الفصل الخامس عشر

بول جراهام

مؤسس مشارك، شركة فياويب

أسس بول جراهام وصديقه روبرت موريس شركة فياويب عام ١٩٩٥ لتصميم برنامج متخصص في إنشاء المتاجر الإلكترونية. وبعد بضعة أيام من العمل لإنجاز النموذج الأولي، خطرت لهما فكرة مجنونة وهي جعل البرنامج يعمل على الخادم مع إتاحة التحكم فيه من قبل المستخدم عن طريق برنامج التصفح.

وفي غضون أسابيع، تمكنا من إنجاز برنامج يعتمد على الويب لإنشاء متاجر إلكترونية، وأصبح جاهزًا لعرضه على المستثمرين. وأطلقاه في بداية عام ١٩٩٦.

لقد كانت شركة فياويب واحدة من أولى الشركات التي تحقق ما وعدت به الويب فيما يتعلق بخلق فرص متكافئة. فباستخدام برنامج فياويب، أصبح بإمكان الشركات الصغيرة تصميم متاجر إلكترونية لا تقل عن الشركات الكبيرة التي تعتمد على البيع بالكتالوج. وقد نجح الكثير منها في هذا؛ وبحلول عام ١٩٩٨، كان فياويب ستور أشهر برنامج متخصص في التجارة الإلكترونية.

واستحوذت ياهو على شركة فياويب في يونيو ١٩٩٨ وأعادت تسميتها ياهو ستور. وفي عام ٢٠٠٥، شارك جراهام في تأسيس واي كومبيناتور، وهي شركة استثمارات تدعم الشركات في مراحلها المبتدئة.

