الفصل الثاني
في لحظة انطبع المشهد في عقل ويست. الإضاءة تشع في الطرقة، وتسمَّر خدم الضيافة المنذهلون في مكانهم عند سماع العيار الناري، شحب لون خادم الضيافة الواقف عند باب «الغرفة جيه»، وتحوَّلت الأطباق التي كان يحملها إلى شظايا حول قدميه. تقابلت عينا ويست مع عينَي خادم الضيافة. بدأ الناس في الطرقة يندفعون نحو الباب. فتح شاو الباب ودخل بوب مندفعًا وتبعه خادم الضيافة. تسلل شاو إلى داخل الغرفة ووقف موليًا ظهره إلى الباب كي يحول دون دخول الزحام الواقف في الطرقة.
انزلق صاحب الملايين الكثيرة من فوق الكرسي في نهاية الطاولة وتكوَّم على الأرض وتلطخت مقدمة قميصه بالدماء. المسدس قابع بجواره.
همس ويست: «حادثة انتحار، يا إلهي!» أخذ المسدس من الأرض ووضعه على الطاولة وانحنى على الجسد الصغير المتكوِّم الذي كان منذ لحظة واحدًا من أقوى الرجال في أمريكا.
لم يَعُد صدُّ التدافع على الباب ممكنًا. فتح شاو الباب كي يُدخل أحد رجال الشرطة. تمكن ببراعة من الحيلولة دون تدافع الناس بالخارج وانحنى الشرطي على الجثة مع ويست.
قال الشرطي بصوت خافت: «الأفضل أن نستدعيَ الطبيب يا سيدي. فدائمًا ما يتواجد عدد كبير من الأطباء على مقربة من هنا.»
فتح شاو الباب مرة أخرى. نادى: «أريد الطبيب. فليحضر أحدكم الطبيب بسرعة.»
نادت عدة أصوات: «الطبيب ريدنج هنا»، ومِن ثَم شق رجل طويل ونحيف طريقه بخطًى واثقة بين الحشود التي تجمعت خارج «الغرفة جيه». جثا بجانب الجثة المتكومة على الأرض.
قال: «لقد مات. مات من لحظته على ما أعتقد. فوضى مخيفة. أصابت الرَّصاصة إحدى عظامه. يصعب التفوه بالمزيد من دون تشريح الجثة. ما الذي حدث؟ هل انتحر؟»
قال ويست: «المسدس هنا. يبدو أنه انتحر، ولكن يجب الاتصال بوزير الداخلية على الفور. كان السيد أويسيل يتناول الطعام معه.»
نصَّب شاو نفسه حارسًا على الباب، وبدت تلك الوظيفة مفيدة في ذلك الوقت، ولما طُرق الباب مرة أخرى، أدخل رجلًا قوي البنية في منتصف العمر، إنه الرقيب وأحد أفراد قوات الحرس الخاصة بمجلس العموم.
قال الطبيب ريدنج: «آه، بورن، لقد سررت بقدومك. تقع تلك المهمة في نطاق اختصاصك أكثر مما تقع في نطاق اختصاصي الآن.»
جثا الرقيب بجانب الجثة. «هل أصيب بطلق ناري يا سيدي؟ كيف حدث هذا؟ من كان معه هنا؟» نظر بورن إلى بوب ويست.
قال ويست: «لم يكن معه أحد، على الأقل في وقت إطلاق النار عليه. كان وزير الداخلية يتناول طعامه معه، ولكن لا بد أنه ذهب من أجل التصويت. دخلت أنا وشاو في لحظة سماع العيار الناري. كنا نمر من جانب الباب في ذلك الوقت. ثم وجدنا هذا المسدس على الأرض. أخذته من الأرض»، وتحرك ويست كي يأخذه مرة أخرى.
قال الرقيب: «الأفضل ألا تلمسه مرة أخرى يا سيدي. سيتعين علينا رفع البصمات حينما يأتي المفتش. هل قلت إنه كان يتناول الطعام مع وزير الداخلية؟»
استجمع ويست نفسه. «نعم، ويجب أن أتصل به على الفور أيها الرقيب. المسألة غاية في الأهمية. وأفضل أن أخبره بنفسي. ستكون صدمة مفجعة له.»
دائمًا ما يُعجب أي ضابط شرطة في مجلس العموم بمخاطر إقحام نفسه في موضع لا يُرجى استحسانه من سلطة عليا. يعرف الرقيب بورن المجلس وطرائقه.
