الفصل السادس عشر

جوشوا شاكتر

مؤسس، موقع ديليشس

أسس جوشوا شاكتر موقع الإشارات المرجعية التعاوني ديليشس (del.icio.us) عام ٢٠٠٣. وكما يحدث عادة مع الشركات الناشئة، بدأ موقع ديليشس كشيء صممه شاكتر لنفسه. فقد كان يحتاج لطريقة لتنظيم مجموعته التي تتكون من ٢٠ ألف إشارة مرجعية، فخطرت له فكرة «وضع علامات» عليها بعبارات نصية قصيرة لمساعدته في العثور على الروابط فيما بعد. ثم وضع موقع ديليشس على خادم وأتاحه للآخرين وبدأ ينتشر أمره مشافهة.

وطوال السنوات الأولى، عمل شاكتر على موقع ديليشس ومشروعات أخرى — مثل ميمبول وكذلك جيو يو آر إل — وهو يعمل محللًا كميًّا في شركة مورجان ستانلي. ولكن طوال ذلك الوقت كان موقع ديليشس يكبر. وبحلول نوفمبر من عام ٢٠٠٤ — أي بعد عام من إطلاقه — أصبح لديه ٣٠ ألف مستخدم.

وفي بداية عام ٢٠٠٥، قرر شاكتر أن يحول ديليشس من هواية إلى شركة. وفي مارس ٢٠٠٥ ترك عمله «ليؤسس» شركة ديليشس ويتفرغ لها، وحصل على تمويل قدره مليون دولار.

وفي ديسمبر من ذلك العام، استحوذت ياهو على ديليشس مقابل مبلغ يقال إنه بلغ تقريبًا ٣٠ مليون دولار.

***

ليفنجستون : دعنا نعد إلى بدايات ديليشس.
شاكتر : هذا يرجع إلى وقت بعيد. ففي عام ١٩٩٨ تقريبًا صممت موقعًا أُطلق عليه ميمبول. وكان مزودًا بمحرر ويقبل إسهامات القراء. وكان لدينا مخزن للإسهامات، وكنا نحرر المواد التي نتلقاها وننشرها. وكان يجري تصنيفه حسب الترتيب الزمني، وتحديثه كل بضعة أيام، أي إنه كان مدونة قبل ظهور ذلك المصطلح. وكنا نضع رابطًا في الأسفل نكتب فيه: «راسلنا عبر البريد الإلكتروني. قدم لنا روابط جيدة.» وكان المستخدمون يرسلون لنا عبر البريد الإلكتروني مواقع يجدونها على الويب. وكنت أفحصها كما ينبغي وأدونها. وكنت أستغرق وقتًا طويلًا في نشر أي شيء لأنني لست كاتبًا متميزًا.
وبمرور الوقت، تراكمت لديَّ تلك الروابط، وهي روابط وجدتها أو تصفحت الويب للوصول إليها أو أُرسلت إليَّ أو توصلت إليها بطريقة غير ذلك. وبحلول عام ٢٠٠١ تقريبًا، أصبح لديَّ ملف نصي يكتظ بعشرين ألف رابط. ولم يعد بإمكاني العثور على شيء في ذلك الملف، لذا بدأت أضع ملاحظات. فكنت أضع عنوان الموقع الإلكتروني على الإنترنت ثم مسافة ثم رمز # ثم كلمة أو اثنتين لوصف الرابط. وأظن أن أول كلمة كانت math ومن ثَم كان بإمكاني البحث عن جميع الروابط التي تحمل #math وأن أحصل على جميع الروابط الخاصة بالرياضيات. وإلى حد ما كانت تلك أول علامات أضعها.

وبعد فترة، لم يعد بإمكاني القيام بهذا، لذا صممت ما يمكن أن نعتبره الجيل الثاني من ذلك الملف النصي، والذي أُطلق عليه ماكسواي عام ٢٠٠١. وكان يشبه ديليشس إلى حد بعيد. وبه تطبيق إشارة مرجعية مصغرة، حيث يمكن حفظ أشياء وكتابة وصف لها ووضع علامات عليها. وكان مصممًا بحيث يستخدمه شخص واحد فحسب، فلا يمكن لشخص آخر استخدامه، ولكن الموقع الفعلي كان ظاهرًا للآخرين. واكتشفت بمرور الوقت أن المستخدمين يشتركون في موقع الإشارات المرجعية الخاص بي. وهناك ما يقرب من ١٠ آلاف شخص يقرءُون ما أضعه يوميًّا. وكان هذا لافتًا للانتباه.

وفي غضون ذلك نفَّذت عدة مشروعات أخرى. فنفذت مشروع جيو يو آر إل. وآخر يطلق عليه ريفيرسبل وقد أُغلق منذ وقت طويل. وكان ريفيرسبل يشبه ديليشس في عدة جوانب، ولكنه يختلف عنه في بضعة أشياء أساسية تسببت في فشله.

