نائل الحِكمة (الإنسان الراشد)
مَعرفتك لذاتك هي بداية كل أشكال الحكمة.
من يفهم الآخرين حكيم؛ أما من يفهم نفسه فهو مُستنير.
سيُقدِّم القرن الحادي والعشرين للإنسانية أهم اختبار لحِكمتنا. ولكي ننجح في هذا الاختبار، وننجو ونعيش في سلام؛ فنحن بحاجة لفهم أنفسنا ووضعِنا بشكل أفضل.
من بين السمات الرئيسية للحكمة القدرة على استشراف المُستقبل المُحتمَل واتخاذ الاحتياطات اللازمة ضدَّ العواقب السلبية أو الاستفادة من التغيير والفُرَص السانحة. إنَّ هذه القدرة على توقُّع الأحداث، بناءً على الخبرات السابقة والقراءة الدقيقة للمؤشِّرات الحالية، هي الصفة المُميزة للبشر والتي كانت السبب الرئيسي لنجاحنا حتى الآن. ومع ذلك، فنحن نعيش الآن في وقتٍ أدَّى فيه هذا النجاح إلى هيمنتنا على كوكب الأرض، في عملية تغيير عميق للأنظمة التي نعتمد عليها من أجل البقاء؛ ألا وهي الغلاف الجوي، والتربة، والمياه، والكائنات الحية الأخرى، وصحتنا السليمة، وأعدادنا وقُدرة كلٍّ منَّا على التوافُق مع الآخر. نحن نعيش في زمن تحدُث فيه سلسلة مُتتالية من التغييرات بسرعة وبقوة شديدة، تجعل العديد من الناس يَشعُرون بالفزع، بل وحتى بالشلَل بسببها. ومع ذلك، يجِب أن نتجاوب جميعًا إذا كنَّا نُقدِّر قيمة بقائنا. يَستكشف هذا الفصل تطوُّرَين ضروريَّين لاستمرار كلٍّ من حضارتنا ونوعنا البشري، ثم يقدم مسارًا لتحقيق التقدُّم حيال هذا الأمر.
كيف نفكر تفكيرًا جمعيًّا كنوع؟
قد نجد حلًّا للتهديدات الوجودية التي تتمثَّل في انهيار النظام البيئي، واستِنفاد الموارد، والحرب النووية، وتغيُّر المناخ، والتسمُّم العالمي، والمجاعات، والزيادة السكانية، وانتشار الأمراض الوبائية، والمراقبة العالمية، والتقنيات المتطوِّرة التي لا يُمكن السيطرة عليها والتي تُحيط بنا، في الإنجاز البشَري الأكثر أهمية عبر ملايين السنين الماضية، ألا وهو التضافُر بين العقول والقيم والمعلومات والمعتقَدات والربط بينها كلها في لمح البصر وفي الوقت الفِعلي في جميع أنحاء الكوكب.
وهذا تطوُّر لم يَسبق له مَثيل، ليس فقط في تاريخنا البشري، بل وكذلك بين جميع الأنواع التي عاشت على كوكب الأرض على الإطلاق. إننا نُنتج نوعًا مُختلفًا تمامًا من البشر، دون أن نكون مُدرِكين لذلك.
في الثلث الثاني من فترة حمْل الطفل يحدُث شيء رائع، حيث تبدأ الخلايا العصبية والمَحاور العصبية والخلايا الدبقية في الدماغ الجنيني في الاتصال، وهو ما يُولِّد الإدراك. وتُصبح الكتلة الجامدة من الخلايا والميكروبات كائنًا واعيًا، قادرًا على التفكير والتخيُّل والتذكُّر والشعور والحلم واستخدام المنطق واعتناق المُعتقدات.
اليوم يتواصَل الأفراد من البشر على مستوى العالَم، في لمح البصر، تمامًا مثل الخلايا في الدماغ الجنيني. نحن بصدَد تشكيل عقلٍ عالَمي بحجم الأرض، إذا صحَّ القول. ما وصفه الفيلسوف اليسوعي والمُتخصِّص في عصور ما قبل التاريخ تيلار دي شاردان ذات مرة ﺑ «المحيط الفكري» (مجال نو) — عالم الفكر البشري أو الذكاء الذي يُحيط بالأرض — يتجسَّد الآن بالفعل (دى شاردان، ١٩٥٥). إنَّ الفهم الأرقى، وربما العقل الأرقى، في طور التكوين، وهو قادر على تفسير، وربما حل، مشكلاتنا على «مستوًى يفوق المستوى البشري» من خلال جمع ملايين العقول في وقتٍ واحد للعمل على حلِّ القضايا، من خلال مشاركة المعرفة بحريَّة وتوليد فَهم عالمي أسرع واتفاقٍ جماعي حول ما يجِب القيام به. في اللحظة نفسها من تطوُّرنا الاجتماعي التي نَنظر فيها إلى حكوماتنا الوطنية وشركاتنا ومؤسَّساتنا الحالية على أنها قد فشلت في التعامُل مع التحديات الهائلة التي تُحيط بنا، ظهر شكلٌ جديد من الترابط البشري والوعي الذاتي الذي قد يُنقذنا من أنفسنا.
قبل مليون سنة، بينما كنَّا نجلس حول نار المُخيم في السافانا الأفريقية، ضَمن البشر الأوائل بقاءنا من خلال تشكيل مُجتمع مُعقَّد قادر على تحديد التهديدات العديدة التي أحاطت بنا والتغلُّب عليها. ومنذ عشرة آلاف سنة بدأنا عملية التغلُّب على خطر الجوع من خلال الزراعة، ولقد استمرَّت هذه التجربة وحملناها معنا على مدى وجودنا بالكامل، وهي السبب الرئيسي لوجود الكائن الذي أصبحْنا عليه. إننا بارعون للغاية في تحديد المخاطر والتهديدات المُحتمَلة، وإيجاد طرُق جماعية للحدِّ منها. ولهذا نَبني المُستشفيات والمدارس، ولدينا الشرطة والجنود ورجال الإطفاء ومُفتشو الأغذية؛ ولهذا نُطهِّر مياهنا ونُعالج نفاياتنا ونحقِّق في حوادث الطيران ونَمتثِل لإشارات المرور. يُمكننا القول إن تجنُّب المخاطر بدافع البقاء هو أعظم صفاتنا المُتفرِّدة كنوع.
لم يكن الجنس البشري أكثر عرضةً للخطر مثل ما هو عليه اليوم، وهذا نتيجة لتزايُدنا السكاني وتنامي مَطالبنا على الموارد الطبيعية والأنظمة الطبيعية للأرض المُقترن بمَيلنا الطبيعي للعدوانية والتنافُسية. والأحمق فقط هو من يتخيَّل أنه يُمكننا الاستمرار في التصرُّف كما نفعل اليوم في الوقت الذي يصِل فيه عددُنا لعشرة مليارات نسمة، دون أن يُشكِّل ذلك خطرًا جسيمًا على حضارتنا بأكملها، وربما على جنسِنا البشري.
ومع ذلك، تُوجَد حلول لجميع هذه التحدِّيات، أو يمكن تطوير حلولٍ لها.
تُنَفِّذ الشابَّات اللاتي يرفضن الزواج والإنجاب في جميع المُجتمعات في العالَم الحلَّ لمشكلة النمو السكاني بالفعل. إنهنَّ يتجاهَلن ما يقوله لهنَّ الرجال والكهنة والبطاركة والصحفيون والسياسيون والرشاوي الحكومية المُخصَّصة لإعانة الأطفال. إنهنَّ يتصرَّفن بشكلٍ تلقائي للحدِّ من خصوبتهن: في خمسينيَّات القرن العشرين، كانت المرأة العادية في جميع أنحاء العالم تُنجب ما يُعادل ٤٫٩٧ أطفال؛ وبحلول عام ٢٠١٠، انخفض هذا الرقم إلى النصف ٢٫٤ (شُعبة السكان في الأمم المتحدة، ٢٠١٢). يحدُث شيء رائع جدًّا وجميل جدًّا بين النساء، على مستوى النوع بأكمله. إنَّ النساء، إذا ما مُنحْنَ الدعم والموافَقة العالمية، وأُتيح لهنَّ على نحوٍ متواصِل كل من التعليم والرعاية الصحية والفُرَص، بوسعهنَّ أن يَقُدن المجتمع البشري إلى مستوًى مستدام — يَتراوح من مِليارين (ديلي وآخرون، ١٩٩٤) إلى أربعة مليارات شخص — بحلول أوائل القرن الثاني والعشرين طواعية.
