والمجمع اللغوي؟
نعلم أن المجمع اللغوي كان يلتئم كل أسبوعين اثنين في دار الكتب المصرية بدعوة من المدير السابق، وأن هذه الجلسات ظلت تنعقد في الشتاء الماضي حتى جاء الصيف ولفحت لوافحه؛ فانحلَّ المجمع وانطلق «يصطاف» في أشخاص أعضائه الموقرين، على الشاطئ ذي النسيمات العليلات.
ولما انكسرت شوكة الحر ورجع الناس من مصايفهم عاد المجمع إلى الالتئام في دار الكتب، وكل من لجانه تشتغل على حدة لعرض خلاصة أبحاثها على هيئة المجمع. لكن ما كان أن استقال الأستاذ لطفي بك من إدارة المكتبة، وقد مر على هذه الاستقالة شهر دون أن يلتئم المجمع، ودون أن نقرأ عنه في الصحف شيئًا.
فأي خطب دهاه؟
يتحمس الناس عندنا لمسألة في بادئ الأمر تحمسًا أحسن ما يقال في تعريفه أن الفرنجة ينعتونه «بالشرقي»، حتى إذا ابتعد موجد الفكرة وواضع أسها عن ميدان العمل لسبب من الأسباب، هبط المشروع وتفككت أجزاؤه، كأن لا قيمة للفكرة نفسها ولا أهمية لها إلا بأهمية مروِّجها ودوام حضوره، في حين ينبغي أن تكون قيمة الرجل من قيمة مشروعه، وأن يكون حضوره وغيابه سيان من حيث التأثير في العمل؛ لأنه يظل في اطراد على كل حال.
فإذا كان لطفي بك موجد فكرة المجمع والداعي إلى عقد جلساته قد ترك إدارة المكتبة للاندماج في الوفد المصري؛ فأي علاقة للمجمع بذلك؟! لم يكن للمجمع اللغوي صبغة رسمية، ولا كان للحكومة تدخل في شئونه، رغم أن اجتماعاته كانت تعقد في دار تابعة لوزارة المعارف، فما دام متمتعًا بالحرية التامة، ترى لماذا لا يتفق الأعضاء المحترمون فيما بينهم على الاجتماع في مكتبة أحمد زكي باشا مثلًا، أو في منزل أي عضو من الأعضاء الآخرين، وكلهم من أهل الجاه، كما أنهم أهل علم وفضل؟!