الفصل السابع عشر

مارك فليتشر

مؤسس، شركة وان ليست، وموقع بلوج لاينز

كان مارك فليتشر يعمل مهندس برمجيات أول في شركة صن مايكروسيستمز عندما أسس عام ١٩٩٧ وان ليست، وهي خدمة قوائم بريدية مجانية على الإنترنت. وقد ظل يدير وان ليست إلى جانب وظيفته الأساسية حتى حصل على تمويل من شركة رءوس أموال مخاطرة بعد ذلك بعام. واستحوذت ياهو على وان ليست (التي أعيد تسميتها باسم إي جروبس) في يونيو ٢٠٠٠.

وعام ٢٠٠٣ أنشأ فليتشر موقع بلوج لاينز؛ وهو خدمة على الويب لتجميع الأخبار. وقد كتب البرنامج أساسًا لإدارة قائمة الإشارات المرجعية الخاصة به، لكن ما إن أطلقه علنًا، حتى أصبح بلوج لاينز أشهر موقع لتجميع الأخبار على الإنترنت. وقد استحوذت عليه شركة آسك جيفز في فبراير ٢٠٠٥.

ويجسد المشروعان اللذان أسسهما فليتشر الكثير من مميزات ما يطلق عليه ويب ٢٫٠ الذي نُكِنُّ له تقديرًا اليوم: ومن بينها بناء شركات على الويب تتكلف تكلفة زهيدة وتنمو نموًّا سريعًا. وقد وصلت وان ليست إلى مليون مستخدم قبل أن تحصل على تمويل خارجي، ولم تحصل بلوج لاينز إلا على ما قيمته ٢٠٠ ألف دولار من الاستثمارات قبل الاستحواذ عليها.

***

ليفنجستون : حدثني عن بداية تأسيس بلوج لاينز.
فليتشر : أسست وان ليست، ثم أصبحت إي جروبس وبعناها إلى ياهو، ثم تركت الشركة عند إتمام عملية الاستحواذ في سبتمبر ٢٠٠٠. وقررت أن آخذ إجازة، فلم أحظَ بإجازة بين العمل والدراسة منذ أن كنت في الصف الثامن. فسافرت كثيرًا، ثم شعرت بملل شديد وأدركت أنني كنت أعمل في مجال الكمبيوتر طوال حياتي، وهذا هو المجال الذي أفضله، فلمَ أحرم نفسي من متعة تكوين شركات ناشئة؟
وأصبح الأمر يمثل في جوهره تلبية احتياج لديَّ. وكنت قد أسست شركة أخرى متخصصة في مكافحة الرسائل الإلكترونية المزعجة وأطلقت عليها تراستيك، ولكنها لم تكن تحقق نجاحًا كبيرًا. ولكن أثناء قيامي بتأسيسها كنت مشغولًا بنشاط إضافي آخر وهو ما أصبح موقع بلوج لاينز. فكانت لديَّ قائمة إشارات مرجعية لحوالي ١٠٠ موقع كنت أزورها يوميًّا لأتحرى ما إذا كانت تضم أي جديد. وتشمل مواقع مثل سلاش دوت وسي إن إن، إلى جانب مدونات أصدقائي. وكان ذلك يستغرق وقتًا طويلًا مني، ورأيت أنه لا بد من البحث عن حل أفضل لهذا، ومن هذا المنطلق تعرفت على خدمة آر إس إس الإخبارية. وفي ذلك الوقت، كانت تتوافر بضعة برامج تجميع أخبار تعمل على أجهزة الكمبيوتر المكتبية، وهي برامج يمكنك تنزيلها. لكنها لم تكن تفيدني لأنني كنت أستخدم عدة أجهزة مختلفة كل يوم، كما أن كفاءة البرامج لم تكن ممتازة. ومع خبرتي في تصميم تطبيقات الخادم، لم تكن طفرة كبيرة أن أكتشف أنه ينبغي لي أن أصمم شيئًا لنفسي.

لذا صممت ذلك البرنامج أثناء قيامي بإدارة شركة مكافحة الرسائل الإلكترونية المزعجة. ثم اتضح لي أن العمل في هذا المجال ليس ممتعًا لأنك تجدين نفسك مكروهة من الجميع. إذ تعجزين عن الوصول إلى حد الكمال. فإما لا تمنعين ما يكفي من الرسائل المزعجة أو تمنعين البريد المفضل لأحد المستخدمين. وسرعان ما خرجت من العمل في هذا المجال. أما ذلك الشيء الآخر بلوج لاينز — الذي كان يعمل في ذلك الوقت ولكني كنت أستخدمه لنفسي — فلم أكن واثقًا حتى من أنه سيحظى بانتشار كبير. فلم يكن أحد يعلم أي شيء عن المدونات، وكانت برامج تجميع الأخبار تفوقها تقدمًا، أي كان من الصعب شرحها للناس. ولما كنت قد انتهيت من كتابته، فقد قررت أن أطرحه فحسب وأرى ما سيحدث. وهذا ما حدث. فقد طرحته في يونيو ٢٠٠٣ وبدأ يحقق انتشارًا بسرعة مناسبة بعد ذلك. وأدركت أنه ينبغي لي أن أبذل بعض الجهد فيه، لذا استعنت ببعض أصدقائي وبدأت أقوم ببعض الجهود التسويقية ثم بدأت الانطلاقة بعد ذلك.
ليفنجستون : أي إن بلوج لاينز كانت خدمة صممتها لنفسك كي تستخدمها ثم كوَّنت على أساسها شركة؟
فليتشر : ساورني شعور مبهم أن الأمر قد يصبح له شأن، لكني أظن أنني رأيت أنه سيكون سابقًا لأوانه. لقد أسست وان ليست لأنني كنت أريد إنشاء قائمة بريدية لأبي وأمي، وفي ذلك الوقت كان لا بد من تنزيل برنامج وتوافر جهاز كمبيوتر متصل بالإنترنت. وكان من الصعب حقًّا على الشخص العادي أن يجمع قائمة بريدية. أي إنها كانت المشكلة نفسها. وأظن أن النصيحة التي أقدمها هي أن يحل المرء المشكلة التي يواجهها أولًا ومن المحتمل أن يكون لدى الآخرين المشكلة نفسها.
ليفنجستون : لقد عينت زملاء سابقين لك، أليس كذلك؟
فليتشر : بالضبط. مجموعة أساسية ممن كانوا زملائي في وان ليست، وتضم اختصاصي تسويق بارعًا، ومتخصصًا رائعًا في العلاقات العامة، ومصمم واجهات الاستخدام، وأخيرًا مبرمجًا. لكن كنت أنا الوحيد الذي يعمل لدوام كامل حتى سبتمبر ٢٠٠٤ تقريبًا.
ليفنجستون : هل كنت تعمل من منزلك؟
فليتشر : نعم، في غرفة خاصة هادئة هناك.
ليفنجستون : هل كنت تمولها بنفسك؟
فليتشر : نعم.
ليفنجستون : أي إنك لم تضطر لمواجهة المشكلات التي يسببها المستثمرون؟
فليتشر : لم أضطر لمواجهة أي من هذا. وهذا هو الجانب الآخر. فتأسيس شركات مثل هذه زهيد التكلفة ولا يتطلب الكثير من الأموال. وأظن أن إجمالي ما وضعته في الشركة كان ٢٠٠ ألف دولار. ولكني لم أنفقها بذكاء كما كان ينبغي. فقد اشتريت جميع أجهزة الكمبيوتر. ولكني أنصح بعدم شراء أي أجهزة كمبيوتر. فمن الأفضل استخدم خدمات الاستضافة الافتراضية المخصصة.