إن الحلَّ لندرة الموارد هو إعادة التدوير وإعادة الاستخدام. ومع انخفاض عدد السكان، لن تكون هناك حاجة لمزيدٍ من التنقيب والاستخراج؛ إذ ستكون جميع المعادن والمواد الغذائية والمواد التي سنَحتاجها في أي وقتٍ متاحة ومُتوفِّرة بسهولة في مجاري النفايات الخاصَّة بنا. كل ما نحتاج إليه هو «التنقيب والاستخراج» من مجاري النفايات هذه فحسب، وإزالة السموم وإعادة تدوير المواد والمياه إلى ما لا نهاية.
يَكمُن الحل لمشكلات الموارد التي أوجدها نظامنا المدفوع بالمال في إزالة الطابع المادي للثروة عبر بناء اقتصاد قائم على مُنتَجات العقل، وليس على السِّلَع المادية. وكذا عبر توظيف الناس في الصناعات الإبداعية، بدلًا من العمل في المجالات التي عفا عليها الزمن مثل التصنيع والتعدين والزراعة المادية (والتي غالبًا ما ستُجرى بشكْلٍ آلي). وبهذه الطريقة، لن تُستخدَم الأموال لتدمير الأشياء المحدودة ذات القيمة الحقيقية مثل التربة والمياه والتنوُّع البيولوجي والغلاف الجوي، كما هو الوضع حاليًّا. يُمكن استخدام المال، كونه غير مادي وغير محدود، لخلْق مُنتَجاتٍ وخدمات غير مادية وغير محدودة على حدٍّ سواء، ألا وهي منتجات الخيال البشري، والتي تُعدُّ ثروة المستقبل الحقيقية للمُجتمع.
يكمُن الحل لموجة الانقراض الحالية، وللأمن الغذائي في استعادة الحياة البرية في نصف مناطقنا المُستزرَعة الحالية، وتطوير أنظمة غذائية نظيفة ومُكثَّفة في مُدننا. ثم يجِب علينا أن نَدفع للمزارعين والسكان الأصليِّين للاعتناء بالحياة البرية، وكربون التربة، والغطاء النباتي، ودورة المياه الصغيرة، والتنوُّع الجيني وجميع الخدمات البيئية الأُخرى التي نَعتمد عليها من أجل بقائنا، لكي يكونوا هم حرَّاس الأرض، فهم أكثر المُؤهَّلين للقيام بذلك.
أما الحلُّ لكلٍّ من تغيُّر المناخ والتسمُّم الوبائي لجميع البشر وأشكال الحياة على الأرض فهو حلٌّ واحد: يُمكننا تحقيق ذلك من خلال القضاء على استخدام النفط والغاز والفحم، واستخدام الطاقة المُتجدِّدة وتكنولوجيا الطحالب لإنتاج الوقود والغذاء والألياف والمواد الكيميائية الصناعية والبلاستيك والأدوية. يُمكننا تطهير العالَم معًا من خلال المطالبة بمنتجات آمنة وصحية، وكذا بمكافأة الشركات والمزارعين الذين يُنتجونها.
إذن كيف نحلُّ هذه التحديات الضخمة؟
في عام ٢٠١٧، كان هناك ٣٫٦ مليارات مُستخدِم للإنترنت على وجه الأرض، وبحلول الأربعينيَّات من القرن الحادي والعشرين، سيكون مُعظم الأشخاص مُتَّصلين بالإنترنت (هيتيك، ٢٠١٣). يَتواصل الشباب بعضهم مع بعض بشكلٍ آنٍ يتجاوز انقسامات العرق والجنسية والإثنية والمعتقد الديني واللغة والتعصُّب. إنهم يتعلَّمون كيف أنَّنا جميعًا مُتشابهون وأننا نتشارك العديد من الأشياء، وأننا يُمكننا «حب» ومساعدة ودعم واعتماد بعضنا على بعض. كما إنهم يتعلَّمون أيضًا مدى فَتْك الأحكام المُسبَقة والجهل والمخاوف والكراهية الموجودة لدى آبائهم تجاه البشر الآخرين، وكيف أنه لا طائل من وراء هذا كله.
يَكمُن ترياق الجهل والخوف والكراهية في المعرفة والفهم والأُلفة. وعلى الرغم من عيوب الإنترنت، إلا أنها يُمكن أن تُوفِّر كل ذلك. لا تزال الإنسانية في الثلث الثاني من تكوين العقل الكوني الذي تكون فيه الإنسانية مترابطة وقادرة على التفكير الجماعي وتبادل المعلومات والعمل التعاوني الحازم. عادة ما يُجادل العلماء أن وسائل التواصُل الاجتماعي مليئة بالهراء والتفاهات والإساءة والمعلومات المُضلِّلة، وكذلك هو الحال بالنسبة للدماغ البشري العادي أيضًا. يشقُّ مُعظمنا طريقه عبر الحياة، كأفراد، عن طريق فرز الأشياء المعقولة والمفيدة والأخلاقية من الهراء، عن طريق اختيار النبيل ونبذ ما هو حقير، وتفضيل الإيثار على الأنانية، وما هو عملي على ما هو مُضلل. إذا كنا نستطيع القيام بذلك في عقولنا، فيُمكننا القيام بذلك في عقلٍ بحجم الأرض تكون فيه أدمغتنا الخاصة مجرَّد خلايا فردية، متَّصلة بشبكة مع مليارات من الخلايا الأخرى.
نحن نقف على أعتاب عصر الجنس البشري المُجتمِع. ومن السابق لأوانه رفض مثل هذا التطوُّر؛ حيث قد يَميل البعض إلى رفضه إذا لم يكونوا على دراية بقوة وسائل التواصُل الاجتماعي والويب ونفوذهما. كن مُتشكِّكًا، بالطبع، ولكن أيضًا كن منفتحًا على كافة الاحتمالات.
لنحلُم معًا بحلم أن تبدأ البشرية في التفكير جميعًا كنوع.
بالنسبة إلينا كمخلوقاتٍ اعتادت على اعتبار نفسها أفرادًا، قد تبدو فكرة أن نكون جزءًا من كائن أكبر غريبة، بل ومُهَدِّدَة. ومع ذلك، فقد عرف علماء الأحياء لبعض الوقت أننا ﮐ «أفراد» في الواقع عبارة عن تجمُّعات من الخلايا المُنفصلة والحمض النووي والميكروبات التي تتجمَّع لبعض الوقت لتشكيل شخصٍ أو حيوان أو نبات. تُوجَد جينات فيروسية قديمة مُتداخِلة مع الجينوم الخاص بنا (وايلدشوت وآخرون، ٢٠١٦) ومُستعمرات البكتيريا الموجودة في أمعائنا، والتي تعمل على الحفاظ على صِحَّتنا؛ بالإضافة إلى أنواعٍ مختلفة من الخلايا في أجسامنا. يُعتبَر كل «فرد» فعليًّا عبارة عن نظامٍ بيئي أو شركة بيولوجية (كلارك، ٢٠١٢). ولذلك لا ينبغي أن يكون من الصَّعب جدًّا اعتبار أنفسنا جزءًا من كائن أكبر يعتمد بقاؤه على التعاون المتبادَل والحكمة المشتركة.
وفقًا للوضع الحالي، فنحن ما زلنا في مرحلة رياض الأطفال من تعلُّم فنِّ الفكر المُشترك وتطوير المنطق العالمي القادر على فَهم وحلِّ التحديات المشتركة. وسائل التواصل الاجتماعي، التي يرفضها النقَّاد عادة ويَعتبرونها تافهةً وغير مُعتدٍّ بها، هي التي تسود الآن ويُستعاض عن الأشكال التقليدية من السياسة ووسائل الإعلام الخاضعة للرقابة بطرُق غير عادية. إنها انعكاس كبير لقِيَمنا المشتركة، وكذا رذائلنا وتفاهاتنا وأوجه قصورنا. تَستخدِم كل من الحكومات ووكالات المساعدة والجمعيات الخيرية والأمم المتحدة وكذا نجوم الروك والحمقى من المشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الآن.