***

ليفنجستون : كانت لديك شركة ناشئة أخرى قبل فياويب، أليس كذلك؟ هلا حدثتني عنها قليلًا؟
جراهام : قبل فياويب كانت لدينا شركة ناشئة أخرى يطلق عليها أرتيكس. وكنا نعتزم وضع المعارض الفنية على الإنترنت. وكانت المشكلة هي أن المعارض الفنية رفضت الظهور على الإنترنت. وهي لا تزال ترفض. وقضينا وقتًا طويلًا نحاول أن نقنع المسئولين عن المعارض الفنية باستخدام شيء لم يكونوا بحاجة إليه قبل أن تخطر لنا فكرة أنه ينبغي لنا تنفيذ شيء يحتاج الناس إليه فعلًا.
ليفنجستون : فصرفت النظر عن أرتيكس وتحوَّلت للعمل على برنامج لمواقع المتاجر الإلكترونية؟
جراهام : نعم. في الواقع إنه برنامج مشابه للأول. فقد أدركنا أنه إذا كان بإمكاننا كتابة برنامج يمكنه أن ينشئ مواقع للمعارض، فإننا على بُعد خطوات قليلة من تصميم متاجر إلكترونية. فقد بدا أن الجميع يريدون متاجر إلكترونية، فلمَ لا ننفذ هذه الفكرة بدلًا من الأخرى؟
فعلى الأقل كنا نعتقد أن الجميع يريدون متاجر إلكترونية. ففي ذلك الوقت كثر الحديث في الصحافة عن التجارة الإلكترونية، لأن نت سكيب كانت تنفذ حملة علاقات عامة ضخمة من أجل الطرح الأولي العام لها. وكان عليها إقناع الجميع أن الإنترنت سيكون مهمًّا من الناحية الاقتصادية، وانتقوا أبسط مثال خطر لهم. وفي الواقع لم يكن معظم التجار يريدون البيع على الإنترنت، على الأقل في ذلك الوقت. ولكن عندما بدأت هذه الرغبة تساورهم، أصبحنا موجودين في خدمتهم.
ليفنجستون : دعنا نعد إلى الوقت الذي بدأت فيه العمل لإنجاز فياويب للمرة الأولى. ماذا كانت أول الأشياء التي نفذتها؟ وهل تمكنت من الحصول على أي تمويل؟
جراهام : في البداية كلا، لم نحصل على أي تمويل. فكان الأمر يقتصر عليَّ أنا وروبرت حيث كنا نعمل في شقته. وكان ذلك في منتصف الصيف. وكان روبرت طالبًا بالدراسات العليا ولكن لأننا كنا في الصيف كان لديه بعض الوقت المتاح. فقررنا أن نحاول كتابة نموذج أولي. وكتبنا النسخة الأولى في بضعة أيام.
من بين الأمور غير التقليدية التي تميز فياويب أنه يعمل على الويب. ومن هنا جاء الاسم. فقد كان تطبيقًا على الويب، وإلى حد علمي كان الأول من نوعه. ولكن في البداية لم يكن يعتمد على الويب. فقد كنا ننوي في بادئ الأمر أن يكون برنامجًا يمكن للمستخدم استخدامه على الكمبيوتر المكتبي لتصميم موقع يمكنه بعد ذلك تحميله إلى خادم. وخلال بضعة أيام من العمل لإنجازه خطرت لنا فكرة مفادها أن نجعله يعمل على الخادم ونجعل المستخدم يتحكم به عن طريق الضغط على روابط على صفحة ويب. وهكذا جلسنا وحاولنا أن نكتبه، وبالطبع يمكن كتابة برنامج يعمل بهذه الطريقة.
ليفنجستون : كانت فكرة جديدة، أليس كذلك؟ أتذكر متى خطرت لك؟
جراهام : في ذلك الوقت كان معظم محترفي الكمبيوتر الذين نعرفهم يستخدمون برنامج إكس ويندوز، والذي يمكنك فيه استخدام برنامج يعمل على جهاز بعيد، ولكنه يعرض البيانات على شاشتك. وكانت هناك أيضًا فكرة جهاز طرفي إكس، الذي لم يكن إلا جهاز كمبيوتر تقتصر مهمته على تشغيل برنامج إكس ويندوز، فقد كانت مراكز التحكم تقع على الخادم. وهكذا كان تفكيرنا في التطبيقات المعتمدة على الويب في البداية يقوم على استخدام المتصفح كجهاز طرفي إكس. فهل يمكن معاملة المتصفح على أنه جهاز طرفي إكس، ونشغِّل التطبيق على الخادم؟
ومن ثَم فإن الأمر لم يكن يمثل قفزة ذهنية ضخمة إذا كنت تنتمين إلى تخصصنا، ولكنه كان كذلك إلى حد ما. أذكر بوضوح عندما طرأت تلك الفكرة على ذهني. كنت أجلس في تلك الغرفة الإضافية في شقة روبرت في أثناء الصيف لأنني في ذلك الوقت كنت أعيش في نيويورك، واستيقظت في صباح أحد الأيام وقد خطرت لي الفكرة. فبينما كنت راقدًا وأنا نصف نائم خطرت لي فجأة فكرة تشغيل البرنامج على الخادم، وكانت مثيرة للغاية حتى إنها أطارت النوم من عيني. فاعتدلت جالسًا على الفراش وأنا أفكر في أننا يجب أن نجرب تنفيذ هذه الفكرة.
ليفنجستون : أتذكر كيف كان شعورك عندما نجحت تلك الفكرة؟
جراهام : كنت متحمسًا للغاية لأن ذلك كان معناه أنه بإمكاننا تأسيس شركة بدون الحاجة إلى تعلم ويندوز. فقد كنا نخشى من تصور أنا سنضطر لكتابة برنامج لأجهزة الكمبيوتر المكتبي؛ لأنه في ذلك الوقت كانت كتابة برنامج مكتبي تتطلب كتابة برنامج في نظام ويندوز. ولم يكن أي منا يجيد كتابة برنامج في ويندوز ولم نشأ أن نتعلم ذلك. فقد كنا نفضل تجنب ذلك كما نتجنب الخوض في مستنقع موحل. لذا كان أول رد فعل لنا عندما طرأت لنا فكرة تنفيذ تطبيقات تعتمد على الويب هو: «الحمد لله، لن نضطر لكتابة برنامج في ويندوز».
ليفنجستون : إذن اتخذتم تلك الخطوة الكبيرة. ماذا فعلتم بعد ذلك؟
جراهام : في مرحلة مبكرة حصلنا على بعض التمويل من صديقنا جوليان، الذي عمل معنا أيضًا في أرتيكس. وقد أعطانا ١٠ آلاف دولار. وبعد ستة أسابيع تقريبًا اتضح أن الأمر سيتطلب عملًا أكثر مما كنا نتوقع، لذا ضممنا إلى صفوفنا تريفور بلاكويل.
ليفنجستون : كيف تعرفت على تريفور؟
جراهام : كان تريفور طالبًا بالدراسات العليا مع روبرت. فسألت روبرت عن أذكى طالب في برنامج علوم الكمبيوتر فأجاب إنه تريفور. ولم أصدق هذا في الواقع لأنني في ذلك الوقت كنت أظن أن تريفور شخص أحمق.
ليفنجستون : ولكنك سرعان ما اقتنعت أنه موهوب، أليس كذلك؟
جراهام : تريفور موهوب حقًّا، بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ. فعندما ضممناه إلى صفوفنا لأول مرة، طلبنا منه أن يكتب برنامجًا صغيرًا للتحكم في الصور حتى نختبره. فلم نتلقَّ منه اتصالًا لمدة أسبوعين، وكنت تقريبًا قد صرفت النظر عنه. وفي النهاية أرسل لي رسالة بالبريد الإلكتروني يطلب مني فيها الذهاب إلى مكتبه لأرى ما نفذه. فذهبت إلى هناك متوقعًا أن أرى برنامج الصور الجديد، لكنه بدلًا من هذا، أعاد كتابة نظامنا بالكامل في لغة البرمجة سمول توك، وكان ذلك يشمل كل ما كتبته أنا وما كتبه روبرت.
فقلت له: «حسنًا، أنت معنا. ولكن الآن ابدأ في كتابة برنامج الصور اللعين؛ لأننا لن نعيد كتابة كل شيء في لغة سمول توك.»
ليفنجستون : كنت أنت وروبرت صديقين حميمين من قبلُ، أليس كذلك؟
جراهام : بلى. كانت قد مرت على صداقتنا آنذاك عشر سنوات تقريبًا. وفي الحقيقة، أظن أن روبرت لم يوافق في البداية على هذا المشروع إلا لأنه صديقي. ففي بادئ الأمر كان يسايرني فقط. ولم يدرك أن فياويب أمامه فرص لتحقيق أرباح إلا بعد مرور عام.
ليفنجستون : إذن فقد أقنعته بقضاء الصيف في العمل لإنجاز هذا المشروع. ماذا حدث في فصل الخريف؟
جراهام : وصلت الأمور إلى منعطف سيئ بعض الشيء مع روبرت. فدارت بيننا مكالمة هاتفية غاضبة قال فيها إننا نعمل لإنجاز ذلك الشيء لشهر كامل ولم ننتهِ منه بعد. وعندما نتذكر هذا الآن، نجد أنه أمر مضحك لأننا قضينا ثلاثة أعوام نعمل لإنجازه بعد ذلك. وفي ذلك الوقت، كنت أفكر في طريقة تقنعه بالاستمرار في العمل لإنجازه لمدة شهر آخر. لكن كان هذا هو السبب الأساسي الذي دفعنا للاستعانة بتريفور. فقد تمرد روبرت، فرأيت أننا بحاجة للمزيد من المبرمجين.
ليفنجستون : إذا كان روبرت معارضًا، فلماذا أسست الشركة معه؟
جراهام : أولًا إنه أعز أصدقائي، لذا كنت أثق به حقًّا، وهو أيضًا من بين أفضل المبرمجين في العالم. فأنا أفضل الاستعانة بربع ما لديه من قدرات ذهنية لحل مشكلة ما، بدلًا من الاستعانة بكامل القدرات الذهنية لسواه.
ليفنجستون : أين كنتم تعملون؟
جراهام : في شقة روبرت. وكان رفيقه في السكن غائبًا في ذلك الصيف فانتقلت إلى غرفته.
وكان روبرت يستيقظ مبكرًا في حين أنني كنت أظل ساهرًا حتى الساعة الرابعة صباحًا وأستيقظ من النوم ظهرًا. أي إننا كنا نعمل بالتناوب أربعًا وعشرين ساعة. فكنت أكتب كودًا جديدًا في أثناء الليل وأرسل لروبرت رسالة بالبريد الإلكتروني أخبره فيها أنني أنجزت هذه السمات الجديدة في الجزء الخاص بي من الكود. فيكتب هو المقابل لها في الجزء الخاص به. ومن ثَم كنا ننتهي من كتابة الكود بسرعة كبيرة.
ليفنجستون : على جهاز كمبيوتر واحد؟
جراهام : كانت هناك جامعة كبيرة بالقرب من الشقة، وكنا نستخدم أجهزة الكمبيوتر بها بصفة غير رسمية إلى حد ما.
ليفنجستون : قريبة في كامبريدج بولاية ماساتشوستس؟
جراهام : نعم.
ليفنجستون : ماذا كانت نقطة التحول الكبرى التالية بعد أن أدركت أنه بإمكانك أن تنفذ ذلك على الويب؟
جراهام : جاءت نقطة التحول التالية عندما نفذنا برنامجًا تجريبيًّا، عندما صممنا بالفعل متجرًا إلكترونيًّا باستخدام برنامجنا وكان بإمكان المستخدمين الشراء من خلاله، وتحريره عبر نت سكيب. وأسسنا فياويب في منتصف يوليو ١٩٩٥ وأظن أننا أنجزنا أول برنامج تجريبي في وقت مبكر من شهر أغسطس.
ليفنجستون : من كان أول من عرضت البرنامج التجريبي عليهم؟
جراهام : أول من عرضناه عليهم كانوا مجموعة من المستثمرين الذين كان من المحتمل التعاون معهم. لكننا في النهاية قررنا ألا نأخذ نقودًا منهم؛ لأنهم كانوا يريدون الحصول على نصيب الأسد من أسهم الشركة مقابل مبلغ صغير نسبيًّا. ولكن وجودهم حثنا على كتابة أول نسخة لنا، والعمل على تشغيل البرنامج التجريبي.
ليفنجستون : فور الانتهاء من ذلك البرنامج التجريبي، هل بدأتم تفكرون في الحصول على عملاء أم ركزتم على الحصول على تمويل؟
جراهام : لقد شعرنا أن المهم هو كتابة المزيد من الكود. فنحن متخصصون في البرمجيات. ربما كان من لديه دراية أكبر بعالم التجارة والأعمال سيفضل الحصول على عملاء، ولكن في الحقيقة فكرة العملاء كانت تخيفنا. ففضلنا أن نكتب المزيد من آلاف سطور الكود قبل الحصول على عملاء.
ليفنجستون : لمَ كنتم تخشون العملاء؟
جراهام : يختلف العمل في المبيعات عن البرمجة كل الاختلاف. فقد كنا لا نشعر بأي رهبة حيال البرمجة، ولكن التعامل مع العملاء كان أشبه بالمجهول المخيف. وإذا بدا لك خوفنا من التعامل مع العملاء أمرًا غريبًا، فتخيلي ما سيشعر به رجل المبيعات العادي حيال إدخال تعديلات على البرمجيات التي تعمل على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به. ستبدو الفكرة مخيفة. أما لمتخصص في البرمجة، فلن يهز ذلك شعرة في رأسه.
ليفنجستون : ماذا حدث إذن؟
جراهام : كتبنا الكثير من الكود. فقلنا في أنفسنا: «هذا هو ما نجيده. ومن ثَم فإن ذلك هو ما سنفعله.» وحاولنا أن نتفوق على أي منافس محتمل بقدر الإمكان.
وبحلول ذلك الخريف، أنجزنا برنامج تصميم متاجر إلكترونية ربما يفوق ما لدى أي من منافسينا، وحتى بعد مرور ٣ سنوات. وفي أكتوبر أو نوفمبر، ذهبت إلى نيويورك وقدمت بعض العروض التجريبية أمام بعض المستثمرين الأفراد الذين يقدمون رأس مال مقابل الحصول على حق ملكية بالشركة، وحصلنا على مائة ألف دولار أخرى، وهو مبلغ بدا لنا أكبر مما يمكننا إنفاقه. (ولكن تبين لنا أننا مخطئون.)
ليفنجستون : ماذا حدث بعد ذلك؟
جراهام : شجعتنا كثيرًا رغبة أولئك المستثمرين في استثمار نقودهم معنا. فقد قدَّمنا عرضين تجريبيين لاثنين من المستثمرين. وكنا نريد فقط الحصول على ٥٠ ألف دولار، ولكن كليهما وافق على العرض. ومن ثَم حصلنا على ١٠٠ ألف دولار نظرًا لموافقة كليهما.
ثم كتبنا المزيد من الكود. ولم يكن لدينا في ذلك الوقت الكثير من المنافسين، لذا جازفنا وأعدنا كتابة معظم الكود. فمع أنه كان رائعًا، قررنا أنه الوقت المناسب لإعادة كتابة الكود. وفي النهاية في شهر ديسمبر بدأنا نسعى للحصول على مستخدمين.
ليفنجستون : من كان أول عملاء لكم وماذا كان رأيهم عندما عرضت عليهم فياويب لأول مرة؟
جراهام : كان أول عملاء لنا هما اثنين من متاجر بيع الكتب التقنية. وفي الواقع رافقني روبرت في جولة المبيعات للعميل الأول. وقد جلس دون أن يتفوه ببنت شفة طوال العرض كله. وأظن أن كلا العميلين كان خائفًا من أمازون. ففي ذلك الوقت كان يتحتم على المرء بذل مجهود مضاعف لإقناع معظم التجار بالبيع على الإنترنت، ولكن ذلك لم يكن ينطبق على العاملين في مجال الكتب التقنية.
ليفنجستون : حدثني قليلًا عن علاقتك بأول عملاء لكم.
جراهام : كان لزامًا علينا أن نحصل على خمسة عملاء أو ستة لإطلاق المنتج. وكنا نعتزم أن ننفذ كل ما يطلبه عملاؤنا الأوائل كي ننجح في اكتسابهم كعملاء لنا. فأعطيناهم البرنامج مجانًا للفترة التي يريدونها. وصممنا مواقعهم بأنفسنا. وإذا كانوا بحاجة لوضع صور عليها كنا نمسح الصور بالماسح الضوئي. لقد كنا باختصار بمنزلة مستشارين للويب لهم لأننا كنا بحاجة إلى مستخدمين، فلا يمكن إطلاق شيء كهذا بدون أن يكون لديك مستخدمون.
هذه إحدى مشكلات البرامج المعتمدة على الويب. فإذا كنت تصممين برنامجًا مكتبيًّا، وأطلقته لا يعرف أحد كم عدد المستخدمين، أليس كذلك؟ ولكن إذا كان برنامجًا معتمدًا على الويب وأنتِ تستضيفين المواقع التي صممها هؤلاء، فإذا لم يكن لديك مستخدمون، يصبح ذلك معروفًا للعالم بأسره.
ليفنجستون : هل كان معظم من حاولت أن تبيع لهم برنامجك يمثلون متاجر تجزئة إلكترونية؟ هل هناك أشياء أساءوا فهمها؟
جراهام : من بين أهم الأشياء التي أسأنا نحن فهمها هي أننا ظننا أن المستخدمين سيكونون من شركات البيع بالكتالوج. وقد أصبحت كل تلك الشركات الآن موجودة على الإنترنت، ولكن آنذاك كانت كلها ترفض اللجوء للويب. فقد كان هذا في نهاية عام ١٩٩٥، أو بداية عام ١٩٩٦. ولم يكن قد أصبح من المتاح لدى الكثيرين إمكانية الدخول إلى الويب بعد. وهكذا كان مديرو الإدارة الوسطى في شركات البيع بالكتالوج التي اتصلنا بها في ذلك الوقت لا يطيقون سماع أي كلمة عن الويب. فقد كان يجعل حياتهم أكثر تعقيدًا. فكنا نتصل بهم ونعرض عليهم استعدادنا لحل جميع مشكلاتهم وتصميم متاجر إلكترونية لهم، فكان الأمر يبدو كما لو أن طبيب أسنان يتصل بك ويسألكِ: «لماذا لمْ تأتي من أجل جلسة علاج الجذور؟»
واتضح أن من يحتاجون حقًّا لبرنامجنا كانوا تجارًا منفردين، أي أشخاص لديهم متاجر متخصصة تبيع قطع الشطرنج الأثرية أو شيء من هذا القبيل، وكانوا يعتمدون حتى ذلك الوقت على ذهاب المشترين إلى محالهم لشراء البضائع، أو ربما كانوا يرسلون من حين لآخر نسخًا مصورة من قائمة الأسعار. وقد اجتذب الويب اهتمام هؤلاء لأنه أتاح أمامهم فرصة العمل بطريقة شركات البيع بالكتالوج. وقد أُعجب بنا هذا القطاع من المستخدمين.
ليفنجستون : لماذا أُعجب المستخدمون بفياويب؟
جراهام : أظن أن السبب الأساسي يتمثل في سهولته. فمن الناحية العملية جميع البرامج في العالم تكون إما معطلة وإما صعبة الاستخدام. ومن ثَم يخشى المستخدمون البرامج. فقد اعتادوا على أنه كلما حاولوا تثبيت أي برنامج أو حتى ملء نموذج على الإنترنت، أخفقت المحاولة. أنا شخصيًّا أخشى من تثبيت البرامج مع أني حاصل على دكتوراه في علوم الكمبيوتر.
لذا إذا كنت تكتبين تطبيقات موجهة للمستخدم النهائي، فعليك أن تتذكري أنك تكتبين لجمهور مر بالكثير من التجارب السيئة. وقد اجتهدنا كي نجعل فياويب سهلًا قدر الإمكان، ووضعنا ذلك العرض التجريبي على الإنترنت الذي ساعد في بث الثقة في النفوس والذي استعنا به لإرشاد الناس لطريقة استخدام برنامجنا. وهذا هو ما ساعدنا على اجتذاب جميع المستخدمين الخاصين بنا.

