جيمس هونج
مؤسس مشارك، موقع هوت أور نوت
بينما كان جيمس هونج يبحث عن عمل عام ٢٠٠٠ أطلق موقعًا مع صديقه جيم يانج على سبيل التسلية. ويسمح موقع «هوت أور نوت» للمستخدمين بتقديم صور لهم، ويطلب من الآخرين التصويت على مدى جاذبيتها على مقياس درجات من واحد إلى عشرة.
انتشر خبر الموقع كالنار في الهشيم، وفي غضون ساعات أصبح الخادم يتحمل أكثر من طاقته. وشعر هونج ويانج أن الأمر يمكن أن يصبح مشروعًا يدر أرباحًا، فظلا يعملان بحماس على تطوير الموقع للتعامل مع ما عليه من إقبال.
وبعد بضعة أشهر من الإطلاق، وجدوا طريقة لتحقيق عائدات من الموقع: فقد أضافوا خاصية التعارف بين الجنسين مقابل رسوم شهرية. ومع أنهم تلقوا الكثير من عروض الاستحواذ، استمرت شركة هوت أور نوت في الازدهار كشركة قائمة بذاتها. وبدءًا من يوليو ٢٠٠٦، أحصى موقع هوت أور نوت ما يقرب من ١٣ مليار صوت.
***
وكنت أعمل أنا وشقيقي آنذاك لإنجاز موقع يُطلق عليه إكس ميثودز، الذي كان أول دليل لخدمات الويب المتوفرة علنًا، وكنا نتحدث كثيرًا عن مواصفات خدمة الويب الرائعة الموجهة للمستهلكين. وفي عام ١٩٩٩ كان الجميع يتحدثون عن خدمات الويب في سياق عالم الأعمال، وأذكر أنني سألت نفسي: «وماذا عن المستهلكين؟ ألن يصبح للمستهلكين نصيب في هذه الأشياء أيضًا؟»
وعندما قال جيم إنه يعتقد أنه وجد فتاة تستحق عشرة على عشرة، خطرت لي فكرة: ماذا لو كانت هناك خدمة يمكن للناس فيها وضع صورهم على النظام، ثم يقيمهم الآخرون على مقياس من ١ إلى ١٠؟ كانت الرؤية الأصلية هي أن العميل سيتصل بخدمات الويب ويحصل على صورة ويجعلها تطفو على الشاشة بطريقة عشوائية أو تظهر على الشاشة في أوقات عشوائية خلال اليوم. وكانت الفكرة هي أن يكون هناك منفذ لجميع الذين يعملون في مكاتب؛ فتمر أمامهم فتاة بطريقة عشوائية يمكنهم تقييمها من ١ إلى ١٠ إذا ما رأوا أنها جذابة.
وفي العطلة الأسبوعية قبل الإطلاق، كنت أزور والديَّ، ودخل والدي إلى الغرفة ورآني أعبث بالموقع فسألني عما أفعل. فلم أشأ أن أعترف له أنني أقضي وقتًا لإنجاز ذلك الشيء، لأنني لم أكن قد حصلت على عمل ومن المفترض أنني كنت أبحث عن عمل، فأخبرته أنه شيء يقوم به جيم. كان والدي هو أول من رأى موقع هوت أور نوت بالإضافة إليَّ أنا وجيم، وأصبح مدمنًا له! ها هو أبي، وهو رجل صيني متقاعد في الستين من عمره، من المفترض ألا يكون مهتمًا بالأمور الجنسية يقول: «هذه جذابة. وتلك ليست جذابة على الإطلاق.» وفي ذلك الوقت أدركنا أن الفكرة قد تحظى ببعض الشعبية، لكننا لم ندرك إلى أي مدى قد تصل شعبيتها.
أطلقنا الموقع يوم الاثنين بصورنا، وفي حوالي الساعة الثانية بعد الظهر. أرسلته عبر البريد الإلكتروني إلى أربعين صديقًا وقلت: «هذا موقع صممته أنا وجيم، تحياتي.» ووضعت رابطًا لصورتي على الموقع حتى يقيموني. وأظن أنني حصلت على ٤٠ ألف زيارة للموقع في ذلك اليوم.
وبعد ثلاثة أيام عدت إلى ذلك المرأب ووجدت شخصًا آخر وسألته: «هل رأيت ذلك الموقع الذي يتيح لك تقييم الأشخاص من واحد إلى عشرة؟» فقال: «نعم، هوت أور نوت!» فكان ذلك رائعًا، وانتشر خبر الموقع من نفسه.