من بين طيَّات هذه الثرثرة الكوكبية غير المُكتملة، بدأت تظهر بالفعل خيوط فكر مُشتركة؛ فمن خلال شبكة الإنترنت، يتمُّ الآن تبادل المعرفة التي كانت حكرًا على النُّخَب فحسْب، كما تُشارَك القيم ويُعاد تشكيل التوجُّهات، ومن خلال كل ذلك، يتشكل اتفاق عالمي تدريجيًّا للعمل. في مجال العلوم، على سبيل المثال، تُكتَب الآن المزيد من المنشورات العلمية على نطاقٍ واسع خصيصًا للجمهور وتُشارَك معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدلًا من حفظها في المجلات العقيمة التي تُخزَّن في مكتبات العصور الوسطى التي لا تزال تُثقل كاهل أحرامنا الجامعية، وتستبعد «الرعاع» من الوصول إليها. أينما يصل الإنترنت، يسقط ضوء العِلم على مواطني كوكب الأرض. ومقابل جميع المُتصيدين والمُختلِّين اجتماعيًّا على الإنترنت، يوجد عشرات الملايين من المواطنين المحترمين والأفراد الأذكياء والعطوفين أيضًا الذين يُشاركون قيمهم الأخلاقية ونواياهم الحسنة بسرعة الضوء، وهذه القيم هي التي ستسود.
إذا توصَّل أغلبية البشر لاتفاقٍ جماعي حول أيٍّ من التهديدات الوجودية الرئيسية التي تواجهنا، فسيكون هذا أمرًا لا مثيل له في التاريخ بالفعل.
ولن تتمكَّن أي حكومة أو شركة أو مؤسَّسة أو مجتمع من تجاهل مثل هذا الاتفاق الجماعي.
سيكون أقوى من الدول أو الحكومات؛ لأنه لن يكون لها سلطة عليه.
سيتجاوَز تأثير هذا الاتفاق الجماعي تأثير الدِّيانات الكُبرى أو الحركات السياسية. وسيكون أقوى اقتصاديًّا من أكبر الشركات المُتعدِّدة الجنسيَّات.
ستَنجح قوى السوق في تحقيق ذلك من خلال ممارسة قوة ضاغطة يحتقرها كثير من المحافظين، بما في ذلك أكاديميون وعلماء، ألا وهي قوة الموضة؛ فالموضة لا تقتصر فقط على الملابس الأنيقة والزينة العصرية، بل إنها تتعلَّق بالأفكار والقيم المُعبَّر عنها في اختيارات المُستهلكين وفي الحياة التي نختار أن نعيشها والتقنيات التي نفضلها والآراء السياسية التي نعتنقها. إنها تجذب انتباه الجماهير لأنها بمثابة موجة مُقدمة التغيير والابتكار والإبداع والرأي العام الجديد. يُمكن أن تتعلَّق الموضة بالتغييرات الجادَّة والمهمة، وكذا التغييرات التافهة والبذيئة. وإذا كان إنجاب عددٍ أقل من الأطفال، والسعي للحصول على طعام أنظف، ومنتجات أكثر أمانًا وأخلاقية، ورفض الوقود الأحفوري ستُصبح اتجاهاتٍ عالمية بين الشباب، ويتبعهم في ذلك مليارات الأشخاص المشاركين في تشكيل مُستقبل أكثر أمانًا، فسيُغير هذا الأمر كيفية تنظيم المجتمع العالمي، وكيفية عمل الاقتصاد العالمي والإشارات التي يُرسلها إلى كلٍّ من الشركات والحكومات في جميع أنحاء العالَم.
سيكون لِمثل هذا الاتفاق الجماعي تأثير أكبر على المصير البشري من أي سلطة أو إمارة حتى الآن. وسيَهَبُ مثل هذا الخطاب حياة جديدة للجانب التعاوني بدلًا من الجانب التنافسي في طبيعتنا.
هل يمكننا أن نُنْجِحَ هذا الأمر؟ الجواب البسيط هو أنه إذا لم نفعل، فعلى الأرجح سيعيش أقلُّ من مليار إنسان في أنقاض كوكبنا الذي ستُدمره المجاعة والأمراض والمناخ والحروب بعد مائة عام من الآن (شينهوبر، ٢٠٠٩). إننا نتمتَّع بأقوى الدوافع المُمكنة للنجاح؛ الدافع الذي كان سيفهمه جميع أسلافنا، ألا وهو البقاء.
هذا هو الوقت الذي نختار فيه ما إذا كنا حقًّا «الإنسان الحكيم الحكيم» (هومو سيبيانز سيبيانز)؛ أم مجرد شكل من أشكال الكائنات الحية الأخرى التي فشلت في اختبار الداروينية.
عصر النساء
إذا قادَت النساء العالَم، فعلى الأرجح سيُصبح أقل سُميَّةً وأقل عُرضة للتغيُّر المناخي والجوع والحرب والدمار البيئي؛ وسيكون أقل عُرضةً لمخاطر «النجاح» الذي حقَّقه العالَم. لقد وصلتُ لهذا الاستنتاج من بحثٍ أجريتُه لكتابٍ سابق، ألا وهو «الكوكب المسموم» (كريب، ٢٠١٤)، حيث أصبح واضحًا بشكلٍ مؤلِم أن ٢٥٠ مليار طن من المواد الكيميائية المُنبعثة سنويًّا من النشاط البشري (يُمكننا القول إنه أكبر تأثير لنا على الكوكب (الفصل السادس)) يقتصر بشكل حصري تقريبًا على ما تصنعه يد الرجال، وليس النساء. هذا لا يعني أن النساء لا يَستفدن من هذه الأنشطة أو أنهن، في الغالب، لا يوافقن عليها. ولكنهن نادرًا ما يدفعن تلك الأنشطة، على الأقل بمثل هذا التجاهُل القاتل والدموي للأجيال الحالية والمستقبلية.
لقد شهدت مهنة الكيمياء لفترةٍ طويلة هيمنة مُطلقة للذكور. وقد بدأت بمنتجات غير ضارة إلى حدٍّ ما مثل الأصباغ ومُعالجات المنسوجات، ولكنها سرعان ما تطوَّرت إلى أشياء ذكورية تمامًا، مثل المواد الشديدة الانفجار والغازات السامة ومكوِّنات الأسلحة الذرية. والآن انتقلت إلى الإنتاج الضخم لمُسبِّبات اضطراب الهرمونات والعوامل المُسببة للسرطان والسموم العصبية على نطاقٍ عالَمي واسع يصِل لدرجة أنه، بدون إصلاح جذري، سيُؤثِّر على الأرجح على كل طفلٍ على هذا الكوكب لبقية التاريخ. في حين أنَّنا مُلزَمون اليوم باختبار أي طائرةٍ أو سيارة أو هاتف محمول جديد من أجل السلامة، إلا أنه وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة؛ فمُعظَم المواد الكيميائية التي لدَينا والبالِغ عددها ١٤٤ ألف مادة، لم تُختبَر بالكامل على الإطلاق، أو لم تُختبر أصلًا في معظم الحالات. ومع ذلك، يتمُّ إطلاق هذه المواد في بيئتنا المعيشية وفينا نحن على أيِّ حال.
على الصعيد العالمي، لم تَحُز سوى أربع نساء من بين ١٦٦ حائزًا على جائزة نوبل للكيمياء في القرن الماضي أو نحوه. أما في الولايات المتحدة، وهي بلد رائد في تكافؤ الفرص، فقد شكَّلت النساء ١٦٪ فقط من أعضاء هيئة التدريس الدائمين في مجال الكيمياء، و٩٪ فقط من الرؤساء التنفيذيِّين للشركات الكيميائية. ومن المُحتمَل أن يزيد اختلال التوازن بين الجنسين في أماكن مثل اليابان وكوريا والهند والصين (التي ستُصبِح أكبر قوى كيميائية سيئة التنظيم في العالم في العقود القادمة). وعلى الرغم من أن المزيد من الشابَّات يَدرُسن الكيمياء في الجامعة ويَشغلن الدرجات الأدنى من السلَّم الوظيفي أكثر مما كان الوضع عليه في الماضي، إلا أنهنَّ غير مسئولات عن القرارات الكبيرة حول أيٍّ من المواد الكيميائية يُسمح بإطلاقها في البيئة المعيشية أو في النوع البشري، وما إذا كانت قد اختُبرت بالكامل أم لا من أجل ضمان السلامة، وخاصة بالنسبة للأطفال.
من ناحية أخرى، إذا ألقَينا نظرةً سريعة على وسائل التواصُل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني، فسنَجد أن مُعظم مُنظمات الآباء والمواطنين والمُستهلكين والضحايا الأكثر اهتمامًا بالصحة ورفاهية الأطفال وحسر زحف موجة التلوث السام في حياتنا تقودها النساء. عندما يتعلَّق الأمر بتقييم مخاطر الكيمياء ومحاسنها، يختلف تفكير الذكور والإناث في هذا الأمر بشكلٍ واضح.