وهناك عامل آخر هو أنه كان لدينا تصميم رسومي جيد. فسلاحنا السري هو أننا كنا ندرك أن جوهر التجارة الإلكترونية يعتمد على تصميم الرسومات، وليس معالجة المعاملات التجارية. فإذا لم يكن لديك موقع يمكنه إقناع المستخدمين بالشراء، فلن يصبح لديك معاملات تجارية من الأساس، ويعد جمال شكل الموقع من أهم العوامل التي من شأنها إقناع الناس بالشراء. لذا حرصنا على أن يهتم برنامجنا بتصميم مواقع رائعة الشكل، وألا تكون فقط أفضل من منافسينا بل أفضل من معظم المواقع التي دفعت الشركات الكبرى نصف مليون دولار لمستشاري الويب مقابل تصميمها.

إننا حتى لم نكن نعالج المعاملات التجارية عبر بطاقات الائتمان إلا بعد مرور سنتين تقريبًا من العمل. إذ كنا فقط نرسل طلب الشراء إلى التاجر، وكان هو يعالجه بطريقة تشبه معالجة طلبات الشراء عبر الهاتف.
ليفنجستون : من كان ينافسكم؟ وهل كان هناك منافسون أثاروا قلقكم؟
جراهام : لقد ساورنا القلق من عدة منافسين لأسباب مختلفة. وكان أكبر منافس لنا هو شركة اسمها آي كات. ولحسن حظنا أنها لم تكن بارعة في كتابة البرامج. ولكنها كانت بارعة في الحصول على تمويل، والحفاظ على مظهرها كشركة. وفي وقت من الأوقات قامت بجولة للحصول على تمويل أثمرت عن مبلغ أكبر من التقدير الكامل لقيمة شركتنا، ربما بمقدار الضعف في الواقع. ولكنها لحسن الحظ لم تمثل تهديدًا قط من الناحية التقنية.
في البداية لم يكن برنامجهم معتمدًا على الويب، بل كان يعمل على أجهزة الكمبيوتر المكتبية. وفي النهاية طرحوا نسخة تعمل على الويب. وكنت أنا وتريفور في معرض تجاري عند إطلاقه، ولاحظنا أن عناوين المواقع على الإنترنت للصفحات الثابتة تشبه «ملفات العرض»، مع اسم الملف كوسيط. لذا حاولنا أن نستبدل بالوسيط /etc/passwd، وكما توقعنا، عرض الخادم على الفور ملف كلمات المرور في المتصفح. وكانت هناك حسابات بدون كلمات مرور. أعني هذه أخطاء لا يرتكبها المبرمجون المبتدئون.

كان هناك منافس آخر وهو شركة يطلق عليها شوب سايت، وكانت أفضل من الناحية التقنية، لكنها لم تكن شديدة الخطورة. هذا بالإضافة إلى أنها كانت تقع في ولاية يوتا، ولم تكن لها علاقة بعالم الشركات الناشئة. في حين أن آي كات كان مقرها في سياتل، كما كانت أقرب إلى الشركات الناشئة. ولسبب غير معروف، لم تكن هناك شركات منافسة بمعنى الكلمة في وادي السليكون.
ليفنجستون : أخبرني عن بعض نقاط التحول المهمة الأخرى في أول عام أو عامين لفياويب.
جراهام : حدث كثير من نقاط التحول. في الحقيقة لم يكن تاريخ فياويب إلا سلسلة من نقاط التحول واحدة تلو الأخرى، واحدة ترفعنا إلى عنان السماء وأخرى تهبط بنا على نحو مخيف. فبعد بضعة أيام من إطلاق المنتج جاءت نقطة تحول أخرى عندما اتصلت بنا شركة عملاقة وعرضت علينا شراء الشركة في الوقت المناسب. فكان الأمر يبدو كما لو أننا قد توقعنا حدوث ذلك. فها نحن، المبرمجين الموهوبين، نكتب برنامجًا رائعًا ونطلقه، وسرعان ما ينطلق جرس الهاتف ونكتشف أن هناك شركة كبرى تعرض علينا شراء شركتنا.
ليفنجستون : ماذا حدث؟
جراهام : لقد حدث نوع من صدام الثقافات. فقد جاءوا في البداية لمشاهدة الشركة. فجاءوا وهم يرتدون كنزات صوفية فضفاضة وملونة بألوان متنافرة، كما لو أن شخصًا خبيرًا في شئون الشركات نصحهم بأنه ليس من المفترض أن يرتدي المرء بذلة عند زيارة شركة ناشئة، فاحتاروا ماذا يرتدون. فنصحهم بارتداء هذه الكنزات ذات الألوان الكثيرة المتنافرة. فجاءوا إلى البناية وهم يرتدون تلك الكنزات وصعدوا السلم وهم يتعثرون في أحذية أطفال مالكة البناية المتناثرة في الممر، ودخلوا ليكتشفوا أن الشركة التي من المفترض أن يشتروها ليست إلا شقة طالب بالدراسات العليا بها بعض أجهزة الكمبيوتر.
ولكنهم أصروا على شراء الشركة بعد ذلك، لذا اتفقنا على عقد اجتماع في شقة جوليان في نيويورك. وكان أحد المستثمرين الذين نتعاون معهم تاجر معادن، فاستنتجنا أنه سيكون مفاوضًا رائعًا، وسنتركه يتولى هذه العملية. وقال القادمون من الشركة الأخرى إنهم يودون شراء الشركة مقابل ٣ ملايين دولار. فقال المفاوض: «لن أبيعكم الشركة مقابل ٣ ملايين دولار، ولكن مقابل مليون دولار، وسأمنحكم خيار شراء الشركة في غضون ستة أشهر مقابل عشرين مليون دولار.» فنهض القادمون من الشركة الكبرى وغادروا المكان.
ليفنجستون : كيف كان شعورك؟
جراهام : في اليوم الأول تقريبًا لم أستوعب ما حدث. ثم ساورني إحساس فظيع. فقد أدركت أنهم لو اشتروا شركتنا مقابل ثلاثة ملايين دولار، كان نصيبي وحدي سيبلغ أكثر من مليون دولار فشعرت كما لو أني خسرت مليون دولار. فقد كنت سأحصل على مليون دولار ثم فقدتها. فشعرت بالذعر.
فاتصلت بالشخص الذي كنا نتحدث معه في الشركة الكبيرة وسألته عما إذا كانوا لا يزالون يريدون شراء شركتنا، فأجاب بالنفي. فقد أحس بالإهانة — على ما أعتقد — هو وزملاؤه لإضاعة وقتهم معنا.
ليفنجستون : إذن كان ذلك درسًا قويًّا عن حقيقة عمليات الاستحواذ.
جراهام : كانت تلك أول تجربة لي مع أمر يتضح أنه درس شديد الأهمية للشركات الناشئة: لا تعتبر أن أي صفقة قد أُبرمت إلا بعد تحويل الأموال إلى البنك. فهناك احتمال قائم أن تتسبب الكثير من الأمور في عدم إتمام الصفقات، وهذا ما يحدث فعلًا. فقبل أن تستحوذ ياهو على شركتنا في النهاية، سبق لنا إجراء محادثات مع تسع أو عشر شركات مختلفة كانت تسعى للاستحواذ على شركتنا، ودائمًا كان الأمر لا يتم لسبب أو لآخر.
ليفنجستون : وماذا فعلتم عندئذٍ؟ أعُدتم للعمل؟
جراهام : نعم. لطالما ظلت شركة فياويب تنطوي على مسارين متزامنين. المسار الأول هو مسار البرمجيات والعملاء، وكان يسير بسلاسة وعلى أفضل وجه طوال الوقت. فقد ظللنا نكتب برامج متميزة، ونحصل على المزيد والمزيد من العملاء، وكنا ننال إعجاب العملاء، ونمو الشركة كان يزداد باستمرار. وفي الوقت نفسه، كان هناك المسار التجاري، الذي كان يأتي بكارثة تلو الأخرى. لذا كانت معظم نقاط التحول الفعلية لا ترتبط بالبرامج أو بالعملاء، لأن كل شيء يخص هاتين النقطتين كان يسير على أفضل ما يرام. فكل نقاط التحول كانت تخص الجانب التجاري.
وقد جاءت نقطة التحول التالية على الأرجح عندما رحل روبرت ليعمل في الصيف لدى شركة أخرى. فالتحق بالعمل في مركز أبحاث النظم الذي أنشأته شركة ديجيتال إيكويبمنت كوربوريشن في كاليفورنيا. والمشكلة أنه لم يخبرني أنه سيفعل هذا إلا بعد … في الواقع، لم يخبرني قط. فقبل أن يرحل ببضعة أيام كنا نتناول العشاء مع بعض أصدقائنا وسأله أحدهم: «هل تتطلع لزيارة كاليفورنيا يا روبرت؟» فنظرت إليه وقلت بدهشة: «كاليفورنيا؟» واتضح أنه كان ينوي السفر في غضون أسبوع ليقضي فترة الصيف بأكملها هناك.