أدركنا بسرعة أن حركة الزوار ستتسبب في انهيار الموقع. وكنت أنا مدينًا بالفعل بستين ألف دولار لكلية الدراسات العليا. ورفضت العمل مستشارًا براتب سنوي يصل إلى نحو ١٧٠ ألف دولار. لقد فعلت هذا لأغامر وأحظى بفرصتي، لكني كنت فقيرًا. وكنت أعلم أننا لا نستطيع تحمل مصاريف هذا وفكرت جديًّا في إغلاقه.
لذا كنا في حالة من الفزع. كل ما كنا نفكر فيه هو الاستمرار، فقط الاستمرار وألا نتوقف. لم أحظَ في الأيام الثمانية الأولى سوى بثماني ساعات من النوم، وفي النهاية أجبروني على النوم لأنني كنت حرفيًّا أرتجف.
فقبل ثلاثة أيام، أطلقت أنا وشقيقي شيئًا على إكس ميثودز، والذي كان نظام ملفات قائم على خدمة الويب، أي مشغل للشبكة، وقد أريته لديف وينر. ومع أنه قلده بعد ذلك، فقد قال حينئذٍ: «وما حاجتي إلى هذا أصلًا؟ هذا يطلق عليه بروتوكول نقل الملفات إف تي بي. وأنا لديَّ حساب في موقع ياهو جيوسيتيز يسمح لي بأن أنقل الملفات إليه باستخدام هذا البروتوكول.» وأنا أدين لديف بالفضل لسخريته.
وبينما كنت أنتظر في الصف، تذكرت ما قاله ديف، واكتشفت أننا لا نحتاج لاستضافة الصور، بل سنجعل ياهو تفعل هذا!
سننقل جميع الصور التي لدينا إلى حساب ياهو جيوسيتز، وسنغير سجلات قاعدة البيانات بحيث تشير إلى الملفات على ياهو، ومن تلك اللحظة سنقدم تعليمات تطلب من الناس أن يذهبوا إلى ياهو جيوسيتز ثم يقدموا عناوين مواقع صورهم.
بالطبع خسرنا بعض المستخدمين من تقديم الصور بهذه الطريقة، لكنها حلت المشكلة. والطريقة التي توصلت بها إلى هذا هي أنني قلت لجيم: «كم عدد المرات التي سيعرض فيها أحد المستخدمين الصفحات كل يوم، لا سيما مع سرعة الموقع، ربما ٢٥؟ ومن ثَم فإن كل ما نحتاج إليه هو ٢٥ صورة جديدة يوميًّا وينتهي الأمر. إننا لسنا مضطرين لأن يكون لدينا مليار صورة كل يوم، كل ما نريده هو ٢٥ صورة جديدة كل يوم. وهذا ما فعلناه. وهذا لم يكن تخطيطًا وإنما محاولات للبقاء. لا أستطيع أن أصف لك كم كانت حاجتنا للبقاء في ذلك الوقت. قد يكون اليأس وصفًا جيدًا له.
وهكذا من الساعة الثانية عشرة والنصف إلى الثالثة صباحًا في يوم الإطلاق، نقلنا جميع الصور إلى ياهو وحللنا مشكلة الصور.
لكن مقالة Salon.com كانت ستظهر صباح اليوم التالي. فاتصلت بالكاتبة وطلبت منها أن تؤخر صدورها، لكنها قالت إنه لم يكن يومًا زاخرًا بالأخبار ولا يمكنها تأجيل صدورها. وهكذا نُشرت المقالة، وانهار الخادم. وكان أخي بحاجة إلى الخادم من أجل إكس ميثودز لذا نفذنا أسرع فكرة خطرت لنا، وكان هذا في الثالثة من صباح ذلك اليوم، فأغلقنا الموقع، وأحضرنا جهاز كمبيوتر شخصي إضافي — جهاز سيليريون ٤٠٠ ميجاهرتز — وهو جهاز لا يحتوي على ذاكرة حصلت عليه مجانًا عندما فتحت حسابًا في شركة إي تريد، وقدت السيارة إلى بيركلي حيث كان لدى جيم مكتب مشترك.