كما أن تغيُّر المناخ هو قضية تتعلَّق بالنوع الاجتماعي، تمامًا مثلما تتعلق بالفيزياء أو الاقتصاد؛ فالغالبية العُظمى من الأشخاص الذين يُطلقون الكربون من أجل لقمة العيش، أو الذين يتسبَّبون في إطلاقه، أو الذين يحرقونه بعد ذلك بشكلٍ مُفرط، هم من الذكور: عمَّال المناجم والغابات وكبار المزارعين والبناة والطيارون وسائقو سيارات السباق. إن الرجال هم من يدفعون ظاهرة الاحتباس الحراري، وليس النساء. في أستراليا، على سبيل المثال، تُشكِّل النساء ٥٪ فقط من المهن الخمس الأولى في مجال التعدين (مجلس التعدين الأسترالي، ٢٠١٣). ومعظم البلدان في جميع أنحاء العالَم سيكون لدَيها عدد أقل بكثيرٍ من الإناث التي تعمل في هذه المهن. مثل الكيمياء، يظلُّ التعدين صناعةً تهيمن عليها طرُق التفكير الذكورية تمامًا.
وبالمثل، فالغالبية العظمى من أولئك الذين قَطَّعوا الغابات وأزالوها بالكامل أو أفسدوا التربة السطحية، أو لَوَّثوا الأنهار والهواء، أو اصطادوا أسماك المُحيطات وأبادوا الحياة البرية هم من الرجال، وليس النساء. على الرغم من أنه يُزعَم أن أكثر من ١٫٤ مليار مُزارع في العالم هم من النساء، فإن مُعظم من يُشغِّلون معدَّات تدمير التربة الكبيرة ويرشُّون أكبر قدرٍ من المواد الكيميائية، أو من يعملون كمسئولين عن المزارع، هم من الرجال.
يُوضِّح التاريخ أن الذكور يُفضلون اتخاذ الإجراءات الميكانيكية أو الكيميائية الفورية والمباشرة والقوية لحل أي مشكلةٍ وتحقيق هدفٍ قصير المدى، سواء كان هذا الهدف هو هزيمة عدو أو زراعة محصول أو تنمية أمة أو بناء ناطحة سحاب أو مؤسَّسة تجارية. للرجال تاريخ في حُبِّ المجازفة والمخاطرة، فمنذ أن وُجِدنا على السافانا الأفريقية، اعتاد الذكور على التضحية بأنفسهم وبأي شخصٍ يقف في طريقهم للحصول على فائدة قصيرة المدى، وهو تدريب مُروِّع شهدت عليه ووثَّقته الحرب العالمية الثانية حيث يميل الرجال إلى إبراز الجانب التنافُسي من الطبيعة الإنسانية.
عادة ما ينظر تفكير الأنثى إلى ما هو أبعد وأوسع ويركز على تأثير خياراتنا على الأطفال والأحفاد والمجتمع والغذاء والمياه والصحة والأوضاع المعيشية والبيئة. كقاعدة، لا تميل الإناث إلى بدء الحروب (على الرغم من أنهنَّ قد يدعمنها)، إذ إنهن يُفضلن الحلول التعاونية.
ومن ثمَّ يسعد بعض الرجال باستخراج الفحم لتحقيق الرخاء الفوري، ويُقامِرُون بمُستقبل أحفادهم وأحفاد غيرهم. يَميل فكر الذكور إلى تقدير النتائج الفورية أكثر من العواقب المستقبلية، ويَميل إلى تحقيق الثراء والازدهار الآني بدلًا من ضمان حياةٍ آمنة ومُستقرَّة وصحية في وقتٍ لاحق. بالطبع هذه ليست قاعدة ثابتة وجامِدة، ولا صورة نمَطية فعلية؛ إذ إنه يوجد عدد لا يُحصى من النساء والرجال الذين يتبنُّون طريقة التفكير البديلة أو يقفون في مكانٍ ما على امتداد هذا الطيف. ولكن لنسأل أنفسنا هذا السؤال: لو كانت الغالبية العُظمى من عمَّال المناجم أو الكيميائيِّين أو الحراجيين أو الصيادين أو كبار المزارعين أو البنائين أو المَصرفيين أو الجنود من النساء، فكيف سيُدِرن هذه الصناعات الحيوية؟ كيف سيُقِمن التوازن بين المخاطر والمكاسب؟
لا يهدف هذا للتنديد بالذكور أو طريقة تفكيرهم، فقد قدمت الحلول الذكورية البراجماتية، مثل الماكينات والأسلحة والكيماويات والأدوية والنقل وإمدادات الطاقة والزراعة والسدود، إجاباتٍ سريعة وعملية لتلبية الاحتياجات والرغبات الفورية للمجتمع. كان الرجال هم المهندسين الرئيسيين لأديان العالَم وللأنظمة السياسية والمالية والغذائية والعسكرية والاجتماعية. عملت هذه الهيمنة الذكورية بشكلٍ جيِّدٍ طالَما كانت الأعداد البشرية صغيرة وكانت مُتطلباتنا على أنظمة دعم الحياة على كوكب الأرض مُتواضعة نسبيًّا.
ومع ذلك، فقد تغيَّر كل شيء في غضون جيلٍ واحد.
اليوم، يُنزِلُ الإنتاج والاستغلال اللذان يخضعان لهيمنة الذكور الدمار ببنية المُحيطات والغلاف الجوي للأرض، وبصحَّة الإنسان وببقاء الأنواع الأُخرى وبمساحاتٍ طبيعية بأكملها. ومع ارتفاع عدد السكان إلى نحو ١٠ أو ١١ مليار نسمة وتوسُّع الاقتصاد العالمي، فمِن المُرجَّح أن تزيد هذه التأثيرات بأكثر من الضعف على مدار القرن.
سيكون التأثير البشري على المُحيط الحيوي عظيمًا جدًّا في الجزء الثاني من القرن الحادي والعشرين بحيث سيُصبح التفكير التقليدي للذكور الذي كان أمرًا أساسيًّا في العصور المبكِّرة من أجل البقاء والنمو، غير مُوات؛ بينما سيُصبح التفكير الأنثوي (الذي يعتنقه كل من الرجال والنساء على حدٍّ سواء) مُحركًا رئيسيًّا في احتمالات استمرار ورفاهية حضارة تحتاج إلى المشاركة وإعادة التدوير والاستدامة والعلاج والتعاون والتفاهم المتبادَل، أكثر مما تحتاج إلى الإنتاج المُفرط والتنافس والاستغلال. ومن ثمَّ فالأكثر مَدعاة للقلق هو أن العديد من المُجتمعات والشركات والأديان والمنظَّمات ما زالت تستبعد النساء من السلطة والسياسة. إنهم يَحرمون أنفسهم من طرُق التفكير التي هم بأمسِّ الحاجة إليها للبقاء في ظلِّ الظروف المُتغيِّرة للقرن الحادي والعشرين.
هذا النقاش ليس نقاشًا حول تكافؤ الفرص، أو حتى النسوية، كما أنه لا يتعلَّق بالسياسة، بل إنه أكثر أهمية من كل ذلك؛ إذ يتعلَّق الأمر بالقواعد الناشئة لضمان بقاء الإنسان ورفاهته في عالَم محدود ومُتضرِّر بشكلٍ مُتزايد؛ وبشيء علينا جميعًا أن نأخذه بعين الاعتبار، بصرف النظر عن جنسنا.
كان الرجال قادة في مُعظَم إنجازات الحضارة العظيمة السابقة؛ فقد كانت الثورات الحجرية والبرونزية والحديدية والزراعية والصناعية والتكنولوجيا المعلوماتية من صنع يدِ الذكور إلى حدٍّ كبير، وهو ما كان ضروريًّا في وقتها للوصول بنا إلى حيث نقف الآن، في هذا المكان الرائع، وفي الوقت نفسه المحفوف بالمخاطر المُتزايدة.