ليفنجستون : حدثني عن أهم نقاط التحول التي واجهت بلوج لاينز فور تحولها إلى شركة حقيقية. أظن أنك حولتها إلى شركة وأتممت جميع الإجراءات القانونية.
فليتشر : لقد استخدمت الشركة نفسها التي أسستها من أجل مشروع مكافحة الرسائل الإلكترونية المزعجة. وهذا هو السبب في أن الاسم الرسمي للشركة هو تراستيك. فقد رأيت أنني أجريت بالفعل ما يلزم لإنشاء هذه الشركة، فليكن هذا منتجًا آخر من إنتاجها. وكنت أتعامل مع المحامي نفسه الذي تعاملت معه في وان ليست، وهو من أصدقاء الأسرة.
ليفنجستون : إذن فقد حولت الدفة بسرعة متجهًا إلى منتج مختلف.
فليتشر : نعم.
ليفنجستون : أيعني ذلك أنك كنت حامل الأسهم الوحيد؟
فليتشر : كلا، الأشخاص الذين استعنت بهم الذين لم يكونوا يعملون لدوام كامل كانوا يعملون مقابل الحصول على أسهم. وقد حالفني الحظ في أنني تمكنت من تعيين موظفين لا يشترطون الحصول على المال على الفور للقيام بوظيفتهم؛ إذ كانوا مستعدين للعمل مقابل أجر مؤجل. لذا منحتهم جزءًا من الأسهم في إطار تعاقد. وكان التعاقد مدته ستة أشهر، والذي يحصلون بمقتضاه على قدر معين من الأسهم طوال تلك المدة.
ليفنجستون : حدثني عن بعض أهم نقاط التحول.
فليتشر : أطلقنا الخدمة على الإنترنت في نهاية يونيو ٢٠٠٣. وأظن أن أول نقطة تحول هي أننا بدأنا نحصل على تغطية صحفية على الفور تقريبًا، وكان هذا حتى قبل أن أوظف أصدقائي المتخصصين في التسويق. إذ كان لدينا نشرة إخبارية اسمها إن تي كيه، وقد تمكنا من نشر إعلان كبير قديم فيها في غضون أسبوعين تقريبًا. ثم بدأت الانطلاقة منذ ذلك الحين.
والمدهش في هذه الشركة هي أنها … يمكنني أن أريك المجلد الذي يحتوي على المقالات الصحفية، وهو سميك للغاية، قياسًا لكونها خدمة لا يستخدمها إلا نسبة ضئيلة من الناس.
ليفنجستون : لماذا؟
فليتشر : أظن أن الحظ حالفنا لأن المدونات بصفة عامة قد بدأت تكتسب أهمية كبيرة، وكان الكساد يشهد آخر أيامه، لذا كان الجميع يبحثون عن الابتكار المهم القادم. كما أن كثيرًا من الصحفيين بدءُوا يستخدمون بلوج لاينز. فهم يحبون التحدث عن الأشياء التي يستخدمونها، ومن ثَم فقد حالفنا الحظ كثيرًا في هذا الصدد. لكننا لم نخطط لذلك على الإطلاق، فقد حدث بالصدفة.
ليفنجستون : أنا مندهشة لأنني أظن أن الصحفيين غالبًا من يكونون آخر من يكتب عن الأشياء الجديدة.
فليتشر : هذا صحيح بصفة عامة، ولكن اتخذ الأمر طابعًا فكاهيًّا. فكنت أتحدث إلى الصحفيين فيخبرونني أنهم يستخدمون بلوج لاينز. لا أدري ربما لم أكن أتحدث إلا لمن يستخدمون بلوج لاينز. فإذا ما قارنت بين التغطية الصحفية التي حظيت بها بلوج لاينز وبين تلك التي لاقتها وان ليست وإي جروبس، نجد أنه لا مجال للمقارنة بينهما. ففي حين أننا مع الشركة الأولى كان لدينا ٢٠ مليون مستخدم عند الاستحواذ، فإننا مع بلوج لاينز لم نحصل إلا على نسبة ضئيلة من ذلك الرقم. وهكذا حصلت تلك الشركة الصغيرة على تغطية صحفية كبيرة غير متكافئة. وقد أثار هذا دهشتنا جميعًا.
ليفنجستون : هل كانت المدونات سائدة عام ٢٠٠٣ كما هي الآن؟
فليتشر : كلا على الإطلاق. فلم يكن أحد يعلم شيئًا عن المدونات. وكنت محرجًا إلى حد ما من ذلك الشيء الضئيل الذي كنت أود طرحه لأنه لم يكن أحد يعلم شيئًا عن ماهية المدونات.
ليفنجستون : أكنت تظن أن المدونات ستتفوق يومًا ما على وسائل الإعلام السائدة كمصدر للمعلومات؟ أكنت تدرك إلى أي مدى ستحظى بإقبال؟
فليتشر : كلا، ليس بالسرعة التي تحقق بها الأمر. أعني لقد حالفنا الحظ كثيرًا في أننا اتبعنا هذا الاتجاه الذي كان بدأ يظهر للوجود في الوقت نفسه. لكن لم نخطط للأمر. فقد كنت فقط أحاول أن أحل مشكلة تخصني.
ليفنجستون : هل كان لديك مدونة في ذلك الوقت؟
فليتشر : نعم، wingedpig.com. واحتفظت بها لسنوات قليلة. وكانت في الأساس أداة تسويقية لنفسي أكثر من كونها أي شيء آخر.
ليفنجستون : أتقصد أنك لم تكن تحاول استغلال احتمال تحقيق المدونات لانتشار كبير وهذا ما دفعك لدخول هذا المجال؟
فليتشر : ليتني أستطيع أن أقول إنني كنت بهذا الذكاء، لكن الإجابة هي النفي. إذ كنت مجرد شخص أخرق لديه قائمة إشارات مرجعية خاصة بمائة موقع وكان الأمر يستغرق مني وقتًا طويلًا لتصفحها. وكنت مداومًا على قراءة محتوى هذه المواقع. هذا كل ما في الأمر.
ليفنجستون : هل لك أن تطلعني على اللحظات المهمة الأخرى في حياة بلوج لاينز؟
فليتشر : كان قد مر على إنشاء الموقع نحو عام ونصف قبل أن يجري الاستحواذ عليه، وهو ليس بالوقت الطويل. ونظرًا لأنني كنت أموله بنفسي، فلم يكن هناك حدث تمويلي كبير يمكن اعتباره علامة بارزة. فقد كانت هناك زيادة تدريجية منذ البداية من حيث اهتمام الصحافة وأصحاب رأس المال المخاطر والشركات. وقد أدى ذلك إلى تشجيع جميع الشركات الكبرى على إجراء محادثات معنا. ولكن هذا ينطبق على الكثير من الشركات الناشئة.
ليفنجستون : ألم تفكر قط في الحصول على تمويل من شركة رءوس أموال مخاطرة؟
فليتشر : قمت بهذا مع وان ليست، وكنت أريد أن أنفذ الأمر بطريقة مختلفة هذه المرة. فكان الأمر أقرب للمحاولة. وهذا لأنني كنت أومن تمامًا بالفرضية التي تقول إنه يمكن إدارة هذا النوع من الشركات بتكلفة زهيدة بأقل قدر ممكن من الذكاء.
لقد حصلت على تمويل من أجل وان ليست لأننا آنذاك كنا نكبر بسرعة كبيرة حتى إن النقود كانت تنفد منا، ولم يعد بإمكاني أن أمولها بنفسي. فقد وصل عدد موظفيها إلى ١٥٠ موظفًا. ولكننا اليوم لسنا مضطرين للقيام بذلك.