أذكر أنني أخذت غطاء علبة دبابيس التثبيت ووضعته فوق زر الطاقة في الجهاز حتى لا يطفئه أحد. ثم وضعناه في الركن أسفل مكتبه وأحطناه بكتب، فبدا أنه كومة من الأشياء المتراكمة أسفل مكتبه يخرج منها كابل إيثرنت صغير.
وما إن أعدنا تشغيل الموقع، حتى بدأ تسجيل الدخول إلى الموقع يتدفق. وكان ذلك في الخامسة صباحًا!
فقال: «حسنًا، لا تقلق، أخبرنا فقط بما تحتاج إليه الآن للتوسع، وسنتوصل لحل في وقت لاحق.» لذا كنت أتصل بهم يوميًّا طوال ذلك الأسبوع وأقول لهم إننا بحاجة للمزيد من الأجهزة. إننا ندين لراكسبيس بالكثير.
وفي الوقت نفسه، اقترح عليَّ صديق أن نتعاون مع شبكة إعلانات، وكنا نحن نحاول تشغيل الموقع على مدار الساعة. لكن كنا نواجه مشاكل كثيرة مع الصور الإباحية والعارية التي ترد إلى الموقع. وكنت أعلم أنه لن يقبل أحد نشر إعلاناته على الموقع إذا كان يقدم محتوًى قذرًا. لذا ابتكرنا شعار «مسلٍّ، ونظيف، وحقيقي» وابتكرنا نظامًا يتيح للمستخدمين أن ينقروا على رابط أسفل الصورة غير اللائقة، وبالاعتماد على خوارزمية معينة، كنا نتخلص من أي صورة يُنقر عليها عدة مرات. ومن ثَم فقد كان مجتمع المستخدمين هو ما ينظم ذلك، وقد حقق هذا نجاحًا كبيرًا.
أرسلت رسالة بالبريد الإلكتروني لمؤسس شركة دبل كليك أخبره بأمرنا وأطلب منه مساعدتنا في تشغيل الموقع على مدار الساعة. وقد رد قائلًا إنه يؤسفه أن أول صورة شاهدها عندما دخل إلى موقعنا كانت لامرأة عارية. وقال إنه صحيح أننا الآن أبرياء حتى تثبت إدانتنا، لكن حتى نحصل على إعلانات يجب أن ننتقل إلى نموذج «مذنبين حتى تثبت براءتنا».
وهكذا قررنا أن نصمم نظامًا للمراقبة. وقد طلبت من والديَّ في البداية تولي هذه المهمة لأنهما كانا متقاعدين، وبعد بضعة أيام سألت والدي عن رأيه في الأمر. فقال: «إنه مسلٍّ حقًّا. لقد رأت والدتك صورة لشاب وفتاة وفتاة أخرى وكانوا …» فقلت لجيم: «لا يمكن أن يستمر والداي في هذا. إنهما يشاهدان صورًا إباحية طوال اليوم.» فقررنا أن نفتح مجتمع نظام المراقبة للجمهور. وكان على المستخدم أن يتقدم بطلب ويكتب مقالًا كي ينضم إليه. وكان مصممًا على أساس نظام لوحات النشرات القديم المزود بمستويات مختلفة بمهارات مختلفة.
وطلبنا منهم أن يرفضوا الصور غير اللائقة، وتلك التي تبدو مثل إعلان وتلك التي تحتوي على معلومات اتصال. (فكان أصحاب المواقع الإباحية يضعون عناوين بريد إلكتروني زائفة كي يدفعوا الناس لمراسلتهم وبعد ذلك يرسلون لهم بريدًا مزعجًا.) ثم بدأنا نحصل على مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني يقول أصحابها فيها: «لقد حصلت على فرص للتعارف.»
فأدركنا بسرعة أننا بحاجة للقيام بشيء كي نتيح الفرصة للناس للتلاقي دون أن نسمح لأصحاب المواقع الإباحية بالانضمام. ومن هنا ظهر نظام «قابلني» (ميت مي)، الذي كان يتطلب المزيد من العمل أكثر من معظم مواقع التعارف بين الجنسين. لأنه كان يتطلب أن يكون الطرفان نشطين. فلا يمكن للمستخدم أن يضع إعلانًا وينتظر أن ترد إليه رسائل البريد الإلكتروني، ومن ثَم كان يحول دون دخول أصحاب المواقع الإباحية واستغلاله.