ومن ثَم أصبح لزامًا عليَّ أن أشرح للمستثمرين السبب الذي دفع أحد مؤسسي الشركة التي استثمروا نقودهم فيها للرحيل وقبول وظيفة لفترة الصيف لحساب شركة أخرى. ولذلك اضطررت لاستخدام مهارتي جميعها في المراوغة.
ليفنجستون : بمَ أخبرتهم؟
جراهام : أخبرتهم أن ذلك يأتي في إطار الدراسات العليا التي يجريها، وأنه من المعتاد لطلاب الدراسات العليا أن يعملوا في معامل أبحاث في أثناء الصيف، وصحيح أنه سيعمل في شركة أخرى، ولكنها أقرب إلى معمل أبحاث منها إلى كونها شركة. ولا شك أن هذا الجزء مما قلته كان صحيحًا فعلًا. فعندما حاول البعض تحويل ألتا فيستا إلى شركة، تحول الأمر إلى كارثة.
ليفنجستون : ماذا كانت نقطة التحول التالية بعد أن رحل روبرت للالتحاق بعمله الصيفي؟
جراهام : كانت رغبة الشركة الكبيرة في شرائنا قد شجعت المستثمر الأساسي — تاجر المعادن — لذا قرر في ذلك الربيع أن يستثمر في شركتنا المزيد من النقود، أي زيادة في رأس المال مقابل حق الملكية. ولم نكن في حاجة ملحة للمال، ولكننا كنا ندرك أن نقودنا ستنفد في وقت ما في الخريف. وقرر المستثمر أيضًا أنه من الضروري أن نستعين بشخص له دراية بعالم التجارة والأعمال ليكون الرئيس التنفيذي، وأبلغنا أنه لن يعطينا المزيد من النقود حتى نعثر على ذلك الشخص. لذا ففي ذلك الصيف، بالإضافة إلى محاولة مواجهة مشكلة رحيل روبرت إلى كاليفورنيا، كنا نجري مقابلات مع الكثير من المتخصصين في الأعمال.
وكان ما يعيبهم جميعًا هو أنهم يعانون أوهام العظمة. وتذكري أن ذلك كان في بداية فقاعة الإنترنت، وأظن أنهم جميعهم كانوا يتخيلون أنفسهم رؤساء تنفيذيين لهم مكانة متميزة، بينما نحن المبرمجين نعمل في المطبخ نطهو الطعام ونغسل الصحون. فلو كان الاتفاق يشترط أن يصبح المتخصص في الأعمال هو الوجه العلني للشركة على أن يكون من المسموح لنا بالتصرف كما نريد وبالسعي لضمان سير كل شيء كما ينبغي، فلم نكن لنعترض على ذلك. لكن ساورنا القلق مما قد يحدث إذا قرر أحدهم القيام بدور الرئيس التنفيذي حقًّا ويحدد لنا الاستراتيجية التي ينبغي لنا أن نتبعها. وكان هذا سيحرمنا من بعض حقوقنا لأنه ليس لهم دراية بالأمور التقنية.
ليفنجستون : ماذا فعلتم إذن؟
جراهام : حالفنا الحظ. ففي اللحظة الأخيرة فعليًّا وجدنا فريد إيجان، أو بالأحرى هو الذي وجدنا. فقد أنقذنا فريد إيجان. وكان تعيينه بالشركة يمثل نقطة تحول كبيرة. وربما كان أسوأ وقت مر علينا في تاريخ الشركة هو ذلك الصيف عندما رحل روبرت وكان المستثمرون يضغطون علينا لاختيار متخصص في التجارة والأعمال ليصبح رئيسًا لنا. وقد انتهى ذلك الصيف المريع حين عثرنا على فريد في نهاية المطاف.
ليفنجستون : ما الذي كان يميز فريد؟
جراهام : لم يكن يسعى أن يكون رئيسنا. فقد وافق على تولي منصب المسئول التشغيلي وتسيير أمور إدارة الأعمال على أن يتركنا نتولى المسائل التقنية. وقد سبق له العمل في شركة سبق لي العمل فيها من قبل، وهي شركة إنترليف، لذا كان يتمتع بمصداقية كبيرة. في الحقيقة كان يعمل مسئولًا تنفيذيًّا كبيرًا في إنترليف في الوقت الذي كنت فيه أعمل في وظيفة لا قيمة لها، لذا فقد أُعجبت به للغاية.
ليفنجستون : وهل بث الطمأنينة في نفوس المستثمرين؟
جراهام : أوه، إلى حد لا يوصف. أذكر اليوم الأول لفريد. وكان تاجر المعادن رجلًا مخيفًا للغاية. فكان يُخيل للمرء أنه يستيقظ في الصباح ويتناول الصخور إفطارًا له. وفي اليوم الأول لفريد في العمل، اتصل بنا ذلك الرجل، فرد وهو يقول: «مرحبًا يا آلان، هل ستبيع أم ستشتري؟» فغمرني شعور عميق بالارتياح. فأخيرًا وجدت شخصًا يتولى هذه الأمور.
فكم شعرت بالارتياح حين وظفنا مسئولًا يتولى أمر التعامل مع المستثمرين حتى نتفرغ لكتابة البرامج وتلبية احتياجات المستخدمين. إذ كان ذلك هو شغلنا الشاغل.
ليفنجستون : حدثني قليلًا عن علاقتك بالمستثمرين.
جراهام : إن شركتنا تفتقر للمواصفات المعتادة للشركات، ولذلك أظن أن معظم المستثمرين لم يثقوا بنا كشركة إلا بعد أن اشترتنا إحدى الشركات. وأظن أنهم لم يقتنعوا حقًّا بأننا نحقق نجاحًا إلا في ذلك الحين.
وقد كانت شركتنا تفتقر للمواصفات المعتادة للشركات للسبب نفسه الذي جعلنا نفتقر لأناقة الملبس. فنحن لم نأبه لمثل هذه الأمور. ولكننا كنا نركز على الأمور المهمة فعلًا، ألا وهي تلبية احتياجات المستخدمين.
ليفنجستون : إذا كان أداء الشركة التي يستثمرون نقودهم فيها متميزًا، فلماذا كانت علاقتكم سيئة؟
جراهام : أظن أنهم كانوا يطمحون إلى أن تحقق أداءً أفضل. فقد كنا نحصل على مستخدمين بمعدل معين، وربما كانوا يرون أننا نستطيع الحصول على ضِعف هذا المعدل. ولا أظن أن ذلك كان بإمكاننا. فقد كان لدينا بالفعل مستخدمون أكثر من أي شركة أخرى. كل ما في الأمر هو أنه لم يكن يتوافر ذلك القدر الهائل من المستخدمين لزيادة المعدل إلى هذه الدرجة.
وكان أحد المستثمرين يطمح لإدارة الشركة على ما أعتقد. إذ كان قد باع شركته الناشئة قبل ذلك بقليل، وكان لا يزال شابًّا. وكان من الصعب عليه أن يكون مستثمرًا فقط ولا يقوم بدور فعَّال. وقد تولى بالفعل منصب نائب الرئيس في الشركة لفترة من الوقت.

