الفصل الثاني والثلاثون

رون جرونر

مؤسس مشارك، شركة ألايانت كمبيوتر سيستمز؛ ومؤسس، موقع Shareholder.com

في عام ١٩٨٢، أسس رون جرونر وكريج موندي وريتش ماكاندرو شركة ألايانت كمبيوتر سيستمز لتصميم أجهزة كمبيوتر فائقة متوازية. وكان هدفهم هو تصميم جهاز يستخدم المعالجة المتعددة للوصول إلى أداء أفضل من أسرع جهاز يتكون من وحدة معالجة مركزية واحدة، لكن بطريقة كانت جلية للمطورين.

وفي عام ١٩٨٥، بعد ثلاث سنوات من العمل، تمكنوا من تنفيذه، وعلى مدى السنوات العديدة التالية أصبحت ألايانت من الشركات الرائدة في مجال أجهزة الكمبيوتر المتوازية الذي كانت تكتنفه الصعاب. لكن الشركة ضلت طريقها؛ فقد رحل عنها جرونر عام ١٩٩١ بعد خلاف حول اتجاه الشركة، وبعد عام قدمت الشركة دعوى لإشهار الإفلاس.

وبينما كان جرونر يبحث عن شيء يفعله بعد ذلك، أسس شركة جديدة على النقيض من هذا المجال، وهي شركة خدمات تعتمد على الويب. وقد علمته خبرته وهو رئيس تنفيذي لشركة ألايانت مدى أهمية علاقات المستثمرين. وفي عام ١٩٩٢، أسس Shareholder.com بهدف استخدام التكنولوجيا لتحويل العملية إلى عملية أتوماتيكية. وكانت هذه الشركة هي الرائدة في أسلوب جديد أعم فيما يخص علاقات المستثمرين. وظلت الشركة تنمو بانتظام وفي فبراير ٢٠٠٦ استحوذت عليها ناسداك.

***

ليفنجستون : حدثني قليلًا عن خبراتك المهنية وكيف أسست شركة ألايانت.
جرونر : لقد عملت بثلاث وظائف في حياتي بدءًا بشركة داتا جنرال عام ١٩٦٩. فقد انتقلت من أوكلاهوما إلى ماساتشوستس للعمل في داتا جنرال التي كانت شركة بارزة في نهاية الستينيات من القرن الماضي، مع أنها كانت شركة صغيرة جدًّا. بدأت العمل معهم لأصبح الموظف رقم ٤٣ ورأيت الشركة وهي تنمو حتى وصل عدد موظفيها إلى ما يزيد عن ١٥ ألف موظف عندما رحلت عام ١٩٨٢.
وكانت خبراتي في تصميم الكمبيوتر. وفي النصف الأول من فترة عملي في داتا جنرال كنت مهندسًا أقوم بمعظم العمل بنفسي، ثم في النصف الثاني كنت أتولى مهامَّ إدارية معظم الوقت.

وكانت داتا جنرال بيئة تتمتع بروح المبادرة وعدم الخوف من المجازفة، وتميل إلى تقبل المنافسة. وكان إيد دي كاسترو والمؤسسون الآخرون يكدون في محاولة توظيف أفضل العناصر المتلهفة للنجاح، ثم يتركونهم يرحلون وفي معظم الأحيان يتنافسون وحدهم.

وكتاب «روح آلة جديدة» يقدم وصفًا وافيًا لهذه البيئة. وهو يتحدث عن فريقين متنافسين، فريق النسور وفريق الينبوع، وكيف كانا يتنافسان على المستوى الداخلي، وكيف انتصر فريق النسور في النهاية لأنه وصل إلى السوق أولًا. وكنت أنا رئيس المشروع الذي يتولاه فريق الينبوع. وقد أتاح لي قضاء ١٣ عامًا هناك فرصة جيدة لي كي أفهم بيئة تتمتع بحق بروح المبادرة والإقبال على المجازفة.

تركت داتا جنرال في ربيع عام ١٩٨٢، وأسست شركة ألايانت كمبيوتر سيستمز مع اثنين من الشركاء في التأسيس، هما كريج موندي وريتش ماكاندرو. وكانت مهمتنا هي تصميم أنظمة كمبيوتر فائقة الأداء تعد تطويرًا لسلسلة أجهزة فاكس التي أنتجتها شركة ديجيتال إيكوبمنت كوربوريشن، التي وصلت إلى أعلى معدل طلب لها عند نصف مليون دولار.

وكانت أجهزتنا تقدم من أربعة إلى عشرة أضعاف أداء أكبر أجهزة فاكس، مقابل زيادة في التكلفة قدرها ربما ٥٠ بالمائة، باستخدام تكنولوجيا المعالجة المتوازية. لكن لأنها كانت تكنولوجيا شديدة التعقيد — فهي قائمة بالكامل على المكونات المادية وفي ذلك الوقت كانت جميع المكونات المادية ملكية خاصة — اضطررنا للحصول على نقود طائلة. وقد سلكنا المنهج المعتاد في الحصول على نقود من شركة رءوس أموال مخاطرة.

لقد كنا نعرف — حتى في ذلك الوقت بعد أن رأينا كيف مولت داتا جنرال نفسها — أنه ينبغي أن يتوافر لدى المرء شيئان عندما يبحث عن تمويل. الأول هو أن يكون لديه منتج حصري، ويقول إنها صفقة من نوع خاص لن يبرمها أي شخص. والشيء الثاني إحساس بأهمية الأمر يدفعهم لاتخاذ قرار.

وكان أحد رؤسائي السابقين في داتا جنرال وهو كارل كارمن يعرف مجتمع شركات رءوس الأموال المخاطرة جيدًا. فاستعنا به وبشريك آخر له هو جيسي عويضة، مؤسس شركة ستوراج تكنولوجي كوربوريشن. وقد كانا مستثمرين مقابل الحصول على حق ملكية، لكننا لم نكن نطلق عليهما هذا المسمى آنذاك. وقد وضعا في الشركة بضع مئات من الآلاف لمساعدتنا على الانطلاق وقضينا ستة أشهر نكتب خطة عمل تتناول كيفية تحويل تكنولوجيا المعالجة المتوازية إلى منتج تجاري.

ثم اتصلنا بكلاينر بيركنز التي كانت تعد في ذلك الوقت من أكبر شركات رءوس الأموال المخاطرة. وأخبرناهم أن لدينا فكرة رائعة حقًّا. ولم نكن مستعدين للحديث عنها، لكننا سنتحدث عنها في غضون ستة أشهر. وقد رأينا — لأننا كنا نعمل في داتا جنرال وعلى دراية جيدة بعالم الكمبيوتر — أنها قد تكون فكرة غير مسبوقة.

كان أحد أكبر انتصارات كلاينر بيركنز في السبعينيات من القرن الماضي هي شركة تاندم كمبيوتر. وقد انتهى أمر هذه الشركة الآن، لكنها كانت ذائعة الصيت وناجحة في السبعينيات وبداية الثمانينيات. فقد أعادت التفكير في هندسة الكمبيوتر كي يصمموا ما أطلقوا عليه الحوسبة المتواصلة. فكانوا يستخدمون أجهزة الكمبيوتر الزائدة حتى إذا ما توقف أحد الأجهزة يستمر النظام في العمل. وقد كان يُعتمد على هذا الأسلوب بشدة في معالجة المعاملات.

لقد كانت تكنولوجيا جذابة وأنيقة. وقد ظننا أننا نقوم بالأمر نفسه على الجانب المتعلق بالأداء عبر المعالجة المتوازية. ولم نشأ الحديث عنها إلا بعد أن رأينا أننا أضفنا إليها ما يكفي من تفاصيل ومعلومات. لذا أخبرنا كلاينر بيركنز أننا غير مستعدين للحديث، لكننا سنتصل بهم حين نتمكن من ذلك.
ليفنجستون : وماذا كان ردهم؟
جرونر : قالوا لا بأس. ولا أعلم ماذا كان رأيهم. لكننا عدنا إليهم بعد أربعة أشهر، عندما أصبحت لدينا مسودة جاهزة لخطة المشروع. وقد عملنا بجد شديد لإنجاز تلك الخطة، ثم ذهبنا إلى سان فرانسيسكو وحاولنا إقناعهم بالفكرة. قابلنا جون دوير. وكان يعمل بالشركة منذ بضع سنوات في ذلك الوقت، لكنه كان يبدأ حياته العملية. وأيضًا فرانك كوفيلد، وبروك بايرز، وتوم بيركنز، أي الفريق بأكمله.
وقد أعجبتهم الفكرة لأنهم وجدوا أوجه تشابه بينها وبين تاندم كمبيوتر. وأعجبوا بما لدينا من خبرات وأننا سبق لنا العمل بهذا المجال، إلى آخر هذه الأمور. لذا تمكنا من الحصول على نقود من كلاينر بيركنز. وقد كانت قيمة الجولة الأولى ٤٫٧ مليون دولار على ما أذكر، وآنذاك كان ذلك مبلغًا ضخمًا من المال للحصول عليه في الجولة الأولى للتمويل.

ثم قدمونا إلى شركة هامبريشت آند كويست — إلى بيل هامبريكت — وشركة فنروك، التي كانت فرع إدارة رءوس الأموال المخاطرة من عائلة روكفيلر، ممثلة في بيتر كريسب من مدينة نيويورك. وقد تمكنا من جمع هذا الائتلاف الذي يتكون من ثلاث شركات رءوس أموال مخاطرة في ثلاثة أشهر تقريبًا.

أتممنا الصفقة في بداية شهر أكتوبر ١٩٨٢ وكونا مجلس الإدارة. وقد انضم إليه توم بيركنز. في حين لم ينضم بيل هامبريكت، لكنه أراد أن تكون له سلطة الإشراف. وسار الأمر بأكمله على خير ما يرام. وحصلنا على ثلاث جولات إضافية مع هؤلاء المستثمرين بإجمالي ٣٠ مليون دولار.

وقد قصرنا الأمر على هؤلاء المستثمرين الثلاثة، أو مجموعة فرعية منهم. ومع المضي قدمًا في المشروع، زادت هامبريكت آند كويست نصيبها، وهي أساسًا مؤسسة مصرفية استثمارية وكانت تأمل في طرح أسهم شركتنا للاكتتاب العام في يوم ما، وأصبح لها نصيب أكبر من كلاينر بيركنز، لكن جميعهم كانوا مستثمرين كبارًا.