وبينما كنا نحل مشكلة الحفاظ على نظافة الموقع حتى يمكننا الحصول على معلنين، كانت معدلات الإعلانات تنخفض. وكان علينا أن نبتكر شيئًا يمكننا التحكم فيه أكثر، وعندئذٍ فكرت في فرض رسوم على خدمة ما. فبدأنا نفرض ٦ دولارات في الشهر للانضمام لنظام المواعدة. واخترنا السعر بناءً على ما رأينا أنه سيحفز على الشراء.
وعندما أنظر إلى ما مضى، من السهل أن أرى أن نظام التعارف بين الجنسين هذا كان يمثل إهانة لنا، فقد استغرقنا بعض الوقت كي نقرر فرض رسوم عليه لأنه لم يكن قد صمم قط بهدف تحقيق الربح. لقد صُمم فقط لحل مشكلة الصور الإباحية. ومن المفارقات أنني حاصل على ماجستير في إدارة الأعمال وسبق لي تأسيس شركة من قبل حصلت على رأس مال مخاطر، لكن الفكرة الوحيدة التي نجحت كانت بالمصادفة.
وهناك جانب آخر مما حدث هو أنني كنت أحاول خفض التكاليف. ومع أن راكسبيس لم تكن تفرض علينا رسومًا بعد، فقد كنت أعلم كم نحتاج إلى تغطية نفقات الاستضافة، بالإضافة إلى ما يكفي لتوظيف شخص لإدارة الموقع. وبعد أن قابلت شخصًا بالصدفة كان يعمل في أوفوتو في حفل الانتقال إلى مكتب جديد، تحدثت إلى أوفوتو وأخبرتهم أننا نرسل المستخدمين إلى جيوسيتيز، لكن نظرًا لأن كثيرًا من المستخدمين لديهم كاميرات رقمية، ربما من الأفضل أن أوجههم إلى أوفوتو بدلًا من ياهو لاستضافة صورهم، والآن سيصبح لأوفوتو الريادة. وهكذا عقدت صفقة فرعية مع أوفوتو.
من الطريف أننا أخذنا شيئًا كان يكلف أصلًا الكثير من النقود، كي نجعله مجانيًّا، كي نكسب نقودًا من بعضه. ومرة أخرى لم يكن كل هذا متعمدًا أو عبقريًّا، فكل ما في الأمر أننا كنا نحاول البقاء. وفي تلك المرحلة اعتبرنا أن هذه الصفقة تكسبنا بعض الوقت.
وبالإضافة إلى كل هذا، كنا نصلح الموقع دائمًا للتوسع. فكنا نعمل بلا كلل، لا ننام إلا ثلاث أو أربع ساعات فقط كل ليلة لفترة طويلة. وأصبح سباقًا بيني وبين جيم: هل يمكنني أنا أن أتفوق عليه في الحصول على مستخدمين أكثر منه؟ كان تحديًا جيدًا لكل منا. فعلى المستوى التقني، كان عملي هو وضع العقبات وعمله هو التخلص من هذه العقبات. ومن ثَم فإننا لم نتنفس الصعداء حقًّا إلا بعد أن وضعنا نظام «قابلني» وأصبح يحقق أرباحًا. أظن أنه كان يدر نصف مليون دولار تقريبًا سنويًّا عندما بدأنا، وأصبح لدينا الآن نموذج عمل قابل للتوسع.
لكننا لم نكن نفكر بعدُ أنه سيصبح مشروعًا يحقق أرباحًا في ذلك الوقت؛ لم نظن أنه سيستمر في النمو. كنا نظن أنه سيظل موجودًا فقط وسنوظف شخصًا لتشغيله، وأنا أعود إلى العمل على إكس ميثودز ويعود جيم إلى رسالة الدكتوراه الخاصة به.
ومن ثَم كان عليَّ أن أعيد تسمية الشركة أيضًا. لحسن الحظ، كنا في ذلك الوقت نحظى بتغطية صحفية كبيرة، لذا عملت بجد كي أعلن عن الاسم الجديد. وفي النهاية اشترينا أصول شركة «آم آي هوت؟» اسم الموقع والحقوق، لما رأيت أنه مبلغ تافه. لقد اشتريناها في الواقع حتى ننهي هذا الفصل ونشعر أن المشكلة انتهت. وفيما بعد، عرفت من شخص كان يعمل هناك أنهم ظنوا أنهم قضوا علينا نهائيًّا عندما وافقنا على تغيير اسمنا. أظن أنهم رأوا أن اسم «آم آي هوت؟» أفضل.