وفي نهاية عام ٢٠٠٣ بدأت العمل لإنجاز ديليشس وهو نسخة يستخدمها أكثر من شخص. وكنت في الحقيقة أحاول التوصل إلى نسخة أفضل من ميمبول، وبالتحديد شيء يقع في منطقة وسطى بين ماكسواي وميمبول ويكون أكثر حيوية بطريقة ما، وفي النهاية توصلت إلى ديليشس. وكنت قد حققت فيه بعض التقدم بحلول موعد حدث التجمع الأول الذي تنظمه شركة أوريلي ميديا فيما يعرف باسم فو كامب. وكنت قد دعيت لحضور ذلك الحدث لعملي على جيو يو آر إل، وكنت أريد عرض بعض السمات الخاصة بديليشس، ولكني لم أرِها أحدًا. فقد خشيت لأني كنت محرجًا من الحالة التي كان عليها الموقع. لقد كان المستخدمون يستخدمونه في ذلك الوقت، ولكنه لم يطلق على نطاق أوسع إلا بعد ذلك، أظن في ديسمبر من عام ٢٠٠٣.

وطوال عام ٢٠٠٤، ظللت أعمل لإنجازه وبدأت أجد اهتمامًا من الصحافة وبدأ الموقع يشهد إقبالًا من المستخدمين. وبحلول نهاية عام ٢٠٠٤، وصل عدد المستخدمين إلى ٣٠ ألف مستخدم.
ليفنجستون : كيف كان المستخدمون يتعرفون على الموقع؟
شاكتر : كان المستخدمون يخبر بعضهم بعضًا عنه.
ليفنجستون : كنت تعمل في شركة مورجان ستانلي طوال ذلك الوقت، أليس كذلك؟ ماذا كانت وظيفتك هناك؟
شاكتر : كنت أعمل بالتنقيب في البيانات، وخوارزميات المعاملات المملوكة للشركة.
ليفنجستون : لمَ اخترت ألا تتفرغ للعمل في ديليشس بدوام كامل، وما الذي غيَّر موقفك بعد ذلك؟
شاكتر : لم يكن الاقتصاد مجالًا يناسبني. ولكن كان من المناسب أن أحتفظ بوظيفة ثابتة. ولكن في نهاية عام ٢٠٠٤ وبداية ٢٠٠٥، بدأت المجموعة التي أنتمي إليها في مورجان ستانلي تتفكك. وكانت هناك مجموعة تغادر الشركة، لذا كان ذلك هو الوقت المناسب للرحيل. وبدأت أفكر: «هل من المفترض أن أبحث لنفسي عن عمل جديد في مكان آخر؟»
ليفنجستون : عندما كنت تفعل هذا في وقت فراغك، هل قلت يومًا: «أف! ما كل هذا العمل»؟
شاكتر : في الواقع لا. فلطالما كنت أتوخى كل الدقة في وضع الكود (ولم أعد أقوم بذلك، لأن المبرمجين الذين أعمل معهم الآن بارعون) — فلم يكن كل جزء من الكود يتخطى مساحة الشاشة — حتى يتسنى لي النظر إليه، واكتشاف ما يجب القيام به ثم أنفذه وأنتهي من عمل اليوم في ١٥ دقيقة. لذا فعندما كنت أنجح في إنجاز مهمة واحدة في اليوم، كنت أشعر بالرضا. وكنت أنجز الكثير من المهام، إذا أتيح لي العمل لإنجازها لوقت أطول، ولكن لما كنت أنجز مهمة أو مهمتين في الأسبوع، إذا لم يتوافر لي الوقت الكافي، فإن العمل ينتهي عند هذا الحد.
لذا كان سير العمل بطيئًا. فظللت أعمل لإنجازه لسنوات.
ليفنجستون : عندما تتذكر ما حدث، أتتمنى لو أنك تركت مورجان ستانلي منذ وقت طويل للعمل على ديليشس لدوام كامل؟
شاكتر : أظن أنه كان سيكون من الصعب للغاية أن أبيع الموقع كمشروع لشركة رءوس أموال مخاطرة إذا لم يكن لديَّ قاعدة عريضة من المستخدمين وإذا لم أكن أحظى باهتمام الصحافة. فأعتقد أن ذلك كان سيكون أمرًا صعبًا. فإذا أعلنت أنني سأصمم خدمة إشارات مرجعية، لم أكن سأتمكن قط من تحقيق أي نجاح.
ليفنجستون : ألأن الفكرة كانت جديدة تمامًا؟
شاكتر : كلا. فقد كان هناك الكثير من الشركات الناشئة الأخرى التي فشلت في تنفيذ هذا. مثل باك فليب، ومن يدري من غيرها. أي إن الفكرة سبقت تجربتها وأخفقت في الماضي.
ليفنجستون : وما السبب في نجاح ديليشس؟
شاكتر : أولًا، لأن بدايتها لم تكن كشركة. فقد كنت أصمم منتجًا فقط، وهذا كل ما في الأمر.
ليفنجستون : أيرجع فشل الآخرين لتوافر أموال طائلة أكثر من اللازم لديهم؟
شاكتر : عمومًا، أظن أن رأس المال الزائد عن الحاجة يؤدي للفشل. فأصحاب رءوس الأموال المخاطرة يدفعونك للإنفاق. ولكن التمويل المفرط ينطوي على مثالب عامة.
لا أظن أنهم درسوا المشكلة حقًّا. لكننا نعيش اليوم في عالم مختلف، يختلف فيه أسلوب الناس في تقييم البيانات.
ليفنجستون : أتعتقد أن ديليشس كان يتميز بسمات تجعله يتفوق على المنافسين؟
شاكتر : أظن أن المنافسين كانوا قد اختفوا من قبل في ذلك الوقت. وكان وضع العلامات شيئًا أساسيًّا على الأرجح.