وقد أعلنا عن المنتج المبدئي في صيف عام ١٩٨٥.
ليفنجستون : بعد ثلاث سنوات؟
جرونر : نعم. استغرقنا ثلاث سنوات. حصلنا على التمويل في خريف عام ١٩٨٢. واستغرقنا عامين ونصفًا لتعيين فريق تطوير وتصميم الكمبيوتر وتطوير البرنامج والإعلان عنه. وقد طرحنا أنظمة مبدئية، لم تكن أنظمة بيتا، لكنها كانت أنظمة إنتاج في سبتمبر عام ١٩٨٥. لذا كان الأمر يقترب من ثلاث سنوات. لقد كانت مهمة معقدة. وقد استنفد هذا الجزء الأكبر من الثلاثين مليون دولار.
وفي العام الأول اقتربت عائداتنا من ٥ ملايين دولار. ثم في العام التالي ١٩٨٦، وصلت إلى ما يقرب من ٣٠ مليون دولار.
ليفنجستون : هذا مثير للإعجاب.
جرونر : لأن العمل كان في المكونات المادية. وقد طرحنا الأسهم للاكتتاب العام في ديسمبر عام ١٩٨٦. وقد ساعدنا في طرح الأسهم مورجان ستانلي وهامبريكت آند كويست.
لقد كانت تجربة إيجابية جدًّا. وقد رأينا الكثير من الأفكار الرشيدة البسيطة المباشرة من بعض أصحاب رءوس الأموال المخاطرة الذين تعاملنا معهم، لا سيما توم بيركنز. وكان توم عضوًا في مجلس الإدارة. وحتى في ذلك الوقت كان ثريًّا وناجحًا للغاية. وكان يحضر تقريبًا كل اجتماع لمجلس الإدارة. وكان يحضر هذه الاجتماعات في بوسطن بأن يستقل الطائرة ليلًا من سان فرانسيسكو إلى بوسطن ليحضر اجتماعًا في التاسعة والنصف صباحًا مثلًا، ويجلس في اجتماع ممل مدته أربع ساعات إلى خمس ثم يطير عائدًا في الليلة نفسها. وكان في بداية الخمسينيات من عمره في ذلك الوقت. وكان دائمًا يتحلى بنفاذ بصيرة رائع، وبروح دعابة جميلة أيضًا.

وكان لدينا أعضاء مجلس إدارة آخرون رائعون. وقد شعرنا أن معظم مجتمع رءوس الأموال المخاطرة يضيف قيمة كبيرة، وينطبق هذا أيضًا على شبكة العلاقات، وهو أمره رأيناه إيجابيًّا للغاية.

وقد كبرت الشركة بسرعة كبيرة، وفي وقت من الأوقات كان تقديرنا في السوق يقترب من نصف مليار دولار، تقريبًا من ٤٥٠ إلى ٤٧٥ مليون دولار.
ليفنجستون : رائع.
جرونر : كان ذلك في الثمانينيات. لكن بعد ذلك توقفنا عن التقدم تمامًا.
ليفنجستون : لماذا؟
جرونر : حدثت بضعة أشياء. فقد تأخرنا للغاية في إصدار أحد الأجيال التالية من أجهزة الكمبيوتر. وقد تظنين أن أجهزة الكمبيوتر فائقة الأداء التي تصمم من أحدث تكنولوجيا معالجة متوازية، والتي يقف وراءها عدد من براءات الاختراع، ستكون منتجًا متميزًا للغاية. في الواقع، لقد كان الأمر عكس ذلك تمامًا.
إن أجهزة الكمبيوتر فائقة الأداء هي السلعة النهائية. والسبب في هذا هو أن العميل يأتي ويقول: «ها هو المقياس، وها هو البرنامج. شغلوا هذا على جهاز الكمبيوتر الخاص بكم وأخبروني كم من الوقت يستغرق كي يعمل.» لذا فإنه يشتري جهاز كمبيوتر بناءً على الأداء مقسومًا على التكلفة، أي ميجافلوب/للدولار. إنه مثل شراء براميل غاز.

وعندما يفوتك جيل — عندما تفقدين دورة منتجات كبيرة، أو تتأخرين كثيرًا ويلحق بك المنافسون ويتفوقون عليك أو يتساوون معك في المكانة — فإن هذا يعني أنك تعرضت لخسارة فادحة لأن هذا هو كل ما يهم في الواقع. وقد كنا نبيع أجهزة كمبيوتر هندسية أو علمية. لذا فإن سهولة الاستخدام وإمكانية الاعتماد عليها وجميع تلك الأمور كانت عوامل بسيطة. أما العامل الأساسي، فكان مدى سرعة الجهاز وتكلفته.

الشيء الآخر الذي أثر علينا والذي لم نكن على القدر الكافي من الذكاء كي نحقق من ورائه أي مكاسب مالية هو محطة العمل. إنها سوق اختفت تمامًا الآن، لكن محطات العمل كانت أجهزة كمبيوتر شخصية تقبع على مكتب المهندس أو العالم ويمكنه استخدامها لإجراء عمليات الحوسبة، بدلًا من أن يضطر إلى إرسال عمله إلى منشأة أجهزة كمبيوتر مركزية ويشغلها ويحصل على النتائج في الصباح التالي. وقد بدأت محطات العمل تحقق نجاحًا في منتصف الثمانينيات. وكانت شركتا صن مايكروسيستمز وأبوللو كمبيوتر هما روادها.

وعندما كانت في طريقها إلى النجاح والانتشار، كانت سرعات أجهزة الكمبيوتر الشخصية تزداد ازديادًا متواصلًا. لذا توقف العديد من كبار عملائنا، مثل بيل لابز، عن شراء أجهزة الكمبيوتر الضخمة مثل أجهزة فاكس والأجهزة التي ننتجها، وبدأت تشتري محطات العمل وأجهزة الكمبيوتر الشخصية.

وفي الوقت نفسه الذي كان يحدث فيه هذا، كانت الحرب الباردة تضع أوزارها. وكان العديد من عملائنا يرتبطون بمجال الدفاع. فقد كان كبار العملاء جهات استخباراتية في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أو التطبيقات الأخرى المرتبطة بالدفاع. وهكذا انتهت هذه السوق. وانخفضت العائدات بشدة في أواخر الثمانينيات.
ليفنجستون : كيف كان رد فعل المستثمرين؟
جرونر : لقد كنا في موقف يمكن أن نتعلم منه الكثير عن مميزات وعيوب الحصول على رأس مال مخاطر. فقد كانت الأمور تتدهور بشدة وبسرعة. واضطررنا نحن في مجلس الإدارة أن نتخذ قرارًا حول ما ينبغي لنا فعله. فقد كان جزءًا من المجلس يقول: «دعونا نستغرق الوقت الذي نحتاج إليه، ونفكر في الأمر مليًّا، ونعيش بهذا الوضع عامين أو ثلاثة ونصلح الأمور ونتحول إلى قطاع آخر، ونسير في ذلك الاتجاه.» وكان جزءًا آخر يقول، وأنا لا أقصد إساءة بهذا: «دعونا نخاطر أكثر ونخوض التجربة. وإذا ما نجح هذا فسيحقق نجاحًا كبيرًا، وإذا لم يفعل، فسيختفي وننتقل إلى الصفقة التالية.»
ومن الأشياء التي أرى أنها بمثابة عقيدة داخل أوساط رأس المال المخاطر، أنهم لا يريدون إدارة ما يطلقون عليه الشركات «الميتة الحية». ليس لديَّ أرقام الآن، لكن آنذاك عندما كنت أعمل مع أصحاب رءوس أموال مخاطرة، كانت قوانين السوق العملية لديهم تفيد بأن هناك دائمًا شركة واحدة من عشر شركات تحقق نجاحًا كبيرًا، وتقريبًا ثلاث من العشر ينتهي أمرها بسرعة، ويتخلصون منها. أما الشركات الخمس أو الست المتبقية فتكون ما يطلقون عليها الميتة الحية. فتنمو نموًّا تدريجيًّا، لكنها لا تدر عائدات مذهلة، وتستهلك وقتًا وطاقة في إدارتها. وهذا هو نوع الشركات التي يفضلون عدم التعامل معها، لأن هذا ببساطة غير منطقي. فلديهم مسئولية ائتمانية تجاه الموصين لإدرار عائدات كبيرة، لذا يريدون التعامل مع الشركات التي ستحقق لهم هذا.

والدرس الذي تعلمته في ألايانت في التعامل مع أصحاب رأس المال المخاطر هو أنهم يفتقدون إلى الصبر في المواقف الصعبة. ويجب أن يكونوا كذلك. فليس لديهم خيار.

وهكذا وصل الأمر لاتخاذ قرار. ماذا سنفعل بالشركة وكيف سنغيرها؟ وكنت أنا أختلف معهم. فكنت أقول: «دعونا ننتهج الأسلوب المنهجي البطيء على مدار الوقت، ويمكننا العثور على حل.» وكان الاتجاه الآخر هو أن نغير هندسة أجهزة الكمبيوتر وننتقل إلى التقنيات الأحدث بسرعة وغير ذلك. وكلا الاتجاهين قابل للجدال.

لذا تركت الشركة. وتركت مجلس الإدارة. وكنت أنا الرئيس التنفيذي عشر سنوات. بل فُصلت من العمل عندما قلت: «لا أستطيع التعامل مع هذه الاستراتيجية لأنني أرى أنها خاطئة.» فقالوا: «إننا نتفهم هذا، ونحترمك، لكن لا يمكنك البقاء.» فتركت الشركة.

ولسوء الحظ لم يفلح الأمر. وبعد عام، أعلنت الشركة إفلاسها. وبالطبع في الوقت الذي رحلت فيه تركت لهم مشكلات كثيرة اضطروا لمواجهتها. ولم تكن الشركة تحقق نجاحًا بل كانت تسير في الاتجاه الخطأ. لذا فإنني أتحمل قدرًا ليس بالضئيل من المسئولية.

لكن في ذلك الوقت كنت في مرحلة التساؤل عما سأفعل بعد ذلك. لقد كنت في أوائل الأربعينيات من عمري، وبالطبع كان مصممو الكمبيوتر في تطوير المكونات الصلبة عرضة للانقراض. في الستينيات والسبعينيات، كان هناك الكثير من مصممي أجهزة الكمبيوتر سواء العادية أو المركزية والدقيقة، وجميع الأنواع، لأنها جميعًا كانت تصمم من أجزاء. لكن مع المعالجات الدقيقة لم يكن هناك سوى إنتل وعدد قليل من الشركات مثل إيه إم دي. وكل ما كانوا يحتاجون إليه بضع عشرات من المصممين. لذا كان ذلك يختفي.