ليفنجستون : عندما كنت تطور بلوج لاينز، هل كنت تتبع خطة معينة، أم أنك تصرفت من منطلق تصميم المنتج ثم انتظار ما ستأتي به الأيام؟
فليتشر : فلسفتي الخاصة بخصوص هذا النوع من الشركات — وأقصد شركات الإنترنت التي تعتمد على المستهلك — هي أنه ليس من الضروري أن تقلقي بشأن نموذج العمل في البداية. فإذا حصلت على مستخدمين، فسيتحقق كل شيء بعد ذلك. بشكل عام، إن أي تقنية يمكن تقليدها، وأي مفهوم يمكن تقليده. ومن وجهة نظري، ما يجعل أيًّا من هذه الشركات ذات قيمة هو المستخدمون. وهذا لا يمكن تقليده.
ليفنجستون : هل فكرت في مسألة إتاحة وسائل الإعلام للجميع عندما كنت تقوم بهذا؟ هل كان لديك طموح اجتماعي؟
فليتشر : كلا، فلست بهذا القدر من الذكاء. فكل ما كنت أريده هو متابعة مواقع أصدقائي والمواقع الإخبارية بانتظام. لكنني كنت ألاحظ الاتجاهات الناشئة، خاصة أن مواقع الويب كانت تزداد أعدادها على الإنترنت زيادة مطردة بمرور الوقت. لذا إذا ما واجهت هذه المشكلة الآن وكنت أعلم أنني اعتنقت هذا الاتجاه مبكرًا، فإن الآخرين على الأرجح سيواجهون المشكلة بعد ذلك. أي إنها كانت مسألة توقيت فحسب. وكنت أعتقد أنني أسبق زمني بكثير. لكنني لم أكن هكذا. من كان يعرف؟
ليفنجستون : لمَ ظننت أنك كنت تسبق زمنك بكثير؟
فليتشر : لأنني تحدثت إلى جميع أصدقائي ولم يكن أحد يعرف المقصود بالمدونة، وبالطبع لا أحد يعلم المقصود بتجميع الأخبار. فحتى في الوقت الحالي إذا سألت أحدًا: «أتعرف ما النشر المتزامن؟» فتجدينه يجيبك: «ألهذا علاقة بإعادة عرض مسلسل ساينفيلد؟» وكان هذا أحد الصراعات التي واجهناها مع بلوج لاينز، وبالتحديد محاولة شرح هذه المفاهيم للأشخاص العاديين. فلم يكن أحد يدرك المقصود بالنشر المتزامن، وخدمة آر إس إس، وتجميع الأخبار. وكانوا يتساءلون عن ماهية تلك الأشياء الغريبة. لكننا لم نضطر لتوعيتهم بالمقصود بالمدونة؛ إذ كانت الصحافة تنفذ هذه المهمة نيابة عنا.
ليفنجستون : هل ساورك القلق يومًا من المنافسين؟
فليتشر : أظن، إن ذلك كان يحدث دائمًا ولم يحدث على الإطلاق. فأنا تزداد لديَّ النزعة التنافسية وأصبح شديد الارتياب وأتوجس خيفة من الجميع. لكني كنت متأكدًا أيضًا من عدم وجود من يقوم بتلك المهمة كما ينبغي عندما بدأنا، أي إننا كنا نسبقهم. وما دمنا لم نفسد هذه الميزة، فسيكون من الصعب على غيرنا أن يحقق تقدمًا حتى يصل لمستوانا، إلا إذا تمكنوا من الحصول على مبالغ مالية كبيرة ودشنوا حملة إعلانية كبيرة على سبيل المثال. نعم لقد كنت قلقًا، ولكن ليس بأيدينا غير ذلك.
ليفنجستون : من كان أكبر منافس لكم؟
فليتشر : عندما بدأنا كانت هناك خدمة واحدة فقط تسير على خط موازٍ لنا، وهي نيوز إيز فري. وعندما كنت أتحدث إلى الصحفيين في البداية كانوا يطرحون السؤال نفسه: «من هم منافسوكم؟» وكان منافسونا في البداية برامج التجميع التي تعمل على أجهزة الكمبيوتر المكتبية، وهي البرامج التي يمكن تنزيلها. وهناك قصة وراء تفوقنا على هذه البرامج. فمعظم الناس لا يودون تثبيت برامج على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. والكثيرون لا يمكنهم تثبيت برامج على أجهزة الكمبيوتر في العمل. والكثيرون يستخدمون أكثر من جهاز. وكنا نتمتع بعدة مميزات واضحة من السهل وصفها. وبعد ستة أشهر من إطلاق الموقع تقريبًا، طرحت شركة نيوز جيتور خدمة تجميع تعتمد على الويب، وكانت هي أقرب منافس لنا.
ليفنجستون : هل هناك ما استفدته من تجربتك مع وان ليست وقررت ألا تكرره — أو تكرره — هنا مرة أخرى؟
فليتشر : حسنًا لم أحصل على تمويل من شركة رءوس أموال مخاطرة هذه المرة؛ إذ لم أضطر لهذا.
وقد نقلنا بعض تصميم البرمجيات من وان ليست إلى بلوج لاينز، وينطبق ذلك على طريقة تصميم الموقع، وطريقة التوسع في بعض السمات. وبالطبع بعض الموظفين. فجميع الزملاء في بلوج لاينز سبق لي العمل معهم من قبلُ في وان ليست. فبدا الأمر كأنها نسخة ثانية من وان ليست.
ليفنجستون : أتذكر أي مواقف كادت تتسبب في كوارث في وان ليست؟
فليتشر : المئات. لقد كانت وان ليست تنمو بسرعة كبيرة، بنسبة ١٫٥ بالمائة يوميًّا خلال أول عام أو عامين. وفي غضون ١١ شهرًا أصبح لدينا مليون مستخدم، وهو ما كان أمرًا مذهلًا عام ١٩٩٨. وكنا نواجه مشكلات توسع مروعة في العام الأول. وكنا نواجه فترات تعطل كثيرة لأنني لم أكن أتقن طريقة إعداد نظم مراقبة. وأظن أن هذا كان من الأشياء التي نفذتها بإتقان أكثر في بلوج لاينز.
وعندما أسست وان ليست لم يكن لديَّ حتى هاتف محمول. أما الآن فمن السهل استخدام الهاتف المحمول كجهاز بيجر ويمكنك إعداد النظم. ومع وان ليست، كنت أخشى دائمًا من ترك جهاز الكمبيوتر. لأني أعلم أن كل شيء سينهار. أما مع بلوج لاينز فقد كنت أتمتع على الأقل بدرجة أكبر من الحرية. لا سيما عندما يكون لديك جهاز هاتف ذكي مثل تريو الذي يتيح لك تسجيل الدخول منه. أذكر أنني أصلحت بعض المشكلات وأنا أجلس أمام أحد أجهزة القمار في نادٍ للقمار.
ليفنجستون : هل كانت علاقتك بأصحاب رأس المال المخاطر علاقة طيبة؟ هل فرضوا فجأة متطلبات جديدة على شركتك؟
فليتشر : أظن أن الإجابة ستكون لا ونعم. لم يسبق لي إجراء محادثات مطلقًا مع أصحاب رءوس أموال مخاطرة بصفتي رائد أعمال، ولم أعرف كيف يفكرون، لذا فقد كنت أتعلم طوال الوقت. ولم يكن لديَّ مستشار أسترشد بآرائه. ولم يكن لدى أي من أصحاب رءوس الأموال المخاطرة مدونات. ولم أكن أعرف أحدًا ممن أسسوا شركات. أي إنني كنت أمضي على غير هدًى.