ليفنجستون : هل لك أن تطلعني على المزيد عن الظروف التي أدت لابتكار فكرة وضع العلامات؟
شاكتر : لم يأتِ الأمر نتيجة لأنني اتخذت قرارًا بابتكار خاصية جديدة رائعة. كل ما في الأمر أنني أدركت أني طورت نظام حفظ الملفات الخاص بي واستخدمته بنجاح. وكنت قد استخدمته حتى قبل ظهور ديليشس بوقت طويل. وقد كان ديليشس بمنزلة تنظيم وتقنين لتلك التجربة.
ليفنجستون : ولكن هل كانت شركتك من بين أولى الشركات التي تضع علامات؟
شاكتر : نعم. فعلى سبيل المثال، في ماكسواي كان الجدول الداخلي الذي يتتبع المواد يطلق عليه تاجز (أي، العلامات). لقد ظهر الاسم في وقت من الأوقات، ولكني لا أذكر بالضبط كيف ظهر بالتحديد.
ليفنجستون : عندما قررت أن تغادر مورجان ستانلي وتتفرغ لديليشس، هل كنت تعرف أنك ستضطر للحصول على تمويل؟
شاكتر : لقد حظيت باهتمام كبير فيما يتعلق بفرص الاستحواذ، فقد تلقيت مجموعة من العروض/صفقات الاستحواذ، وكانت تزيد قيمتها بمرور الوقت. وفي الوقت نفسه، كنت أريد سداد الإيجار، دون أن أضطر للسحب من مدخرات حياتي. وإجمالًا، كان زملائي في العمل في شركة مورجان يساندونني بشدة وكانوا يشجعونني على تنفيذ المشروع. وقالوا إن عليَّ تجربته على أن أطلعهم على مدى التقدم الذي أحققه.
ليفنجستون : كانت شركة رءوس الأموال المخاطرة التي مولتك هي يونيون سكوير فينتشرز، أليس كذلك؟
شاكتر : يونيون سكوير وأمازون.
ليفنجستون : هل بادرا هما؟
شاكتر : كنت قد قابلت جيف بيزوس في فو كامب، وأبدى اهتمامه الشديد بالأمر.
ليفنجستون : كم كان المبلغ؟
شاكتر : إننا لم نعلن المبلغ قط، لكنه لم يكن رأس مال ضخمًا.
ليفنجستون : وهل كان هذا بسبب عدم رغبتك في الحصول على رأس مال ضخم؟
شاكتر : لقد كان الأمر ينطوي على مخاطرة كبيرة. وكان من الصعب إلى حد ما تبرير الحصول على تقييم ضخم للشركة، لذا بعنا جزءًا صغيرًا مقابل مبلغ يكفي للعمل لبعض الوقت على أن ننتظر لنرى ما إذا كان الأمر سيحقق نجاحًا. إذ كانت الخطة التي نتبعها تقوم على مبدأ انتظار ما ستأتي به الأيام.
ليفنجستون : هل وظفت أحدًا؟
شاكتر : نعم. ووصل إجمالي عدد الموظفين إلى ثمانية.
ليفنجستون : هل كان معظمهم من حملة الأسهم؟
شاكتر : لقد أعطينا الجميع أسهمًا بالشركة.
ليفنجستون : هل قدمت حق امتلاك؟
شاكتر : نعم. وأنا حتى من المستفيدين بهذا النظام.
ليفنجستون : ماذا كان أول ما قمت به فور أن أصبحت شركتك شركة ناشئة رسميًّا؟
شاكتر : كان من أصعب الأمور إنشاء نظام دفع الرواتب. ومؤسسة أصحاب الأعمال المحترفين لا تعترف بالشركات التي يعمل بها أقل من خمسة موظفين.
وقدمتني يونيون سكوير إلى ألبرت وينجر الذي كان يتمتع بخبرة في مجال التشغيل. وقد ساعدنا كثيرًا. فقد حالفني الحظ لكونه شخصًا ذكيًّا يجيد تنفيذ عمليات تشغيل الشركة، فضلًا عن أنه يتمتع بحس جيد فيما يتعلق بالمنتجات، وأصبح ينفذ الكثير من المهام المتعلقة بالمنتجات أيضًا. فعلى سبيل المثال هو من تولى أمر أول نسخة من شريط أدوات فايرفوكس.
ليفنجستون : ما أكبر المشكلات التقنية التي واجهتها؟
شاكتر : التوسع بالطبع. التوسع والتعامل مع سعة قنوات الاتصال، والتعامل مع تمرير البيانات عبر الشبكات واختيار المسارات المناسبة لها، والشبكات. هذا فيما يخص خدمات الإنترنت للمستهلكين، ولكن هناك قدرًا كبيرًا من الأمور التي يتحتم على المرء تنفيذها على أفضل وجه. ويجب أن تنفذ على أفضل ما يكون، ولكن الجميع يجيدون تنفيذها، ومن ثَم فإن ذلك لا يمثل فرقًا على الإطلاق. ومثال ذلك ضرورة توافر اتصال بالإنترنت يعمل جيدًا. وكذلك وجود خدمة دي إس إل بمكتبك. وهناك الكثير من المهام التافهة التي ينبغي تنفيذها بمستوى يفوق المتوسط، وليس من الضروري أن ينفذها المرء بنفسه. فمن المستحسن تكليف جهة خارجية بتنفيذها.
فعلى سبيل المثال، هناك مسألة دفع الرواتب. كان بإمكاني البقاء لشهرين أو ثلاثة بدون راتب، ولكن الموظفين الآخرين لا يمكنهم تحمل ذلك بالطبع. وأشياء من هذا القبيل.

