الفصل الرابع
خلا حفني بالأرض فأصبح يشرف على أرضه وأرض حلمي جميعًا، وكان القمار قد تغلغل في دمه فراح ينفق الرَّيع كله في شهر أو شهرين، ثم يقف عاجزًا لا يدري ماذا يصنع. أما أموال أخيه فقد كان يخشى عليها من نفسه، وكذلك أعطى أمره للناظر ألا يعطيه مليمًا من أموال حلمي وإنما عليه أن يذهب بها جميعًا إلى أحمد بك صهر أخيه لينفق منها على البيت ويبقي بقية المال لأخيه.
وهكذا تعرَّف الناظر الحاج علي سعدون على أحمد، وفي أول لقاء لهما.
– هذا هو الرَّيع.
– هل معك إيصال أوقِّع عليه؟
– والله أعددت الإيصال نعم. ولو كان مالي ما أعددت.
– وأنا لا أقبل مليمًا لا أعطي عليه إيصالًا، فأنا أمينٌ على هذا المبلغ، ولا بد أن أؤدي الأمانة إلى أهلها ومعها الشواهد.
– إن صهرك يعرف طهارة يدك.
– وأنا أيضًا أعرفها، ولكن ماذا أقول إذا نسيت أنت أو نسيت أنا قيد مبلغ؟
– الإيصال أضمن.
– وهذا هو التوقيع.
– ولكن هذا أمر لا خطر له.
– هناك أمر له خطر؟
– كل الخطر.
– خيرًا.
– لا خير مطلقًا.
– ماذا؟
– حفني بك.
– ما له؟
– طلب إليَّ أن أبحث عن مشترٍ لعزبة الزمايلة.
– أكلها من نصيبه؟
– له النصف وهو ما يريد بيعه.
– وأرض حلمي؟
– ملاصقة طبعًا لنصيبه.
– كم فدانًا هي؟
– مائتا فدان.
– وبكم الفدان؟
– لن يزيد عن مائة جنيه، سينفقها على القمار في شهرين أو ثلاثة، وإذا استمر الحال على هذا المنوال فالله أعلم إلى أي مصير سينتهي إليه، والله أيضًا يعلم إلى متى سيظل البك محبوسًا عند أولاد الكلب هؤلاء.
– اسمع، كم عندك لحلمي بك؟
– هذه عشرة آلاف، وعندي محاصيل بحوالي خمسة آلاف.
– ألا تستطيع تدبير الخمسة الباقية؟
– لا يهم أن أدبِّرها.
– كيف؟
– لاعب القمار يرضى بأي مبلغ.
– ماذا تعني؟
– أخسف الثمن وأشتري على آجال، وحين يخرج حلمي بك من السجن نكون قد اشترينا الأرض كلها بربع ثمنها.
– افعل ذلك.
– وحلمي بك؟
– لو استطعتُ أن ألقاه — وهذا مستحيل — لن يقبل، ونحن نحافظ على أرض أبيه في غيابه، ولا حيلة لنا إلا هذه؛ لأن الأرض إذا انتقلت إلى يدٍ غريبة فلن تعود.
– نِعم الرأي. ولكن مصاريف البيت؟
– أمرها سهل، لا شأن لك.
– وهو كذلك.