لتأمين مُستقبلنا، نحتاج إلى طابعٍ جديد من القيادة، طابع يتبنَّى نظرةً طويلة الأمد ويُخفِّف من حدَّة المخاطر ويَحمي ويحافظ على ما هو موجود ويتعاون ويهتمُّ بالأجيال القادمة وبالكوكب الذي سيعتمدون عليه بصورة أعمق. سوف تتطلَّب القيادة في القرن الحادي والعشرين، وهو عصر «ذروة كل شيء»، مهاراتٍ وطرُق تفكير وصفاتٍ مختلفة عن القرن العشرين. يجب علينا جميعًا أن نكون تجسيدًا لهذه الصفات إذا أردْنا إخراج البشرية من منطقة الخطر إلى منطقة الأمل والازدهار والسلامة. وهذا يعتمد قبل كلِّ شيء على قيادة الشابَّات.
لضمان البقاء، تحتاج البشرية الآن إلى عصر النساء.
ميثاق الأرض
أحد العناصر الأساسية لبقاء الإنسان في القرن الحادي والعشرين هو الحاجة إلى مشاركة رؤية مشتركة لطريق المستقبل لتوحيدنا وإلهامنا. كانت هناك محاولات عديدة من قبل العديد من المؤلفين للتعبير عن ذلك، ومن بين أفضلها «ميثاق الأرض» الذي يُعد بمثابة «إطار أخلاقي لبناء مجتمع عالمي عادل ومستدام وسِلمي في القرن الحادي والعشرين. وهو يسعى إلى غرس شعور جديد لدى جميع الناس بالاعتماد العالَمي المتبادَل والمسئولية المشتركة عن رفاهية الأسرة البشرية بأكملها، ومجتمع الحياة الأكبر، والأجيال القادمة. إنه رؤية للأمل ودعوة للعمل.»
انطلاقًا من تقرير برونتلاند لعام ١٩٨٧ «مُستقبلنا المشترك»، بدأ الميثاق كمبادرةٍ للأمم المتحدة حثَّ عليها قادة مثل موريس سترونج وميخائيل جورباتشوف، ودفعت إلى الأمام واستُكمِلَت كمبادرة عالمية للمجتمع المدني. أُطْلِقَت المبادرة في ٢٩ يونيو عام ٢٠٠٠، في حفلٍ أُقيم في «قصر السلام» في لاهاي بهولندا. يُعتبر الميثاق بشكلٍ عام بيان إجماع عالمي حول الاستدامة والعدالة والتنمية المستدامة.
في جوهره، يُعتبر ميثاق الأرض بمثابة مناشَدةٍ لحكمة الإنسان. ومع ذلك، فمِثله مثل العديد من الوثائق الطموحة، يُحتمَل أن يتجاهله الجزء الأكبر من البشرية بينما نمضي في حياتنا اليومية، دون تقدير واضح لنطاق المخاطر الوجودية التي نواجهها الآن وعددها وتأثيرها المُتفاقم الذي وصفَه هذا الكتاب؛ أو دون تقدير للحاجة إلى حلولٍ شاملة تواجِهُ كل هذه المشكلات، وليس فقط القليل منها. تُمثِّل كل من الرؤية الواضحة والفَهم المُستنير لوضعِنا من قبل جميع البشر الخطوات الأساسية على طريق الحكمة.
أهداف التنمية المستدامة
- (١)
القضاء على الفقر.
- (٢)
القضاء على الجوع وتعزيز الزراعة المستدامة.
- (٣)
ضمان حياة صحية.
- (٤)
التعليم الشامل.
- (٥)
تحقيق مساواة أكبر بين الجنسين.
- (٦)
إمدادات المياه المستدامة.
- (٧)
إمدادات الطاقة المستدامة.
- (٨)
النمو الاقتصادي المستدام.
- (٩)
البُنى التحتية القادرة على الصمود.
- (١٠)
الحد من عدم المساواة.
- (١١)
المدن المستدامة.
- (١٢)
الاستهلاك المستدام.
- (١٣)
مكافحة تغيُّر المناخ.
- (١٤)
الحفاظ على المحيطات.
- (١٥)
الحفاظ على النظم البيئية الأرضية.
- (١٦)
تعزيز مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة.
- (١٧)
تكوين شراكات عالمية.
على الرغم من اعتراف أهداف التنمية المستدامة بأن «بقاء العديد من المجتمعات، وأنظمة الدعم البيولوجي للكوكب، مُعرَّضَين للخطر.» فإنها تفشل في توضيح أن الحضارة، وربما حتى الجنس البشري نفسه في خطر، وهذا بسبب مجموعة التهديدات الوجودية التي تُواجهنا. في حين أن العديد من الأشخاص الذين ساهموا في صياغة هذه الأهداف يعرفون ذلك جيدًا، إلا أن مَيل المؤسَّسات العالمية إلى تفضيل استخدام لغة دبلوماسية مُخفَّفة ومفاوِضة، بدلًا من قول الحقيقة الواضحة، يترك انطباعًا بأنَّ الوضع لا يرقى إلى كونه حرجًا، وأنَّ هناك مُتَّسعًا من الوقت لإجراء تحسيناتٍ تدريجية في كل هذه الأهداف الطموحة. يسمح هذا الأسلوب المُلَطِّف الذي يجعل الوضع يبدو أسهل مما هو عليه بالنسبة للعديد من الناس والمجتمعات والدول بالتجاهل أو التقليل من المخاطر الواضحة والحالية المُوثَّقة في هذا الكتاب وإعلاء مصلحة اهتماماتهم اليومية والمحلية بشكلٍ عام.
تفشل أهداف التنمية المُستدامة على وجه الخصوص في معالجة التهديد بالانقراض الذي يُلقي بظلاله على كل مكانٍ جرَّاء سباق التسلُّح المُتجدِّد بأسلحة الدمار الشامل، وخطر الاحتباس الحراري العالَمي الذي يعدو بأقصى سرعةٍ على نطاق الكوكب بأكمله، والتهديد الذي يُشكِّلُه التسمُّم العالمي على البشرية، وأطفالها والحياة النباتية والحيوانية العالمية، والحاجة إلى تقليل الأعداد البشرية، وإزالة الطابع المادي من الاقتصاد، وتحويل إنتاج الغذاء من المزارع إلى المدن، وإعادة تدوير كلِّ شيء، وتنظيم العلوم الخطرة والتغلُّب على التأثير المُعوِّق للمُعتقَدات الوهمية. وكذا، تُعاني تلك الأهداف أيضًا من النزاعات السياسية وهذا لكونها تتعارَض مع المصالح الأنانية للعديد من الدول والشركات، التي فقط قد تتشدَّق بهذه الأهداف، ولكنها كقاعدة، ستفعل القليل لتنفيذها على أرض الواقع، هذا إذا لم تسعَ جاهدة لتقويضها.
إن هذه الأهداف خطوات أساسية على طريق الحكمة، ولكنَّها لا تُغطِّي سوى جزءٍ من الرحلة.
تُشير خريطتا الطريق هاتان إلى ما يُمكن لكل واحدٍ منَّا فِعله لتحسين فُرَصنا في البقاء سواء كأفرادٍ أو كنوع في مواجهة المخاطر الوجودية المتزايدة.
قياس الحكمة
هناك حدود لعدد الأشخاص الذين يُمكِن أن تحملهم الأرض لأنَّ هناك حدودًا للموارد والأنظمة التي لديها لدعمهم. وأي شخصٍ مُفكِّر يعرف ذلك. أما ما هو غير معروف إلى حدٍّ كبيرٍ فهو أين تكمُن تلك الحدود بالضبط، هذا على الرغم من أننا نَحصل الآن على صورة أكثر وضوحًا وأشد إزعاجًا من عواقب خرْق تلك الحدود، وهي صورة تُقدِّمها لنا مجموعة من القياسات العِلمية.
وصلت الضغوط البشرية المنشأ على نظام الأرض إلى نطاقٍ لم يَعُد من المُمكن فيه استبعاد حدوث تغيُّر بيئي عالَمي مفاجئ. نقترح نهجًا جديدًا للاستدامة العالمية نُحدِّد فيه حدود الكوكب التي نتوقَّع أن تعمل الإنسانية داخل إطارها بأمان. قد يكون تجاوز واحدٍ أو أكثر من حدود الكوكب ضارًّا أو حتى كارثيًّا، وهذا بسبب خطر تجاوُز الحدود القصوى التي ستُؤدي إلى تغيُّرٍ بيئي مفاجئ غير خطي داخل الأنظمة، بداية من مستوى القارات إلى مستوى الكوكب ككل.
-
تغيُّر المناخ (يُقاس بتركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي).
-
تحمُّض المحيطات (يُقاس بدرجة حموضة ماء البحر).
-
مستويات الأوزون الستراتوسفيري.
-
مستويات دورة النيتروجين والفوسفور في نظام الأرض.