ولكن ينبغي توجيه الاهتمام للأمور المهمة. وكانت مسألة التوسع من الأمور المهمة والأساسية للمنتج، أما التعامل مع الشبكة، وإصلاح المكونات المادية وصنع الأجهزة، وطلب شراء المواد والحصول على الأسعار من شركة ديل، وهلم جرًّا، فجميع هذه الأمور تتطلب مجهودًا هائلًا لا جدوى من ورائه.
ليفنجستون : وبعيدًا عن متطلبات التوسع، هل تذكر أي مشكلات تقنية نجحتم في حلها؟
شاكتر : كان وضع العلامات هو المشكلة الأساسية. كما جرى إدخال عدد لا يحصى من التحسينات الصغيرة في أسلوب التسويق. وفي الحقيقة كنا دائمًا نفكر بالمنتج ونحن نضع الابتكار في اعتبارنا. فكنا نتشكك في كل ما نقوم به، وأظن أننا لم نقطع شوطًا كبيرًا بما يكفي. ومهما تكلف الأمر، ينبغي للمرء أن يتشكك في كل جوانب المعتقدات السائدة. وعلينا أن نتساءل دائمًا: «أهذه هي الطريقة الصحيحة لتنفيذ المهمة أم من الأفضل أن نتخلى عنها ونجد طريقة أفضل للقيام بالأمر؟»
ويتسم ذلك بالخطورة كذلك، إذا كنت ستنفذين الكثير مما يمكن أن نطلق عليه الابتكار في النموذج — وهي ليست بالتسمية الجيدة — ولكن إذا كنت تتجاوزين الحدود في مكان آخر، فربما تضطرين للالتزام بتلك الحدود في أنشطة أخرى.
ليفنجستون : أتذكر وقتًا ساورك فيه القلق من شيء؟
شاكتر : عندما يتوقف الموقع عن العمل. أو يصبح بطيئًا. أو عندما ينهار الجدول؛ فقد أفسد ماي إس كيو إل أحد الجداول. وكان هذا يحدث كثيرًا. وكان إطفاء الحرائق يمثل جانبًا كبيرًا من عملنا. فلم نكن نطبق قدرًا كبيرًا من إجراءات إدارة العمليات، وهو ما ألحق ضررًا كبيرًا بنا على الأرجح.
فبعد أسبوع من عملية الاستحواذ، انخفض التيار الكهربائي الذي يغذي مركز البيانات وعطل جميع الأجهزة. وتوقفنا عن العمل لمدة ٤٨ ساعة تقريبًا. وكان ذلك مروعًا. وارتد التيار الكهربائي في الشبكة، ولم تعد الأجهزة للعمل لأنها لم تكن مصممة بطريقة صحيحة. فلم نتوخَّ الحذر في هذا.