فقررت أن أغير مجال عملي. وفكرت في المجال الذي أود العمل فيه. وتلقيت بعض العروض للانضمام إلى شركات رءوس أموال مخاطرة وهو ما فكرت فيه. فهناك دائمًا دور مستشار الشركة. لكنني رأيت أنني أستمتع فعلًا بدور مؤسس الشركة. وأردت أن أكرر التجربة مرة أخرى.
ليفنجستون : كيف قررت الاتجاه إلى مجال العمل الذي تريده؟
جرونر : لقد كان لديَّ بعض المعايير شديدة الوضوح في ذهني. فقد أردت أن أبني شركة لديها مجرى عائدات متكرر. في داتا جنرال — بل أكثر في ألايانت، لأنها كانت تبيع أجهزة كمبيوتر تتراوح بين نصف مليون ومليون دولار لشركات الدفاع الكبرى والجامعات والحكومة التي كان لديها وكلاء شراء رفيعو المستوى — كنا ندر ٨٠ بالمائة من العائدات في الأسبوعين الأخيرين من ربع العام. لا يصدق الناس هذا الآن، لكنه حقيقي.
لقد كنا شركة عامة. ومن ثَم فإذا كان علينا أن نحقق عائدات قدرها ١٥ مليون دولار في ربع العام، يكون لدينا في السجلات قبل أسبوعين من انتهاء ربع العام ٣ ملايين دولار. لكننا نكون واثقين إلى حد ما أننا سنحقق الاثني عشر مليون دولار الأخرى، غير أن ذلك كان رهيبًا.

أذكر أنه ذات مرة تلقينا مكالمة هاتفية يوم الجمعة، آخر يوم في ربع السنة. وكانت من متعاقد ضخم في مجال الدفاع في مدينة صنيفيل بكاليفورنيا. وكان وكيل شراء يقول: «إنها الساعة الخامسة الآن في بوسطن، أليس كذلك؟» فأجبته: «بلى يا سيدي، إنها كذلك.» فقال: «إنه اليوم الأخير في ربع السنة، أليس كذلك؟» فأجبته: «بلى يا سيدي، إنه كذلك.» فقال: «حسنًا، هيا نتفاوض.»

وهكذا دخلنا في مفاوضات مطولة مع ذلك الشخص لبضع ساعات حتى السابعة مساءً بتوقيتنا، حتى وقع العقد وأرسله بالفاكس لنا. وبعد أن مررت بهذا، رأيت أنني أود حقًّا تصميم استراتيجية يكون لها مجرى عائدات متكرر.

وكان الشيء الثاني هو أنني رأيت، بعد أن كنت الرئيس التنفيذي لشركة ألايانت لمدة عشر سنوات، أدركت في منتصف تلك العملية تقريبًا أنني، بصفتي الرئيس، أقضي ٤٠ بالمائة من وقتي في أشياء لا تساهم على نحو مباشر في إتاحة أجهزة الكمبيوتر للعملاء. بعبارة أخرى، كنت أقضي الوقت في الحصول على تمويل والتعامل مع المستثمرين، ومع المحامين وهذه الأمور. لذا قررت أنني في الشركة التالية أريد أن أقضي ٩٨ بالمائة من وقتي أركز على العميل، و٢ بالمائة فقط على العوامل الثانوية الأخرى التي تقود إلى هذا.

فقلت: «أريد أن أؤسس شركة يمكنني أن أجعلها تنمو بمبالغ صغيرة من رأس المال تتيح لنا فرصة لأن نكون سمكة كبيرة في بحيرة صغيرة. لأنني لا أستطيع أن أنزل بحيرة كبيرة إذا ما كنت سأحصل على هذا القدر الضئيل من المال. فلن أنجز حينها إلا القليل. وسأترك الشركة تنمو نموًّا تدريجيًّا وتأخذ وقتها في هذا.

لقد اتخذت قرارًا واعيًا بأن أجمع أفكاري الأساسية حول الاستراتيجية وأدير الشركة على أساس كل ربع سنة، بدلًا من أن أضع خطة خمسية. وأغير الاتجاه سريعًا إذا ما كان يجب تغيير سير الأمور، لكن أديرها بهذه الطريقة.

الأمر الثالث هو أنني، نظرًا لأني مررت بتجربة ألايانت حيث كان الجميع يعملون بإيمان قوي ولكن يفقدون السيطرة على الشركة، قررت ألا أفقد أنا السيطرة على الشركة. فأنا أريد أن أكون المالك الوحيد. سأكون أنا مالك الجزء الأكبر من الشركة. وسأكون المؤسس الوحيد. وقد تكون الأمور أكثر صعوبة بهذا الشكل لأنني سأضطر إلى القيام بمعظم العمل وحدي، لكن سأكون أنا من يمسك بزمام الأمور.

لقد كانت فكرتي للشركة الجديدة شيئًا لم أكن لأتوقعه عندما كنت في ألايانت. كانت ستدخل عالم اتصالات حملة الأسهم، الذي لم يكن سوى سوق ضئيلة للغاية. والطريقة التي ولدت بها هذه الفكرة كانت تتابع شيئين في ذهني. الأول عندما كنت في ألايانت كان لدينا بالفعل مسئولة عن العلاقات مع المستثمرين، وكانت لنا الريادة في هذا في الثمانينيات. وكنت أقضي أنا وهي وقتًا طويلًا نتحدث إلى المستثمرين. وكانت لدينا سياسة أننا سنحاول بأقصى ما يمكننا أن نتحلى بالصراحة والشفافية ونرد على كل مستثمر.

مرت علينا أوقات كانت الأسهم تتلقى فيها ضربة سيئة، وكنا نتلقى مئات المكالمات الهاتفية. كان هذا قبل البريد الإلكتروني، لذا كنا نقوم بكل شيء عبر الهاتف. وكانت المؤتمرات الهاتفية لا تزال في بدايتها في ذلك الوقت. لذا كنا نعاود الاتصال بكل من اتصل بنا. وأذكر أنني كنت أجري مكالمات هاتفية في التاسعة أو العاشرة مساءً لبعض الشركات التي يديرها أفراد من عائلة واحدة في توبكا بكانساس. فكنت أتصل بهم وأقول: «اسمي رون جرونر من شركة ألايانت كمبيوتر سيستمز. إنني أعاود الاتصال بكم بعد أن اتصلتم بشركتنا.» فينادي من يرد على الهاتف: «عزيزتي، جرونر على الهاتف من شركة ألايانت، تحدثي إليه عبر الهاتف الآخر.» ثم أشرح لهم ماذا يحدث.

وبالصدفة، كان ذلك هو عقد القضايا الجماعية. لكن لم يحدث قط أن أحدًا رفع قضية ضدنا، وأنا أعزو هذا جزئيًّا إلى حقيقة أننا كنا نبذل قصارى جهدنا كي نكون صرحاء وأمناء مع المستثمرين. ولا أعتقد أننا أتحنا فرصة لأي شخص لأن يقول إننا ضللناه. لكن ربما حالفنا الحظ فحسب.
ليفنجستون : هل كان معظم الرؤساء التنفيذيين يعاودون الاتصال بالمستثمرين الأفراد؟
جرونر : لا أدري، لكننا فعلنا. لذا عندما كنت أفكر فيما سأفعله بعد هذا، رأيت مجال اتصالات حملة الأسهم، فبدا لي أن حملة الأسهم من الأفراد قطاع لا يتلقى الخدمات المناسبة. فقد كانت المؤسسات المستثمرة تحظى باهتمام كبير من كل شركة، وهذا منطقي لأنهم من كبار حملة الأسهم. وشعرت أن الطبقة الوسطى والصغرى تتعرضان للتجاهل، لذا رأيت أن أفكر في بدء شركة تستخدم التكنولوجيا للوصول إلى حملة الأسهم والتواصل معهم. وهكذا بدأنا.
لم أكن أعرف شيئًا عن الصناعة نفسها في الواقع، ولم يكن لديَّ معارف فيها. لقد كنت أبدأ من الصفر. فوظفت عددًا من المستشارين الذين يعرفون الصناعة جيدًا، وعملوا في المنظمات التجارية، أو من لهم مصداقية. وجعلتهم يعلمونني أمورًا عن الصناعة وأطلعوني على آراء رواد تشكيل الآراء في الصناعة. وتحدثنا عما يودون الحصول عليه والفرص التي يرونها، وكذلك تحدثت أنا عن أفكاري المجردة.

وسرعان ما طرأت على ذهني فكرة أن هذه فرصة محددة. فيمكننا أن نحول هذه الأفكار المجردة إلى عائدات. وفي ذلك الوقت في بداية التسعينيات، كانت معظم الشركات لا تزال ترسل تقارير ربع سنوية مطبوعة. وكانت تطبع على ورق مصقول وعادة ما تكون أوراقًا ثلاثية الأجزاء في ظرف، ترسل كل شهر إلى ستة أسابيع بعد إعلان النتائج المالية.

وحتى في ذلك الوقت قبل ظهور الويب، في بداية التسعينيات، كان معظم المستثمرين يرون أنه بريد مزعج، لأنهم كان بإمكانهم قراءة الصحف اليوم الذي يلي إعلان الأرباح ورؤية النتائج. وعندما كان يصل ذلك البريد، كان بمثابة خبر قديم. فقد علموا بمحتواه.

لذا كانت لديَّ فكرة وسأخبرك كيف جاءت إلى ذهني. كان لديَّ صديق مبرمج ماهر، وأخبرني في صيف عام ١٩٩٢ عن مشروع كان قد نفذه مؤخرًا لصحيفة «ذا بوسطن فوينكس»، الصحيفة المستقلة. وكان ذلك المشروع هو كتابة برنامج ينفذ الإعلانات الشخصية عبر الهاتف — إعلانات البريد الصوتي الشخصي. وكان بإمكان الناس أن يتركوا رسائل يقولون فيها أسماءهم وحالتهم الاجتماعية وأنهم يستمتعون بكذا وكذا. كان هذا قبل الويب.

كان لدى «ذا بوسطن فوينكس» إعلانات شخصية، وبعد ذلك اتجهوا إلى ما يسمى إعلانات البريد الصوتي الشخصي. وعندما سمعت هذا رأيت أنها فكرة مذهلة. وكانت تدر عائدات، فالناس تتصل بهذه الأرقام وتدفع مقابل كل دقيقة، لكنهم يستمعون إلى ذلك الشخص أيضًا ويراودهم إحساس عما يبدو عليه. ورأيت أنه يمكن تطبيق هذه الفكرة على الشركات. ويمكن للمسئولين الماليين والتنفيذيين أن يتواصلوا مع حملة الأسهم باستخدام تكنولوجيا الهاتف.

وكانت تكنولوجيا الهاتف في بداية التسعينيات مثيرة وتحظى بشهرة كبيرة. لكنها تبدو الآن تاريخًا قديمًا، وكانت الأرقام المجانية ٨٠٠ تبدأ — فكانت نظم الرد الصوتي التفاعلية والبريد الصوتي تكنولوجيا جديدة. وكانت الفكرة هي أن نخصص خط خدمة مجانية لكل شركة؛ خدمة معلومات مخصصة، خط ساخن لحملة الأسهم.