حصلنا على ٤ ملايين دولار من سي إم جي آي، وبيرتلسمان فينتشرز في ديسمبر ١٩٩٩ لتكون الجولة الأولى. إذ إننا كنا نمول أنفسنا حتى ذلك الوقت، واستطعنا البقاء للعام الأول بالاعتماد على ٥٥ ألف دولار. وقد أوصلنا هذا إلى مليون مستخدم ثم حصلنا على الملايين الأربعة. وحينها كنت لم أرَ من قبل مذكرة بالشروط الأساسية، ولم أكن أعرف ما الذي يتحتم عليَّ التفاوض عليه، وما لا ينبغي التفاوض عليه. ومن ثَم وقعت أخطاء ولكني لا ألقي باللوم على نفسي فيها. فلم أكن أعرف ما الذي يجب أن أرفضه في مذكرة الشروط الأساسية والمحامي لم يخبرني.

الشيء الرائع لرواد الأعمال هذه الأيام هو توافر المزيد من المعلومات المتاحة مقارنةً بما كان عليه الحال في تسعينيات القرن الماضي. فالكثير من الأشخاص الذين مروا بهذه التجربة لديهم مدونات. ومختلف أنواع شركات رءوس الأموال المخاطرة لدى أصحابها مدونات الآن. وتتوافر الآن كتب أكثر بكثير. ويمكن للمرء إجراء بحث فقط وسيجد على سبيل المثال نماذج لمذكرة بالشروط الأساسية. وبالأخذ في الاعتبار جميع هذه الأمور، بالطبع لا يمكنني أن أنتقد النتيجة، لكني ارتكبت أخطاءً طوال الوقت.

وبعد أسبوعين من حصولنا على التمويل جاء أصحاب رأس المال المخاطر وأخبروني أنهم يودون استبدالي بصفتي رئيسًا تنفيذيًّا، وهو ما استوقفني. فقد كنت متعلقًا بالشركة تعلُّقًا ينبع من اعتزازي بذاتي. فعندما يؤسس المرء شركة تكون هي حياته. فيرى أنه الوحيد الذي يمكنه إدارتها. ويظن أنه إذا لم يكن موجودًا فستنهار — أو على الأقل هذا ما ظننته — لجميع هذه الأسباب. وكان من الصعب عليَّ أن أفصل بين نفسي وبين الشركة بهذه الطريقة. لذا نشب خلاف حول هذا الموضوع لفترة ما قبل أن أذعن لطلبهم ونحضر رئيسًا تنفيذيًّا جديدًا. واتضح أن هذا كان لمصلحة الشركة، فلو كنت أكثر نضجًا وقتها، لما عانيت كل هذه المعاناة بسبب هذا الأمر.
ليفنجستون : لقد عملت في شركة صن قبل تأسيس شركتك، أليس كذلك؟
فليتشر : عملت في صن عن طريق الاستحواذ على شركة ناشئة كنت أعمل بها وهي ديبا.
ليفنجستون : إذن فقد كانت لديك خبرة في العمل مع الشركات الناشئة.
فليتشر : عملت مهندسًا في بضع شركات ناشئة قبل ذلك.
ليفنجستون : لكن ألم تستعِنْ بأي مستشارين؟
فليتشر : كلا. فوالداي مصدر رائع للتعلم، لقد كان كلٌّ منهما يشغل منصب مدير في آي بي إم. ولكن كنا جميعًا نسير على غير هدًى. فكنا ننظر إلى مذكرة الشروط الأساسية ونجدها تتحدث عن جداول حقوق الامتلاك لأسهم المؤسسين، وليس لدينا أدنى فكرة عما يجب أن نتوقعه وما يجب أن نتفاوض من أجله.
ليفنجستون : كيف كان شعورك عندما قال أصحاب رأس المال المخاطر إنهم يريدون تعيين غيرك في منصب الرئيس التنفيذي؟
فليتشر : كان شعوري متضاربًا. أظن أن سلوك جميع الأطراف كان سيئًا. فطوال عملية التمويل بأكملها كانوا يخبروننا أن سر اهتمامهم بنا هو فريق الإدارة لأنهم يرونه رائعًا. ثم تحدثت هاتفيًّا إلى دافيد ويذيريل رئيس سي إم جي آي، فيخبرني أنهم يستثمرون نقودهم معنا لأنهم يؤمنون بفريق الإدارة لدينا. وبعد أسبوعين، طلبوا مني التوجه إلى مكتبهم — حتى قبل أول اجتماع لمجلس الإدارة — وأبلغوني أنهم يودون تعيين غيري في منصب الرئيس التنفيذي.
وحين أتذكر ما حدث أدرك بالطبع سبب قرارهم، وهو لأنني لم أكن مفاوضًا جيدًا في مذكرة الشروط الأساسية وأنا واثق أنهم لمسوا هذا. ولكنني كنت مستغرقًا بكياني كله في الأمر في ذلك الوقت، فكان ذلك شديد الصعوبة. والجانب الإيجابي يتمثل في إننا عيَّنا رئيسًا تنفيذيًّا جديدًا وقد أسهم في استحواذ ياهو على شركتنا، وانتهت الأمور نهاية رائعة. ومن ثَم ليست ثمة شكاوى.
ليفنجستون : لكن ربما يجب أن تجري مناقشات تتسم بمزيد من الصراحة بين فرق الإدارة وأصحاب رءوس الأموال المخاطرة؟
فليتشر : نعم، دائمًا. كان الآخرون يقولون عني إنني أفتقر لمهارات التواصل، وأنا أعترف أن ذلك حقيقي فعلًا. ولكن ذلك ينطبق على جميع المتخصصين في مجال التقنية.
كثيرًا ما كانت عملية الحصول على تمويل من شركة رءوس الأموال المخاطرة بأسرها تتم في تكتم وكان أصحاب رأس المال المخاطر يتعمدون ذلك. فلعدم رغبتهم في التفاوض ضد منافسين آخرين، ولعدم رغبتهم في الكشف عن شروط الصفقة، كان من مصلحتهم أن يظل كل شيء سرًّا. ولكن من الرائع أن الأمور بدأت تصبح أكثر انفتاحًا الآن، سواءً أأعجبهم هذا أم لا.

إن أكثر ما يهتم به أصحاب رءوس الأموال المخاطرة هو السلطة. ومن الرائع أن هذا الأمر يشهد تغيرًا الآن. ويعود ذلك لأنه أصبح مثار حديث المزيد من الناس لأن تأسيس شركة أصبح أرخص كثيرًا حاليًّا. على الأقل هذا النوع من الشركات. ففيما يتعلق ببعض الشركات سيظل دائمًا من الضروري الحصول على مبلغ من ١٠ إلى ٥٠ مليون دولار، أما بالنسبة لمعظم شركات الإنترنت الناشئة التي تركز على المستخدم، فلا تكون هناك حاجة لكل هذا المبلغ.