وبصفة عامة، ينبغي على المرء أن يفترض أنه مهما كان ما يفعله فلن يسير على ما يرام. ويفكر كيف يصممه بأسلوب يجعله يعمل أسرع عندما يفشل. لأن هذا سيحدث حتمًا. فعلى سبيل المثال، يستغرق نص إعادة الإنشاء ٢٤ ساعة، ولكن هذا لا يمثل مشكلة كبيرة لأن هذا الجزء من النظام لا يعمل بعد. ولكن عندما يكون في وضع التشغيل ويستغرق ٢٤ ساعة لإعادة بنائه فإن هذه مشكلة كبيرة. لذا ينبغي إعادة بنائه في ساعتين أو ما شابه. فهناك الكثير من الأشياء التي لا يمكن تجنبها بسبب لغة إس كيو إل، فمثلًا لا يمكن تغيير قاعدة البيانات بدون أن يتسبب ذلك في إيقاف الموقع عن العمل.
ليفنجستون : ما التقنية التي ألهمتك؟
شاكتر : ألهمتني؟ كنا نصمم باستخدام بيرل، وماي إس كيو إل، وأباتشي. أي مجموعة لامب التقليدية. وكانت هذه هي الآلية التقليدية لإنجاز كل شيء.
ليفنجستون : أهناك ما كنت تتمنى تنفيذه بطريقة مختلفة، لو أتيحت لك الفرصة؟
شاكتر : لو كنت أعرف ما أعرفه الآن، لكنت صممت البنية الأساسية بأسلوب مختلف، وكان هذا ليوفر قدرًا كبيرًا من الجهد. ويعتبر تطبيق إمكانية التوسع إلى أبعد من جهاز واحد، وقاعدة بيانات واحدة مهمة صعبة للغاية حتى في حالة التكرار. فالأدوات الموجودة ليست مناسبة.
فعلى سبيل المثال، عندما تضيفين معلومات إلى جدول ويرقِّمها، فإن هذا معناه أنه لا يمكنك ضبط جهاز آخر بحيث يضيف إليها لأن الأرقام ستتضارب. فماذا نفعل إذن؟ عليكِ أن تبتكري طريقة مختلفة تمامًا لتنفيذ الأمر. هل لديك خادم رئيسي يوزع مجموعات الأرقام، أم ستبتكرين شيئًا غير الأرقام؟ أم ستستخدمين أرقامًا عشوائية وتتمنين ألا تتضارب؟ ومهما كان الأسلوب الذي ستستخدمينه، فالمعرفات المحددة تلقائيًّا لا تختفي فجأة. ولديَّ قائمة طويلة تتألَّف من نحو ١٥ من المخاطر الخفية.
ليفنجستون : أهناك أي سمات من ديليشس طلبها المستخدمون أو أعجبوا بها، إلى درجة فاجأتك؟
شاكتر : بالطبع. وأنا كثيرًا ما أهتم بذلك. وأظن أن المستخدمين يطلبون الحصول على سمات معينة؛ إذ يكونون في حاجة لتطبيق سمة ما، ولكنهم لا يعربون صراحةً عن رغبتهم في ذلك. وإنما يسترجعون سمة سبق لهم مشاهدتها في مكان ما، ويطلبون الحصول عليها بدلًا من ذلك. فيقولون مثلًا: «نريد سمة وظيفتها كذا وكذا.» فأستفسر منهم عن السبب. ويتضح أن هناك طريقة أفضل لتنفيذ تلك السمة. وهكذا أميل دائمًا للبحث عن السبب الأصلي لما يطلبه المستخدمون، قبل أن أطبقه عمليًّا.
وعادة لا يكون الناس واثقين مما يريدون. وكثيرًا ما يطلبون سمة معنية والتي تكون امتدادًا منطقيًّا لسمات أخرى موجودة. وأنا أعرف أن المستخدمين لن يستخدموا تلك السمة أبدًا، وسيكون تطبيقها مكلفًا للغاية. لذا أتغاضى عنها.
ليفنجستون : كيف تطورت قاعدة المستخدمين الخاصة بكم على مدى السنين؟
شاكتر : أظن أنها لا تزال تتألف من المستخدمين المتخصصين في مجال التقنية الذين استخدموا الخدمة في البداية. وإنها تتسع بمرور الزمن، ولكننا نواصل العمل مع تلك الفئة في الوقت الحالي.
ليفنجستون : هل لك أن تخبرني عن أهم نقاط التحول التي واجهها ديليشس؟
شاكتر : لا يحضرني شيء الآن. لطالما كان الموقف أشبه بقطار أفعواني لا يكف عن الصعود، فظلت الشركة تزداد حجمًا وتزداد سرعة نموها وظلت تشهد انضمام أعداد هائلة من المستخدمين.
كثيرًا ما خطرت لي مجموعة من الرؤى عن كيفية تصميم الأشياء. وفي الأوقات التي كانت الأمور تسير بوتيرة أبطأ، كنت أتوصل إلى فكرة بارعة يمكنني تنفيذها، وكنت أدرك أننا نقوم بمجهود غير ضروري في هذا الصدد. ومن أمثلة ذلك التوصل إلى طريقة التخزين المؤقت وتنفيذها. لقد استفدت من التعليم الذي تلقيته. ولكني لم أتوقف عن التعلم، فدائمًا ما كنت أتعلم شيئًا جديدًا كل بضعة أسابيع. لذا لم أقسم قط مسيرة الشركة إلى محطات كبرى تمثل المراحل المهمة التي مرت بها الشركة. فالحصول على التمويل والتفرغ لتنفيذ الموقع وبيعه جميعها علامات مهمة في مسيرة الشركة.
ليفنجستون : إلى أي درجة كان التفرغ لإنجاز الموقع لدوام كامل يختلف عن أسلوب عملك في مورجان ستانلي؟
شاكتر : الاضطرار يولد الإبداع. فأصبحت، بدلًا من العمل لخمس عشرة دقيقة لمرتين أو ثلاث في الأسبوع، أجد أمامي اليوم بأكمله، وكل يوم من أيام الأسبوع. وأنا لا أعمل لمدة متواصلة. وإنما أعمل قليلًا وأذهب لأتجول في أنحاء المدينة وأعود. ثم أعمل طوال الليل. ولما يخلد الجميع للنوم ويخيم الهدوء، أتمكن من إنجاز الكثير من العمل. وفي الحقيقة عندما كنت أعمل في مورجان لم يكن يتسنى لي السهر حتى وقت متأخر، ولم أعد أفعل ذلك الآن. ولكن في تلك الفترة كنت أسهر، وأظن أن تلك الفترة قد اتسمت بغزارة الإنتاج بدرجة كبيرة. ومع ذلك فربما تكون تلك الفترة قد تسببت في تباعدنا أنا وزوجتي.
ليفنجستون : هل اكتشفت أن أداءك في بعض الأمور كان أفضل مما تخيلت؟
شاكتر : اكتشفت أنه بإمكاني التركيز أكثر وتنفيذ مهام أكبر بعض الشيء. لقد كنت أعاني دائمًا قصر مدة التركيز، وربما يكون هذا هو العيب الذي يحد من قدرتي على الإنجاز. وهذا يعلل كمية القهوة التي أستهلكها للحد من تأثير ذلك.
ليفنجستون : أهناك ما أساء المستخدمون فهمه في ديليشس؟
شاكتر : كنا نسمي الأشياء بمسميات مختلفة. لا يمكن أن أقول إن أسلوب التنفيذ كان شديد البراعة. فقد كان الموقع يغلب عليه الطابع الذي يناسب المتخصصين في مجال التقنية. وقد أكسبه ذلك جمهورًا عريضًا من المتحمسين، وهو ما ساعد في توصيل الرسالة في البداية، لكنه أضعف من إقبال الناس على استخدامه. ونحن نواصل العمل لمواجهة تلك المشكلة، ونصارع من أجل حلها في الوقت الحالي.
ومنتجنا من المنتجات التي تتطلب بذل مجهود كبير من الناحية المفاهيمية. فهو ليس شيئًا، على سبيل المثال، يساعد المستخدم في تقديم إقراراته الضريبية بطريقة أفضل. فهو لا ينطوي على عرض واضح لقيمة ما. فهو مفيد فعلًا ولكن من الصعب فهمه. إذ يتمكن المستخدم من تذكر المزيد من الأشياء بهذه الطريقة، وبذلك لن يدرك الناس حتى أن هناك مشكلة. وهكذا يتضح أنه من الصعب شرح عرض القيمة التي نحن بصددها أو توصيلها بوضوح.