وكانت إحدى وسائل الإقناع التقليدية التي كنا نستخدمها تلك التي استخدمناها مع آي بي إم التي أصبحت عميلًا لدينا. فقد أجرينا بعض الأبحاث، وأخبرناهم أنهم ينفقون ما يقرب من مليون ونصف مليون دولار على طباعة تقارير ربع سنوية. وكل استقصاء أجري بما في ذلك الاستقصاء الذي أجروه بأنفسهم يوضح أن معظم حملة الأسهم يعتبرونها بريدًا مزعجًا. واقترحنا عليهم أن يتوقفوا عن إرسال التقارير ربع السنوية. ويستبدلوا بهذه الخدمة ما نطلق عليه نحن خدمة حملة الأسهم المباشرة، وبهذا يكون على كل حملة الأسهم المهتمين أن يجروا اتصالًا هاتفيًّا مجانيًّا إلى الرقم المجاني المخصص للشركة ويمكنهم من خلاله سماع آخر النتائج الربع السنوية، وإجابات عن الأسئلة التي كثيرًا ما تتكرر، ويمكنهم معرفة معلومات عامة عن الشركة. وإذا وافقت الشركة يمكنهم الاستماع إلى رئيس مجلس الإدارة لو جيرستنر أو المسئول المالي وهو يعلق على نتائج ذلك الربع.

وقلنا لهم: «بناءً على تحليل قاعدة حملة الأسهم الخاصة بكم والإحصاء السكاني، فإن الخدمة الجديدة قد تكلفكم ربع مليون دولار تقريبًا في العام. وأنتم تنفقون الآن ١٫٥ مليون دولار، ومن ثَم يمكنكم إضافة ١٫٢٥ مليون دولار إلى إجمالي الأرباح. أي أنفقوا ربع مليون دولار سنويًّا على خدمتنا وسيحصل حاملو الأسهم المهتمون بالأمر على المعلومات بطريقة أسرع وبشكل شخصي أكثر مما يحصلون عليها الآن.»

هكذا بدأنا. وقد ربحنا نقودًا على الفور، لأننا فرضنا ما أطلقنا عليه رسوم اشتراك. لم نشأ أن نطلق عليه هذا الاسم، فقد كانت في الواقع أتعاب وكالة. لكننا أطلقنا عليها رسوم اشتراك، وكنا نفرضها مقدمًا كل ربع سنة وقيمتها ٤ آلاف دولار مقدمًا بالإضافة إلى رسم على الدقيقة.

وبدلًا من شراء جميع أنظمة الهاتف بأنفسنا، وهو ما كنت لأنزع إليه بصفتي رجل تكنولوجيا، استعنت بشركة كبيرة في أوماها يطلق عليها ويست إنتر أكتيف لتنفذ هذه المهمة. لذا لم يكن لديَّ تكاليف رأسمالية.

وأصبحت الشركة تدر أرباحًا في صيف عام ١٩٩٤.
ليفنجستون : أي في غضون أقل من عامين.
جرونر : نعم. فقد حصلنا على رأس المال المبدئي في يوليو ١٩٩٢.
ليفنجستون : من كان المستثمرون؟
جرونر : كانوا مجموعة صغيرة تتكون من ٨ إلى ١٠ أفراد من أصدقائي وبعض المعارف في عالم الأعمال، وضع كل منهم ٢٥ ألف دولار. فحصلنا على ٢٧٦ ألف دولار. وقد كنت شديد الحرص في إنفاق هذه النقود، فعملت بدون الحصول على راتب بعض الوقت. وقد أصبحت الشركة تدر أرباحًا في صيف عام ١٩٩٤، وجعلتها تنمو نموًّا تدريجيًّا حتى بعتها إلى ناسداك في يناير ٢٠٠٦.
بالطبع أتيحت لنا بعض الفرص العظيمة. وكان الويب إحداها. فعندما تطور بدءًا من عام ١٩٩٥ انتقلنا إليه على الفور. وكان الناس يقولون: «ماذا ستفعلون؟ إنكم تكنولوجيا قائمة على الهاتف، وهذا شيء يطلق عليه الإنترنت.» لكننا فكرنا أنها تكنولوجيا أخرى. ولأننا تعلمنا من ألايانت عواقب عدم التحول السريع، فقد تحولنا إليه على الفور.

وكانت شركة كامبل سوب على سبيل المثال من أوائل العملاء لدينا وأول مرة أصبح لديهم موقع للشركة كان عن طريقنا. وإذا نظرت إلى تقريرهم السنوي، أظن لعام ١٩٩٥، تجدهم يقولون: «إذا أراد حملة الأسهم معرفة معلومات، رجاءً الاتصال برقم كذا — وكان هذا هو خط حملة الأسهم المباشر الخاص بهم — أو: زيارة موقعنا على موقع www.shareholder.com/campbell

وهكذا بدأنا خدمة الويب وكنا نسير فيها بخطوات تدريجية، وكبرت الشركة. وركزنا بقوة على إرضاء العملاء. وكنا نفعل كل ما بوسعنا لإسعاد العميل. وكنا نركز على كبار العملاء.
ليفنجستون : كان الإنترنت بدأ لتوه ينتشر في عالم الشركات الخاصة في أمريكا. فهل كان من الصعب إقناع كبريات الشركات باستخدام الإنترنت؟
جرونر : لم يكن الأمر شديد الصعوبة. فقد كانت التكاليف المبدئية منخفضة للغاية. فكنا نذهب إليهم ونقول: «انظروا، إننا متخصصون في العلاقات مع المستثمرين. ونعرف هذا المجال جيدًا، ونعرف أن لديكم فريق تطوير ويب. لكن هذا مجال شديد التخصص. فإذا أردتم تنفيذه ببراعة، فإنكم تحتاجون إلى تقارير مجلس الأوراق المالية الأمريكي في الوقت الذي تصدر فيه والأسعار الحالية للأسهم. فعندما تقدمون أخبارًا، يجب أن يتم هذا في غضون بضع ساعات. لا يمكنكم الانتظار بضعة أيام كي تنشروا الأخبار.» لذا لم يكن من الصعب إقناعهم بهذا.
ليفنجستون : وكان بإمكانهم تعهيد كل هذه الأشياء إلى Shareholder.com؟
جرونر : هذا صحيح. ففي الثمانينيات وبداية التسعينيات، كان مسئول علاقات المستثمرين شخص لا يحظى بالتقدير. ولم يكن هذا القسم به ما يكفي من موظفين، وليست له ميزانية كافية. فكنا نقول لهم: «إن عملنا هو أن نجعل حياتكم أسهل. أرسلوا إلينا المعلومات، وسنتولى نحن أمرها.» وأخبرناهم بحذر: «إذا ما أخفق شيء، فسنتحمل نحن العواقب عنكم. إننا هنا لنساعدكم.»
وظللنا نضيف المزيد والمزيد من الإمكانيات. وقد ساعدتنا الحكومة أيضًا. فقد حظينا بثلاث فرص رائعة مع مجلس الأوراق المالية الأمريكي.

كانت الأولى في وقت مبكر من التسعينيات عندما أصدر مجلس الأوراق المالية الأمريكي خطاب طمأنة يقول فيه إنه يجب التفكير في بدائل للتقرير الربع السنوي المطبوع، بما في ذلك خدمة الأرقام المجانية. فكان ذلك بالضبط كما لو أن مجلس الأوراق المالية الأمريكي يشجعنا على المضي قدمًا. ونادرًا ما يقدم هذا المجلس هذا الدعم. وقد طلبنا خطاب طمأنة لأن بعض العملاء كانوا يقولون إننا لا نعرف حتى رأي مجلس الأوراق المالية الأمريكي في هذا. فأجابهم المجلس: «إننا لا نوافق ولا نرفض وإنما نرى أنها فكرة مثيرة للاهتمام.»

وجاءت القواعد التنظيمية للإفصاح العادل عام ٢٠٠٠. وكانت لها مميزات وعيوب لكن بالنسبة لنا فتحت السوق على مصراعيها. ثم بالطبع صدر قانون ساربينز-أوكسلي قبل سنوات قليلة. وقد أكدت كل هذه الأشياء مدى أهمية التواصل مع حملة الأسهم على حد السواء على نحو يقوم على الديمقراطية. لأنه حتى عندما كنت في ألايانت، في بداية التسعينيات، كان الأمر يستبعد فئة محددة، فمن كان بإمكانه حضور مؤتمر هاتفي على سبيل المثال.

وقد لعب مارك كوكر مؤسس بست كولز دورًا مهمًّا للغاية في الدعوة إلى هذا. فقبل القواعد التنظيمية للإفصاح العادل، كان حضور المؤتمرات الهاتفية بناءً على دعوة فقط وللمؤسسات المستثمرة. وما لم يكن لك نصيب كبير في شركة أو كنت محلل أسهم معروفًا، فلن تحصل على دعوة للمشاركة في مؤتمر هاتفي.