-
الاستخدام العالمي للمياه العذبة (أقل من ٤٠٠٠ كيلومتر مكعب في السنة−١ من الاستخدام الاستهلاكي لموارد الجريان السطحي).
-
تغيُّرات نظام الأرض (نسبة الأراضي المُستخدَمة للزراعة والمدن).
-
فقدان الأنواع في جميع أنحاء العالم.
-
«كيانات جديدة» بما في ذلك المواد الكيميائية الجديدة والكائنات المُعدَّلة وراثيًّا والمُنتجات الأُخرى للأحياء التخليقية والذكاء الاصطناعي.
-
مستويات تلوُّث الهواء العالمي.
لاحظ الفريق أننا قد تجاوزنا بالفعل حدَّين من هذه الحدود؛ انقراض الأنواع وانبعاثات النيتروجين، وأننا نقترِب من تجاوز حدَّين آخرين يَخصَّان المناخ واستخدام الأراضي.
ومثل بطاقة تقييم الأداء، تُقدِّم لنا هذه الحدود طريقةً رائعة لمراقبة تقدُّمنا في تصحيح الأوضاع ووضعها على المسار الصحيح. إنها الخطوة الأولى على طريق إنشاء لغةٍ مُشترَكة لرعاية الأرض والأجيال القادمة.
الإنسان غير الحكيم
في الفصل الافتتاحي من هذا الكتاب، نظرنا في كيفية تسمية البشر لأنفسهم باﻟ «حكماء». لقد كانت الحُجة وراء تلك التسمية ضعيفة، حتى في خمسينيات القرن الثامن عشر، وفي ضوء كل ما نفعله بالكوكب وبأنفسنا اليوم، فقد أصبحت اليوم أضعفَ بكثير. إذا لم تُقدِّم الفصول الثمانية السابقة أي شيءٍ آخر، فقد جمعت على الأقل بعض الأدلة على أننا كنَوع، لسنا حكماء للغاية. ربما نكون كذلك على مستوى عددٍ قليل من الأفراد، ولكن ليس على مستوى الجنس البشري ككل.
يؤكد هذا الكتاب أن «الهومو» لا يستحق التوصيفَين «الحكيم الحكيم»، سواء على أسس علمية صارمة أو على أي أُسُسٍ أخرى. كما أُشير في الفصل الأول، توجد الكثير من السوابق لتغيير اسم نوع من الأنواع، خاصة إذا اتَّضح أن الاسم غير مُناسِب تمامًا، أو — وهو الأسوأ — أنه أمر مُضلِّل بشكلٍ خطير.
يقترح هذا الكتاب إعادة تسمية الجنس البشري، وإلغاء لقبنا المُختال «الإنسان الحكيم الحكيم»، وشطبه من القانون البيولوجي. إدراكًا لطبيعتنا وما يترتَّب عليها من عواقب، لا بدَّ أن نتحلَّى بالحكمة والصدق كي ننزل من بُرجِنا العاجي.
من المناسب تمامًا، في عصر التواصُل العالَمي هذا، أن يكون الاسم الجديد لنوعنا موضوعًا للنقاش والحوار حول العالَم. وفي الواقع، هذا هو الغرض من الاقتراح: جمع أكبر عددٍ مُمكن من الناس من جميع الثقافات وجميع مناحي الحياة والجنسيات للحوار وللنظر فيما تعكسه أعمالنا الجماعية عنَّا وعن صفاتنا، ولمناقشة طبيعتنا الحقيقية. لا ينبغي أن يُترك هذا الأمر لحِفنةٍ من العلماء يَقبعون في رُكنٍ مُظلم؛ فهذا الأمر لا يتعلَّق بالدقة العلمية، ولا بالالتزام بقواعد القانون الدولي للتسمية الحيوانية، بل إنها مسألة حياة أو موت لمليارات الأشخاص. إن الإنسانية التي تَعترف جماعيًّا بأخطائها وعدَم حِكمتها وبالمخاطر التي تُسبِّبها لنا سلوكياتنا، من المُرجَّح أن تكون أكثر قدرة على البقاء والازدهار من تلك التي لا تفعل ذلك.
يُمكننا القول صدقًا إنَّ الاستعاضة عن اسمٍ لاتيني عتيق بآخَر أكثر حداثة قد يبدو أمرًا ضئيل الأهمية للغالبية العُظمى من الناس. ولكن مرة أخرى، قد يُغيِّر ذلك الطريقة التي نرى بها أنفسنا؛ فالاسم هو جزء أساسي ممَّن نظنُّ أننا نكون. فإذا أعلن جدُّك الحبيب أنك لم تعُد تستحق أن تَحمل اسم العائلة، وطردك بسبب أفعالك الآثمة؛ فإنك ستُفكِّر في الأمر لا محالة وتتأمَّل فيه، ما لم تكن شخصًا عديم الإحساس. وقد تسأل نفسك على الأقل كيف يُمكنك العودة لتصير جزءًا من العائلة مرةً أخرى. يُعتبر فقدان الاسم شكلًا خاصًّا جدًّا من أشكال إلحاق العار بشخصٍ ما، وهذا لأنك تَفقد معه جزءًا من هويتك، وصورتك الذاتية، وكبريائك، وروابطك، وكيفية فهمك لنفسك، وهذا أمر خطير.
إن أكثر جزءٍ من هويتنا يحتاج الإنسان بشدَّة إلى التخلِّي عنه هو السلوك المغرور المزهو والطائش الذي يَجعلنا نرى أننا أذكياء وأننا نملك جميع الإجابات؛ إذ يُشير الثقل المتزايد للأدلة العِلمية هذه المرة إلى أنَّنا لا نَملك جميع الإجابات، بل فقط القليل منها، وهي تعتمد على درجةٍ من التعاون المُتبادَل والإجماع الذي لم يشهده العالَم من قبل. نحن لسنا حكماء كنوع، ولسْنا أذكياء، بل إننا قد لا نكون أذكياء بما يكفي لضمان وجودنا على المدى الطويل، وهو ما يزال قيد النظر.
لذلك دَعُونا نُواجه أنفسنا، ونُخبر أنفسنا بالحقيقة ولو لمرَّة واحدة على سبيل التغيير، ونتخلَّى عن لقب «الحكيم». سيكون هذا شيئًا يتحدَّث عنه الجميع تقريبًا في العالَم، وسيفكر الكثيرون فيه بجدية.
ومع ذلك، فلا يجِب أن يكون فقداننا لاسمِنا حُكمًا دائمًا بالدونية.
سيكون الخيار متاحًا للبشرية لاستعادة لقب «الحكيم» من خلال إثبات استحقاقنا له، وأنَّنا، في الواقع، حكماء إلى حدٍّ بعيد. وستكون طريقة تحقيق ذلك من خلال الحدِّ من تأثيرنا على الكوكب بحيث يقع ضِمن «الحدود الآمنة» مثل تلك التي اقترحها يوهان روكستروم وزملاؤه. في ضوء الأدلة الأوسع إلى حدٍّ ما المُقدَّمة في هذا الكتاب حول التهديدات التي يتعرَّض لها مستقبل الإنسان، نقترح هنا عشرة معايير يُمكننا من خلالها الحُكم على أنفسنا.
عشر طرق لقياس فُرَص البقاء في القرن الحادي والعشرين
(١) التقدُّم المُحرَز في الحظر والقضاء على الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل ومُخلَّفاتها والمواد المكوِّنة لها.
(٢) معدَّل إزالة ثاني أكسيد الكربون، ومُسمِّمات الهواء، ومُستنفدات الأوزون والهباء الجوي من الغلاف الجوي.
(٣) مُعدَّل حماية وتنظيف وإعادة تدوير المياه العذبة والمُغذِّيات والمواد في العالم.
(٤) التقدُّم المُحرَز في تنظيف بيئتنا الكيميائية، بما في ذلك القضاء على جميع المواد السامَّة المعروفة المُسبِّبة للسرطان والمواد السامة الرئيسية، والوقود الأحفوري، والمُغذِّيات والنفايات المعدنية المفقودة.
(٥) وضع نهاية لحدث الانقراض السادس من خلال إعادة الطبيعة البرية تدريجيًّا لنصف المساحات الطبيعية المُزالة حاليًّا في العالَم بموجب خطة إشراف عالمية توظف المزارعين والشعوب الأصلية.
(٦) معدَّل تحويل الإمدادات الغذائية في العالم إلى الزراعة الحضرية والزراعة بدون تُربة والاستزراع المائي؛ وتحقيق زيادة في إنتاج الغذاء الصحي والطازج والمُتنوِّع والمحلي.