وفي النهاية أظن أن الفئة التي تمكنت من فهمه هي الأصلح لاستخدامه، ولكنه يعتبر تحديًا.
ليفنجستون : هل هناك ما استفدته من مشاريعك السابقة وقررت ألا تنفذه في ديليشس؟
شاكتر : نعم، هناك عدة أشياء في الواقع. فقد أطلقت مجموعة من المشروعات، وهناك مجموعة بدأتها ولم أنتهِ منها بعد. ولديَّ مفكرة أدوِّن فيها الأفكار. فأنا أتوصل إلى الأفكار وأسعى لتطويرها قليلًا لأحاول تحديد أبعادها وطبيعتها، ثم أمضي قدمًا. وكان أحد هذه المشروعات يطلق عليها بوك بوك — لأنني لم أفلح قط في اختيار اسم له — ويمكن عن طريقه تحديد وجودك في موقع بعينه والتعبير عن عدم تفضيلك لفئة معينة من الكتب وتفضيلك لفئة أخرى. ويُكتب هذا في ملف إكس إم إل على موقعك مثله مثل ملف تحديث المحتوى، فستقدمين أنت ملف تحديث محتوى وسيفعل المستخدمون الآخرون ذلك أيضًا، وبذلك يتكوَّن محرك تبادل مركزي يقول: «أنت لديك هذا الكتاب، وهو يريد هذا الكتاب، والمسافة بينكما ليست شاسعة.» أي إنه سوق جغرافي موزع للكتب.
وكانت المشكلة تتمثل في أنني كتبته بطريقة لا مركزية بالكامل. ولا يتطلب الأمر تسجيل الدخول وإنشاء بياناتك، بل يقتصر الأمر على وضع العنوان الإلكتروني لبياناتك ثم يقوم النظام بالباقي على أكمل وجه. وكانت المشكلة تتمثل في صعوبة الاستخدام. إذ كان من الضروري إنشاء ملف إكس إم إل. وإذا كان ذلك هو عرض واجهة الاستخدام الأول لك، فستفشلين. وأظن أن ١٢ شخصًا اشتركوا فيه. وكانت واجهة الاستخدام صعبة للغاية. وكانت أناقة النظام الموزع تفوق فائدة تطبيق الأسلوب المركزي في واجهة الاستخدام والتحكم.

وعلى نفس المنوال، كان هناك نظام يطلق عليه لوف نفذته مع ماهتشاي سيجلوفسكي وكان شبكة اجتماعية موزعة بالكامل، بدون أي خادم مركزي على الإطلاق. وكان يستخدم البريد الإلكتروني للتراسل وكان بإمكانه إطلاع أشخاص تحدثت معهم عن آخرين تراسلت معهم بطريقة مشفرة ومضغوطة. فإذا أرسلت لك رسالة بالبريد الإلكتروني، فسيرفق معها ملف لوف. ولن تتمكني من فتح الملف وقراءة محتوياته، فهو لا يعمل بهذه الطريقة. وكان يستخدم عامل التصفية بلوم، أي إنه كان شيئًا إحصائيًّا إلى حد ما. لكن كان بإمكانك أخذ عنوان بريد إلكتروني آخر والتأكد هل هو موجود أم لا. ويمكنك تحديد هل هناك من سبق له الاطلاع على ذلك الملف بنسبة دقة تساوي ٩٩ بالمائة. لذا إذا تلقيتِ رسالة بريد إلكتروني يصبح بإمكانك معرفة أنني مثلًا أتراسل مع هذا الشخص. وهكذا يتسنى لك معرفة مَن الذين تحدثتِ إليهم مِن بين المدرجين في سجل العناوين الخاص بك، وذلك دون أن أضطر أنا لإطلاعك على سجل العناوين الخاص بي. لقد كانت فكرة رائعة لكن كان من الصعب تثبيتها.