بالمناسبة، كان ذلك في ديسمبر، في الشهور الأربعة الأولى. وتحدثنا قليلًا أيضًا إلى لايكوس عن البيع. وكانوا يعرضون تقريبًا من ٣ إلى ٥ ملايين دولار، كان ذلك بعد شهرين من العمل، لكننا لم نشأ أن نبيع الموقع لأننا رأينا أنها ستدمره. ورأينا أنهم سيضعون إعلانات منبثقة في كل مكان ويجعلونه بطيئًا ويرتبط بالشركة، وبعد ذلك سينتهي. وكانت سمعتنا تستحق أكثر من هذا في نظرنا. وكنت أرى أن الشركة تستحق أكثر أيضًا.
ومع ذلك كان الأمر ممتعًا أيضًا. وتحدثت عنا مجلات «بيبول» و«تايم» و«نيوزويك». وبحلول نهاية العام ظهرنا في قائمة مجلة «إنترتينمنت ويكلي» لأشهر الكيانات الموجودة في عالم الترفيه.
وكانت أحد أجمل اللحظات عندما ذهبنا إلى ملهى جديد على الطراز الحديث فتح أبوابه لتوه وحاولنا الدخول. وتعرفين كيف أن دخول بعض الملاهي الليلية في نيويورك يقتصر على فئات معينة. فألقى الحارس علينا نظرة واحدة ومنعنا من الدخول. وفي البداية لم يحرك الكاتب ساكنًا لوهلة وهو يشاهدنا نحاول الدخول، وفي النهاية تقدم إلى الحارس وقال: «انظر، عليك أن تسمح لهما بالدخول. فالملهى جديد وأنا كاتب في مجلة «ذا نيويوركر»، وأنا أتبعهما لكتابة مقال عنهما، ولعله سيسرك أن أذكرك في مقالي.»
فأجاب الحارس: «لم أسمع قط عن مجلة «ذا نيويوركر».» وفي النهاية دخل إلى الملهى وعاد ومعه المدير الذي طلب منا بإلحاح أن ندخل. لكن في ذلك الوقت كنت أنا وجيم منزعجين ونشعر أن ذلك المكان سيئ، ولا نريده أن يُذكر، ومن ثَم رفضنا الدخول. فابتعدنا جميعًا واحتسينا الشراب في حانة صغيرة. لقد كانت بالطبع لحظة انتقام الحمقى.
أكبر عقبة في تاريخ مؤسسي الشركات هي مسئوليات الحياة، الأمر لا يتعلق بما إذا كان يمكنك أن تكون مؤسسًا جيدًا أم لا، إنما يتعلق بما إذا كان عليك أن تسدد رهنًا عقاريًّا أو تعول آخرين.
ستولد الخبرة عندما تواجه مشكلات وتتغلب عليها. وأفضل طريقة لهذا هو أن تضع نفسك مباشرة في طريق هذه المشكلات.
هذا فضلًا عن أنهم يريدون إرضاء غرورهم حتى يشعروا أن لهم أهمية. لهذا ينفق أشخاص مثل بيل جيتس وفينود خوسلا قدرًا كبيرًا من وقتهم في أعمال غير ربحية. فالأمر لم يكن يتعلق قط بالنقود. لقد كرس رجل الصناعة أندرو كارنيجي المرحلة الأخيرة من حياته للتبرع بأمواله. وكان يحاول أن يقنع الآخرين بالتبرع بأموالهم فور جمعها. لأن هذا هو التوقيت الذي يمكنها أن تبدأ في نشر الخير بدورها.
مثل شركة هيوليت باكارد. أتعلمين ماذا كان منتجهم الأول؟ مؤشر خط المخالفات في لعبة البولينج. ما أقصده هو أنهم قرروا تأسيس شركة قبل أن يعرفوا بالضبط ماذا سيفعلون، وهذا شائع للغاية.
جميع هذه الأشياء تنشأ من أفكار جديدة. فإذا لم تكوني تدرسين أو صاحبة مشروع، فلا يتاح لك ابتكار أفكار جديدة. وتكونين مجرد ترس في عجلة يملكها غيرك، ولن تتمكني من ابتكار أي جديد. لذا فإن أصعب شيء هو أن تقرري أن تصبحي مؤسسة شركة عن طريق ابتكار أفكار وتجربة أشياء وعدم الاستسلام عند الفشل.