(٧) تولِّي المرأة لأدوارٍ قيادية في الحكومة والصناعة والدين وجميع مناحي المجتمع.
(٨) مُعدَّل الانخفاض في الأعداد البشرية وصولًا إلى الحدِّ المستدام.
(٩) معدَّل إعادة تدوير وتجديد موارد الأرض المحدودة من العناصر الغذائية والمياه والمعادن والطاقة والغابات والحياة البرية.
(١٠) السيطرة الأخلاقية العلَنية للمُجتمَع على التقنيات الإحلالية المدمرة، بما في ذلك البيولوجيا التخليقية والذكاء الاصطناعي والأسلحة والمراقبة العالمية للأفراد.
بقياس تقدُّمنا نحو كل هدف من هذه الأهداف، فإننا قد لا نَضمن بقاء الحضارة والبشر على المدى الطويل فحسب، بل نَضمن أيضًا بقاء الكوكب في حالةٍ آمنة ومستقرَّة ومعتدلة وغنيَّة كانت هي السبب في وجودنا من الأساس. على أيِّ حال، يتيح لنا تحديد هدف واضح معرفة المسافة التي يجب قطعها لتحقيق هذا الهدف، ويقدم حافزًا مُشتركًا للمُحاوَلة بجدية أكبر.
لذا فإنَّ الاقتراح الرئيسي الثاني لهذا الكتاب هو وضْع معايير ثابتة وقابلة للقياس تحمي البشرية والأرض وأنظمتها العديدة التي تدعمنا وتدعم عجائب الحياة التي تحتويها. وهو ما يضع حدودًا واضحة لا نجرؤ على تجاوُزِها من أجل الحفاظ على سلامة جميع أطفالنا الذين لم يُولَدُوا بعد؛ الأمر الذي يُكافئنا على تقليل تأثيرنا السلبي عليهم وعلى الكوكب ككل.
بموجب هذا الاقتراح، ستتلقَّى كل حكومة وكل أسرة، بل كل مواطنٍ تحديثًا مُنتظمًا حول مدى جودة أو ضَعف أدائنا. يجب أن تكون مؤشرات البقاء العشرة، ومدى نجاحنا أو فشلنا في تحقيقها، موجودة على كل هاتفٍ ذكي، وفي كل نشرات الأخبار التي تبث ليلًا، وعلى أفواه كل الزعماء الدينيين والسياسيِّين، وعلى جوانب علب الحليب وأغلفة المواد الغذائية، وفي كتبنا المدرسية وكمؤشرات استدامة لكلِّ منتج، مثل نجوم الطاقة الموجودة على الثلاجات أو تصنيف كفاءة استهلاك الوقود للسيارة. لا بدَّ أن نتابع هذه المؤشِّرات بشغفٍ أكثر من صراع الثيران والدببة في سوق الأوراق المالية، وتقلُّبات سوق المال، ومصائر فرقنا الرياضية المُفضلة، وتقرير الطقس اليومي. يجِب أن تكون هذه المؤشرات البسيطة، والرسالة التي تحملها حول فُرَصنا في البقاء في كل مكان، ولا يُمكن تجاهلها، ومرتبطة بجميع أنشطتنا الرئيسية، وخاصة بسلوكنا كمُستهلكين ومُستثمرين.
بهذه الطريقة سيُصبِح كلٌّ منَّا أكثر وعيًا بمسئوليته تجاه كوكبنا ونوعِنا، وكذا تجاه أنفسنا. كما سنُصبح مشاركين بشكلٍ أكبر في مهمَّة رسْم مُستقبلنا؛ ونُصبح أكثر وعيًا بالثمن الباهظ لأفعالنا وقراراتنا على الكوكب والأجيال القادمة؛ وأكثر حماسًا للمحاولة بجدٍّ أكبر وبأن نُبليَ بلاءً أفضل كأفراد. وبالقليل من الحظ، ستُخاطب المؤشِّرات العشرة كلًّا من الغرائز التنافُسية والتعاونية للإنسانية على حدٍّ سواء من خلال تحديد أهداف قَيِّمة وآمنة وحكيمة لنُحقِّقها معًا، وهو ما سيمنحنا سببًا للاحتفال عالميًّا ونحن نفوز بها من خلال جهودنا المشتركة. يُمكن أن تكون هذه المؤشرات هي الأساس للبلدان، والعقائد، والشركات، والمجتمعات ليتنافَس بسلام بعضها مع بعض بُغية التفوُّق، وإظهار القيادة، والإلهام، والإنجاز، والتنظيف، والشفاء، والتعاون، والحماية.
إن التبصُّر هو المهارة الأهم التي تتمتَّع بها البشرية؛ وحكمة النجاة والبقاء هي حِكمتنا الجوهرية.
أما السؤال الذي سيُجيب عنه القرن الحادي والعشرون فهو: هل لا يزال البشر يتمتعون بهذه الحكمة؟
مسرد خريطتا الطريق
- زيوت الطحالب: زيت مُتجدِّد يُستخرَج من نباتات المياه الدقيقة (الطحالب)، ويُمكن أن يحلَّ محل المنتجات البترولية.
- الاستزراع المائي: تربية الأسماك ونباتات المياه في البر والبحر، باستخدام الأعلاف الطبيعية المُستمدَّة من الطحالب المُستزرَعة.
- حظر الوقود الأحفوري: الوقف التام لجميع استخدامات الوقود الأحفوري (في الطاقة وفي تصنيع منتجات مثل البلاستيك أو الأدوية) بحلول عام ٢٠٣٠ والاستعاضة عنها بمصادر طاقة متجدِّدة أكثر أمانًا. وقف جميع الإعانات الحكومية لصناعة الوقود الأحفوري.
- تنظيف الأرض: تعاون عالمي يضمُّ الآباء والمُستهلِكين والصناعات والحكومات للقضاء على السموم في جميع المنتجات والأطعمة والانبعاثات وتقليل تعرُّض أطفالنا للسميَّات.
- إزالة الطابع المادي: تحويل العالَم والاقتصادات الوطنية تدريجيًّا للعمل على منتجات العقل البشري، بدلًا من الإفراط في استخدام الموارد المادية مثل الهواء والماء والتربة والغابات والأسماك والحياة البرية وتدميرها.
- تدمير الأوبئة: القضاء على جميع مخزونات مُسبِّبات الأمراض المُنقرِضة الموجودة في المُختبَرات العسكرية؛ وحظر الاستحداث العِلمي لأوبئة جديدة.
- نزع السلاح النووي: حظر وتدمير جميع الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية ومخزونات المواد المُستخدَمة في تصنيعها. تحويل طاقة اليورانيوم النووية إلى مصادر مُتجدِّدة أو مصادر نووية آمنة (مثل طاقة الاندماج).
- الوقاية من الأمراض: تحويل تركيز الطب والعلوم بحيث يُصبح مُنصبًّا على الاهتمام بالوقاية من الأمراض من خلال النظام الغذائي، والبيئات الصحية، والتمارين الرياضية، والصحة البيئية، والتخلُّص من السموم وما إلى ذلك (بدلًا من استخدام «العلاجات» الكيميائية).
- الزراعة البيئية: تقليص الزراعة لتقتصر على أفضل المناطق الزراعية بحيث تتمُّ على نحو مُستدام، مع التركيز على الاحتفاظ بكربون التربة، والغطاء السطحي، وإعادة تدوير المياه والمغذيات والاستخدام الأدنى للمبيدات الحيوية، وحيث يكافأ المزارعون بشكل مناسِب.
- استعادة البيئة: تحقيق تعاوُن دولي لاستعادة الغابات الكبرى والأراضي العُشبية والمراعي والمياه العذبة والمحيطات والتربة والأنظمة البيئية. انظر أيضًا: «تنظيف الأرض».
- التعليم: إنشاء تعليم عالَمي ومجَّاني لضمان فَهم كل مواطنٍ من سكان الأرض الحاجة إلى الحفاظ على أنظمة وموارد الأرض الحيوية التي تدعمُها والعناية بها، وإرسال الإشارات الصحيحة إلى الصناعة والسياسة.
- القضاء على إهدار الطعام: إعادة تدوير جميع العناصر الغذائية، وخاصة في المدن.
