هنري هارلاند
هنري هارلاند: الروائي والمحرر الأدبي، واحد من أهم كتاب حقبة «نهاية القرن» في القرن التاسع عشر ﺑ «لندن»، والتي اهتم روادها بترك بصمة التجديد في الأدب والفن، وكان من أهم منتجاتهم الأدبية «الكتاب الأصفر»، وهو الكتاب الذي وثَّق للحراك الأدبي والثقافي الجديد لتلك المرحلة، والذي كان «هارلاند» محرره والقائم عليه.
ولد «هنري» في مارس عام ١٨٦١م ﺑ «نيويورك»؛ درس في «كلية المدينة» منذ عام ١٨٧٧م وحتى عام ١٨٨٠م، ثم درس اللاهوت ﺑ «هارفارد» لمدة عام قبل أن ينتقل عام ١٨٨٢م إلى «إيطاليا». قضى «هارلاند» عامًا اختلط فيه بصفوة الأوساط الأدبية والثقافية ﺑ «روما»، مما كان له أثر كبير في تشكيل مهاراته الفنية لاحقًا، وميله نحو الحداثة والتجديد. كان والده «توماس هارلاند» محاميًا قديرًا، ورث عنه مهنة المحاماة لفترة قصيرة بعد عودته ﻟ «نيويورك» حتى عام ١٨٨٦م. تزوج ﺑ «آلين ميريام» عام ١٨٨٤م، ولقد شاركته «آلين» ميوله الفنية، وكان لها دور هامٌّ في حياته الأدبية.
كأغلب كُتَّاب «نهاية القرن» كان «هارلاند» مولعًا باختلاق الأكاذيب والحكايات الدرامية عن حياته، فلقد عرَّف نفسه للوسط الأدبي كأمير روسي، ثم كتب تحت الاسم المستعار «سيدني لوسكا» لفترة لا بأس بها؛ ظن كثيرون خلالها أنه كاتب يهودي الأصل لاهتمامه بالكتابة عن المجتمع اليهودي الأمريكي، ثم اهتم لاحقًا بتتبع أصول نسبه أملًا في أن يجد في أجداده بعض الأرستقراطيين كي ينسب نفسه إليهم، وكان يستمتع بالإشارة إلى نفسه وزوجته ﺑ «سير» و«ليدي» هارلاند.
غادر الولايات المتحدة إلى أوروبا عام ١٨٨٩م، وبعد فترة قصيرة ﺑ «باريس» استقر مع زوجته في «لندن»، وبدأ بالكتابة بهويته الحقيقية فأصدر أولى رواياته في نفس العام، تلتها عدة روايات ومجموعات قصصية أشهرها «علبة نشوق الكاردينال». ولقد استطاع «هارلاند» من خلال هذه المؤلفات أن يحدد هويته الأدبية، ويكتب الأدب الجديد الذي سعى لتوثيقه لاحقًا في «الكتاب الأصفر»؛ وهو كتاب أدبي فني أسسه بالتعاون مع «أوبري بيردزلي» والعديد من أدباء وفناني عصره، وساهم في تحريره وإخراجه طوال ثلاثة عشر إصدار متميز.
لم يشتهر «هنري هارلاند» بروعة كتاباته قدر ما اشتهر باختلافه وغرابة أطواره، إلا أنه ترك بصمة لا يمكن أن تُنسى، اختار مدينة «سان ريمو» ﺑ «إيطاليا» ليمضي بها آخر أعوامه بسبب اعتدال مناخها، وتوفي في ديسمبر عام ١٩٠٥م متأثرًا بمرض «السل».