وقد غيَّرت القواعد المنظمة كل هذا. فقد كانت تنص على أنه إذا كانت لدى الشركة العامة معلومات مادية، يجب أن تفصح عنها للجميع، وفي ذلك المستثمر الفرد الذي قد يكون له مائة سهم. وهكذا أتاح هذا المؤتمرات الهاتفية. ونظرًا لأنه لم يكن من الممكن أن يُعقد مؤتمر هاتفي يحضره ١٠ آلاف شخص، فقد جعلت تكنولوجيا البث عبر الويب (لحسن الحظ أن كانت تلك التكنولوجيا بدأت تصبح متاحة) ذلك ممكنًا. ففي الوقت نفسه الذي قد يكون فيه البعض يتحدث عبر الهاتف، كانت تلك المحادثة تبث مباشرة عبر الويب إلى أي شخص يريد أن يستمع إليها. لذا فقد كانت سوقًا كبيرة تفتح أبوابها لنا.
ليفنجستون : هل كنت تعلم أن أيًّا من هذه الأشياء سيحدث؟
جرونر : كلا، بالطبع لا. في بداية التسعينيات، شعرت أن هناك فرصة لاستخدام التكنولوجيا في العثور على طريقة لتحسين محاولة الاتصال بحملة الأسهم وتوفير النقود للشركات. كانت تلك هي الفكرة الأساسية. وقبل عشر سنوات تقريبًا من هذا، عندما أسست ألايانت، رأيت أن هناك تكنولوجيا جديدة يطلق عليها معالجة متوازية. وكانت هناك أبحاثًا كثيرة عليها. وفكرت أننا إذا أمكننا تحويلها إلى منتج تجاري، فقد تكون فرصة عمل جيدة حقًّا. كانت هذه هي الفكرة الأساسية وراء ألايانت. وهذه هي الطريقة التي تركنا بها داتا جنرال وبدأنا. هذا هو كل ما كنا نعرفه.
وهكذا بدأنا Shareholder.com بفكرة تحويل التكنولوجيا في مجال اتصالات حملة الأسهم إلى منتج تجاري.
ليفنجستون : دعنا نعد عندما أسست ألايانت، عندما قرر ثلاثتكم بينما كنتم تعملون في داتا جنرال أن تؤسسوا شركة خاصة بكم …
جرونر : ترك اثنان منا داتا جنرال في الوقت نفسه. والمؤسس الثالث كان قد تركها قبل بضع سنوات، لكننا ظللنا على اتصال.
ليفنجستون : قلت إنك قضيت أربعة أشهر تقريبًا تضع خطة العمل. ما الذي كنت تفعله في الشهور الأربعة تلك؟ هل كنت تقوم بأي عمليات برمجة لاختبار أي أفكار؟
جرونر : كلا.
ليفنجستون : تبدو فترة طويلة بمقاييس اليوم على ما أظن.
جرونر : ربما تكون كذلك بمقاييس اليوم، لكننا كنا نعمل طوال أيام الأسبوع مدةَ عشر ساعات يوميًّا. وقضينا وقتًا طويلًا في مكتبة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا نجري أبحاثًا عن المعالجة المتوازية. كنا نريد أن نجد تكنولوجيا تتيح لنا استخدام المعالجة المتوازية لتشغيل البرامج الموجودة. وكان ذلك صعبًا. فنأخذ مثلًا برنامج فورتران موجود من خمس سنوات ونعيد ترجمته ونجعله يعمل أسرع.
كان هناك كثيرون يتولون التطوير في هذا المجال على المستوى الأكاديمي. وقد رأينا أن جامعة إلينوي تعمل بأفضل أسلوب. فاتصلنا في ذلك الوقت بالدكتور دافيد كوك، البروفيسور الرئيسي، اتصلنا به فجأة وشرحنا له من نحن، ودعونا أنفسنا لزيارته. ثم بدأنا نشعر بأنها تكنولوجيا ملموسة. وهكذا قضينا جزءًا من الشهور الأربعة في وضع نماذج عالية المستوى لاختبار ما إذا كان من الممكن أن تتعامل هذه التكنولوجيا مع برامج موجودة بالفعل وتشغلها بالتوازي.

وجزء آخر من الوقت قضيناه في تحليل الوضع التنافسي مِنْ حيث ما الشركات الموجودة في السوق، وإلى أين قد تكون متجهة. لقد كان لدينا اتصال جيد بالصناعة، وكذلك بالشركات الناشئة. بالإضافة إلى هذا، لأننا مهندسين، فقد أسرفنا في هندسة خطة العمل كي نضفي عليها تفاصيل مالية إلى أقصى حد.

وآنذاك، كانت أجهزة الكمبيوتر الشخصية وجداول البيانات قد ظهرت لتوها. وأول مرة رأيت فيها جدول بيانات، رأيت أنه مثل المعجزة. أما الناس الآن فتتعامل معه على أنه شيء عادي، فيكتبون بضعة أرقام في الجزء العلوي الأيسر من الجدول ويتغير كل شيء أوتوماتيكيًّا. هذا مذهل! إنه مثل إعطائنا مايكروسكوب نفحص الشركة به. فقلنا: «يمكننا تعليم أنفسنا الجوانب المالية لأي شركة عن طريق تصميم جدول أرباح وخسائر وتدفق نقدي وميزانية ونتأكد من أنها جميعًا تترابط فيما بينها كما يجب؛ نغير الأمور ونرى كيف سيؤثر هذا على الشركة.»

وفي الوقت نفسه، على مدى الشهور الأربعة أو الخمسة تلك، كنا نحاول مقابلة أشخاص يمكن أن نضمهم إلى الشركة ليكونوا فريق التطوير الأساسي المبدئي.
ليفنجستون : ما أول ما قمت به فور حصولك على الملايين الخمسة؟
جرونر : أول ما فعلناه كان توظيف أول أربعة موظفين أساسيين: مبرمجان بارعان ومتخصصان عبقريان في المكونات المادية. لقد كانوا هم — بالإضافة إلينا نحن المؤسسين — مهندسي نظام الكمبيوتر.
وقد كنا نريد أن نقتصد في نفقاتنا قدر الإمكان، لذا كنا مبدئيًّا في مكتب صغير في مركز تسوق في أكتون بماساتشوستس. وبدأنا نعين موظفين لتصميم وتصنيع المنتج. وقضينا عامين نقوم بذلك. وأردنا أن نتوخى الحذر في الطريقة التي نختار بها الموظفين. وكانت لدينا عملية نطلق عليها: «الكيمياء، والميكانيكا، والنظام».

مرة أخرى، كنا نريد أن نكون متفردين، وأيضًا أن نتوخى الحذر في انتقاء الموظفين. وكانت عملية التعيين تمر على الأقل بثلاث مقابلات شخصية. تتصدرها الكيمياء، فكنا نطلب من الموظف الحضور إلى الشركة ونعقد معه مقابلة على المستوى الشخصي، وكانت تسير في الاتجاهين بحيث نقيمه ويقيمنا هو. فكنا نتساءل: هل هو من النوع المناسب لنا؟ هل يتمتع بأخلاقيات العمل المناسبة، والخبرات وهذه الأشياء؟ والخطوة التالية تكون الميكانيكا. وبها نتحدث عن تفاصيل الوظيفة. فنخبره عن الوظيفة التي نرى أنها مناسبة له. ونقول له إننا لا نستطيع إطلاعه على طبيعة عملنا. أو على استراتيجيتنا أو المشروع الذي نعمل لإنجازه، لكن نطلعه على الجزء الخاص به من العمل. وفي النهاية نمنحه عرضًا كتابيًّا يتضمن الراتب، ونقول له: «هذه هي مواصفات عملك، وإذا ما شعرت بعد أن قضيت كل هذا الوقت معنا، أنك تود الانضمام إلينا، فعليك أن توقع خطاب العرض، ثم سنخبرك بماهية المشروع.» هذا هو الجزء المتعلق بالنظام.

وبعد أن يقبل العرض، نطلب منه الحضور إلى الشركة ونخبره عن ماهية المشروع، الذي كان بصفة أساسية هو أن نحول المعالجة المتوازية — التي لم يكن أحد يقوم بها في ذلك الوقت — إلى منتج تجاري. وقد كانت الفكرة تثير اهتمام الجميع.
ليفنجستون : لماذا كنتم تتكتمون الأمر بهذا الشكل؟ هل كنتم قلقين من المنافسين؟
جرونر : كنا قلقين من المنافسين وكنا نظن أن لدينا ميزة محددة تؤهلنا للنجاح. وكنا نرى أيضًا أنه أسلوب توظيفي جيد من حيث إننا كنا نجعل الناس تركز على ثلاثة أشياء رأينا أنها مهمة: أولها أن نركز في كلا الاتجاهين على الأشخاص، على الثقافة وعلى البيئة، ونرى ما إذا كان الأمر مناسبًا له ولنا. لأننا كنا نطلب منهم بعض الأشياء غير العادية. فنقول لهم: «هذا المشروع سيستغرق عامين، وسيتطلب الكثير من العمل. بل إننا سنجعل هذا جزءًا من الثقافة بأن نقول: «ستعملون يوم سبت وتأخذون يوم السبت التالي إجازة».»
ليفنجستون : حقًّا؟
جرونر : نعم. ونقول: «يجب أن تكون هنا. إنه يوم عمل عادي. بل ربما تضطر للحضور إلى العمل في بعض أيام السبت والأحد الإجازة، لكن يوم السبت التالي يكون يوم عمل عادي ويجب أن تكون هنا في الموعد، للعمل طوال اليوم، وغير مسموح بأي تجاوز في هذا الشأن. وهذا لمدة عامين.» أخبرناهم بهذا منذ وقت مبكر. فقد أردنا أن يركز الموظفون على هذا في البداية، ثم نعدهم للحديث عن المشروع. ولم نشأ أن نغير هذا، حيث كان الناس يتأهبون فعلًا للمشروع ويعربون عن رغبتهم في العمل في هذه التكنولوجيا الجذابة. وقد تمسكنا بهذا حتى النهاية.
وفي فترة العامين، عندما كنا نعمل بجد شديد، لم نفقد تقريبًا أي موظفين. وعندما أعلنا عن المنتج كان لدينا على ما أظن أربعين شخصًا في الشركة، وأظن أننا لم نخسر طوال العامين سوى شخص أو اثنين. وهو رقم صغير للغاية، لأننا كنا نختار الناس بعناية فائقة. ولم يأتِ أحد إلينا ليقول: «أشعر أن المعلومات كانت مضللة»، أو «لا أفهم ماذا يحدث».
ليفنجستون : هل تذكر أي نقاط تحول كبرى عندما كنت تصمم أنظمة المعالجة المتوازية؟
جرونر : كنا نستخدم تكنولوجيا يطلق عليها مصفوفات البوابة. وكانت عبارة عن دوائر متكاملة مخصصة. وفي حالتنا، كنا نستخدم تكنولوجيا من إنتاج شركة فوجيتسو في اليابان. وكانت تكلفة تصميمها باهظة للغاية، وتكلفة تشغيلها باهظة أيضًا. وكانت لها دورة تطوير طويلة للغاية. لذا في وضع التصميم، كان جهاز الكمبيوتر الذي سيستخدم أول تعديل لمصفوفات البوابة شديد الأهمية. وإذا اضطررنا أن نمر بتعديلات، كنا قد وضعنا ميزانية لهذا، لكن كان هذا من شأنه أن يجعل كل شيء أكثر تكلفة وتعقيدًا. لذا عندما عادت أول مصفوفات بوابة، وكانت تمثل في ذلك الوقت إجمالي استثمار يبلغ ٣ ملايين دولار على الأرجح، وكانت تعمل على أكمل وجه تقريبًا، كان ذلك حدثًا مهمًّا في حياة المشروع. وكان هذا قبل عام من الإعلان.
وكانت لدينا مكونات مادية بدأت تعمل، ثم الخطوة التالية كانت مترجم فورتران. وفورتران هي لغة برمجة كمبيوتر، والمترجم هو ما كان يحول برنامج فورتران كُتب، على سبيل المثال، ليتناسب مع كمبيوتر فاكس ديجيتال — الذي كان في ذلك الوقت جهازًا ناجحًا وباهظ التكلفة جدًّا — ليعمل على جهازنا. وكان السؤال الأساسي هو: «هل يمكننا أن نأخذ برامج فاكس القياسية، ونعيد ترجمتها لتتناسب مع أجهزتنا، ونجعلها تعمل كما ينبغي، ونزيد من سرعتها زيادة كبيرة عندما نضيف المزيد من أجهزة الكمبيوتر؟» عندما تمكنا من إثبات ذلك لأنفسنا، كان حدثًا مهمًّا. وقد أدركنا ذلك وقتها. وفي بداية عام ١٩٨٥، تأكدنا أن لدينا تكنولوجيا تعمل وقابلة للتطبيق. وأنه إذا استطعنا التنفيذ انطلاقًا من هذه النقطة، فستصبح لدينا شركة حقيقية.
ليفنجستون : هل كان هناك أي منافسين في ذلك الوقت؟
جرونر : كان لدينا منافس واحد لم يكن يستخدم التكنولوجيا نفسها، لكنه انتقل إلى السوق نفسها، فقد رأى الفرصة نفسها، وكان ذلك المنافس هو شركة كونفكس كمبيوتر في دالاس بتكساس. لكنها انتهجت استراتيجية مختلفة تمامًا. وكان جهاز الكمبيوتر الفائق الرائد في ذلك الوقت هو كراي ريسيرش، فقرروا أن يصمموا جهاز كمبيوتر مكافئ لكراي. ومن المفارقات أن المهندس الأساسي في ذلك المشروع كان هو ستيف والاك الذي كان مصمم كمبيوتر إيجل في داتا جنرال.
وكان كمبيوتر إيجل مكافئ تمامًا لكمبيوتر إيكليبس، الذي صممته في داتا جنرال. وقد صمم هو إيجل كي يكون مكافئًا لإيكليبس وحقق نجاحًا كبيرًا. وقد استخدم الاستراتيجية نفسها، ونفذها في شركة كونفكس. وقد اتبعنا استراتيجية أن نكون الرواد في تكنولوجيا المعالجة المتوازية. وقد كانت استراتيجيات مختلفة في أساليب مختلفة، لكننا كنا في سباق معهم وهم في سباق معنا.