«الأفضل يا سيدي أن تذهب إلى وزير الداخلية ريثما أتصل بشرطة سكوتلانديارد. هل تحب أن يرافقك أحد رجال الشرطة؟ يبدو أنك ترتعش.»
«سآخذ السيد شاو معي. ستحدث جلبة كبيرة في الردهات إذا لم يصحبني شرطي.»
أخذ شاو بيد صديقه المرتعب، وأفسح شرطي طريقًا لهما عبر حشود الضيوف وأعضاء البرلمان الواقفين في الطرقة. تدافع عشرات الأعضاء نحو بوب، ولكن لما رأى الشرطي الخبير وجهه الشاحب وعينيه المحدقتين، أفسح له طريقًا عبر الزحام ما ترك قناعة راسخة بأن ويست له يد بشكل أو بآخر فيما حدث.
كأنه لا نهاية للدرج والطرقات الضيقة للمجلس. فعل شاو ما بوسعه كي يحول دون اندفاع بوب بسرعة كبيرة. ولما كان الوضع كذلك، اصطدما بالعديد من الأعضاء المذعورين.
قال دون شاو في باله: «كأننا في كابوس.» لا يخفى أن الأخبار بدأت تنتشر في مجلس العموم — كما هي الحال — بسرعة أكبر مما تنتشر في أي مكان آخر إلا في غابات أفريقيا. حاولت الأيادي أن توقفهما وهما يمران من بينها. التفتت إليهما الرءوس وهما يندفعان بطول الطرقة.
همس بوب: «كان يحرص على أن يدخل إلى القاعة من الباب خلف كرسي رئيس المجلس. سيتوجب عليه الجلوس على المقاعد الأمامية عند الإعلان عن أسماء الشخصيات.»
انتهى التصويت، وكان الأعضاء يتدافعون إلى خارج القاعة مثلما يتدافع النحل من الخلية. وفي وسط مجموعة، يقف وزير الداخلية في معزل عما يحدث. رمق شاو الوجه الأبيض السمين، إذ يبرز من فوق ياقة بيضاء، وتلك الصورة متعة كل رسام كاريكاتير.
أمسك ويست بذراعه. نظر الوزير إلى السكرتير البرلماني الخاص به ووجهه تعلوه الدهشة.
قال ويست مسرعًا: «يجب أن أتحدث معك للحظات يا سيدي. وقع حادث مُروِّع. انتحر السيد أويسيل.»
«انتحر! انتحر السيد أويسيل! هل تعي ما تقول؟ كان بخير حال عندما تركته.»
«إنه ميت الآن يا سيدي.»
نظر الوزير إلى سكرتيره وكأنه فقد جزءًا من عقله. سحبه مرة أخرى إلى رواق التصويت. تبعهما شاو. مد حارس الشرطة يده كي يمنعه.
«غير مسموح لغير الأعضاء يا سيدي.»
كز شاو على أسنانه. جُن جنونه. أثار وجه وزير الداخلية اهتمامه. أراد أن يعرف كيف سيستقبل الخبر. لكن الحاجز بين الأغنام والماعز، بين النخبة وغير النخبة عالٍ بارتفاع جبال الهيمالايا في مجلس العموم.
وقف شاو بضع دقائق بمفرده. كانت الأخبار تنتشر. بالطبع لا أحد يعرفه ونمت إلى أذنه قصاصات أحاديث الأعضاء المهتمين بالأحداث وهم يمرون عليه.
«سمعت أنه انتحر أمام وزير الداخلية.»
«هل تعني الحادثة العداء مع أمريكا؟»
«لا أصدق القصة برمتها. ببساطة لا يمكن أن يقع حادث كهذا في المجلس …»
يغدو أصحاب المعاطف السوداء ويروحون في الطرقة، وبطريقة ما ظهر أمام شاو في بداية الطرقة شخصية نحيلة الجسم متكومة على الأرض وقميصها ملطخ بالدماء من الأمام.
خرج ويست من رواق التصويت مع وزير الداخلية. «هذا دونالد شاو يا سيدي. كان معي حينما دخلنا إلى الغرفة.»
«وددت لو تقابلنا في ظروف أسعد من تلك يا سيد شاو»، ثم مشى وزير الداخلية بطول الطرقة رفقة الشابين. «ببساطة، حدث لا يمكن تفسيره. لا أفهم ما الدافع الذي جعله ينتحر في تلك اللحظة. ولماذا اختار الانتحار هنا؟ إنه يعلم اعتلال صحة قلبي. ولا ينبغي أن أتعرض لصدمات كتلك. يا له من متهور!»