أتعلمين عندما أتأمل الأمر الآن أجد أن المشكلة الأساسية مع المستثمرين الخاصين بنا كانت تكمن في أننا لم نتعامل معهم بحزم بما يكفي. فأظن أن المستثمرين يفضلون أن يكون هناك من يلقي عليهم الأوامر، مثل الخيل. فكونكِ تتحكمين في زمام الأمور يبث في أنفسهم الطمأنينة. ولكنهم كانوا أكبر سنًّا منا بكثير، فضلًا عن أنهم أعطونا مبالغ كبيرة من نقودهم، لذا كان من الصعب علينا أن نلقي عليهم الأوامر.
ليفنجستون : إذن، لقد انضم إليكم الآن فريد وبدأتم تبدون شركة حقيقية أكثر. ماذا فعلتم بعد ذلك؟
جراهام : بعد وقت قصير من انضمام فريد، حصلنا على المزيد من النقود. لا أدري بالضبط كم كان المبلغ، ربما ٨٠٠ ألف دولار. وهو مبلغ أكبر بكثير من أي مبلغ حصلنا عليه من قبل. وقد أجرينا بعض التغييرات في تلك المرحلة. فإلى ذلك الحين كنا لا نزال نعمل من شقة. في البداية كانت شقة روبرت. ثم بعد أن حصلنا على المائة ألف دولار في تلك الجولة الأولى من التمويل، استأجرنا شقة تقع في الطابق الذي يعلو شقة روبرت. وظللنا نعمل بها لمدة عام تقريبًا، وبعد أن انضم إلينا فريد وحصلنا على تلك الجولة الجديدة من التمويل، استأجرنا مكتبًا وبدأنا في توظيف عناصر جديدة. وبدأنا نبدو أقرب للشركات بمواصفاتها المعتادة.
ليفنجستون : هل كان القلق يساوركم من افتقاركم للمواصفات المعتادة للشركات قبل ذلك؟
جراهام : لقد استفدنا استفادة كبيرة من ذلك القول المأثور الشهير بأنه لا أحد يستطيع أن يعلم هويتك الحقيقية على الإنترنت. إذ كنا مجموعة من الأشخاص في شقة بها أجهزة كمبيوتر. وفي الوقت الحالي يتقبل الكثيرون أن الشركات الناشئة تبدو هكذا، ولكن لم يكن هذا هو الحال في منتصف تسعينيات القرن الماضي. فكان الناس لا يزالون يتوقعون أن تكون الشركة لها مكتب حقيقي. وأظن أنه لو قُدِّر لبعض الشركات التي كانت متاجرها الإلكترونية على خادمنا رؤية الغرفة التي يقبع بها الخادم لأصيبت بصدمة. ولكن من حسن حظنا أنهم لم يروها قط.
وإذا حدث وقرر أحد المجيء لزيارتنا، كنا نضطر للتحايل كي نضفي على الشركة مظهرًا أكثر شرعية. وعندما عرضت تلك الشركة الضخمة شراء شركتنا وأرسلت بعض المندوبين لمشاهدتها، لم يكن لدينا إلا جهاز كمبيوتر واحد في المكان الذي كنا نسميه مكتبنا. وكان روبرت وتريفور غالبًا ما يعملان في المنزل أو في الجامعة. لذا فقد استعرنا بضعة أجهزة كمبيوتر أخرى ووضعناها على مكاتب، حتى يبدو الأمر أكبر وأهم مما هو عليه في الواقع.

وكان أحد تلك الأجهزة التي استخدمناها لغرض التمويه هو جهاز روبرت الذي أخذناه من الشقة الموجودة بالطابق السفلي. وفي منتصف تلك الزيارة المهمة من مندوبي الشركة الكبرى، صعد روبرت وهو يستشيط غضبًا لأنه عاد إلى منزله واكتشف أن جهاز الكمبيوتر الخاص به غير موجود. وسألنا عن ذلك. فقلنا له: «اخفض صوتك، اضطررنا أن نستعيره. إننا نحاول أن نبدو شركة حقيقية. لا تقلق إننا لا نستخدمه. حتى إنه غير موصل بمأخذ التيار الكهربائي.» وكان غاضبًا حقًّا ولكنه سمح لنا بالاحتفاظ بجهازه كأداة للتمويه لمدة ساعة أخرى حتى غادروا.
ليفنجستون : إذن فقد بدأت الشركة تكبر، وحصلتم على المزيد من التمويل، فماذا حدث بعد ذلك؟
جراهام : بدأنا حينئذٍ نظهر بمظهر شركة حقيقية أكثر. وفي ذلك الوقت بدأت الصحافة تكثر من الحديث عنا. وفي البداية، سمع الناس عنا شفهيًّا. فقد كنا ضحايا المنافسة غير العادلة — إذ كنا نقدم تقنية أفضل ولكن لم يسمع أحد عنا قط. ولكن في ذلك الوقت، تغير الحال، وبدأ الناس يتعرفون على شركتنا.
ويرجع أحد أسباب هذا إلى أننا استعنا بشركة علاقات عامة رائعة بتلك النقود وهي شركة شوارتز كوميونيكاشنز. فقلنا لهم إننا نريد أن تكون شركتنا من بين الشركات التي يذكرها الناس عندما يتحدثون عن التجارة على الإنترنت. فأهم أنواع الدعاية الإعلامية لا تأتي من المقالات التي تنشر عن المرء بل عندما يذكرك الناس في حديثهم بطريقة عادية. هذا هو المهم حقًّا؛ فكلما تحدث أي شخص عن التجارة الإلكترونية قال: «شركات مثل كذا وكذا … وفياويب.» وقد تحقق هذا على يد شركة شوارتز في غضون بضعة أشهر.

وبالصدفة، كان أحد العاملين في شوارتز هو الذي ابتكر مصطلح «برنامج معتمد على الويب.» فحتى ذلك الوقت كنا نطلق عليه «برنامج معتمد على الخادم».
ليفنجستون : هل كنتم لا تزالون تتلقون عروض استحواذ في ذلك الوقت؟
جراهام : دائمًا ما كنا نتلقى عروضًا لشراء شركتنا. وكان هناك واحد تقريبًا في الوقت الذي عثرنا فيه على فريد إيجان، وكانت شركة يابانية والتي أنتجت بعد ذلك نسخة مقلدة من برنامجنا وحققت نجاحًا كبيرًا في اليابان. وكان اسمها راكوتين.
ليفنجستون : أتقصد أنهم قلدوكم؟
جراهام : نعم، وإن كانوا لم يجيدوا التقليد على الإطلاق. بالضبط مثلما يقلد المرء كلبًا بالتقاط صورة له ولصقها على قصاصة ورق مقوى. فيبدو من زوايا معينة وكأنه كلب ولكن إذا ما ألقى له عصا وطلب منه أن يحضرها له، فلن يفعل شيئًا. وفي ذلك الوقت لم تكن السوق اليابانية على القدر نفسه من التقدم في هذا المجال، لذا فقد كان ذلك المنتج متطورًا نوعًا ما في سوقهم. ولكن لطالما ظلت هناك محاولات لشراء شركتنا، وإن تباينت مستويات جديتها.
ليفنجستون : هل اضطررتم للحصول على المزيد من التمويل؟
جراهام : نفَّذنا جولة تمويلية أخرى على الأقل في ظل أسوأ الظروف. فكانت إحدى الشركات التي حاولت شراءنا — وهي الشركة قبل الأخيرة وكنا على وشك إتمام الصفقة معها — بوابة إلكترونية كبيرة. وقد اتفقنا معهم اتفاقًا شفهيًّا، ولكن في المرحلة السابقة لإتمام الصفقة، اكتشفنا أن أحد المبرمجين العاملين في شركتنا قد وقَّع مستندًا مع الشركة التي دفعت له مصاريف الالتحاق بالدراسات العليا يفيد بأن كل أفكاره ستصبح ملكًا لهم.
ليفنجستون : إذن فقد كانوا يمتلكون حقوق الملكية الفكرية؟
جراهام : ربما. ما جاء في المستند يفيد أنهم يمتلكون الأفكار التي لها صلة بعملهم. ولكنها كانت شركة كبيرة ويمكن القول إن أي شيء يتعلق بالبرامج له صلة بعملهم. لذا كان علينا الحصول على تنازل عن الملكية منهم وقد استغرق هذا وقتًا طويلًا، وفي أثناء ذلك ماطلت الشركة التي أرادت الاستحواذ على شركتنا في تنفيذ الصفقة.
واتضح في النهاية أن ذلك جاء لمصلحتنا، ولكننا اضطررنا للحصول على آخر جولة تمويلية في تلك الأثناء. وبالطبع من المستحيل أن نحصل على جولة تمويلية جديدة ونحن نعاني مشكلة حقوق الملكية الفكرية. فهذا مستحيل لأنه لا يكون بإمكان المستثمرين المحتمل التعاون معهم الحكم على مدى خطورة المشكلة. فمن الممكن ألا يمثل الأمر مشكلة كبيرة، أو تكون الشركة الأخرى تمتلك نصف برامج شركتك.