وقد أعلنا عن المنتج في صيف عام ١٩٨٥، وحقق نجاحًا كبيرًا جدًّا لمدة خمس سنوات بعد ذلك.
ليفنجستون : هل تذكر أي قصص عن الأمور التي لم تسِرْ على ما يرام؟ فترات ظننت فيها أن أمركم قد انتهى؟
جرونر : في ألايانت كان لدينا عشرات الموظفين ونقود طائلة، لذلك حالما تجاوزنا مرحلة الحصول على برنامج من فاكس وتشغيله على جهاز الكمبيوتر الخاص بنا، لم نكن نهتم كثيرًا باحتمال حدوث ما يجعلنا ننسحب من السوق.
وقد قمنا بما يكفي من عمل في السوق. وكان لدينا عدد من كبار العملاء يصطفون، وكان بيل لابز من أمثلة ذلك. وكانت جامعة إلينوي ستستخدم أجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا في مشروعاتها البحثية المستقبلية. لذا فقد كنا نرى حتى في بداية عام ١٩٨٥ أن عملًا قدره ١٠ ملايين دولار ينتظرنا، لذا إذا تمكنا من توفير أجهزة الكمبيوتر فسيكون موقفنا جيدًا. أما المخاوف التي واجهتها في حياتي العملية فقد كانت في Shareholder.com.
ليفنجستون : جيد. دعنا إذن ننتقل إلى Shareholder.com.
جرونر : كانت Shareholder.com شيئًا مختلفًا تمامًا، لأنه في السنوات القليلة الأولى كنا ثلاثة أو أربعة أشخاص، أنا من بينهم. وكنا ننشر أخبارًا للشركات العامة المرموقة. فإذا أخفقنا، بالتأخير أو بالحصول على معلومات خاطئة، فإننا كنا نواجه مشكلة حقيقية. لقد واجهنا بعض المواقف التي كانت ستقتلني من الخوف.
وأظن أن أكثر ما بث الخوف في نفسي وكان ولا شك يمكن أن يقضي علينا حدث عام ١٩٩٤ أو ١٩٩٥. إذ قررت شركة مستحضرات صيدلانية كبرى أن تعمل معنا. وكان لدينا كل شيء قيد التنفيذ، وكانوا سيعلنون عن هذه الخدمة الجديدة في تقريرهم السنوي. وكان كل شيء على ما يرام إلى أن تلقيتُ اتصالًا هاتفيًّا في عصر أحد الأيام يقولون لي فيه: «رون، إننا نواجه مشكلة خطيرة حقًّا. لقد ظهر التقرير السنوي وعليه رقم الهاتف المجاني خطأ!»

لقد كانوا منزعجين. إذ كانت لديهم مشكلتان: الأولى أنهم طبعوا ما يزيد عن مليون تقرير سنوي محمل على منصات في الشركة، والثانية أن هناك شرطًا قانونيًّا أن يوزعوا التقارير قبل الاجتماع السنوي بثلاثين يومًا. أي إن التقارير والتوكيلات يجب أن تكون بين أيدي حملة الأسهم قبل الاجتماع السنوي بثلاثين يومًا على الأقل، لذا فقد كانوا يعملون تحت التهديد. وحسبما أذكر، كان لديهم خمسة أو ستة أيام كي يرسلوا تلك التقارير في البريد، وإلا فسيضطرون لتحديد موعد آخر للاجتماع السنوي، وكان هذا سيمثل كارثة كبرى. وكان سيخرجنا من السوق على الفور بلا شك، مع أننا أخبرناهم بالرقم الصحيح واستطعنا إثبات ذلك بإطلاعهم على الفاكس الذي أرسلناه لهم.

فاتصلتُ بالرقم المجاني وكان يخص جهاز بيجر ملك شخص ما. وفي تلك الأيام لم يكن بالإمكان أن تتركي بريدًا صوتيًّا. بل كنت تسمعين فقط رسالة تطلب منك ترك رقم للاتصال بك. فتركنا رقمًا. لكن لم يتصل بنا أحد قط. ولكن لأننا كانت لدينا علاقة جيدة بشركة إيه تي آند تي، عرفنا مالك الرقم. وكانت شركة أجهزة بيجر في دالاس بتكساس.

فاتصلنا بالشركة وبدون الإفصاح عن تفاصيل الموقف قلنا لهم: «إننا نواجه موقفًا هنا اختلطت فيه الأرقام، وسيتلقى أحد عملائكم الكثير من المكالمات الهاتفية التي لا يود أن يتلقاها. ونود أن نصلح الأمر معكم ومعه.» لكن الشركة رفضت الحديث إلينا. فقالت: «كلا. لاعتبارات الخصوصية، لن نتصل به ولا يمكنكم بالطبع الاتصال به. كل ما يمكنكم أن تفعلوه هو أن تتركوا رسالة.» فظللنا نحاول ونحاول وصعدنا الموقف لمستويات أعلى. لكنهم لم يتزحزحوا عن موقفهم. فقد كان من الصعب التعامل معهم. وقد استغرق هذا يومين تقريبًا. ثم اقترح جوزيا كشينج، وهو أحد خريجي الجامعة الذين وظفتهم، في أحد الاجتماعات: «رون، لِمَ لا تحاول الاستعانة بمحقق خاص؟»

فقررت أن أحاول هذا. فهي فكرة مثيرة للاهتمام. فزرت موقع بوسطن يلو بيدجز وبحثت في فئة «محقق خاص»، ووجدت إعلانًا راق لي. فاتصلت بالمحقق الخاص، وقلت له: «هذا رقم مجاني. إنه يخص شخصًا لديه جهاز بيجر. وكل ما أريده منك هو أن تعرف اسم هذا الشخص ورقم هاتفه الشخصي.» فقال: «لا مشكلة. سيكلفك هذا مائة دولار.» فأجبته: «لا بأس. كم ستستغرق من الوقت؟» فقال: «أربع ساعات على الأرجح.» فأعجبني ذلك.

فاتصل بعد ثلاث أو أربع ساعات وأخبرني أن لديه أخبارًا سارة وأخرى سيئة. فسألته عن الأخبار السارة أولًا. فقال: «الأخبار السارة هي أنني توصلت إلى اسم الشخص.» فسألته: «ما الأخبار السيئة؟» فقال: «سيكلفك الأمر ٢٠٠ دولار لأننا عندما توصلنا إلى اسم الشخص وجدنا رقمًا غير مسجل، لذا أجرينا بحثين.» فقلت: «لا بأس. سنرسل لك شيكًا بمبلغ ٢٠٠ دولار. وسيكون في بريد الليلة.»

ثم اتصلت بالشخص. وهو في دالاس بتكساس. لقد كانت الشركة بأسرها تتوقف على هذه المكالمة، إلى جانب الموقف مع شركة المستحضرات الصيدلانية، وكنت في منتهى الخوف من إجراء هذه المكالمة. لذا قررت أن أكون صادقًا قدر الإمكان، فقلت: «إنني أمثل شركة طبعت رقمك على مستند سينتشر على نطاق واسع للغاية قريبًا. وإلا فإنهم سيضطرون لإعادة نشر المستند بأكمله، والموقف سيكون حقًّا فوضويًّا. ما أود أن أطلبه منك هو أننا نريد أن نأخذ هذا الرقم المجاني. امنحنا الحق في أن نفعل هذا وسنقوم بأقصى ما بوسعنا لتعويضك. كل ما عليك هو أن تخبرنا ما الذي تطلبه منا.» فقال: «إنني أتفهم الموقف. ويسرني أن أساعدكم. فإذا كان بإمكانكم أن تشتروا لي اشتراكًا في خدمة البيجر لمدة عام، فسيكون ذلك رائعًا.» كانت قيمة هذا ٤٠٠ دولار تقريبًا. وكان بإمكانه أن يطلب مائة ألف دولار، وكانوا على استعداد لتنفيذ ما يريده. وقد طلب اشتراكًا مدته عام، فقلت أنا له: «كلا، سنسدد قيمة اشتراك عامين. سيسعدنا أن نفعل هذا.»