ليفنجستون : أهناك أي سمات طلبها المستخدمون إلى درجة فاجأتك؟
فليتشر : ليست السمات، ولكن ما فاجأني هو الثبات على استخدام الموقع. كنت أظن أنني غريب الأطوار لأنني كثيرًا ما كنت أزور موقع بلوج لاينز، من عشر إلى عشرين مرة في اليوم. ولكن عندما بدأنا نفحص سلوك المستخدمين كان متوسط زيارة المستخدم للموقع أربع مرات في اليوم يشاهد ١٢ صفحة في كل مرة، وهو رقم هائل. وعادة لا يزور المستخدم العادي موقعًا معينًا أكثر من مرة ونصف المرة يوميًّا تقريبًا، لذا فقد كان رقمًا كبيرًا للغاية من حيث زيارة الموقع ومن حيث الصفحات التي يشاهدها المستخدم. وكلما ذكرت هذه الإحصائية لأي من مستخدمي بلوج لاينز قال: «هذه الأرقام تبدو ضئيلة بالنسبة لي. فأنا أزور الموقع عشر مرات يوميًّا.» وكان البعض يقول إن بلوج لاينز من المواقع التي ساعدت على تغيير طريقة استخدامهم للإنترنت، وهو ما غمرنا بالسعادة.
ليفنجستون : هل يمكنك تذكر أكثر ما أدهشك في تجربة الشركات الناشئة؟
فليتشر : لا أظن أن هناك ما أدهشني حقًّا. فالعمل في الشركات الناشئة مسلٍّ للغاية، وفي الوقت نفسه مرهق للغاية. وسواء أكان المرء مهندسًا أم مؤسسًا — على الأقل بالنسبة لي أنا — فإن الأمر يستهلك كل انفعالات المرء ويضاعفها مائة ضعف. فنجاحات هذا المجال أعلى من أي مجال آخر وعثراته أقسى من أي مجال آخر. فالشركات الناشئة تجربة تستغرق كيان المرء كله، فمن المستحسن أن يخوضها المرء وهو في ريعان الشباب قبل أن يكون له أسرة لأنه من الممكن أن يفقد كل شيء.
ليفنجستون : لنعد إلى مسألة النقود، لقد قلت إنه من الممكن تأسيس الشركات الناشئة بتكلفة زهيدة. وقرأت أنك قلت إن كثيرًا من مبادئ ويب ٢٫٠ قد ظهرت في تسعينيات القرن الماضي.
فليتشر : لم نكن نمتلك أجهزة في وان ليست إلا بعد سنوات من تأسيسها. فقد كنا نعمل بأسلوب المضيف الافتراضي المخصص. ومن ثَم كان لدينا ٤٠ أو ٥٠ جهازًا في ديجتيال نيشن في ولاية فيرجينيا لم نرَها قط. وهذا أفضل. وكان أكبر خطأ ارتكبته في بلوج لاينز هو أنني لم أكرر ما قمت به في التسعينيات. لأنك، في تلك الحالة، لا تكونين مضطرة للقلق بشأن شراء محولات، أو إصلاح الأجهزة اللعينة أو نقلها عندما لا يصبح لديك مساحة لإصلاحها. أو النزول إلى مركز البيانات الذي يستضيف شبكتك في الساعة الثانية صباحًا لإعادة تحميل شيء توقف عن العمل، فجميع هذه الأمور يجري تولي أمرها. وهذا النوع من الشركات الناشئة لا يجري تقديره قط على أساس نفقات رأس المال. ومن ثَم فلا يمكنك الحصول على المزيد من النقود في أي عملية استحواذ بِناءً على عدد الأجهزة التي لديكِ. إلا إذا كانت شركتك هي جوجل. لقد كان لدينا ٤٠ أو ٥٠ جهازًا في بلوج لاينز عندما تمت عملية الاستحواذ على الشركة ولم يكن ذلك من العوامل المساعدة على الإطلاق.
لذا احرصي على طرح منتج ما. وإذا وجدت نسخًا سابقة من وان ليست أو بلوج لاينز على archive.org، تجدين أن المواقع مروعة. فهي سيئة للغاية ولا تنطوي على أي سمات ولا تقوم إلا بشيء واحد. وكل ما تقومين به بعد ذلك هو تكرار ذلك الشيء لأن المستخدمين سيطلعونك على ما يريدون، وهم أفضل من يعطيك تقييمات. ومن الضروري أن تحرص الشركة على إطلاق الخدمة بسرعة. فالمهم هو البدء في طرح المنتجات للمستهلكين ثم يمكن التكرار بعد ذلك. لأن الطرح من العقبات الهائلة. لقد عملت في شركات كانت تواجه مشكلات كبيرة في طرح المنتجات، فلم يكن بإمكانهم ذلك. وهي مشكلة نفسية.
ليفنجستون : ومع ذلك فمن الصعب تنفيذ ذلك، أليس كذلك؟
فليتشر : يريد المرء أن يصل إلى حد الكمال، والشيء الرائع الذي يميز خدمات الإنترنت التي تعتمد على المستخدم هو أنه ليس من الضروري أن تتسم بالكمال. فإذا ما وجدت خطأً يمكنك إصلاحه في خمس دقائق. ولست مضطرة للقلق بشأن ترقية تثبيت برامج المستخدمين.
ليفنجستون : ماذا تقول لمؤسس شركة لا يمكنه إطلاق سمات جديدة ويفرط في تحليل كل شيء؟
فليتشر : أقول له إن الأمر بالغ السهولة في تنفيذه، ومفهوم تمامًا، لكن من وجهة نظري أفضل شيء لشركته هو أن يطلق منتجه مبكرًا، ثم يعيد هذه العملية أكثر من مرة. لأنه بهذا سيبدأ حوارًا مع مستخدميه لأنهم سيرسلون له رسائل بالبريد الإلكتروني يخبرونه فيها بما يريدون. لقد كنا نتلقى ما بين ٥٠ و١٠٠ رسالة بريد إلكتروني يوميًّا في بلوج لاينز، ومعظمها كان اقتراحات لإدخال سمات. وفور البدء في العمل بِناءً على هذه الاقتراحات سيرى المستخدمون أنه يستمع إليهم بالفعل ويصبحون أكثر ولاءً لموقعه. لأنهم يشعرون أن بإمكانهم المشاركة فيه وهذا يعود بالفائدة على المنتج. أي إنه ليس عيبًا — بل قد يكون ميزة — أن يطرح المرء المنتج بدون جميع السمات في البداية لأنك ستحصلين على كل هذا وتطرحين المنتج مبكرًا.
ليفنجستون : لقد قلت عن نفسك إنك متخصص في مجال التقنية. هل لديك ما تود أن تذكره عن المؤسسين من المتخصصين في مجال الكمبيوتر مقابل المؤسسين من حملة درجة الماجستير في إدارة الأعمال؟
فليتشر : أظن أن الأمر يتطلب كل الفئات. فالمقصود بالشخص المتخصص في مجال الكمبيوتر قد يتراوح بين متخصص محترف في مجال الكمبيوتر وبين شخص لديه دراية بالمنتجات علاوة على ذلك. وأنا أفضل أن يكون لديَّ بعض المعرفة بالمنتجات، وهو ما يساعدني في تطوير تلك المواقع. والكثير من المهندسين لا يملكون بالضرورة هذه المهارات، ولكنهم أفضل مني كمهندسين، ومن ثَم فإذا كان هؤلاء يعتزمون تأسيس شركة بمشاركة مصمم منتجات، فأظن أن ذلك سيكون مفيدًا إلى حد بعيد.