- الصناعات الأخلاقية: استخدام إشارات السوق لتشجيع الصناعات على تبنِّي مُنتَجات وعمليات تصنيع نظيفة وآمنة وأخلاقية، وإعادة تدوير المواد واحترام حق الأجيال القادمة في عالَم مُستدام. مكافأة الصناعات التي تتبنَّى مناهج مِثل الكيمياء الخضراء، وإدارة المنتجات وسياسة صفر نفايات من خلال تفضيل مُنتجاتها عن المنتجات الأخرى.
- البحث الأخلاقي: إلزام جميع العلماء والمهندسين الشباب بأداء قَسَم المِهنة، وهو «أقسم أولًا بألَّا أتسبَّب في أي ضرر.» وتثقيفهم حول مسئولياتهم الأخلاقية.
- تنظيم الأسرة: ضمان توافُر خدمات تنظيم الأسرة والتعليم والرعاية الصحية للنساء في جميع المجتمعات.
- المدن الخضراء: إعادة تصميم مدن العالم بحيث تُعيد تدوير ١٠٠٪ من مياهها ومغذياتها ومعادنها ومواد البناء، وبأن تزرع أقل من ٥٠٪ من غذائها، وبأن تكون مُحايدة للكربون وخضراء ومليئة بالنباتات والحياة البرية.
- المراقبة العالمية للأسلحة: تطوير مراقَبة عالمية أقوى وأكثر تعاونية للدول والجماعات التي تُشكِّل خطرًا مُحتملًا لإرهاب أسلحة الدمار الشامل. تطوير حركة سلام عالَمية للمواطنين تعمل في جميع البلدان والمجتمعات للتحذير من مخاطر استمرار الاحتفاظ بأسلحة الدمار الشامل وممارسة الضغط السياسي للقضاء عليها.
- الأمن البيولوجي العالمي: تطوير شبكة مراقبة عالمية لمكافحة انتشار الآفات والأعشاب الضارة والأمراض الوبائية.
- نظام غذائي صحي: إعادة تشكيل النظام الغذائي العالَمي من نظامٍ يُدمِّر الكوكب وصحَّتنا الشخصية، إلى نظامٍ يحمي ويحافظ على كليهما.
- حقوق الإنسان: إضافة حقٍّ عالمي جديد للإنسان، وهو الحق في عدم التسمُّم. إرساء حقٍّ جديد من حقوق الإنسان يحظُر المراقبة الجماعية لمُجتمعاتٍ كاملة وتقييد جمع بيانات من المهد إلى اللحد على الأفراد غير المُشتبَه في ارتكابهم جريمة.
- بقاء الإنسان أولًا: تحويل تركيز السياسات العالمية والوطنية والمحلية على بقاء الإنسان من خلال ضغط المواطنين.
- الاقتصاد المعرفي: إعادة تشكيل العالَم والاقتصادات الوطنية بحيث تَعتمد بشكلٍ أقلَّ على الموارد المادية، وبشكلٍ أكبر على التنمية في مجال منتجات العقل البشري الذي لا يَنضب مَعينه …
- مشاركة المعرفة: إنشاء نظامٍ عالمي قائم على الإنترنت لتبادُل المعلومات والمعرفة حول الغذاء والمُنتجات المادية حتى يتمكَّن المُستهلِكون من اتخاذ خياراتٍ حكيمة وصحية ومُستدامة تُرسِل الحوافز المناسبة للصناعة والإشارات الملائمة للحكومة.
- التحكُّم في التقنيات الفائقة: الإشراف العام على جميع التطوُّرات الجديدة في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات القاتلة، وتكنولوجيا النانو، والحَوسَبة الكمومية، والتكنولوجيا الحيوية. حظر التطوير العلمي لمُسبِّبات الأمراض والتقنيات الجديدة التي يُمكن أن تضرَّ البشر. فرض مدونة أخلاق وشفافية عامَّة على جميع البحوث العلمية.
- القيادة النسائية: تَبَنِّي المبادئ النسائية في قيادة جميع الصناعات الرئيسية والحكومات والشركات والأديان. ترقية النساء لتولي مناصب القيادة العالمية.
- القيادة الأخلاقية: تشجيع ديانات العالَم على اتخاذ موقفٍ قيادي أخلاقي أكثر شجاعة فيما يخص القضايا التي تهدد البشرية ككل، وعلى تنحية خلافاتهم جانبًا من أجل المصلحة العامة.
- الإنذار المبكر بالأوبئة: إنشاء أنظمة إنذار مبكر عالمية للأوبئة الجديدة. التمويل العلَني لمسعى عالَمي لتطوير مضادات حيوية ومضادات فيروسات جديدة.
- حفظ السلام: تطوير قواعد ومؤسَّسات وطنية ودولية أقوى لحل النزاعات. القضاء على الفقر كخطوةٍ أولى لعالَمٍ أكثر استقرارًا وتماسكًا وسِلمًا. إعادة استثمار الميزانيات العسكرية في الأمن الغذائي.
- السلام من خلال الغذاء: تحديد نسبة ثابتة من الميزانيات العسكرية لحفظ السلام من خلال الحفاظ على الإمدادات الغذائية. إعادة تنشيط البحوث الغذائية والزراعية في جميع أنحاء العالم، وخاصة للتعجيل بالزراعة الحضرية والزراعة بدون تربة والاستِزراع المائي.
- إعادة التدوير: إعادة تدوير كل شيء: الماء والمُغذيات والمعادن والأخشاب والبلاستيك والمنسوجات ومواد البناء وما إلى ذلك. تحويل جميع مخلفات النظام الغذائي إلى مُغذيات لإنتاج الغذاء.
- نظم الغذاء المستدامة: إنتاج الغذاء المُتجدِّد من الزراعة البيئية والحضرية والاستِزراع المائي، الذي يُعيد تدوير المياه والمُغذيات، ويخزِّن الكربون ويقضي على الإضرار بالتربة.
- الرواية البشرية: إعادة صياغة رواياتنا الاقتصادية والسياسية والدينية والترفيهية لجعل بقاء الحضارة والإنسانية الهدف الأساسي. استلهام رواية جديدة عن البشر تُقدِّر التعاون، والتسامُح، واستعادة ما فُقِدَ، والتنظيف، والادِّخار والحفاظ على ما هو موجود، بدلًا من إعلاء قِيَم الفُرقَة والأنانية والتدمير.
- الطاقة المتجددة: الاستعاضة عن الوقود الأحفوري بالكهرباء من مصادر مُتجدِّدة (مثل الطاقة الشمسية، والرياح، والمد، والطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة المُخزَّنة في بطارياتٍ نظيفة وفعَّالة). التعجيل بالبحث والاستثمار حول العالَم في الطاقة النظيفة والمتجددة. الاستعاضة عن وقود النقل الأحفوري بزيت الطحالب. الاستعاضة عن دورة اليورانيوم بدورة الثوريوم النووية.
- إعادة الطبيعة البرية: التوقُّف عن إزالة الغابات والأراضي العُشبية. إعادة ما يصِل إلى نصف الأراضي التي تمَّ تطهيرها إلى البرية والنباتات والحيوانات الأصلية حيث يُديرها السكان الأصليون والمزارعون.
- المزارع الحضرية: أنظمة إنتاج غذائي مكثَّفة ومُستدامة، تَستخدِم الحد الأدنى من الأراضي ومُبيدات الآفات، وتَعتمد على المياه والمُغذيات المُعاد تدويرها، بما في ذلك مخلَّفات الطعام. «الهندسة المعمارية الزراعية»؛ الجمع بين المدن وإنتاج الغذاء والمزارع الرأسية.
- تقدير الموارد الطبيعية: منع الانهيار البيئي وإصلاح المساحات الطبيعية من خلال فرض ضريبة صغيرة على جميع المواد الغذائية والاستهلاكية. سيُغطي هذا إعادة الطبيعة البرية ورعاية الموارد من قبل المزارعين والسكَّان الأصليين. تربية الجيل القادم من البشر على احترام الغذاء. إعادة هيكلة اقتصاديات السلسلة الغذائية العالَمية لتعزيز الإنتاج المُستدام والنظيف والمُستهلكين المُثقفين.
- صفر نفايات: حظر التخلُّص الدائم من النفايات والاستعاضة عنه بالتنقيب في مجاري النفايات.
- صفر سُمِّيات: القضاء على استخدام جميع السموم المعروفة من السلسلة الغذائية وإمدادات المياه ومُنتَجات العناية الشخصية والسِّلَع المنزلية والبيئة الأوسع. فرض اختبار السُّمِّية على جميع المواد الصناعية الجديدة والخلائط والانبعاثات.