ففعلنا هذا وسار كل شيء على ما يرام، ثم اتصل بعد نحو ساعة. فقلت في نفسي: «أوه يا إلهي! لقد اتصل بمحامٍ. إن الموقف برمته سينهار.» فوجدته يقول: «لقد كنت أتحدث إلى زوجتي، وهي أيضًا تود الحصول على جهاز بيجر. فهل يمكنك أن تقدم لها الخدمة نفسها؟» فقلت: «بالطبع.» خلاصة الموضوع أننا صادفنا رجلًا مهذبًا جدًّا. وقد كان منصفًا في التعامل معنا. وسددنا له اشتراكين في خدمة الإشعار بقيمة ٥٠٠ أو ٦٠٠ دولار. وحصلنا على الرقم في غضون ساعات لأن إيه تي آند تي سهلت العملية لنا، ونجح الأمر بأكمله. لكن كانت هذه على الأرجح هي أكثر حادثة مخيفة تعرضنا لها في السنوات الخمس عشرة.
ليفنجستون : هل شعر العميل أنكم أبطال؟
جرونر : نعم، لكننا لم نحملهم المسئولية أو نلقي عليهم اللوم على ما حدث. فقد أخبرناهم أننا أصلحنا الموقف. ولا أظن حتى أنني أخبرتهم أننا استخدمنا محققًا خاصًّا. وقد تحملنا النفقات كافة. واتضح أن هناك طرفين معنيين بالأمر، وهما العميل بالإضافة إلى وكيل كبير في تحويل ملكية الأسهم يعمل مع العميل. وبالطبع فرح وكيل تحويل ملكية الأسهم بهذا، لذا فقد اعتمدوا علينا في المزيد من العمل في ذلك الوقت.
ومن الأشياء التي استفدناها من هذا الموقف أنه يمكنك غالبًا تحويل موقف سلبي إلى صالحك إذا ما اجتهدت في هذا. لقد انتهزنا موقفًا من المحتمل أن يكون سلبيًّا للغاية واكتسبنا بعض الأصدقاء الحقيقيين. وفي أي وقت يسوء الموقف مع عميل — وهذا يحدث في العمل، ففي بعض الأحيان لا تسير الأمور على ما يرام — نقول: «كيف نحول هذا الموقف إلى فرصة كبيرة، بحيث يعود إلينا العميل مرة أخرى وهو أكثر ولاءً للشركة من ذي قبل؟»
ليفنجستون : لقد كانت Shareholder.com تنفذ أشياء كثيرة جديدة للمجال في ذلك الوقت. هل تذكر أي أشياء أرادها العملاء أو طلبوها فاجأتك؟
جرونر : نظرًا لأنني كنت أعمل في مجال الكمبيوتر، لا سيما الجوانب الهندسية والعلمية وتلك المتعلقة بالأداء العالي، فيجدر القول إنه عادة ما كان يعج بأوائل المستخدمين الذين يريدون أحدث الإصدارات من التكنولوجيا، حتى لو لم تكن ناجحة. أما العاملون في المجالات المالية ومسئولو العلاقات مع المستثمرين ورجال القانون بصفة عامة فيميلون إلى أن يكونوا متحفظين. لذا تحتم علينا أن نتحدث إليهم كثيرًا حتى نجعلهم يشعرون بالألفة مع التكنولوجيا.
ومن أمثلة الأسئلة التي كان العملاء يطرحونها علينا: «كيف يمكنكم تسهيل استخدام هذا؟ كيف يمكن أن تبسطوا هذا؟ كيف يمكنكم أن تمكنوا المساعد الإداري من تولي إدارة النظام؟» وكان أحد الأشياء التي نفذناها في وقت مبكر هو أننا حاولنا أن نجعل أكبر جزء ممكن من النظام يدار بنفسه. فكان بإمكانهم أن يدخلوا إلى موقع خاص تحميه كلمة مرور ويتولوا جوانب من نظام الهاتف الخاص بهم وأيضًا موقعهم.

وعندما صدرت القواعد التنظيمية للإفصاح العادل وقانون ساربينز-أوكسلي وأصبحت عوامل حقيقية، كانوا يلجئون إلينا من أجل التوجيهات الخاصة بتفسير هذه الأشياء. وآنذاك كان لدينا من ٥٠٠ إلى ٧٠٠ عميل، وكانوا يريدون أن يعرفوا: «ماذا تفعل الشركات الأخرى؟»

إنهم لم يكونوا يقولون إننا نبحث عن سمة جديدة ما. لم يكن هذا شائعًا جدًّا، في حين أن هذا يكون شائعًا للغاية في العمل في مجال الكمبيوتر. لقد كانت أكثر الأسئلة ترتبط بتفسير القواعد التنظيمية، وكيف يتخلصون من التوتر في حياتهم.
ليفنجستون : أي إنكم أصبحتم مصدرًا للنصح لهذه الشركات، وكذلك مصدرًا للتكنولوجيا الجديدة؟
جرونر : نعم، يمكن القول إن Shareholder.com لعبت دورًا مهمًّا في أواخر التسعينيات وحتى الآن في تفسير التكنولوجيا والقواعد التنظيمية. ومن عام ١٩٩٥ حتى ٢٠٠٠، قضيت أنا شخصيًّا والشركة وقتًا طويلًا في حضور موتمرات تجارية، وحفلات غداء رسمية يستضيفها معهد علاقات المستثمرين الوطني للحديث عن المقصود بمصطلح الإنترنت، وتقديم عروض في محاولة التخفيف من شعور الذعر تجاهه، وشرحه. ثم بدءًا من عام ٢٠٠٠، اضطلعنا بالمهمة نفسها مع القواعد التنظيمية للإفصاح العادل وقانون ساربينز-أوكسلي، ليس في محاولة تفسيرهما بقدر ما هو توضيح أمثلة لما كانت الشركات الأخرى تفعله.
ليفنجستون : هل أثار أي من المنافسين قلقكم؟
جرونر : كان لدينا عدة منافسين في Shareholder.com، لكن أخطر منافس لنا كان شركة مقرها في بوسطن يطلق عليها سي سي بي إن. وقد كانت شركة ذكية للغاية. وكانت تمولها شركة تومسون فاينانشال، وهي شركة كبرى متخصصة في العديد من جوانب خدمات الشركات، والخدمات المالية. كانت هي المنافس الرئيسي لنا.
لكن في الوقت نفسه، مع ازدهار شركات الإنترنت، ظهر ما يقرب من اثنتي عشرة شركة تعمل في مجال اتصالات المستثمرين وحملة الأسهم، وكانت تمولها شركات رءوس أموال مخاطرة. وفي نهاية عام ١٩٩٩، وجدت أن هناك ما يزيد عن ٨٥ مليون دولار من رأس المال المخاطر قد تدفق إلى سوق اتصالات حملة الأسهم الصغيرة.

وكنا نحن لا نزال نعيش على رأس مالنا الذي يبلغ ربع مليون دولار، وتسير أحوالنا على ما يرام. وقد عرضت علينا شركات رءوس أموال مخاطرة استثمارات عدة مرات، لكننا رفضنا. فقد رأينا أن النمو التدريجي هو الطريق الذي نريد أن نستمر فيه.
ليفنجستون : لم تشأ أن تفقد السيطرة على الشركة، أليس كذلك؟
جرونر : لم أشأ أن أفقد السيطرة. فآنذاك كنت أمتلك ما يقرب من ثلثي الشركة، وشعرت أن هذا يجعل الحياة أبسط، لا سيما بالنسبة لي. لكني أظن أنه جعلها كذلك للجميع أيضًا؛ لأننا كنا نجلس في غرفة المؤتمرات نتحدث عن شيء ما ونتخذ القرار وننصرف. وكان بإمكاننا أن نتخذ قرارات استراتيجية مهمة في عصر يوم واحد إذا أردنا هذا.
فعلى سبيل المثال، كان السعر الذي حددناه لخدمة Shareholder.com المباشرة هو ٤ آلاف دولار كل ربع عام، بالإضافة إلى فواتير الهاتف والرسوم المتغيرة الأخرى للإنترنت. وقد كان سعر الخدمة ١٦ ألف دولار في العام مربحًا جدًّا جدًّا. وكان ذلك أحد الأشياء التي أتاحت لنا فرصة النمو التدريجي طوال فترة التسعينيات. لكن عندما دخل المنافسون الجدد — فكما أخبرتك ما يقرب من اثني عشر منافسًا يوفرون مواقع على الويب وبثًّا عبر الويب ومؤتمرات هاتفية وجميع الخدمات، ولديهم تمويل قدره ٨٥ مليون دولار من رأس المال المخاطر — إلى السوق، حطموا الأسعار بل كانوا يعرضون أشياء مجانًا.

فأدركنا أننا يجب أن نعدل الأسعار. فاجتمعنا وتحدثنا عن الأمر وفي يوم واحد اتخذنا قرارًا بأن نعيد هيكلة خط الإنتاج تمامًا ونطرحه بسرعة. هذه هي الأشياء التي كان تنفيذها سيكون صعبًا في هيكل أكثر تعقيدًا.
ليفنجستون : لقد كان بإمكانكم أن تكونوا أكثر مرونة وتتحركوا بسرعة أكبر، أليس كذلك؟
جرونر : بلى. لذا كان بإمكاننا التنافس مع جميع الشركات الناشئة والتي خرج معظمها من السوق أو جرى الاستحواذ عليها. وقد استحوذنا نحن على اثنتين بتكلفة زهيدة. فاستحوذنا على شركة استثمرت ما يزيد عن ٢٠ مليون دولار من رأس المال المخاطر مقابل بضع مئات من آلاف الدولارات. فقد انهارت تمامًا.
والكثيرون منهم دخلوا هذا المجال وهم لا يفهمون عالم اتصالات حملة الأسهم. والأهم من ذلك بدون أن يفهموا أنه نوع من العمل يعتمد على الناس، وموظفو علاقات المستثمرين هم الأشخاص المناسبون. وعملهم هو التواصل. لذا فإن دخولهم هذا المجال وبيع التكنولوجيا، لا سيما تكنولوجيا مجهولة، كانت شيئًا صعبًا. وقد واجهوا صعوبة في اقتحام السوق، في حين أننا نجحنا في تشغيل شركتنا. لقد كان لدينا مستشارون منذ وقت مبكر علمونا وعرفونا على شركات، وأعطونا مصداقية، أي إنهم خاطروا باسمهم إلى حد ما بعد أن عرفونا جيدًا.

وقد كان أداء شركة سي سي بي إن جيدًا لأن شركة تومسون فاينانشال كانت تدعمها. وكان مؤسسها الأساسي جيف باركر شخصية بارزة في ذلك المجتمع، وله مصداقية، لكن جميع الشركات الأخرى اختفت.
ليفنجستون : هل حصلتم على عروض استحواذ؟
جرونر : عُرض علينا عدد منها. وفي وقت ما عرضت علينا الاستحواذ شركة تعمل على الإنترنت كان سعر سهمها قد ارتفع سبعة أضعاف في الشهور الثلاثة السابقة. وقد قدموا عرضًا آنذاك يُقدر بعشرات الملايين من الدولارات. وكانت عائداتنا آنذاك حوالي ٣ ملايين دولار. وكان مقابل الصفقة بالأسهم. وقد فكرنا في العرض جديًّا، لكننا شعرنا بالخوف، لأننا في ذلك الوقت كنا ندير الشركة منذ سبع سنوات. وقد شعرنا أنه إذا ما انهار السهم، فإننا سنخسر كل شيء.
وبعد تسعة أشهر، كانت قيمة ذلك السهم ٢٠٥ ملايين دولار! أي إننا لو كنا عقدنا الصفقة، لو كنت ذكيًّا بما يكفي لأبرم الصفقة بحيث نحصل على الأسهم، كانت ستصبح صفقة قيمتها ٢٠٠ مليون دولار تقريبًا.