أما المشكلة الأخرى فكانت أنه لم يكن يعمل بدون نظام لوف. ومن ثَم فإنه لم يكن أداؤه جيدًا، ولكننا حظينا باهتمام إعلامي بفضله. فقد كان مبتكرًا للغاية. وربما أعود إلى تلك الفكرة ذات يوم.
ليفنجستون : إذن فقد ساعدتك الصحافة في الإعلان عن مشروعاتك؟
شاكتر : لقد حظيت بقدر كبير من الاهتمام الإعلامي من صحيفة «يو إس إيه توداي» في أواخر التسعينيات من القرن الماضي من أجل ميمبول، وهكذا تدربت مبكرًا هناك على مسألة التعامل الإعلامي. وكان والدي من أنصار حقوق المستهلك لهيئة قطارات لونج آيلاند، وكان كثيرًا ما يدلي بأحاديث للصحف، ومن ثَم فقد تمكنت من الحصول على مزيد من التدريب في هذا الشأن. وفي تلك الأثناء، بدأت أدرك أن المرء يكون لديه مجموعة من الرسائل وعندما يتحدث إلى الصحافة تأتي إجابة أي سؤال يطرحونه من بين تلك الرسائل.
وأرى أن الحديث إلى الصحافة يعد جزءًا أساسيًّا من عملية التسويق. وفي الوقت نفسه، أرى أن المستهلكين هم أفضل وسيلة للتسويق. فإذا أعجبهم المنتج، وقدمتِ لهم أدوات لتسويقه، فلن يترددوا في ذلك.
ليفنجستون : ما رأيك في مؤسسي الشركات من المتخصصين في مجال التقنية في مقابل نظرائهم من المتخصصين في مجال إدارة الأعمال؟
شاكتر : إنني لم أثق قط فيمن لا ينفذون الأفكار الأساسية بأنفسهم. فأنا أتفهم ضرورة الاستعانة بالشخص المناسب للتعامل مع بعض الأمور، فلا بد من وجود شخص يتولى التحدث إلى أصحاب رأس المال المخاطر، وكذلك مسئول مالي وغير ذلك. ولكن الشخص الذي يقول إن لديه فكرة عظيمة ويبحث عمن ينفذونها له، ينبغي أن نتوخى الحذر منه، لأنني عادة ما أرى أن عملية ابتكار الفكرة تعتمد على تنفيذها والفشل أو النجاح فيها، وذلك حتى تتحسن قدرة المرء على ابتكار الأفكار. إذ إن تلك تعد من المهارات التي يمكن تعلمها. إنها مهارة مثل رفع الأثقال. وبصرف النظر عن الفكرة التي فشلت أو تلك التي نجحت، علينا أن نمضي قدمًا. فهكذا يبدأ المرء في تعلم كيف يبتكر الأفكار. لذا إذا كنت ممن يعجزون عن التنفيذ ولا يمكنك إلا ابتكار الأفكار فحسب، فكيف لك أن تحددي مدى جدواها؟ فلا يتسنى لك التأكد أنها فكرة جيدة إلا بعد تنفيذها. ومن الضروري فهم تكلفة التنفيذ وغير ذلك.
وأيضًا لاحظت أثناء فترة عملي في مورجان، أنهم لم يكونوا يولون ثقتهم للحاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال. فجميع زملائي في العمل كانوا يحملون درجة الدكتوراه في علوم الكمبيوتر أو الرياضيات أو الفيزياء.
ليفنجستون : لا تعد مدينة نيويورك، على ما يبدو، من الأماكن التي تضم الكثير من الشركات الناشئة الناجحة.
شاكتر : تشهد مدينة نيويورك نشاطًا ملحوظًا في مجال التكنولوجيا. إذ تستعين المؤسسات المالية بالكثير من أدوات التكنولوجيا المتقدمة الفائقة السرعة لمعالجة معاملاتها. فالقطاع المالي يشهد مشكلات عدة. والمشكلات التقنية التي تواجه هذا المجال مشكلات عسيرة. فمن بينها المشكلة التي تتمثل في ضرورة تحقيق أرباح طائلة والشركات التي تستخدم وسائل التكنولوجيا هي التي تتحمل نفقات ذلك. وتنفق بعض أكبر شركات السمسرة مبالغ طائلة سنويًّا على وسائل التكنولوجيا التي يستخدمونها.
ليفنجستون : فلماذا إذن لا يقيم عدد أكبر من صفوة المتخصصين في التقنية في نيويورك؟
شاكتر : هناك الكثير منهم. ويعملون في المصارف والمؤسسات المماثلة، ولديهم مشروعات جانبية.
ليفنجستون : إذن فالمتميزون من المتخصصين في مجال التقنية …
شاكتر : إنهم موجودون. ولكنهم يعرفون متى يتوارون عن الأنظار ومتى يعلنون عن وجودهم.
ليفنجستون : ممن تعلمت؟
شاكتر : من ألبرت، الشخص الذي حدثتكِ عنه. وبالطبع تعلمت الكثير من فريد ويلسون من يونيون سكوير. وتعلمت الكثير من زملائي في مورجان. فتعلمت هناك الكثير عن كيفية استيعاب المشكلات. إذ كانت تأتي عليَّ أحيانًا فترات عصيبة، ولكنهم كانوا يساندونني. وزملائي في مورجان كانوا أذكياء. فقد نال أحدهم جائزة نوبل للاقتصاد عندما كنت أعمل هناك. لقد كانت تلك الشركة من بيئات العمل التي تتسم بالسرعة والذكاء.