ولكن فيما يخص حملة درجة الماجستير في إدارة الأعمال، لا تعد شركات الإنترنت التي تركز على المستخدم معقدة من حيث إدارة الأعمال، لذا فلن يكون من الضروري إبرام صفقات لتطوير الأعمال أو شيء من هذا القبيل إلا بعد أن تصممي بالفعل شيئًا يصبح له مستخدمون وقوة دافعة للتطور والاستمرار. وفي الواقع، لا أعتقد أن هناك ضرورة حقيقية للاستعانة بالمختصين بتطوير الأعمال في هذه الشركات، لا أظن هذا. فإنك مبدئيًّا إما تنجحين وحدك أو تفشلين وحدك. فإذا ما حصلت على قوة دافعة للتطور والاستمرار، وحصلت على مستخدمين، فقد تصادفين صفقات في طريقك، ولكن كثيرًا ما تكون معظم الصفقات غير مهمة، لذا فلست بحاجة إلى متخصصين حاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال. فالتركيز الأكبر ينصب على الجانب الهندسي والمنتج.
ليفنجستون : أتظن أن المؤسسين من المتخصصين في مجال التقنية يمكنهم تحديد الصفقات غير المهمة؟ فقد يرى مؤسسون كثيرون ممن لهم خبرة في مجال التقنية أنه معروض عليهم بيع شركاتهم مقابل مبلغ كبير مثل ٥ ملايين دولار. ويعتقدون أن هذا أمر رائع.
فليتشر : نعم، ولا بأس بهذا. فإذا كانت الشركة تتكوَّن من شخصين يعملان في مرأب لإنجاز منتج منذ ستة أشهر أو عام ثم يعرض عليهما شخص ٥ ملايين دولار، لا يبدو الأمر سخيفًا من وجهة نظري. ويمكن الاستعانة بمساعدة خارجية عند إجراء صفقات الاستحواذ؛ فعند إبرام صفقة استحواذ ياهو على إي جروبس، كان لدينا عضو بمجلس الإدارة اسمه مايك موريتز، كما كان عضوًا في مجلس إدارة ياهو، لذا كان مشتركًا في الأمر. وفي حالة بلوج لاينز، أبدت شركة آسك اهتمامها بنا. وكنا قد أجرينا محادثات مع جوجل وياهو وبعض الشركات الأخرى، وكانت الأمور تسير على ما يرام مع آسك. وكنت أعلم أنني بحاجة للمساعدة في إجراء المفاوضات في أي صفقة. لذا فقد استعنت في ذلك الوقت بخدمات مصرفي استثمار.
وما يقوم به المصرفي المتخصص في الاستثمار — لا سيما ذلك المتخصص في الاستثمارات البنكية الصغيرة (وهو المختص بإجراء الصفقات الصغيرة بحد أقصى ١٠٠ مليون دولار) — هو القيام بدور الوسيط ويتمثل ذلك في المقام الأول في إنشاء مزاد ومحاولة زيادة أي سعر. كما سيساعدك في التفاوض لإبرام الصفقة، سيقوم بكل هذا ثم يحصل على ٢ أو ٣ بالمائة من سعر الشراء. وقد كانت لي تجربة جيدة جدًّا في هذا الصدد في بلوج لاينز.
ليفنجستون : كيف عرفت أن الوقت مناسب للتفكير جديًّا في بيع بلوج لاينز؟
فليتشر : لأن بلوج لاينز كان محل قدر كبير من الاهتمام، ولأن جوجل كانت تنشر شائعات أنها تستعد لطرح منتج، وذلك ينطبق على ياهو أيضًا. وأنا أميل بطبيعتي للارتياب أكثر مما ينبغي. كما أن الشركة لم تكن تنمو بالسرعة المطلوبة، وعاد الأمر مرة أخرى ليصبح مرتبطًا بكون المستخدمين هم الشيء الوحيد لديك الذي يمنحك الحماية ويضفي عليك قيمة أمام هذا النوع من الشركات. فحين تقرر شركة ما شراءك، فإن قرارها يقوم على أساس عدد المستخدمين والضجة التي تحققها شركتك بدرجة أقل. وهذا يختلف حسب تفاصيل كل عملية استحواذ. أي إن هناك مجموعة من العوامل جعلت الوقت يبدو مناسبًا.
ولم أكن أعرف مصرفيين متخصصين في الاستثمار ولم يكن قد سبق لي التعامل مع أي منهم من قبل، لذا طلبت من المحامي الذي أتعامل معه الذي كان شريكًا محنكًا في شركة ويلسون سونسيني أن يمدني ببعض الأسماء. وقد أعطاني ثلاثة أسماء. وقابلتهم جميعًا، ووقع اختياري على أحدهم لأنه أعجبني كما كان قد أبرم لتوه صفقة أخرى مع آسك جيفز، التي كنت أعرف أنها الرائدة في هذا المجال آنذاك. وكنت أعرف أن ذلك الشخص لديه خبرة ويتمتع بشبكة معارف في تلك الشركة لذا اتفقت معه. وكان هذا على الأرجح في نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر من عام ٢٠٠٤، وأُعلنت عملية الاستحواذ في السابع من فبراير ٢٠٠٥.
ليفنجستون : هل هناك دروس أو توجيهات أخرى قد تفيد المؤسسين في التزود بمعلومات عن عملية الاستحواذ؟
فليتشر : تكمن المسألة الأهم في توقيت البيع. فحتى في حالة وان ليست، بدأت أتلقى عروض استحواذ بعد أربعة أشهر من بدء تأسيس الشركة. عروض من مواقع لم تعد موجودة حاليًّا. أي إنني أفلت من عاقبة وخيمة. وفي حالة وان ليست، كنا نحقق نموًّا سريعًا للغاية حتى إن الأمر لم يكن يتطلَّب قدرًا كبيرًا من الذكاء لنعرف أنه لا ينبغي لنا أن نبيع. وفي الحقيقة لم نكن نواجه منافسة شرسة آنذاك، لذا كان الأمر يقتصر على محاولة البقاء واختبار مدى قدرتنا على الاستمرار. أما في حالة بلوج لاينز فلم نكن نسير بتلك السرعة على الإطلاق. وكنت أشعر أن هناك منافسة قادمة. وأظن حقًّا أننا بدأنا ندخل في مرحلة الفقاعة مرة أخرى. ليس من حيث تدفق الأموال على جميع الشركات، لكن بالطبع … لقد نشرت جهة ما القائمة الرسمية لشركات ويب ٢٫٠ وأظن أن كل شركة لديها الآن ٣٠ منافسًا تقريبًا. أي إنني كنت بدأت أرى إرهاصات لهذا.
وفي الواقع، عندما أفكر في الأمر الآن، أجد أن التغطية الصحفية التي كنا نحظى بها رائعة، لكنها كانت أيضًا سلاحًا ذا حدين. وأتذكر أنني كنت أتمنى في ذلك الوقت أن يتركوا لنا فرصة لكي نحقق نموًّا لفترة قبل أن يعلنوا عنا. وهذا أمر لا يمكن الشكوى منه، لكن … لقد حدث أن تحدثت عنا جريدة «ذا وول ستريت جورنال» أربع مرات في غضون ستة أشهر. أما في وان ليست، فلم يرد اسم الشركة قط في هذه الجريدة. وكنت أمزح مع مسئولة العلاقات العامة بالشركة وأقول لها: «إنه قد مر أسبوعان على ظهور اسمنا في هذه الجريدة. فمتى ستكتب عنا مرة أخرى؟» فكانت تجيب قائلة: «إياك أن تتوقع أن هذه الأشياء ستظل تحدث دائمًا.»

فينبغي إذن على المرء تحديد الوقت المناسب للبيع، وما الذي يريده من وراء عملية الاستحواذ، من حيث النقود وما إذا كان يريد الاستمرار بعد ذلك أم لا. فمن الضروري أن يدرك إن كان سيرضيه إذا أدار شخص غيره الشركة. فهذا قرار شخصي للغاية. وهناك أوقات أفضل للبيع من غيرها. وإذا لم يكن المرء يتلقى عروضًا للاستحواذ، فسيكون من الصعب إقامة مزاد ولن يحصل على أرباح كبيرة ولن يرضيه ذلك.