عرضت علينا صفقات أخرى أقل بكثير، لكننا لم نرَ أن أيًّا منها يناسبنا؛ من حيث عمليات الشراء أو الاكتتاب العام، أو الملاءمة. ولم نشأ أن نبيع الشركة لشخص ينسف هويتها.

ولهذا عندما قدمت إلينا ناسداك عرضًا — وقد حصلنا على بضعة عروض منها ولا يمكنني الحديث عن هذا العرض تحديدًا — شعرنا أنها الاستراتيجية المناسبة. فقد كنا نعرفهم منذ وقت طويل، وكانت تربطنا بهم علاقات تسويقية، فكانوا يدخلون مجال خدمات الشركات وكانوا متفانين حقًّا في هذا. وقد أرادوا استخدام Shareholder.com أساسًا لبناء خدمات شركتهم. وكانوا سيحتفظون باسم الشركة. وكان تقديرهم صحيحًا. وقد حدث الأمر برمته بسرعة كبيرة.
ليفنجستون : كان هذا هو الوقت المناسب، أليس كذلك؟
جرونر : بلى، كان الوقت مناسبًا تمامًا. وقد أخبرني شخص ما قبل وقت طويل أن الشركات تُشترى، لا تُباع. وهذا ما فعلناه. إننا لم نستعِنْ بخدمات بنك استثماري أو شيء من هذا القبيل كي نبيع شركتنا. لقد انتظرنا فقط الفرصة المناسبة.
ليفنجستون : هل هناك أي شيء كنت ستنفذه بأسلوب مختلف مع Shareholder.com؟
جرونر : أظن أن تأسيس الشركة على ربع مليون دولار وتركها تطور نفسها جعلنا نفتقد إلى نفاذ البصيرة إلى حد ما. فقد أصبحنا نعتز بهذه الحقيقة كل الاعتزاز حتى إننا لم نتوصل إلى حل وسط. وأظن أنه في أعوام ١٩٩٨ و١٩٩٩ و٢٠٠٠، كان بإمكاننا الحصول على مليون أو اثنين كرأس مال، على تقدير جذاب للغاية ونحتفظ بزمام قيادة الشركة ونجعلها تكبر بسرعة أكبر بقدر الضعفين أو ثلاثة أضعاف مما حدث. وربما كان من الخطأ ألا نفعل هذا. لا أعلم لأن كل شيء سار على ما يرام. وعندما يمتلك المرء نقودًا كثيرة، يكون اتخاذ القرار أسهل.
وإليك مثال: في الوقت الذي ظهر فيه الإنترنت، استعنت بمستشار في الكمبيوتر ليأتي ويقدم لنا نصائح عما يجب أن تكون عليه البنية التحتية الخاصة بنا للإنترنت. وكان يحمل شهادات كثيرة، وكان مهندسًا معتمدًا من مايكروسوفت وغير هذا. وقد قال لنا: «إنكم تحتاجون إلى شراء عدد معين من الخوادم وهذا النوع من البرامج، وما شابه، وهذا يكلف ربع مليون دولار لتنفذوه على خير وجه.»

أخبرناه أننا لا يمكننا حتى التفكير في القيام بهذا. فذهبت إلى أحد فروع مكتبات بارنز آند نوبل واشتريت عدة كتب بما في ذلك بعض الكتب من سلسلة داميز. وصممنا أول خوادم للإنترنت والتي استمرت عدة سنوات، على أجهزة جيت واي المكتبية، واستخدمنا برنامج مايكروسوفت أكسيس كنظام قاعدة البيانات، واستخدمنا برمجيات خادم قياسية. ونفذنا هذا بتكلفة ثلاثة أو أربعة آلاف، وقد نجح على أفضل وجه.
ليفنجستون : هل كانت خبراتك في التكنولوجيا ميزة لك؟ أظن أن الكثير من شركات الخدمات المالية لم تكن تتمتع بهذه الميزة في ذلك الوقت.
جرونر : في الخدمات المالية، ربما. لكننا كنا نوعًا مختلفًا في الخدمات المالية. فقد كنا شركة تكنولوجيا تقدم خدمات عظيمة للشركات العامة. لذا فقد كانوا ينظرون إلينا دائمًا على أننا شركة متخصصة في التكنولوجيا، وقد راق هذا للكثير من الشركات. والبعض الآخر لم يرُق له هذا كثيرًا. لكن كان هذا هو مجال عملنا. وكان هذا هو ما يميزنا. وكنا نجيد فهم التكنولوجيا أكثر من غيرنا.
ليفنجستون : ممن تعلمت؟ هل كان لك مرشدون؟
جرونر : كان لديَّ كثيرون. حاولت أن أتعلم منهم وأستمع إليهم. وكان فريق التأسيس بالكامل في داتا جنرال أشخاص أذكياء. وكان هناك أربعة مؤسسين هم: إيد دي كاسترو الذي كان الرئيس وكان مستثمرًا في Shareholder.com والذي لا يزال صديقي بعد مرور ٣٥ عامًا؛ وهنري بوركهارت الذي كان نائب رئيس البرمجيات؛ وديك سوج الذي كان نائب رئيس القسم الهندسي؛ وهيرب ريتشمان الذي كان من قسم التسويق. وجميعهم عباقرة حقًّا، وقد تعلمت الكثير من مراقبتهم والاستماع إليهم.
ونظرًا لأن دى كاسترو كان مهندس مكونات مادية مثلي، فأنا أنظر إليه على أنه مرشدي الرئيسي في تلك السنوات. وفي أثناء الثمانينيات، مثلما قلت، كان لدينا مجلس إدارة رائع. وقد لعب توم بيركنز دورًا مهمًّا فيه. وأظن أنني اكتسبت كثيرًا من حكمته بالتدريج؛ بشكل أساسي في اجتماعات مجلس الإدارة، ومن خلال ملاحظة سلوكه. وقد أعجبت بمدى براعته في إدارة الصراعات والخلافات. لكن يجب أن أعرب عن دهشتي من أنه سمح لمعركة مجلس إدارة إتش بي الداخلية أن تخرج إلى العلن بهذا الشكل. ويبدو أن هذا كلف إتش بي الكثير.
ليفنجستون : هل مر عليك وقت في Shareholder.com أردت فيه الانسحاب؟
جرونر : كلا. لقد كنت أستمتع بكل يوم. وكنت أستمتع وأنا أقود سيارتي إلى العمل، بل أتلهف للذهاب إلى العمل. ولكل شركة مميزاتها وعيوبها. والجانب الرائع في Shareholder.com هو أنها كانت مجرى عائدات متكرر. لذا لم يكن لدينا تقريبًا أي مخاوف مادية. فكان بإمكاننا توقع عائداتنا الربع السنوية بهامش خطأ صغير في اليوم الأول من ربع السنة.
وكانت المخاوف التي تساورنا تنبع من أننا كنا نعمل في مجال الأخبار. وعندما يأتي موسم الأرباح، قد نجري ٥٠ مكالمة وبثًّا عبر الويب وتصريحًا إخباريًّا في اليوم نفسه. وكل منها يجب أن يُنفذ في الوقت المناسب وعلى أكمل وجه، لأن كل خبر عن الأرباح يعتبر مستندًا قانونيًّا. لذا كان أصعب جزء هو إدارة هذه العملية. إنها مثل إدارة خمسين محطة تليفزيون في الوقت نفسه.

وإذا أخفقت، فإن هذا الإخفاق يكون ملحوظًا. وقد كنا نادرًا ما نخفق. فربما يختلط بث شركة عبر الويب مع بث شركة أخرى. وكنا نصلحه في غضون ثلاث أو أربع دقائق، لكنه يكون محرجًا للغاية. وصدقيني الرؤساء التنفيذيون لا يعجبهم هذا على الإطلاق.

وكنت أنا من يتصل بالعملاء ويعتذر وكان ذلك جزءًا من عملي. وكان معظم الناس عقلانيين، وكانوا يتفهمون أنه من الوارد أن تقع أخطاء. وكنت أستخدم تشبيه الهاتف المحمول (ففي ذلك الوقت بدأت الهواتف المحمولة تكتسب رواجًا). فكنت أقول: «إننا جميعًا لدينا هواتف محمولة أو هواتف في السيارات. وفي بعض الأحيان تتعطل. وهذا هو الأمر نفسه، إنها تكنولوجيا متقدمة، وفي بعض الأحيان تخفق.»

لكننا كنا في بعض الأحيان نخسر عميلًا يفكر بطريقة غير منطقية بحيث يقول: «لقد طلب مني رئيسي في العمل الاستغناء عن خدماتكم بسبب الخطأ الذي اقترفتموه.» فكنا نشكره ونقول له: «إذا ما أردت العودة إلينا مرة أخرى، فسيسرنا ذلك حقًّا.» والكثير منهم عادوا بالفعل.
ليفنجستون : ما النصيحة التي تسديها إلى شخص لم يسبق له تأسيس شركة قط لكنه يفكر في الأمر؟
fig31
فريق إدارة ألايانت عام ١٩٨٥: (من اليسار إلى اليمين) ريتش ماكاندرو، وكريج موندي، ورونالد جرونر، وجون كلاري، ودافيد ميتشيكي.
جرونر : لقد ذهبت إلى مؤتمر تنفيذي قبل عدة سنوات في نيويورك. وكان أحد أكثر الجلسات المثيرة للاهتمام يحضرها ستة رؤساء تنفيذيين، كانوا جميعًا شخصيات ناجحة جدًّا، وقد سألهم رئيس الجلسة: «إذا أمكنكم تلخيص مفتاح نجاح شركاتكم في كلمة واحدة، ماذا ستكون هذه الكلمة؟» لم يجِبْ منهم بكلمة واحدة إلا القليلون. فالبعض قال الاستقامة أو التواصل وأشياء من هذا القبيل. لكن آخر من تحدث كان هو مايكل ديل، وقال كلمة واحدة بسيطة: المثابرة.
وأنا أتفهم هذا. فالأمور لا تسير على خير ما يرام في المرة الأولى. فدائمًا ما يتحتم على المرء أن يجرب مرتين أو ثلاثًا كي ينفذها بنجاح. ودائمًا ما تخفق الأمور. لذا فإن المثابرة هي مفتاح النجاح.

وقد رأيت هذا في حياتي العملية. رأيت هذا في مشروعات تصميم الكمبيوتر. ورأيت هذا طوال حياتي. لذا فإن هذه الكلمة هي أفضل نصيحة أقدمها لمؤسسي الأعمال. مفتاح النجاح هو — إذا ما أردت أن تلخصه في كلمة واحدة — المثابرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