وأذكر عندما أجريت مقابلة شخصية في جوجل للمرة الأولى أنهم كانوا يبدون تعليقات تنم عن ازدرائهم المكان الذي كنت أعمل به، إذ قيل لي: «سيتاح لك العمل هنا مع حملة دكتوراه ومتخصصين في علوم الكمبيوتر.» فقلت إنني أعمل مع من ينطبق عليهم ذلك كله.
ليفنجستون : إذن لم يحالفك الحظ عندما أجريت مقابلة شخصية للحصول على وظيفة في جوجل؟
شاكتر : ذهبت إلى هناك مرة واحدة ورفضوا تعييني لعدم إلمامي بلغة البرمجة سي++.
ليفنجستون : هل سبق أن تعرضت لمحاولة تهدف لخداعك أو استغلالك؟
شاكتر : نعم، ولكن لا أعتقد أنه من اللائق أن أتحدث عن هذا. فقد تعرضت لعدة مواقف كان البعض يسعى فيها للحصول على حق ملكية للأسهم قبل آخرين، أو لإبرام صفقات مشبوهة.
ليفنجستون : بصفتك مؤسس شركة ناشئة لم يسبق له من قبل إبرام صفقة أو المشاركة في مفاوضات، أتظن أنك بحاجة لتوخي الحذر من استغلال الآخرين؟
شاكتر : بصفة عامة، أعتقد أن أصحاب رءوس الأموال المخاطرة أكثر تهذيبًا ممن زاملتهم في العمل. فأسوأ تصرف أقدموا عليه كان عدم معاودة الاتصال بي. لدى براد فيلد مدونة لطيفة يتناول فيها أسلوب عمل أصحاب رءوس الأموال المخاطرة. فيقول إنهم لا يعاودون الاتصال بك قط ليخبروك برفضهم؛ إذ لا يريدون إغلاق الباب فربما يحتاجون إلى فتحه مرة أخرى، ولكنهم يفضلون تركك دون أي رد. فنادرًا ما صادفت أصحاب رءوس الأموال المخاطرة ردوا قائلين: «معذرة، لسنا مهتمين بالتعاون معكم.»
ليفنجستون : إلى أي مدى أدت عملية تأسيس شركتك الخاصة ثم بيعها إلى تغييرك؟
شاكتر : إن ذلك يساعد المرء على المضي قدمًا. ويجعله يتعلم الكثير. لقد حصلت على جولة تمويلية، وكنت أكتب الكود، وأوظف الموظفين، وأتولى مهام رئيس التصميم الهندسي، والمفاوض، وغير ذلك. وكنت أقوم بكل هذا لمعظم الوقت.
وعندما حصل ألبرت على كل ما يحتاجه من معلومات عن المشروع وعمل لدوام كامل، نفَّذ قدرًا كبيرًا من العمل أيضًا.
ليفنجستون : ما أكثر ما أدهشك بخصوص امتلاك شركتك الخاصة؟
شاكتر : إنه مزيج من الحرية المفاجئة في إدارة الأمور كما يحلو لك، والمسئولية الثقيلة التي تضطرك لتنفيذ أشياء محددة بأسلوب محدد، في وقت محدد. وهو ما من شأنه أن يمحو أي أثر لتلك الحرية. فيصبح المرء أشبه بإنسان آلي يعمل بلا انقطاع. فيدرك ما عليه القيام به ويظل يعمل في اتجاه محدد.
ربما يختلف الآخرون عني، لكن أظن أن كل خطوة كانت إلى حد ما التقدم الحتمي الذي جاء نتيجة الخطوات السابقة على الطريق. فأنا لا أقصد أنه لم يكن لديَّ خيار، ولكن كل ما قمت به كان هو الخيار الوحيد لأنه كان الشيء الوحيد المنطقي في ذلك الوقت. ولم يمضِ وقت طويل على هذا، ولكن ليس هناك ما أندم عليه، فقد كان ذلك هو الطريق المتاح. وقد نفذت كل ما كان يتحتم عليَّ تنفيذه.
ليفنجستون : ما النصيحة المفضلة التي تسديها لمتخصص في مجال التكنولوجيا يريد أن يؤسس شركة؟
شاكتر : احرص على التقليل. قم بأقل ما يمكنك لتنفيذ ما يتحتم عليك تنفيذه. احرص على تقليل المهام المطلوب القيام بها حتى تتمكن من إنجازها. فإذا كان لديك شيئان تود الجمع بينهما، اعمل على التقليل حتى يناسب كل منهما الآخر. لا تضف إليهما شيئًا آخر. إذ ستتمكن من فهم الأمر فهمًا أفضل، وتحليله بالكامل. وستكون واجهة الاستخدام أسهل. فالحرص على تقليل المهام المطلوب إنجازها أمر شديد الأهمية.
فكثيرًا ما ينتهي الأمر بإضافة سمات وأشياء أخرى. إذ إن إضافة المزيد من السمات يعد الطريقة التقليدية للتخلص من أي مشكلة، أليس كذلك؟ إنها العبارة التقليدية: «أعتذر عن الإطالة في الخطاب. فلم يتوافر لديَّ وقت لاختصاره.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