وكان ذلك ثاني أسوأ موقف مررنا به — يتساوى في هذا مع الموقف السابق. وفي النهاية تمكَّنا من الحصول على هذه المخالصة بمساعدة موظف إداري في تلك الشركة، حتى يمكننا أن نتمكن من إثبات ملكيتنا لبرامجنا أمام الشركات التي تسعى للاستحواذ على شركتنا. ولكن كان علينا الحصول على جولة تمويلية أخرى قبل هذا؛ لأن نقودنا نفدت.

وكان الموقف سيئًا للغاية. فقد تخلى عنا المستثمرون الخاصون بنا. وكانوا يدركون أننا لا نستطيع الحصول على النقود من غيرهم؛ إذ إننا لم نكن متأكدين من تمتعنا بحق ملكية برامجنا. لذا اقترحوا أن نقيم جولة تمويلية سريعة تستند إلى إفلاسنا يعيدون بمقتضاها تمويل الشركة، وذلك على تقدير أن قيمتها قبل أن نحصل على نقودهم تساوي صفرًا، على ما أعتقد، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى التخلص تمامًا من جميع حملة الأسهم العاديين. وأبدوا استعدادهم لمنحنا خيارات، بهدف الاحتفاظ بنا؛ إذ إنهم كانوا بحاجة إلينا لكتابة البرامج. لذا قررنا أن نتحداهم. وهددنا أننا سنرحل إن أقدموا على ذلك.
ليفنجستون : هل هددتهم أنت وشركاؤك أنكم سترحلون؟
جراهام : نعم، كل الفريق التقني. وعندما وصل الأمر إلى هذه المرحلة، اختاروا حلًّا وسطًا، وبدأنا جولة تمويلية تقوم على أساس تقدير منخفض — وإن كان معقولًا — للشركة يبلغ ١٢ مليون دولار على ما أظن. وقد بيعت الشركة بعد بضعة أشهر من انتهاء جولة التمويل. ولكن كان علينا القيام بها لأننا كنا مدينين في ذلك الوقت.
ليفنجستون : لا بد أنكم شعرتم بالاستياء مما فعله المستثمرون معكم.
جراهام : في النهاية أصبحنا جميعًا أثرياء، لذا من الصعب أن يشعر أحد بالاستياء. وأنا أفضل التعامل مع مستثمر يستثمر نقوده معنا ويحول حياتنا إلى جحيم بدلًا من التعامل مع مستثمر لا يقبل الاستثمار معنا أصلًا، وهو ما يفعله معظم المستثمرين مع الشركات الناشئة. أقصد أننا كنا بحاجة لنقودهم كي تكبر الشركة، ومن المعتاد أن ينطوي التمويل على قدر من الضغوط.
وعندما أتأمل الأمر حاليًّا، أظن أن الأمر كان يتعلق بالسيطرة أكثر مما يتعلق بالنقود. فلم يكونوا يحاولون سرقتنا قدر ما كانوا يحاولون السيطرة على الشركة. فقد كانوا يعرضون علينا خيارات كثيرة. فالمهم في الموضوع أنه كان سيتحتم علينا تنفيذ ما يطلبونه منا منذ ذلك الحين، أو نخسرهم.
ليفنجستون : هل جاء عليك وقت قررت فيه الانسحاب؟
جراهام : في مرحلة ما كنت على وشك الانسحاب فعلًا، وذلك عندما أبلغنا المستثمرون أنهم سيعيدون تمويل الشركة. فحددت موعدًا مع محامٍ للتوصل إلى طريقة للانسحاب من الشركة دون التعرض للمقاضاة. وكنت بالفعل في طريقي للخروج من الباب الأمامي عندما جذبني فريد إيجان وقال لي: «انتظر، ربما نتمكن من إصلاح الموقف.» وكانت الأمطار تهطل بغزارة في الخارج ولم أكن مستعدًّا للبحث عن سيارة أجرة في ذلك الطقس، لذا عدت إلى العمل بينما أجرى هو بعض المكالمات الهاتفية. لا أدري ما الذي قاله ولكن أظن أنه أقنع المستثمرين بأنني لم أكن أخدعهم. وفي الحقيقة لم أكن أخدعهم فعلًا.
وكنا نتمتع بقدر من النفوذ لأن مساهمات المستثمرين في الشركة قد بلغت ما يزيد عن مليون دولار. ولا أعلم هل أدركوا مدى صعوبة الأمر لو أنهم وظفوا مجموعة من المبرمجين وكلفوهم بكتابة الكود، ولكن ذلك كان سيكون حقًّا في غاية الصعوبة.
ليفنجستون : بعد تلك الفترة العصيبة ببضعة أشهر، جاءت عليكم فترة رائعة لأن شركة ياهو اشترت شركتكم. كيف حدث ذلك؟
جراهام : لقد كنا نتمنى للغاية أن تشتري شركة ياهو شركتنا. فلو كان أحد سألنا عن الجهة التي نتمنى أن تشتري شركتنا، لكانت إجابتنا هي ياهو. في الحقيقة، لقد صرحنا بذلك بالفعل، فقد أخبرنا الجميع أننا نفضل أن تشتري ياهو شركتنا.
وقد حاولنا أن نقدم عرضًا تجريبيًّا على الإنترنت لياهو قبل ذلك بستة أشهر. وكنا نقوم بإجراء عروض تجريبية عبر الهاتف إذ كنا نرشد المستخدمين في تحرير موقع وكنا نحدد الأماكن التي كانوا ينقرون فيها عن طريق ملفات الدخول. وحاولت إجراء عرضًا عبر الهاتف لتيم كوجل في خريف عام ١٩٩٧، ولكنه لم يستطع حتى الدخول إلى خادمنا. واتضح أن ذلك سببه جهاز موجه لم يكن يعمل بيننا وبينهم.

وقد تعرفوا علينا عبر علي بارتوفي. وكان روبرت وتريفور يعملان معيدين تحت رئاسته في مادة علوم الكمبيوتر في جامعة هارفارد قبل سنوات قليلة. وكانت لديه شركة ناشئة اسمها لينك إكستشينج وكانت تجري محادثات مع شركة ياهو في ذلك الوقت، وكان صاحب رأس المال المخاطر الذي يتعاملون معه هو مايك موريتز الذي كان في الوقت نفسه صاحب رأس المال المخاطر الذي يمول ياهو. وفي النهاية اشترت مايكروسوفت شركته وليس ياهو، ولكنهم أخبروا ياهو عن شركتنا قبل ذلك.
ليفنجستون : كيف سارت الأمور مع ياهو؟
جراهام : لقد أحببناهم. إذ كانوا مثلنا. لقد كان لديهم قيم محترفي الكمبيوتر. وكانوا أيضًا من طلاب الدراسات العليا في علوم الكمبيوتر. فقد كانوا على شاكلتنا، ولم يكونوا مثل رجال الأعمال غريبي الأطوار الذين اضطررنا للتعامل معهم.
وعلاوة على ذلك، لم يتعاملوا معنا بخسة في عملية الاستحواذ. فالكثير من الشركات تتصرف بشراسة أثناء إجراء عمليات الاستحواذ. وهو أمر في منتهى السخافة. ألا يدركون أن أولئك الذين يحاولون الضغط عليهم سيضطرون للعمل لديهم بعد ذلك؟ أما ياهو فقد كانت مثالًا للنزاهة أثناء إجراء الصفقة. فلم يطلبوا تخويل حق الامتلاك على سبيل المثال. وكان بإمكاننا أن نستقيل بعد إتمام الصفقة بيوم واحد. ولكن نظرًا لمعاملتهم الكريمة معنا، بذلنا قصارى جهدنا حتى تنجح عملية الاستحواذ وتسير لمصلحتهم.

وهذا ما حدث بالفعل. فقد ربحت ياهو أموالًا طائلة من هذا البرنامج. وعندما تخبرين الناس أنك بعت شركة ناشئة لياهو عام ١٩٩٨، تلمحين في أعينهم تلك النظرة الخبيثة كما لو أنك بعت حقيبة فارغة مقابل مائة مليون دولار، ولكن عملية الاستحواذ على فياويب كانت فعلًا مربحة لهم.
ليفنجستون : ما أكثر ما فاجأكم بخصوص الاستحواذ على شركتكم؟
جراهام : بالنسبة لي، كان أكثر ما فاجأني هو اليوم الذي كان من المعتزم إعلان الصفقة فيه. فقد جاءت لحظة كان يجب فيها تغيير صفحتنا الأمامية لتكون ياهو وليست فياويب، وفجأة استوعبت الأمر. لم يعد هناك وجود لفياويب. لقد انتهت. وأحسست بشعور غريب للغاية. فأخذت أحاول أن أقنع نفسي بألا أنجرف وراء مشاعري. وقلت لنفسي إنني صنعت هذا المنتج لأبيعه. فهذا هو الهدف من البداية، والآن بعته، فيجب أن أكف عن النحيب. ولكن كم شعرت بإحساس غريب حين خطر لي أني حين أضغط على الزر الخاص بالنشر لتحل صفحة ياهو الأمامية محل صفحة فياويب، فلن يرى أحد فياويب مرة أخرى أبدًا.
وكان غريبًا أيضًا أنه بعد إتمام الصفقة أصبحنا جميعًا موظفين لدى شركة ياهو. لقد كان الأمر أشبه بذلك الحلم الذي تجدين فيه نفسك تعودين للمدرسة الثانوية. فحتى ذلك الحين كنا نتمتع باستقلالنا، ثم فجأة أصبحنا موظفين ولنا رؤساء. وأغرب ما في الأمر هو أننا — أو على الأقل من وجهة نظري أنا — بدأنا نعتبرهم رؤساء. وأصبحت كل تصرفاتي تقتصر على الخضوع أو التمرد، في حين أنني قبل ذلك كنت أركز فقط على عملي.

