هانز ريشنباخ
هانز ريشنباخ: «الوضعي المنطقي» الذي أسهمت أطروحاته في تطوُّر الوضعية المنطقية وبلوغها مرحلة العالمية، وهو واحد من أبرز فلاسفة القرن العشرين، ومؤسس مدرسة برلين، بدأ من «كانط» وفلسفته وانتهى ناقدًا له.
وُلد «هانز ريشنباخ» في مدينة هامبورج عام ١٨٩١م، درس الهندسة، وتخصَّص في رياضة الاحتمالات وحصل فيها على الدكتوراه. دفعته الحرب العالمية الثانية إلى ترك ألمانيا والعمل في جامعة كاليفورنيا.
بدأت فلسفة العلم لدى «ريشنباخ» بالإيمان بكل ما هو كانطي، وانتهت إلى القطيعة الفلسفية معه. هذا التقارب مع «كانط» جعله أحد المُناصرين لمدرسة فيينا؛ أي إنه لم يكن عضوًا في المدرسة الفلسفية لكنه كان مؤمنًا بأنه يتفق معها في بعض المواضع ويختلف معها في مواضع أخرى، وإن كانت اختلافاته معها هيِّنة إذا ما قُورِنت باختلافاته مع غيرها، التي ظهرت جليًّا في نظرية المعرفة. هذا التقارب الفكري بين المدرستين هو ما جعله يشارك «كارناب»، أحدَ أعضاء المدرسة، في تحرير مجلة المعرفة.
جاء عدم اقتناع «ريشنباخ» الكامل بمدرسة فيينا متبوعًا بتأسيسه عام ١٩٢٨م «جمعية برلين»، أو ما أطلق عليه «الواقعية الجديدة»، و«الفلسفة الطبيعية للعلم»، وإن اشتُهرت أكثر ﺑ «التجريبية المنطقية». وضعت «جمعية برلين» هدفًا أساسيًّا لها، وهو تطوير فلسفة العلوم؛ وذلك بنقد المشكلات الفلسفية المتعلقة بالعلوم، وبحث نتائجها وتحليلها بطرق فلسفية بحتة.
تَميَّز العطاء العلمي ﻟ «ريشنباخ» بالثراء، وقد حمل على عاتقه أن يُعيد بناء المعرفة عامة، والمعرفة العلمية خاصة، دون اللجوء إلى القَبْلي التركيبي الكانطي الذي انتقده كثيرًا. ومن أهم كتبه: «نسق البديهيات في النظرية النسبية في المكان-الزمان»، و«أهداف فلسفة الطبيعة الحالية واتجاهاتها»، و«نظرية الاحتمالات»، و«التجربة والتنبؤ»، و«من كوبرنيقوس إلى أينشتاين»، و«الأسس الفلسفية لميكانيكا الكوانتم»، و«نشأة الفلسفة العلمية»، و«الفلسفة العلمية الحديثة».
كان «هانز» الأقربَ إلى الحصول على جائزة نوبل، وكانت مدرسته الفلسفية في أَوجها وينتظر منها الكثير، ولكن الوقت لم يُمهِله لتحقيق كل آماله؛ إذ عاجلَته مَنِيته عام ١٩٥٣م.