم يتعاون أفراد الفريق، فمن المحتمل أن تفلس الشركة. وفي بعض الأحيان، عندما ينخفض الأداء في الشركة، سيتحتم عليهم اتخاذ قرار صعب بفصل شخص من العمل، ولكن هذا نادرًا ما يحدث من وجهة نظري. لأنهم ما كانوا ليستثمروا في شركتك ما لم يؤمنوا ببراعتك أنتِ وفريقك. لذا فإن تجربتي مع أصحاب رءوس الأموال المخاطرة لطالما كانت إيجابية.
ولكننا حققنا نجاحًا كبيرًا مرتين، وذلك مع شركتي مورجان ستانلي وبير ستيرنز. وكانت لدى الشركتين آلاف المتعاملين في جميع أنحاء العالم ولذا كانتا بحاجة ماسة لاستخدام البرامج نفسها وإلا عجزت عن العمل. وكانت الشركتان تريدان نشر تلك البرامج في ١٠٠ ألف نقطة نهاية، وكانتا تسعيان للحصول على تقارير وتحذير المستخدمين الذين لم يحصلوا على تحديثات. وقد قمنا بهذه المهمة على أكمل وجه. وبمرور الوقت تحولت ماريمبا من شركة متخصصة في توزيع برمجيات استهلاكية/تكنولوجيا الدفع إلى شركة لتوزيع البرمجيات للمؤسسات، وهو ما كان ينطوي على قدر أكبر من الملل مقارنةً بالبدايات، ولكن كانت لا تزال هناك فرص لكسب المزيد من الأرباح في هذه السوق.
ويتمسك الكثيرون بالفكرة في حد ذاتها. فجميعهم يريدون ابتكار شيء وتنفيذه. وهذا في رأيي تصورٌ خاطئ. إذ يجب أن تكون لديك ميزة ليست لدى الآخرين وذلك بأن تجيد شيئًا، أو أن تهتم باتجاه أو سوق معينة رأيت فرصة فيها، ولكن عليك تجنب التمسك الشديد بالتفاصيل، لأنه لا يمكنك التنبؤ بالمستقبل على أي حال. ونظرًا لأنك ستمر بالكثير من التغيرات، لا أظن أن المبالغة في تحليل أول خطة عمل، على سبيل المثال، تكون لها نتائج إيجابية. ففائدة خطة العمل الأولى تتمثل في التأكد من قدرتك على استخدام برنامج مايكروسوفت وورد فحسب.
وفي نهاية الأمر، سيكون من الضروري التوجه إلى أصحاب رءوس الأموال المخاطرة للحصول على النقود، وفي هذه المرحلة ينبغي أن تتمكن من صياغة الخطة كتابيًّا وبيعها لهم. وينبغي التمرن على ذلك كثيرًا. ابدأ بأصدقائك ووالديك وفي النهاية توجه إلى أصحاب رءوس الأموال المخاطرة. فإذا تلقيت ردود أفعال جيدة، فامضِ قدمًا. أما إذا كانت ردود الأفعال سيئة توقف على الفور، لأن بيع خطة عمل سيئة يعد فكرة سيئة فعلًا. ويمكنك أن تفشل مرة واحدة، ولكن من الصعب أن تفشل عدة مرات لأن أصحاب رءوس الأموال المخاطرة لن يمهلوك فرصة أخرى إذا عرضت عليهم بضع خطط سيئة.
ومن الأفكار الأخرى الجيدة أن تنضم إلى شركة ناشئة حصلت على تمويل بالفعل. فبهذه الطريقة يمكنك أن تجرب مناخ الشركات الناشئة بكل مميزاته وعيوبه دون أن تتحمل أنت المخاطرة بأكملها. لأن تأسيس شركة ناشئة يتطلب أن تترك عملك وتتخلى عن دخلك وتخوض غمار هذه المخاطرة. وهذا هو ما يمنع الكثيرين من الإقدام على هذه الخطوة.
ومن حسن حظي أنني لم أعد مضطرًّا للعمل. فإذا أسست شركة جديدة، لا يهمني ما إذا نجحت أو فشلت، فأنا أقوم بذلك لأنني أستمتع به. وبالطبع أود أن أنجح. وفيما يخص الراتب فقد عملنا لعدة سنوات في سترينجبيري دون أن نتلقى رواتب لأننا كنا نستمتع بما نفعله.
ومن المشكلات التي تواجه المؤسسين بعد الطرح الأولي العام هي أنك لا تستطيعين أن تبيعي لفترة محددة، وبعد ذلك كل مرة تبيعين فيها وتنخفض أسعار الأسهم، تجدين أن هناك من يقاضيك بشكل شخصي؛ حملة الأسهم. لذا كلما جاءتنا فرصة للبيع، قال لنا المحامون: «من الأفضل ألا تبيعوا لأنكم إذا خسرتم الدعوى القضائية، فستجري مقاضاتكم. وستجدون الدعاوى القضائية تنهال عليكم.»
وهكذا شهدنا الأسهم وهي تنخفض من ٧٥ دولارًا إلى صفر تقريبًا دون أن نتمكن من البيع. وكان بإمكاننا البيع من الناحية القانونية، ولكني نوعًا ما أقنعت نفسي بالعدول عن الأمر لأني رأيت أن نسبة المخاطرة مرتفعة للغاية. فإذا أسست شركة صغيرة وأفلست، يخسر حملة الأسهم نقودهم، ولكنك على المستوى الشخصي لا تخسرين منزلك. ولكن القضية التي يرفعها حملة الأسهم تعتبر قضية شخصية، وإذا خسرتها يستولون على منزلك؛ أي إنها مسألة مختلفة تمامًا.
ويلجأ الناس للكثير من الخطط المجنونة لتفادي كل ذلك. ولكننا كنا في غاية السذاجة بخصوص هذه الأمور في ذلك الوقت. فانطلاقًا من الرغبة في إبعاد انتباه الموظفين عن ذلك الأمر، يتحمل المرء العبء ويواجهه.
يتعلم المرء الكثير عند تأسيسه لشركة. فالأمر أشمل بكثير مما تتخيلين. فمع أنني كنت المسئول التقني، فقد كنت أكتب الكثير من الأكواد وكثيرًا ما كنت أدلي بشهادتي في المحاكم وأجري المقابلات الشخصية وأتولى مهام البيع ونقل الأثاث والسفر. وهذا هو الرائع في الأمر؛ فهو ليس عملًا منتظمًا. وهذا ما يعجبني، ولهذا السبب أنشأت شركتين أخريين منذ ذلك الحين.
لذا ما لم تتجهوا إلى مجال مختلف تمامًا، فعليكم أن تتوخوا الحذر الشديد عند التعامل مع مسألة الملكية الفكرية. لذا ما ينبغي أن تحرصوا عليه هو عدم التخطيط لشيء، ولا تكتبوا أي شيء. تحدثوا عن الأمر وأنتم تحتسون الجعة ثم اتركوا عملكم. وابدءُوا. لا تستخدموا أيًّا من أجهزة الشركة أو بريدها الإلكتروني.
وهذا لا يهم في شيء إذا ما فشلت الشركة، ولكن إذا نجحت، قد يمثل مشكلة كبيرة. والطريف في الأمر هو أنهم لن يقاضوكم إلا بعد أن تحققوا نجاحًا، فما الذي سيدفعهم لمقاضاة فاشلين؟ ويتسم ذلك بأهمية خاصة إذا ما اتخذتم الخطوات الأولى في شركة كبيرة مثل جوجل أو أمازون لأن لديهم استعدادًا لإنفاق المال والوقت على هذه الأمور.