وأظن أن ما ذكرته يشمل النقاط الأساسية. أما من حيث اختيار المصرفي، فيقوم أساس الاختيار على من يرتاح المرء في التعامل معه، ومن يتفهم احتياجات الشركة. وكان أحد المصرفيين المتخصصين في الاستثمار الذين تحدثت معهم ليس لديه دراية عن عملنا، ولم يحاول إجراء بحث لمعرفة طبيعة نشاطنا، ولم يبدِ أي تجاوب. فكيف يمكن لشخص سيكون ممثلك أن يبرم صفقة بيع جيدة لشركتك إذا لم يكن يعرف طبيعة نشاط شركتك؟
ليفنجستون : لقد أتممت صفقتي استحواذ مع ياهو وآسك. كيف تغيرت الحياة فور أن أصبحت جزءًا من هاتين الشركتين الكبيرتين؟
فليتشر : هناك اختلافات. ففي حالة ياهو غادرت عند عملية الاستحواذ؛ لذا لم أكن جزءًا من ياهو قط. أما في حالة آسك فقد ظللت معهم لمدة ١٤ شهرًا. ولم يكن ذلك متوقفًا على عملية الاستحواذ بأي شكل من الأشكال، بل كان ذلك هو التصرف المناسب. فإذا ما قارنت بين الشركتين … عندما استحوذت ياهو على إي جروبس كنا ١٥٠ شخصًا. كان قد مر عليَّ سنة دون أن أعمل في مجموعة الأكواد، ولم أكن أعمل في المهام اليومية، لذا كان من السهل عليَّ الرحيل. أما في حالة صفقة الاستحواذ التي أبرمناها مع آسك، فلم يكن إلا نحن الاثنان. ولم يكن من المناسب لي — بصرف النظر عن أي شيء آخر — أن أرحل. وكنت أود ضمان نجاح عملية الاستحواذ لآسك بعد عام، أو حتى خمسة أعوام. فقد تعلمت أن سمعة المرء من أهم الأمور، كمؤسس للمشاريع وكمتخصص في الكمبيوتر في وادي السليكون، فمن المهم أن يهتم المرء بسمعته. لقد كنت مهتمًّا للغاية بهذا، ولهذا عندما لا يكون في الشركة إلا شخصان فقط — وكنت لا أزال محتفظًا بمعظم المعلومات في ذهني — لم يكن من اللائق أن أرحل. ولذا بقيت لبعض الوقت، وساعدت في تكوين فريق وحرصت على نقل كل ما لديَّ من معلومات لهؤلاء، وحرصت أيضًا على التأكد من عدم انهيار المكان بعد رحيلي.
ليفنجستون : قلت إنك بدأت تتلقى عروض استحواذ منذ وقت مبكر للغاية مع وان ليست. فهل كان من الصعب رفضها؟
فليتشر : بالطبع. فقد كان مما يرضي غروري أن أجد شركة تحاول التحدث إلينا. وهو ما يدفعك للتفكير في طريقة التصرف في شركتك الناشئة وفي حياتك. وكان الأمر سهلًا للغاية مع وان ليست؛ فلم أكن مضطرًّا حتى لاتخاذ القرار بأن أستمر في العمل لأطول فترة ممكنة، لأنني كنت أدرك أنني أكتسب كل هذه القيمة من المستخدمين. وبخلاف هذا أظن أن الأمر يعتمد على الجوانب المعنوية. أي إلى أي مدى تشعرين بالارتياح تجاه من تتفاوضين معهم، ومدى إحساسك بالرضا عن الصفقة التي يجري إبرامها. ولكن ما الصفقة المُرضية؟ إنها تعني أكبر مبلغ يمكن الحصول عليه، أليس كذلك؟ ولكن ما هذا المبلغ؟ لا أحد يعلم.
ليفنجستون : إنه موقف محير للكثير من المؤسسين.
فليتشر : بالطبع. فما السبب الذي يدفعك لتأسيس شركة؟ أيكون الدافع هو الثراء؟ أم للاستمتاع بذلك فقط؟ إذ إن ذلك يعد من العوامل المؤثرة في الأمر أيضًا. ومن ناحية أخرى، أظن أن تعريف كل شخص للثراء من العوامل الأخرى. فالأمر لا يتطلب مبلغًا ماليًّا هائلًا حتى يتمكن المرء من قضاء باقي حياته دون أن يضطر للعمل مرة أخرى. فما أهدافك في الحياة؟ عليك أن تمعني التفكير في ذلك.
ليفنجستون : ما النصيحة العملية الأخرى التي تسديها لمن ينوون تأسيس شركات؟
فليتشر : أظن أن يبحث عن محامٍ. ففي حالة وان ليست كوَّنت شركة دون اللجوء إلى مساعدة محامٍ. فهناك شركة في ولاية ديلاوير يطلق عليها كامباني كوربوريشن، لذا فقد أسست شركة ذات مسئولية محدودة بنفسي قبل أن يكون لديَّ محامٍ. ثم أطلقنا الموقع على الإنترنت وأصلحنا بعض الأشياء بعد أن … لقد نشب خلاف كبير لأن أصحاب رءوس الأموال المخاطرة يريدون شركة تخضع للمحاسبة الضريبية بشكل منفصل عن أصحابها، وذلك ينطبق على جميع المستثمرين بوجه عام لأن هذا ما يفهمونه.
أما في حالة بلوج لاينز، كان لديَّ محاسب، لفترة طويلة، ولم يكن يكلفني كثيرًا. وكانت من بين المشكلات التي واجهتها في وان ليست هي أنني كنت المسئول عن إدارة السجلات في العام الأول، فضلًا عن الرد على ٢٠٠ رسالة بريد إلكتروني لخدمة العملاء كل ليلة، إلى جانب القيام بمهام أخرى. وأظن أنني كنت ممزقًا بمدى الرغبة في ترشيد النفقات في شركة ناشئة. وكان وجود محاسب ضربًا من الرفاهية.

وأظن أيضًا أن الكثيرين لا يعرفون شيئًا عن المواقع المتخصصة في التعهيد، وهي رائعة حقًّا. فمن الأشياء التي نفذتها بأسلوب مختلف في بلوج لاينز كان الاعتماد على موقع متخصص في التعهيد — وهو إي لانس — لتنفيذ مهام كثيرة. لم أستخدمه لكتابة الأكواد ولكن لمهام أخرى. وهكذا حينما أردت تجميع مادة عرض تقديمي، وكنت بحاجة لبعض الرسومات، نشرت طلبًا على الموقع وتمكنت من الاتفاق مع امرأة أسترالية على إنجاز ما أريده في ست ساعات مقابل خمسين دولارًا. ومن ثَم فإن مثل هذه المواقع مفيدة للغاية، وهو من الأسباب الأخرى لسهولة تأسيس شركات صغيرة جدًّا لأنك لا تحتاجين بالضرورة إلى وجود مصمم رسومات.
ليفنجستون : أتذكر أي لحظات مروعة واجهتها وان ليست؟
فليتشر : بالطبع. عدة مرات. لا سيما في العام الأول عندما كنت لا أزال أعمل بدوام كامل في صن وأقوم بهذا المشروع إلى جانب الوظيفة الأساسية.