أظن أن ياهو الآن أكثر ذكاءً في التعامل مع الشركات الناشئة مما كانت عليه في ذلك الوقت. فقد كنا من بين أولى الشركات التي اشترتها، وأظن أن الفكرة السائدة — في ذلك الوقت — عن مفهوم عملية الاستحواذ هي أن «ندمج» الشركة الأخرى، بالطريقة نفسها التي تذوب بها قطعة السكر في كوب الشاي. فقد ذبنا في ياهو، وجميع العاملين في فياويب، أو ياهو ستور كما أصبح يطلق عليه، تشتت شملهم في جميع الأقسام المناظرة من ياهو. إذ أصبح المهندسون يعملون مع المهندسين، وبدأ المختصون بخدمة العملاء يعملون جنبًا إلى جنب مع العاملين بخدمة العملاء، وأصبح أفراد فريق المبيعات يعملون مع أفراد فريق المبيعات في ياهو.

فقد كانت ياهو ترى أن تلك هي أفضل طريقة منظمة وفعالة لإنجاز الأمر، ولكن كان لهذا تأثير مدمر علينا. لقد كنا مجموعة صغيرة مترابطة تعمل بتعاون وفجأة تشتت شملنا في جميع أنحاء ياهو.
ليفنجستون : هل استخلصت أي فكرة عامة عن عملية الاستحواذ، بما أنك تلقيت الكثير من العروض؟
جراهام : إياك أن تصدقي أن الصفقة قد أُبرمت حتى تصل النقود إلى البنك. فحتى في اللحظة التي تدخلون فيها إلى الغرفة لتوقيع الأوراق النهائية، يظل هناك احتمال نسبته ١٠ بالمائة لانهيار الصفقة. وفي المرحلة التي تعرب فيها شركة ما عن رغبتها في شراء شركتكم، تصل فرص انهيار العرض إلى ٨٠ أو ٩٠ بالمائة. لذا لا يمكن أن يترك المرء نفسه ينساق وراء تصوراته. وإذا أراد أحد أن يقدم لك عرضًا، فلا بأس بذلك، ولكن لا تغيري خططك بناءً على هذا الأساس. بل واصلي طريقك.
ليفنجستون : حين تتذكر ما حدث، ما أكثر ما فاجأك في تجربتك مع شركة ناشئة؟
جراهام : من بين ما فاجأني أنها نجحت بالفعل. فقد كنا في صيف ١٩٩٥ لا ندري شيئًا عن عالم الأعمال، ولكننا كنا ندرك أننا مبرمجون متميزون. وكنا نفكر من منطلق أنه ربما إذا كتبنا برنامجًا جيدًا، فسنكون قد أنجزنا شيئًا يقبل عليه جميع المستخدمين، ويزداد عدد المستخدمين لدينا ثم تشترينا شركة كبيرة. وبعد ثلاث سنوات، تخللها الكثير من فترات الازدهار والانكسار، هذا هو ما تحقق بالضبط. فقد كنا نسير وفقًا لوجهة نظر عن طريقة تسيير العمل، وقد تمكنا إلى حدٍّ ما من توفيقها لتتناسب مع وجهة نظرنا.
وأعلم أن روبرت قد اندهش حين علم أننا ربحنا نقودًا؛ لأنني كنت أعرف طبيعة شعوره حيال فياويب منذ وقت مبكر. فبعد شهرين من البدء في العمل كنت أتناول العشاء معه، وراهنته أنه إذا ما حصل على مليون دولار من فياويب، فسنثقب له أذنه. لذا جذبته أنا وتريفور، كلٌّ من ذراع، في اليوم التالي من إتمام الصفقة مع ياهو، وأخذناه إلى محل «جراج» في ميدان هارفارد سكوير حيث يركب جميع المراهقين حلقات لأنوفهم، وثقبنا له أذنه. وقد قضى وقتًا طويلًا وهو يحاول اختيار أصغر حجم.
ليفنجستون : لقد اتضح أن بعض جوانب المشروع أقل غموضًا مما توقعت. فما المهام التي اكتشفت أنك تجيدها أكثر مما كنت تتوقع؟
جراهام : اكتشفت أنني أجيد البيع إلى حد لا بأس به. هذا فضلًا عن إقناع الناس. وقد تعلمت حيلة لإنجاز ذلك: وهي أن أتحرى الصدق. يظن الكثيرون أن أفضل طريقة لإقناع الناس هي الفصاحة؛ أي أن يحملوا في جعبتهم قدرًا هائلًا من الحيل التي ترمي لإقناعهم باتخاذ القرار. ولكن هناك أيضًا حلًّا مبتكرًا يمكن للمرء استخدامه إذا لم يكن اختصاصي مبيعات محترفًا، ألا وهو أن يكون صادقًا مع الناس. فقد كانت استراتيجيتنا لبيع برامجنا تقوم على أن نصنع أفضل برنامج ثم نخبرهم — بصدق — أنه أفضل برنامج. وكان من السهل عليهم معرفة أننا صادقون معهم.
وهناك ميزة أخرى للصدق وهي أنه لا يتحتم عليك أن تتذكري ما قلته. ولست مضطرة للالتزام بأسلوب معين. إنها استراتيجية عملية ناجحة. (وسيفهم المتخصصون في الكمبيوتر ما أقصده.)
ليفنجستون : هل كانت هناك أشياء أساء غير المتخصصين في مجال التقنية فهمها بخصوص الأشياء التي كانت تقوم بها فياويب؟
جراهام : دائمًا. فلم يكن أحد يفهم على الإطلاق، على ما يبدو، أن البرنامج يعمل على الخادم. إذ تتوافر حاليًّا الكثير من التطبيقات المعتمدة على الويب حتى إن المستخدمين يتعاملون مع الأمر على أنه من المسَلَّمات، ولكن ذلك سبق إنشاء هوتميل بعام واحد. فكنا نشرح للناس طريقة عمل البرنامج ونقدم لهم عرضًا تجريبيًّا، فتجدينهم يقولون: «رائع. ما الموقع الذي يمكنني إنزاله منه؟»
وبعد أن اشترتنا شركة ياهو، كتب صحفي كان يغطي أخبارنا على مدى العامين السابقين عن استحواذ ياهو على شركتنا وفي نهاية المقال قال: «يستغرق البرنامج عشر دقائق فقط لتنزيله.» أي بعد أن ظل يغطي عملنا لعامين، كان لا يزال يظن أنه برنامج يثبته ويشغله المستخدم على جهاز الكمبيوتر الخاص به.
ليفنجستون : هل هناك أي شيء كنت تود أن تنفذه بأسلوب مختلف؟
جراهام : لم تكن فكرة افتقارنا للمواصفات الشكلية المعتادة للشركات الحقيقية لتثير قلقي. فرأيي حاليًّا هو أنني أفضل أن يقتصر الأمر على مجموعة من الأشخاص يعملون في شقة للمدة التي تحلو لهم لأنه ليس هناك ما يشين في هذا، لا سيما إذا كانوا يكتبون برامج رائعة.
وهناك شيء آخر كنت أتمنى تنفيذه وهو فتح متجر إلكتروني خاص بنا. لقد استخدمنا برنامجنا بالفعل لتصميم موقعنا. وكنا الشركة الوحيدة من بين جميع منافسينا التي تستخدم برنامجها لبناء موقعها. ولكن لم يكن لدينا شيء يمكن للمستخدمين شراؤه على الإنترنت. فلو كنا نبيع شيئًا، لفهمنا كيف تبدو الأمور من وجهة نظر التجار.
ليفنجستون : أخبرني عن أطرف اللحظات التي مرت عليكم.
جراهام : ربما عندما حاولنا تشغيل مولد يعمل بالغاز داخل مكتبنا. فقد انقطع التيار الكهربائي في كامبريدج لخمس ساعات تقريبًا. وكنا نحتفظ بالخوادم في مكاتبنا. فلم نكن نثق بفكرة جمعها في مكان خارجي. أما الآن، فهذا هو المعتاد حتى لكبريات الشركات، ولكننا كنا نريد الاحتفاظ بتلك الخوادم معنا في الغرفة. لذا عندما انقطعت الكهرباء، توقفت الخوادم عن العمل.
وكان معنا بعض مزودات الطاقة الاحتياطية التي تعمل بالبطارية ولكنها كانت تعمل لنصف ساعة فقط. فقد كانت مصممة للتعامل مع التدفق العالي للتيار الكهربي، وليس لانقطاع الكهرباء لخمس ساعات. لذا أرسلت تريفور إلى محل هوم ديبو لشراء مولد يعمل بالبنزين بأسرع ما يمكن، وجلست أشاهد طاقة مزودات الطاقة الاحتياطية وهي تنخفض وأوقف الخوادم عن العمل واحدًا تلو الآخر، وأفكر في العملاء الذين نخصص كل خادم من الخوادم لاستضافة مواقعهم، وأيهم سيكون أشد غضبًا، وأوقف عمل الخوادم التي تستضيف العملاء الأقل غضبًا. وفي النهاية اضطررت لإغلاق الخوادم كلها لأن تريفور استغرق وقتًا طويلًا في الذهاب إلى هوم ديبو والعودة.