سأل بوب مترددًا: «ألم تكن هناك أي صعوبات، أعني صعوبات بشأن القرض؟»
وضع وزير الداخلية ذراعه الكبيرة على كتف بوب من دون أن يتراخى في وتيرة خطواته.
قال وعلى شفتيه شبح ابتسامة: «لو كان السبب هو القرض، لأصبح لديَّ أسباب أكثر منه تدفعني إلى الانتحار.»
عندما وصلوا إلى الطرقة أمام الغرفة، وجدوا حشدًا منفعلًا من الصحفيين وضيوف أعضاء البرلمان وخدم الضيافة عند المدخل الذي يفصل بين غرف الطعام في الجزء الآخر من مجلس العموم. أخلت الشرطة الطرقة إلى قاعة هاركورت وأفسحوا المجال لوزير الداخلية وصحبته. حينما وصل الوزير، تقهقر الحشد احترامًا له. تحكَّم في نفسه تحكُّمًا. مشى ويست وشاو وشرطي في عقبه وعبروا الطرقة الفارغة وكأن العناية الإلهية تحرسه كي يتحكم بمقاليد أي موقف تحكُّمًا تامًّا. ألقى الشرطي الواقف في خدمته على الغرفة المشئومة التحية وفتح له الباب.
أُكرمت جثة السيد أويسيل وغُطيت بمفرش طاولة أحضره مدير قسم المرطبات إذ تحلى بدماثة الخلق واللطف أكثر مما مضى، ولكن سلوكياته تخللها اعتراض طفيف على وقوع هذه الأحداث ما أفسد ترتيبات الضيافة التي يهتم بها. بحلول ذلك الوقت، وتحت وطأة تكرار الاستجوابات، وقف خادم الضيافة صاحب الزي الأبيض والأسود بائسًا بجانب مديره وكأنه يرنو إلى الحماية من صاحب السلطة المطمئن ذاك. وقف الرقيب بورن والطبيب ريدنج بجانب الجثة. خيَّم صمت غريب على الغرفة لما أزاح الطبيب قطعة القماش من فوق وجه الميت.
للحظة، بدا أن ضبط النفس المهيب والمطمئن لدى وزير الداخلية سينكسر. لم يتفوَّه بكلمة، ولكنه أدار ظهره للآخرين وتمخط مرتين بصوتٍ عالٍ. أعاد الطبيب ريدنج قطعة القماش.
سأل الوزير: «هل تعتقد أنه انتحر أيها الطبيب؟»
رد الطبيب بنبرة منخفضة: «بالطبع لا يمكنني تأكيد ذلك من دون فحص دقيق. لكن الجرح يدل بالتأكيد على أنه أصاب نفسه.»
تقدم بورن وسأل: «هل تتذكر متى غادرت الغرفة بالتحديد يا سيدي؟»
«نعم، أذكره بالتحديد. كانت الساعة التاسعة إلا ١٠ دقائق. وعدت رئيس الوزراء أن أحضر آخر ١٠ دقائق من خطابه، ولن يطاوعني قلبي على الاستعجال في أي حال ولذا طلبت من السيد أويسيل الإذن حتى ينتهي التصويت. سبق وشرحت له أن التصويت يُعقد الساعة التاسعة. وقد تفهَّم ذلك تمامًا. وعندما تركته، كان في غاية السعادة والهدوء.»
أضاف ويست: «أعلم أن الساعة دقت التاسعة عندما سمعنا العيار الناري لأن أجراس ساعة بيج بن كانت تدق ونحن آتون في الطرقة.»
قال شاو: «إذن السؤال هو: هل كان بمفرده في الدقائق العشر تلك؟»
نظر الرقيب بورن في دفتر يومياته. «كتبت ملاحظات من شهادة خادم الضيافة. يقول إنه دخل الغرفة بعدما غادرها وزير الداخلية كي يبدل الأطباق ويُحضر التحلية، وعندها أخبره السيد أويسيل ألا يُحضر القهوة حتى يعود وزير الداخلية.»
التفت دون شاو إلى خادم الضيافة المرتعب. سأل قائلًا: «هل كان السيد أويسيل في نوبة غضب عندما أمرك بذلك؟»
كز الوزير على فمه. «سامحني على التدخل يا سيد … إمممم … إمممم.»