ليفنجستون : أكنت لا تزال تعمل؟
فليتشر : نعم، هل نسيت أن أخبرك بهذا؟ أنا متحفظ للغاية في كل جوانب حياتي، ولا سيما الجانب المادي منها. فقد كان لديَّ رهن عقاري ولم أشأ أن آخذ هذه الخطوة دون أن يكون لديَّ راتب، لذا أسست وان ليست عندما كنت لا أزال أعمل بدوام كامل في صن وظل الحال هكذا للعام الأول.
ليفنجستون : ألم تقلق من أن يزعموا امتلاكهم لحقوق الملكية الفكرية؟
فليتشر : بلى، وقد تحدثت إلى محامٍ بهذا الشأن. ونظرًا لأن وان ليست لم تكن في موقع المنافسة مع أي شيء تنفذه صن على الإطلاق — وأنا بالطبع لم أكن أعمل لإنجازه وأنا في صن — فقد رأينا أنه لا مشكلة في هذا الصدد. ولكن ذلك من الهموم التي لها ما يبررها ولا شك. ولكني كنت — على الأقل في هذا الشأن — أميل لتجنب المجازفة لأنه كان لديَّ رهن عقاري ولم يكن لديَّ الكثير من المدخرات آنذاك. لذا كان العام الأول مفعمًا بالتوتر بدرجة كبيرة. الأمر برمته كان مفعمًا بالتوتر، لكن ذلك ينطبق على العام الأول على وجه الخصوص. فعلى سبيل المثال، أتذكر حين كان يأتي الصيف وكنا نسافر لقضاء العطلة الأسبوعية. فكنت أعود مساء الأحد لأجد ٥٠٠ رسالة بريد إلكتروني لخدمة العملاء تنتظر الرد عليها. فكنت أنكمش على نفسي في وضع الجنين … ثم يتحتم عليَّ الذهاب إلى العمل صباح اليوم التالي أيضًا، وكيف أجرؤ على عدم الإجابة على جميع رسائل البريد الإلكتروني؟ فهذا ضرب من الجنون.
أذكر عيد ميلادي في ذلك العام. تلقيت اتصالًا هاتفيًّا لأن رقم الهاتف المسجل في نطاق وان ليست كان هو رقم خط الهاتف الثاني في شقتي، وكان هناك جهاز رد آلي موصل بالخط. وأذكر أنني استيقظت في صباح يوم عيد ميلادي في ذلك العام لأجد رسالة من شخص يقول فيها: «لا أعلم ما إذا كنت تعرف هذا أم لا، لكن موقعك لا يعمل.» فدخلت إلى الموقع لأجد أن جهاز قاعدة البيانات قد توقف تمامًا عن العمل في فيرجينيا. وكنا أكبر عميل لدى شركة ديجيتال نيشن ولم تكن لهم خبرة كبيرة بأجهزة قواعد البيانات التي كنا نستخدمها، لذا كانوا يحاولون العثور على حل للمشكلة. فاتصلت بالعمل لأحصل على إجازة مرضية. وكان من المواقف المفعمة بالقلق والتوتر. وقد واجهتنا طوال الصيف مشكلات في عملية التوسع، واضطررنا لإيقاف تسجيل المستخدمين الجدد لمدة ٣ أشهر لأنه لم يكن بإمكاننا التعامل مع أعداد المستخدمين الذين يودون الاشتراك، وهو أمر غير منطقي، فلا ينبغي أن نفعل هذا.
ليفنجستون : هل تنصح بتأسيس شركة كمشروع إضافي مع الاحتفاظ بوظيفة في الوقت نفسه؟
فليتشر : لقد نجح هذا الأسلوب معي. وفي بعض الأحيان تكون هذه هي الطريقة الوحيدة للعمل. ولا شك أنها تعد من الطرق التي من شأنها الحد من المجازفة إلى حد بعيد؛ لأنك إذا قمت بهذا إلى جانب الوظيفة الأساسية ولم ينجح الأمر، فستظل لديك وظيفتك. وبالطبع عليك أن تضعي في اعتبارك المسائل المتعلقة بالتوظيف. فلا يمكنك العمل لإنجاز شركتك الخاصة في مكان العمل. وقد تكون الشركة تمتلك حق الملكية لما تنفذينه كنشاط إضافي أيضًا، طبقًا لعقد التوظيف الذي تعملين بموجبه. لذا، لا بد أن تكوني ملمة بهذا.
ليفنجستون : لم أكن أعلم أنك كنت تقوم بالأمر كعمل إضافي إلى جانب الوظيفة الأساسية.
فليتشر : بنهاية العام الأول كنا قد أصبحنا خمسة أفراد، وكنا نعمل جميعًا ليلًا وفي الإجازات الأسبوعية.
fig18
مارك فليتشر وسكوت شامبرجر في احتفال باستحواذ ياهو على وان ليست. وقد كان بينهما رهان أنهما إذا ما باعا يومًا الشركة مقابل أكثر من ٥ ملايين دولار، فسيحلق كلٌّ منهما شعره.
ليفنجستون : ما الذي رجح كفة الاستقالة من العمل والعمل في وان ليست بدوام كامل؟
فليتشر : حصلنا على تمويل. فكنا قد وقعنا على مذكرة الشروط الأساسية بقيمة ٤ ملايين دولار في جولة التمويل الأولى، وشعرنا حينئذٍ أن الوقت قد حان للاستقالة من وظائفنا الأساسية.
ليفنجستون : هل مر عليك وقت في شركتيك فكرت فيه في الانسحاب؟
فليتشر : ليس في حالة بلوج لاينز، ولكن هذا حدث بالطبع في العام الأول من وان ليست. وكثيرًا. لا سيما في ظل ذلك القدر من رسائل البريد الإلكتروني التي كانت تصل كل ليلة، والاضطرار للعمل بدوام كامل في وظيفة أخرى، وكل ذلك القدر الهائل من التوتر. وكان موقف أسرتي رائعًا. فقد شجعوني على الاستمرار في العمل. وغالبًا لم أكن سأسامح نفسي قط لو كنت تركت العمل. فدائمًا ما تمر الشركات الناشئة بفترات عصيبة. فقد عملت في شركة ناشئة في سان دييجو والتي لم نحصل فيها على رواتبنا لمدة ٣ أشهر. وهناك أنواع مختلفة من الفترات العصيبة، ولكن فيما يتعلق بالبعض لا يوجد ما هو أروع من تأسيس شركة.
ليفنجستون : هل مرت عليك لحظات ضيق وفتور ساورك فيها إحساس أن ما تقوم به لن يحقق شيئًا وأنك لم يعد لديك استعداد للاستمرار لفترة أطول؟
فليتشر : نعم. وقد سُئلت ذات مرة عن أكبر نقاط القوة في شخصيتي وأكبر نقاط الضعف فيها، وأظن أنها هي الشيء نفسه. فأنا أصاب بالملل بسهولة. وأظن أن لديَّ قدرة كبيرة على التركيز على الشيء الذي أقوم به، لكنني أصاب بالإنهاك سريعًا. وأنا لا أزال لا أجيد الموازنة بين العمل والحياة، وعند تأسيس شركة ناشئة يصبح من السهل جدًّا أن تجور إحدى الكفتين على الأخرى. وفي بعض الأحيان يتعين على المرء أن يقوم بهذا، لكنه يصاب بالإنهاك ولا شك. لذا كنت منهكًا بعد إي جروبس، وكنت بالطبع أصاب بالإنهاك بعض الشيء مع بلوج لاينز.
ولذا فإنني أحظى ببعض الراحة الآن. سأذهب للتزلج، ثم سأبدأ مزاولة نشاط آخر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