وفي النهاية عاد تريفور ومعه المولد الذي يعمل بالغاز، ولم نكن ندري أين نضعه لأن مقر الشركة كان يقع في مبنى مكاتب صغير في هارفارد سكوير. وكان مكتبنا يقع في الطابق العلوي ولم يكن لدينا مكان لنضع فيه المولد. وحاولنا أن نضعه في البداية في المكتب المجاور للغرفة الموجودة بها الخوادم. وبدأنا نشغل المولد وكان صوته مزعجًا للغاية. إذ كان أعلى صوت سمعته في حياتي. قد يظن المرء أن أول مشكلة تواجهه في تشغيل مولد غاز داخل مكتبه هو العادم، ولكن المسألة لم تصل قط إلى هذا الحد. فقد كان الصوت مرتفعًا إلى حد بشع. ورأينا أننا لا يمكننا تحمل هذا حتى لو كان من أجل تجنب تلقي اتصالات غاضبة من العملاء بسبب توقف متاجرهم عن العمل. وبعد نحو خمس ثوانٍ، نظر بعضنا إلى بعض وهززنا رأسنا وأطفأناه.

ثم حاولنا أن نضعه في الخارج أمام المبنى. وكانت المشكلة هي أن مكتبنا كان يقع في الطابق الثالث. فأحضرنا كل أسلاك التوصيل التي وجدناها في المكان ووصلنا أطرافها معًا حتى بلغ طولها ما يكفي بشق الأنفس لتصل من خارج النافذة إلى الشارع. ولكنه كان قصيرًا حتى إن أسلاك التوصيل كانت مشدودة فعلًا. وكانت تمر عبر مكتبنا بارتفاع أكتافنا، وكان تصدر صوت رنين حين نهزها. ثم شغلنا مولد الغاز في الشارع وكان الأمر محتملًا بعض الشيء، لذا شغلنا الخوادم على المولد لبضع ساعات حتى عادت الكهرباء.
ليفنجستون : أتذكر أي لحظات مخيفة أخرى؟
جراهام : في وقت ما من ربيع عام ١٩٩٦ عندما كان عدد المستخدمين لدينا لا يزيد عن عشرين، ذهبنا جميعًا إلى معرض تجاري في نيويورك، وهو أول معرض نحضره. وعندما عدنا اكتشفنا أن الخادم قد توقف عن العمل عقب مغادرتنا مباشرةً وظل معطلًا لمدة ١١ ساعة. ولم يلاحظ أحد ذلك! وظللنا ننتظر المكالمات الهاتفية الغاضبة، ولكنها لم تأتِ قط. وقد حدث ذلك في وقت مبكر للغاية من تاريخ الويب حتى إنه لم تكن ترد أي طلبات شراء إلى تلك المتاجر على أي حال، وحتى تلك المتاجر نفسها لم تكن تراجع مواقعها لتتحرى ما إذا كانت تعمل أم لا. بل إن نصف أصحاب المتاجر الإلكترونية من عملائنا على الأرجح لم تكن لديهم إمكانية الدخول على الإنترنت.
ليفنجستون : هل هناك ما تندم عليه في تلك التجربة؟
جراهام : من بين الأشياء التي أندم عليها هو أننا كنا نتسم بمستوى غير مقبول على مدى جانب كبير من هذه العملية. فعندما بدأنا لم يكن لدى أي منا أصول على الإطلاق، وتذكري أننا أسسنا الشركة في أثناء فقاعة الإنترنت، وبالتحديد في وقت مبكر للغاية من فقاعة الإنترنت، ولكن مع ذلك كان هناك من يؤسسون شركات ويبيعونها مقابل خمسة ملايين من الدولارات. تصوري، ملايين الدولارات عندما كان أكبر مبلغ في حسابي على الإطلاق يبلغ نحو عشرة آلاف دولار. وفي وقت ما بدأنا نكتسب مواصفات الشركة الحقيقية — إلى درجة تكفي لأن تشترينا شركة أخرى — وقد جعلنا هذا متلهفين لبيع الشركة إلى درجة يرثى لها. لا بد أننا كنا نبدو فاشلين.
وأصبحت أتفهم الآن موقف المؤسسين عندما يريدون بيع شركاتهم مقابل بضعة ملايين من الدولارات. وينصحهم المستثمرون بالانتظار، ولكن ما أسهل الكلام. إذ إن مليون دولار يبدو رقمًا شديد الجاذبية عندما يكون المرء لا يملك شيئًا. فعندئذٍ لن يهتم ما إذا كانت الصفقة جيدة أم لا.

وأيضًا إلى حد ما أندم على أنني ظللت منغلقًا على نفسي لعدة سنوات متتالية. ففي الواقع لم أكن أعبأ بشئون الحياة العامة طوال العمل في فياويب. فإذا تحدث الناس عن فيلم شهير، وأكتشف أنني لم تسبق لي مشاهدته قط، وليس لديَّ أدنى فكرة عما يدور حوله، يكون دائمًا من الأفلام التي ظهرت ما بين عامي ١٩٩٥ و١٩٩٨؛ لأني في ذلك الوقت كنت كأنني أعيش على كوكب آخر. فلم أكن جزءًا من عالم البشر العادي. فكنت إما أظل جالسًا أمام الكمبيوتر طوال اليوم وإما نائمًا.
ليفنجستون : ما أكثر ما أثار قلقك؟
جراهام : أن تنفد نقودنا. كان هذا أكبر مخاوفي. كنت قلقًا من أن تنفد نقودنا ونضطر للحصول على المزيد من التمويل. فالحصول على تمويل أمر من الأمور المجهدة للغاية. بل إنه أصعب بكثير في الواقع من بناء شركة ناجحة.
ليفنجستون : ما النصيحة التي يمكن أن تسديها فيما يتعلق بالحصول على تمويل؟
جراهام : نصيحتي في هذا الشأن هي تجنبه من الأساس. وأنصح بالاقتصاد في النفقات قدر الإمكان لأن كل دولار من نقود المستثمر ستضطر لإعادته من عملك وكدك؛ بمعنى أنه سيأخذ المقابل في صورة أسهم، ولكن أيضًا عملية الحصول على تمويل مروعة مقارنة بالجوانب الأخرى من المشروع. فلا يمكنك العثور على حل لها مثل المشكلات الأخرى. لأنك تكون تحت رحمة آخرين.
فالطريقة المثلى لتجنب الحصول على تمويل هي تجنب إنفاق النقود. فاحرص على إنجاز كل شيء بأقل تكلفة ممكنة. فكل ما تحتاجه في الشركة الناشئة هي أن تكون غير مكلفة ومسايرة لأحدث صيحة. على ألا يكون ما فيها رخيصًا على نحو ينم عن البخل، بل رخيصًا على نحو يشي بالبساطة والتمرد على القواعد التقليدية. وهذا ما كنا نسعى جاهدين لتحقيقه.
fig15
تريفور بلاكويل وبول جراهام (الشخص الواقف) وروبرت موريس عام ١٩٩٦.
ليفنجستون : أي إن المستثمرين كانوا أكثر ما يقلقكم؟
جراهام : ربما، ولكن كان يساورني القلق من مختلف الأمور التي قد تقضي علينا، ومختلف الوسائل التي قد تقضي علينا بها. فالناس يؤسسون شركات ناشئة ليصبحوا أثرياء، ولكن ما يحفزهم على الاستمرار طوال الوقت هو الخوف من الفشل. فالمرء يقرر تأسيس شركة وتكوين قاعدة من المستخدمين وتحقيق النجاح، وما إن يُطلع الآخرين على أن ذلك هو النشاط الذي يزاوله، فسيبدو كالأحمق في حالة فشله.
ولهذا عندما بعنا الشركة في النهاية لياهو كنا ناجحين في عيون العالم بأسره لأن هناك شركة أخرى اشترتنا. وقد حققنا نجاحًا من قبل لأننا كنا نستضيف متاجر إلكترونية أكثر من أي شركة أخرى. ولكن شراء الشركة ساعد على تعزيز ذلك النجاح. وفي تلك المرحلة، قد تظنين أن المرء سيقول في نفسه: «هذا رائع. لقد أصبحت ثريًّا. فبإمكاني شراء كل ما أريد.» ولكن كل ما كنت أقوله في نفسي آنذاك هو: «حمدًا لله، إننا لم نفشل.»
ليفنجستون : إنك تكتب الكثير من المقالات بها نصائح لمؤسسي الشركات الناشئة. فما أهم نصيحة توجهها لهم؟
جراهام : ما تطبعه شركة واي كومبيناتور على قمصاننا: اصنع شيئًا يريده الناس. فإذا صنعت شيئًا يريده المستخدمون فسترضيهم، ويمكنك تحويل هذا الرضا إلى نقود. وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه الشركة الناشئة. فالشركة الناشئة شركة تصنع تقنية معينة يحتاج إليها الناس. والخطأ الذي يقع فيه الكثير من المؤسسين هو صنع شيء يظنون أن المستخدمين يحتاجون إليه، في حين أنهم في الواقع لا يحتاجون إليه.
ليفنجستون : أتظن أنك مؤهل للحكم بشكل أفضل على مؤسسي الشركات الناشئة نظرًا لأنك أسست شركة ناشئة وأصبحت مستثمرًا الآن؟
جراهام : أوه، نعم. في الحقيقة لا أعلم كيف يتسنى لمن لم ينفذوا الأمر بأنفسهم تقييم المؤسسين. كيف يمكنهم الحكم عليهم؟ فكثيرًا ما أرى أشخاصًا يبدو عليهم أنهم إلى حد ما تنقصهم الخبرة، وأذكر أن هذا كان حالنا أيضًا. وهنا أقرر أنهم الأشخاص الذين ينبغي الاستثمار معهم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