تمتم بوب: «شاو.»
«يا سيد شاو، لا الوقت ولا المكان يسمحان للاستجوابات غير الرسمية. أصبحت المسألة برمتها في يد الشرطة الآن، أليس كذلك أيها الرقيب بورن؟»
«بالتأكيد يا سيدي. بالطبع سنحتاج السيد ويست والسيد شاو بصفتهما شاهدين، وأعتقد أننا سنحتاج إليك يا سيدي. اتصلت بشرطة سكوتلانديارد. سيتولى المفتش بلاكيت القضية وسيكون هنا في غضون لحظات يا سيدي. وليس بوسعي أن أسمح بلمس شيء إلى أن يأتي.»
قال الوزير: «أتذكر أن النوافذ كانت مغلقة»، ثم مشى نحوها كي يجربها.
«نعم يا سيدي. مغلقة ومؤصدة من الداخل كما ترى يا سيدي. ألم تفتحها في أثناء تناول الطعام؟»
«لا سمح الله! أكره تيارات الهواء بقدر ما يكرهها جورج أويسيل. يا لك من بائس يا أويسيل! ما الذي دفعه إلى ارتكاب تلك الجريمة؟»
قال الرقيب وهو يرمي شاو بنظرة غامضة: «اسمح لي بالسؤال يا سيدي، هل أعتبر محادثتك عن … إمممم … العمل لم تتخذ مسارًا مزعجًا؟»
«بالتأكيد لا. لم نتطرق إلى الحديث عن الأعمال. كنا ننتظر ريثما يأتي رئيس الوزراء. لم نتحدث إلا عن الأيام الخوالي. تعرفت على جورج أويسيل في كندا منذ ٢٠ سنة، وسررنا بالحديث كثيرًا. بالطبع لا أعلم شيئًا عن مشكلاته الخاصة. إنه أمر مؤسف. لكن يجب أن أرى رئيس الوزراء. أُرسلَ إليه الخبر، أليس كذلك؟»
«أوه، نعم يا سيدي، ذهب إليه السيد وولترز كي يراه حينما ذهب إليك السيد ويست، وبعث رسالة يطلب فيها أن تذهب إلى غرفته بعدما تمر على الشرطة يا سيدي.»
«نعم بالطبع، أنا ذاهب إليه الآن. أعتقد أنه لا يوجد شيء ينبغي القيام به أكثر مما تم في الوقت الحالي. أوه، ولكن ماذا عن الصحافة؟ سيبتدعون قصصًا من تلك المسألة. روبرت، الأفضل أن نصدر بيانًا رسميًّا. لا يوجد داعٍ يدفع الصحافة إلى زيادة المسألة سوءًا بسبب الحساسية التي لا داعي لها.» بتلك العبارات الآمرة، توجه صاحب السلطة العليا إلى الباب إذ فتحه أحد رجال الشرطة احترامًا له ووقف الباقون انتباهًا.
حتى في وسط كل هذا الرعب، تمكَّن بوب ويست من رسم ابتسامة ساخرة حينما أُغلق الباب خلف رئيسه في العمل.
تمتم إلى دون: «وكأن الطبعات الخاصة ليست معروضة للبيع في الشوارع. حسنًا، حري بك أن تطلق سراحنا أيها الرقيب ريثما أطالع الصحافة. أخبر المفتش بلاكيت أنني تحت أمره في أي وقت. شكرًا جزيلًا لك ريدنج. تصبحون على خير.»
«تصبح على خير يا ويست. بالمناسبة، هل للسيد أويسيل أي أقارب؟ ألا ينبغي لك الاتصال بهم؟»
«يا إلهي، لا أعلم. لا أعلم أي شيء عنه. لكني سأبحث في الأمر على أية حال. شكرًا على تذكيرك لي. يجب أن أتحدث مع وزير الداخلية بشأن خطابات التعزية، ولكنه سيبحثون تلك المسألة غدًا، أليس كذلك؟ يجب أن أطالع مسألة الصحافة الآن.»
«إنها مسئولية عظيمة يا ويست. لو كنت مكانك لتوخيت الحذر.»
«ألا أدرك أني أمام موقف يتطلب بالغ الحذر مني! ولكن إذا لم نُصدر بيانًا رسميًّا، فسنقع في مشكلة عويصة صباح الغد. هيا يا شاو. هل ستؤازرني؟»
«بالتأكيد!» غادر الرجلان الغرفة معًا.