والمرء لا يتسنى له أن يعرف قط إلا بعد أن يجرب، ونحن نعيش في عالم أصبح فيه تصميم المواقع وغير ذلك من الأشياء البسيطة لا يستغرق وقتًا ولا مجهودًا لتجربته، فما المانع أن نجرب أشياء مختلفة؟
ولا شيء يسير قط وفقًا للخطة. ولا داعي أن تطيل التفكير في أن الخطة لم تنجح. وفي حالتنا لم تكن لدينا خطة من الأساس، لكن لم يكن وجودها ليمثل لنا أي قيمة على أي حال، طالما أننا ظللنا نتقدم بأسرع ما يمكننا. كل ما عليك أن تسرع، فلا يمكن أن يكون لديك خطة وتتلكأ في تنفيذها. كل ما تحتاج إلى معرفته هو الاتجاه الذي ينبغي السير فيه ثم تركض كفأر في متاهة يحاول الخروج منها.
ومن المفارقات أنني أصبحت أقل اهتمامًا بالمظهر الآن، وذلك بفضل إدارتي لهوت أور نوت. فعندما كنت أحمق، لم أحظَ بموعد قط مع أي فتاة جذابة. فعارضات الأزياء مثلًا لم يكن يقبلن التعرف إليَّ. ومن ثَم فقد كنت أصبو إلى هذا، إنهن أشبه بحلم بعيد المنال. وفجأة ظهر موقع هوت أور نوت فبدأت أتعرف إلى الكثير من الفتيات الجذابات. وبعد أن جربت الأمر، أدركت أن المظهر الجميل لا يغني عن الشخصية الجميلة. فالكثيرات منهن كن مزعجات. لقد كان قضاء الوقت معهن ممتعًا، لكن لم يكن باستطاعتي إجراء حوار معهن. أنا واثق أن هناك فتيات يتمتعن بالذكاء والجاذبية، لكن إذا نظرت إلى الجذابات أولًا يكون من الأصعب اكتشاف ما إذا كن ذكيات أيضًا. فهذا يستغرق وقتًا.
ثانيًا، لا يوجد طريق صحيح. فلا توجد خطة واحدة تناسب جميع المشاريع أو الشركات، فعليك أن تكتشفها بنفسك. فلا توجد تركيبة سحرية.
ثالثًا، حتى إذا حصلت على تمويل، أنفق النقود كما لو أنها نقودك أنت وليس لديك غيرها. فيجب أن تحرص على إدارة مؤسستك بذكاء. واحرص على الاقتصاد في النفقات. فلا عيب في هذا. فلا زلت أسافر على أرخص درجة في الطائرات.
رابعًا، لا يوجد ما يسمى بتأسيس الشركات بسهولة. سينطوي الأمر على أمور قاسية، وستشعر بعدم الأمان. فإذ لم تكن مصابًا بذهان الهوس الاكتئابي من قبل، فستصاب به.
فأنا لا أنفق الكثير من النقود لأنه ما إن يعتاد المرء على إنفاق النقود، حتى يصبح من الصعب للغاية أن يوقف هذه العادة. فالسعادة هي الواقع مقارنة بالتوقعات. فإذا كانت التوقعات بسيطة للأشياء المادية في الحياة، فسأكون سعيدًا. أما إذا اعتدت على الوجبات الفخمة طوال الوقت، فإنها لن تفسد طعم وجبات مطعم ماكدونالدز البسيطة في نظري فحسب، لكن أيضًا حتى الطعام الفخم سيصبح معتادًا، ومن ثَم سيصبح غير ذي قيمة. لذا فقد حرصت على عدم تغيير أسلوب حياتي كثيرًا.
لم أعد مدينًا، وأتمتع بحرية مالية، لكن أول عدة ملايين هي كل ما تحتاجين إليه للحصول على هذا. فإذا كانت لديك فرصة لبيع شيء ما مقابل عدة ملايين، لكنك ترين أنه ببعض الجهد قد تستطيعين أن تجعلي قيمته أكبر، فالبعض يرى أن هذا هو القرار الصحيح، لكن البعض الآخر يرى أنه يمكنك إيداع النقود في البنك، ومن ثَم سيمكنك أن تحققي كل ما تريدين لما تبقى من حياتك. فالأمر يتوقف على مدى ارتباطك بتلك الفكرة الواحدة التي ستصبح إرثك على مدى حياتك.