«حسنًا، يا لك من وغد يا ويست! هلا أعطيت صاحبًا نصيحة قبل أن تقتل أصدقاءك في مجلس العموم، أو على الأقل معلومات سرية قبل إرسال الطبعة الرئيسية إلى المطبعة.»
بدأ ويست يتكلم. قال: «سانكروفت، يا لك من مزعج! ستتحايل على الشرطة بطريقة أو بأخرى. كيف دخلت إلى هنا على الرغم من أن الشرطة مشطت كل غرفة بطول الطرقة؟»
من الواضح أن سانكروفت — الصحفي لدى جريدة «ديلي دليفيرر» من أصدقاء ويست — حيث إنه شبك ذراعه بذراع الآخر وأوقفه كي لا يستمر في السير ويرى الصحفيين الآخرين.
«إنه محض حظ يا صديقي العزيز. هناك أماكن يتعذَّر على الشرطة أن ترى ما بداخلها. ولما علمت أن هناك حدثًا ما، مكثت.»
«هذا متوقع منك! شاو، هذا أسوأ صحفي في لندن. إنه دائمًا في مكان الحدث. هذا بغيض. لن تجده البتة حين تريده، ولن تفقده البتة حين لا تريده.»
سانكروفت له جسم بدين وقصير ومستدير، وعيناه تلمعان من خلف نظارات ذات عدسات سميكة. نظر إلى شاو الطويل الجاد مازحًا.
«أظن أن هذا شريكك في الجريمة. والآن أيها السيدان، أريد أن أنبهكما إلى أن ما ستقولانه لن يُستخدم ضدكما، لذا اسردا عليَّ القصة.»
قال ويست جادًّا: «أنا لا أمزح يا ساني، عليك أن تساعدني. لقد وقعت في ورطة. لا أعلم كم المعلومات التي ينبغي أن أعطيَها للصحافة، وأيًّا كان ما سأقوله فسيوقعنا في مشكلة.»
رأى سانكروفت باب «الغرفة إي» يفتح على الطرقة. وبحركة سريعة، سحب الرجلين إلى داخل مرحاض قريب. أراد أن ينفرد بويست لمدة ثلاث دقائق.
«أخبرني القصة كلها يا بوب. لا فائدة من محاولة التحلي بالدبلوماسية. سيتحرى الصحفيون عن القصة بكاملها وستسوء الأمور إذا بقيت معلومات طي الكتمان. إضافة إلى ذلك، لماذا ينبغي أن تتكتم على القصة؟ ما كان لوزير الداخلية أن يعلم أن ضيفه سينتحر إذا تركه بمفرده للحظات. ولو كنت أنا ضيفه، لانتحرت أو ارتكبت القتل إن لم يفعل.»
انتحب بوب: «لكن ما الذي دفعه إلى الانتحار هنا؟ يا للحظ السيئ! عانيت ما يكفي من المتاعب كي أُحضر هذا الوغد إلى هنا، وما كان له أن يحيك تلك الخدعة عليَّ. أعلم أني سألام على ذلك بشكل أو بآخر.»
قال سانكروفت: «بالطبع ستُلام. وهذا يفسر سبب انتزاع العاملين في منصب سكرتير برلماني خاص من مناصبهم المرموقة. ولكن ستتقطع أوصالك إذا لم تخرج إلى الصحفيين وتخبرهم بما لديك من معلومات. نصحتني أمي ذات مرة وقالت: «إذا قلت كذبة فاثبت عليها ولن يتمكن أحد من كشفها»، ولكن نصيحتي لك أن تقول الحقيقة المجردة. قد لا يصدقونك، ومِن ثَم سيكون شأنها شأن أي كذبة قد تفكر فيها الآن.»
لمَّا همَّ الرجلان بالمغادرة بعدما قصَّ بوب الحكاية بسرعة، أمسك سانكروفت بذراعه.
«أنت متأكد من أنه انتحار.»
«بالطبع.»
«إذن، الحكاية الوحيدة تدور حول سبب الانتحار. هل تأذن لي بالحضور إلى شقتك بعدما أبحث المسألة ونتحدث قليلًا؟»
«نعم أسمح لك. سيأتي شاو لتناول شراب. يا إلهي! لقد نسيت أنني تناولت العشاء مع كل هذه الأحداث!»